أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سالم الفائدة - حرية التعبير على مقاس الأمير














المزيد.....

حرية التعبير على مقاس الأمير


سالم الفائدة

الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 17:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    




بين السلطة والمعرفة معارك طاحنة منذ فجر التاريخ ،يرتفع صوتها حينا ويشتد،ويخفت ويختفي حينا آخر ،في البدء كانت الكلمة ،فعبر الإنسان عن ما يجول بذهنه وقلبه بحرية دون أن يتعرض لعقاب أو أي سوء من أي كان .عبر بالأهازيج،والترانيم ،الخربشات والنقوش الرموز ،عبر بالرقصات ،كما عبر بالصمت حينا آخر .كان الإنسان يعبر من دون خوف وكانت الطبيعة تنصت إليه،كانت تحس بكينونته ووجوده ،وكان يحس بقوتها وغرابتها بفرحها وغضبها ،لقد كان الإنسان يعبر وكانت الطبيعة الأم تحتضن حزنه وفرحه من دون أن تعاقبه على ذلك .
مع تطور البشرية وتطور معارفها واكتشافاتها ،وظهور أهمية الثروة في حياتها نشأ الصراع بين الجماعات والأمم ،فصارت مشاعر الحقد والكراهية تغزوا حقل الذهن البشري ،وصارت المنافع والمصالح تتحكم في كل شيْء ،في العلاقات الإنسانية ،في التواصل البشري ،في مختلف معالم الحياة الجديدة .صار قانون الغاب يسود رقعة الأرض بين بني البشر ،وصارت كل الأقوال والأفعال تحت سلطة الأقوياء منهم ،والأقوياء منهم بكل بساطة هم أولئك الذين سيطروا على الأجساد والقلوب والعقول،والثروات من الذهب والفضة والقناطر المقنطرة ،بقوة السيف ،أو بقوة وسحر الكلمات التي صارت لها سلطة عجيبة في واقع الناس .
اكتشف الإنسان سلطة الكلام ومنذ أن اكتشفت تلك السلطة التي تمارسها الكلمات في حياة الناس، قيد الكلام وصار يخضع لقانون الأقوى ،الأقوى فقط من يحق له الكلام من يملك الأجساد هو فقط من يتمتع بمتعة التعبير والـتأثير ،أما الآخرون فينبغي أن يصمتوا إلى أن يؤذن لهم بالكلام، ببساطة يمكن القول صار الكلام المباح غير مباح ،وصار يخضع لتراتبية السيادة والنفوذ .
هكذا فقد الإنسان سلطة لسانه، خوفا من المصير ،كما صار قلبه وعقله مكتظين بالمشاعر والأفكار والغضب ،إذ لم يعد كما في الماضي حرا فيما يقول أو يفعل،لقد خسر "أعز ما يطلب" ،حرية الكلام ويالها من خسارة فادحة بالنسبة إليه .
يوما بعد يوم وزمنا بعد آخر، صارت تضيق حرية التعبير والكلام على بني الإنسان خاصة بعد أن غصت الأرض بالملوك والزعماء والأمراء ،الذين وضعوا و قيدوا حق الإنسان في الحركة والفعل والكلام ،فوضعوا الحدود لحماية ممالكهم وأسسوا الجيوش لقمع كل من تطاول لسانه أو مست يده بسوء كرامة أوقداسة الأمير المصان .لقد بنوا القصور وزادوا طول الأسوار العالية لحضرة السيد المحترم ،تركوا لكل قصر شرفة ليطل منها السيد الأمير على رعيته ،بلسانه الذي يقطر عسلا وخمرا معتقا يخلب ألباب السفهاء والضعفاء والحمقى والذين أكلت مخاخهم أوراق الحظ وكل من اعتادوا على تتبع أو سماع "خطاب" حضرة الأمير المحترم .
لقد صارت الحرية زمن الأمير في سجن تطل علينا ،نبحث عنها فلا نجدها ،يمر قربنا طيفها ،فنفرح مثل الأطفال معتقدين أنها أقبلت لتعيش معنا ،لكن كلما منع أحدنا من الكلام أو فقدنا عزيزا في ظلمات السجن أو بقيت كلماتنا تراوح مكانها لا تجد منفذا للضوء،أو النشر ،استفقنا من غفلتنا الواعية أو المقصودة ،ووقفنا على الحقيقة العارية التي لا يغطيها غربال .
على المقاص أختار أثوابي ما يناسبني وما لا يناسبني فأنا حر أن "أختار أفراد شعبي واحدا واحدا "هكذا نطق الديكتاتور في قصيدة درويش .من أراد أن يخضع لشروطي مرحبا به ،ومن أراد أن يجادل فلا وقت لدي للجدل فأنا لا أحب الجدل والجدليين.فأقبيتي وسجوني هي المكان الوحيد الذي يتاح فيه الجدل ،قولوا ما شئتم،قولوا أنني دكتاتور وأناني ومجرم مصاص دماء قولوا ماشئتم ما دامت كلماتكم محاصرة بجدراني وأسواري وحديدي وخدامي الأوفياء ،قولوا ماشئتم وعندما تتعبون من الظلام وترغبون في استبدال حياة الشقاء التي دقتم "حلاوتها "بضع سنين ،سأنصت لمراجعاتكم الفكرية والسياسية وتبريراتكم العلمية ،أنذاك من كان منكم ذكيا أو وسيما ويتقن لعبة الكلام ،قد أجعل منه وزيرا أو سفيرا أو خبيرا ،لدي وظيفة تناسب كل المؤهلات التي تحصلون عليها .
أما أنتم أيها الأشقياء الذين تحفرون تحت جدران قصري ،فاعلموا أنني أمهل ولا أهمل ،فأنا لي عيون حديدية لا تنام تدرك الصغيرة قبل الكبيرة ،مزودة بتقنيات العصر التي لا تخطئ ولا تظلم أحدا إلا بما اقترفت يداه أو شفتاه ،أو أنامله البلهاء التي لا تطيع عقله الباطن .
لكن لا أخفيكم سرا فأشباح كل من قضوا في سجوني وأقبيتي تقض مضجعي ،ففي الآونة الأخيرة تكاثرت علي الكوابيس فلم تعد عيناي تحفل بنوم هنيء ولا صار قلبي مطمئنا لما يجري حوله ،فكثرة الهمس الذي صار يصل أذاني ،أصبح مقلقا للغاية ،لا شك أن ثمة مؤامرة في الخفاء . فمن عادة أفراد شعبي أن يبوحوا لي بما في خواطرهم و يراودهم في أحلامهم ،فحتى العقلاء منهم صمتوا وصاموا عن الكلام ،لدرجة أنهم يخشون الكلام ، لا شك أن هذا الأمر مريب ،فأنا من عادتي أن أنصت باهتمام لكل ما يقال في مملكتي السعيدة ,فما الذي أصاب الناس وما دواء هذا الداء الذي أصاب بلادي بالشلل؟مالعمل أيها العقلاء ؟



#سالم_الفائدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب الذي نريد
- -كانت تسمى فلسطين ...ظلت تسمى فلسطين-
- حول المسؤولية التاريخية للمثقف المغربي
- جدلية السجن والكتابة


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - سالم الفائدة - حرية التعبير على مقاس الأمير