عبدالله عبدالرحيم الاسدي
الحوار المتمدن-العدد: 4459 - 2014 / 5 / 21 - 00:55
المحور:
الادب والفن
الرواية الطويلة
توقف عند ثمّة غدير يقع بين قريتين ، شَيّد حوله سورا متينا وأتى بأعواد عتيقة ، صنع منها منبرا ، وضعه وسط المكان ، وعندما بدأ بتصنيع بابا صار يبكي بحزن شديد ، وكأنَّ الباب كان يحمل سرا عظيما ، أكمله وأوصد به السور، ألتفت نحو الحق واشار اليه ان اعتلي المنبر، فأنتشر نور الحق في كل مكان وتبددّت الظلمة ، حينها بدأ عليه الارتياح لأنه أنجز كل ماطُلِبَ منه ، اقترب من الباب ووضع روحه التي بين جنبيه خلفه ورحل .
عندما تبدد الظلام في الخارج ، تكوّر الباطل على نفسه وخيّم عليه الحزن والقنوط ، بيد أنه مالبث أن أستبشر من جديد وهو يرى أسرابا من الحسد تنتشر بسرعة بين النور كخيوط ظلام ، تراءت أمامه في لحظة صورة الصخرة القديمة والبئر والعجل وصور كثيرة، أخذ بعض الاعمدة وبنى ظلّة لكي يحجب بعض النور المنتشر وأشار إليهم
- سأدخلكم السور لأطفىء نور الحق بكم
بدأت المعركة ، واقتحموا الباب فداسوا الروح وسالت أول الدماء ، وأزاحوا الحق وصعدوا المنبر ، لكن النور ظل منتشرا لم ينطفىء .
الباطل كان على يقين من أن النور لن ينطفىء إلا أذا حطم المنبر وطمر الحق ، لذلك أخذ شيئا من أعمدة ظلته وبدأ بتصنيع سيفا .
عندما أصعدوا الحق منبره القديم كان السيف قد أكتمل ، حطم به المنبر والباب وأحالها إلى كومة أعواد ، ألقاها خارج السور ومزق أشلاء الحق وسالت دماء أخرى كثيرة وتوهم أنه أطفى النور لكنه سرعان ما أكتشف وهمه ، هاهو النور يملأ المكان رغم أن الظلّة مازالت تتوسع في الخارج لتغطي مساحات شاسعة .
ظل حائراً مستغرباً برهة من الزمن لايجد تفسيرا لما يحصل ، لكنه عرف بعد ذلك أن أعواد المنبر والباب سقتها الدماء التي سالت فنبتت وأخذت تنمو وتنتشر في كل مكان ويُصنع منها ملايين المنابرالتي تنشر نور الحق ، ومازال الباطل يقطع الاغصان بذات السيف لكنها تنمو بسرعة كبيرة حتى دخلت السور تنتظر من يعيد بناء المنبر القديم .
#عبدالله_عبدالرحيم_الاسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟