أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - أين نحن من ثقافة الاعتذار؟














المزيد.....

أين نحن من ثقافة الاعتذار؟


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4478 - 2014 / 6 / 10 - 09:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للاعتذار فى ثقافات الشعوب معجم، ودلالات، وصيغ، وطقوس، وأدوار لعل أهمها تحسين العلاقات الاجتماعية عندما تتعرض للاختلال. وقد أدرجت أغلب الشعوب أدب الاعتذار فى مناهجها التربوية، وعلمت الناشئة كيف تعتذر؟ ومتى؟ ولماذا؟. وقد ربط القوم الاعتذار بفلسفة تهذيب السلوك، ومنظومة قيم أخلاقية ودينية، واجتماعية، وبنى اجتماعية، ورمزية، ونفسية. فللاعتذار صلة بالشعور بالخجل، والإحساس بالذنب، والإقرار بارتكاب الأخطاء والزلات، وانتهاك المعايير والحدود والقوانين... كما أن له علاقة ببناء الشخصية، وتعويد الفرد على تحمل المسئولية.

وقد ميزت الشعوب بين الاعتذار الصادق الذى ينم عن إدراك ووعى وقدرة على الاعتراف بارتكاب الأخطاء، وإلحاق الضرر (المادى، والاجتماعى، والاقتصادى، والنفسى...) بالآخر بقطع النظر عن جنسه، وسنه، وعرقه، ودينه، والاعتذار المزيف الذى لا غاية له سوى البحث عن طريق للخروج من المأزق. وضمنت بعض البلدان قوانينها صيغا من أشكال الاعتذار منها الشفوى، ومنها المدون.(كاليابان مثلا).


ولئن أطنب العلماء فى الثقافة العربية الإسلامية فى الحديث عن الآداب: آداب المؤاكلة والشرب، والمجالسة، وآداب النوم، وآداب الجماع، وآداب دخول الخلاء، وآداب اللباس...فإنهم والعهدة على المؤرخين، لم يولوا، فى الغالب، الاعتذار أهمية بالغة. ولعل للأمر علاقة وشيجة بالنظام التراتبى، وتوزيع السلطة، وبنية العلاقات الاجتماعية والسياسية. فالكبير لا يعتذر للصغير، والمسلم لا يعتذر للذمى، والسلطان لا يعتذر للرعاع، والحر لا يعتذر للعبد، والأبيض لا يعتذر للأسود...

أحداث كثيرة تجرنا إلى الحديث عن هذا الموضوع، لعل أبرزها أداء عدد من الإعلاميين المصريين فى تغطية الحملة الانتخابية، وتصرف السياسيين فى أكثر من بلد آخرها ظهور (على العريض) رئيس الحكومة السابق فى برنامج تلفزى ليرد على اتهامات وجهت له بشأن إصدار أوامر بعدم إلقاء القبض على «أبوعياض»، بل تيسير عملية فراره إلى ليبيا، دون أن ننسى مسئولية «العريض» فيما عرف بأحداث الرش فى سليانة التى أودت بعيون عدد من الشبان. فهل يملك سياسيونا وقادة الرأى من مثقفين، وفنانين، وإعلاميين وغيرهم ثقافة تجعل الواحد منهم قادرا على الاعتراف بأخطائه ثم تقديم الاعتذار فى الوقت الملائم، وباللغة المناسبة؟


مازالت ذاكرة التونسيين حية تسترجع بين الحين والآخر خطابات من قبيل «السلفية فزاعة يختلقها البعض لترهيب التونسيين»، «السلفيون يبشرون بثقافة وهم أبناؤنا»، والذين يتدربون فى الجبال هم مولعون بالرياضة»، و«لا وجود لأمن موازى»، و«أهالى الشهداء تحركهم الأحزاب،... ويعود الفضل إلى شبكات التواصل الاجتماعى التى نشرت وخزنت مقاطع من الفيديوهات التى تعد بمثابة دليل إدانة لعدد من المسئولين السياسيين وتورطهم فى تبديد المال العام، وسوء التصرف، إن لم نقل قضايا فساد. يكفى أن يرجع المرء إلى هذه الأخبار المتداولة على أكثر من موقع وصحيفة ليتساءل أما آن أوان الاعتذار ما دامت المساءلة والمحاسبة قد عزتا فى حكومات تعاقبت بعد الثورة؟

عدد ولا حرج: فمن رؤساء الحكومات المتعاقبة إلى الرؤساء إلى عدد من الوزراء، وثلة من النواب بالمجلس، وزمرة المستشارين، وعدد من الإعلاميين الذين صنعوا «الظواهر الشاذة» التى تنادى بزواج الصغيرات، وتعدد الزوجات، وتبرر الزواج العرفى، والجهاد،... باسم حرية التعبير، و«دمقرطة» التكلم باسم الدين والانتصاب للدعوة.


الكل أخطأ فى حق الوطن، وفى حق الشهداء، والجرحى، والشعب، لا أحد معصوم : كلهم أذنبوا بحق من فوضهم لقيادة المسار الانتقالى، ومن استأمنهم على عملية البناء والـتأسيس فكانوا إما دهاة يدبرون المكيدة تلو الأخرى أو صبيانا ما بلغوا الرشد ليعقلوا العبر والدروس.

كثرت التصريحات والانتقادات، وتبادل التهم والسباب، وتراكمت حجج الإدانة، وعاين القوم وشاهدوا وسمعوا، وعيل الصبر، والناس بانتظار قيادى واحد يتجرأ على مواجهة الجماهير، والاعتراف العلنى، وتقديم الاعتذار الصادق ولكن ها أنهم يفاجأون بصفاقة لا مثيل لها، وتنصل غريب من المسئولية وكأن الماضى البعيد قادر على أن يشفع لهم.

وما دامت علامات تأسيس ثقافة الاعتذار قد تأخرت حتى فى عهد «المهدى»، فلا أمل فى الإصلاح. وطالما أن مسار العدالة الاجتماعية قد تعطل بسابق إضمار، وأن السياسى يرتكب الخطأ تلو الآخر ويمر بلا حساب ولا مساءلة. فليتنصل الجميع من مسئولياتهم، ولينكروا ما قاموا به، ولينضموا إلى زمرة الناعقين المتحسرين على نظام سقط.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من نحن نوّاب الشعب إلى نحن الشعب
- عندما يتحول الشباب إلى كبش فداء
- ثقافة «التسليك»
- هل تنفع الجراحة التجميليّة؟
- شرعيّة تكتسب بالكد والعمل وحب الوطن
- الحلحلة والفككة... ومفردات أخرى
- أيّها الثوّار.. شكر الله سعيكم
- «التابع» وعقدة «الأجنبى»
- الإسلامويات قادمات ليزاحمن القيادات
- مأزق الاستقالات من حزب النهضة
- فى عيد الاستقلال.. النهضة تؤيد شرعية مرسى
- احتجاج «العاملات بالجنس»
- قادة النهضة يستعينون بأمريكا
- وزيرة سياحة «مستفزة»
- المرزوقى والرقص على الحبلين
- هل أتتك أخبار حكومة مهدى جمعة؟
- التشويش على الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد شكرى بلعيد
- هل دقّت ساعة تقييم الأداء السياسى للترويكا؟
- لله درّه من دستور .. أطلق عنان الذوات
- فى الظروف الحافّة بالتصويت على مواد الدستور


المزيد.....




- روبيو يحذر: على أمريكا التخلي عن جهودها إن لم تنته حرب أوكرا ...
- دولة جزرية نائية في المحيط الهادئ تحصل للتو على أول أجهزة صر ...
- بعد 4 أشهر من هجوم ماغديبورغ الدامي.. السلطات الألمانية تتبا ...
- أرمينيا تؤيد والولايات المتحدة ترفض قرارا في الجمعية العامة ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الأمريكية على منشأة رأس عيسى النف ...
- ميلوني تدعو ترامب إلى -إعادة العظمة- إلى الغرب
- أوزبكستان تناقش مع SpaceX إطلاق قمر صناعي خاص بها
- روبيو: الأيام المقبلة حاسمة لمسار السلام في أوكرانيا.. وإلا ...
- واشنطن تتهم شركة أقمار صناعية صينية بدعم هجمات الحوثيين على ...
- حماس ترفض -الصفقات الجزئية وتسليم السلاح-، ووزراء إسرائيليون ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - أين نحن من ثقافة الاعتذار؟