مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-5-

خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4461 - 2014 / 5 / 23 - 19:46
المحور: الادب والفن
    

مجتمع آخر ، او مجتمع الجناكا -5- رواية
******************************
هي نفسها تجهل من أبن انفجر غضبها ، وكيف تفجر . كل ما انتبهت اليه أنها صرخت في وجهه :
- أخرج ، أخرج ، الآن مللتَ من الخبز والزبدة والشاي ؟ ، منذ تزوجتك وهو الطبق المفضل في بيتنا ، والآن تغضب في وجهي لأن ابناءك أكلوا ما تبقى من غذاء . كنت دائما تكتفي بما هو موجود .
توقف امام باب المطبخ نظر اليها نظرة ساخرة ممزوجة بالاحتقار ، وحاول أن يرد عليها ، لكنه فضل الصمت لسبب يدركه هو فقط . ربما أعادته كلماتها الى ايام الزلط والحاجة ، أو أراد أن يلجم الخناق في مهده . لكنه ولسبب آخر صاح في وجهها :
-لقد بدأت الآن أعمل ، وأجني المال ، وأصرف عليكم . أشتري الملابس للأطفال ، فلا تنسي حقوقي ،ولا تحاولي أن تعاملينني معاملة العاطل . الآن تغير الوضع ، وعليك أن تتغيري معه . هل فهمت ؟ . انا رجل الدار .
نظرت اليه بنظرة أكثر حقارة وهي تردد في نفسها " أنت رجل الدار ، من غيري يغلم جيدا انك لم تكن يوما رجل الدار حتى وان تحولت الى بيع الأواني التركية والصينية على قارعة الطريق ، وحصلت على كل أموال الدنيا ".
لكنها وبحدس المرأة التقليدية ، دافعت عن نفسها بطريقة أخرى وقالت في وجهه ما رددته في سرها ، ولم تتركه يستمتع برجولته التي يتوهم انه استعادها بعد سنوات من الضياع .
عندما تتكسر الآنية يستحيل أن تعود الى سيرتها الأولى , والانسان من طين ، وان تحولت طبيعة الطين الى دم ولحم ، فان جوهره صلصال .
- اليوم فقط أصبحت رجل الدار ،ونسيت أيام وشهور وسنوات عطالتك وخدمتي في منازل الناس ، أغسل أوساخهم وأرتب فوضاهم ، وأحرس أبناءهم ، والاهانات التي تلقيتها وتحملتها من أجلك ومن أجل أبنائك . أين كانت رجولتك ايامها ؟ .
أهاجته كلماتها وأعادته الى حقيقته الماضية التي يعجز عن نفيها أو نسيانها . غير أنه كانسان عادي من عامة الناس ، بل حتى أولئك الذين يدعون بلورية الانسان قليل منهم من يتشبث بكل تفاصيل حياته ولا يتنكر للسيئ فيها . دافع عن نفسه بعدما شطب صورته القديمة من ذاكرته ، وكأن البارحة يوم لم يعشه ، وكأن ماهو عليه اليوم هو حقيقته التي اكتشفها متأخرا . أو أنه آنية أخرى وضعت في مكان الآنية المهشمة .
-هل وصل بك الأمر الى حد تعييري ، وتعنيفي ؟ هل نسيت من أنت ؟ .
-من أكون ؟ امرأة بسيطة ، من عائلة فقيرة ، لكنني بنت ناس ، لا أعتدي على أحد ولا تحولني متغيرات الحياة ، لا أتبدل ، وأحافظ على أسرتي وأطفالي . هذه أنا . ولن ترهبني بصراخك وعويلك ، يجب أن تعي هذا جيدا . لن اسمح لك باهانتي .

#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات