|
عقدة قانون التظاهر
سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي
الحوار المتمدن-العدد: 4441 - 2014 / 5 / 2 - 15:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شئ يقتل القضايا العادلة أكثر من النفاق والجهل اللذان يؤديان بدوريهما إلى الفوضى، ولا شئ يخدمها أكثر من الصدق والوضوح اللذان يؤديان بدوريهما إلى العلم والنظام، أسئلة كثيرة شابت قانون التظاهر المصري والذي يُنظّم عملية التظاهر حسب تصريحات وزير العدل، ويقيدها بسلوكيات تحمي المصريين من الإرهاب والفوضى، ولكن القانون لا يمنع المظاهرات بالمطلق حسب ما يدعي معارضوه، الذين شنوا أكبر عملية سياسية وإعلامية ضد القانون بعد تشريعه منذ شهور، وهم بذلك أصبحوا حلفاء سياسيين للإخوان الذين صدر بحقهم هذا القانون بشكل أساسي، ولم يسأل أحد من الحلفاء نفسه لماذا تم تقنين هذا القانون الآن بعد انتشار موجة الإرهاب الإخواني ، ولماذا مثل هذه القوانين الاستثنائية لا تُوجد دون أحداث تبررها ..أليس ذلك دليلاً على أن قانون التظاهر هو حق مشروع للحكومة؟
لقد جعل المرشح الرئاسي حمدين صباحي هذا القانون على رأس برنامجه إذ قال بأن إٍسقاط القانون هو من أولى اهتماماته، ولم يُوضح إشكاليات القانون وعلاقته الجدلية باستقرار وأمن المجتمع المصري، ربما يبحث الرجل في موضوع.."تداول السلطة"..وكيف أن حرية التظاهر تكفل هذا التداول بشكل سلمي ديمقراطي، ونسي أن مصر ليست بها حياة حزبية حقيقة واتصال جماهيري بالنخبة، وأن كل ما هنالك هو سيطرة للجماعات الإرهابية والفوضوية على أي مظاهرات في هذا التوقيت، وهو ما حمل الحكومة على إصدار القانون تماشياً مع الرأي العام ومصلحة البلاد، إذ سبق هذا الإصدار موجات جماهيرية وإعلامية تطالب بتقييد حركة التظاهر وتجريم الأعمال الفوضوية في هذا التوقيت.
لو جاز لنا القول بأن لقانون التظاهر عقدة فهي في نفوس معارضيه، إذ لا يهم وجوده من عدمه أي حكومة بيرقراطية أمنية كحكومة مصر، فالمظاهرات تحدث في مصر منذ ثلاث سنوات وقد عجزت تماماً هذه المظاهرات عن أي تغيير يطال العملية السياسية والاجتماعية، وقد علم المصريون أن لولا الجيش المصري ما كانت ثورتي يناير ويونيو، فالقوات المسلحة هي التي أجبرت الرئيس السابق مرسي على الرحيل، والرئيس الأسبق مبارك على التنحي، وهي بذلك عضو فاعل ورئيسي في إحداث التغيير بمصر، وعليه يبطل القول بأن للمظاهرات تأثير في الشارع، إذ تختلف وتتباين التوجهات، ولكن يبقى أن الشعب المصري هو شعب مسالم يكره العنف، وكان الخوف السابق فقط من تدجينه وتخديره كي يقع ضحية للجماعات الأصولية والإرهابية، ولكن ثبت أن صعود الإخوان للحُكم كان في صالح الشعب إذ كشفهم على حقيقتهم وأن الجماعة لا تمتلك أفكار أوبرامج أو كوادر، بل كل ما تمتلكه هو مجرد شعارات وادعاءات دينية تصلح فقط في جانب المعارضة لا الحُكم.
أما عن طبيعة هذ العقدة وهي أن المعارض يضع عملية التظاهر.."كهدف"..وليس.."كوسيلة"..والمعلوم أن التظاهر وسيلة لإحداث التغيير، وليس عملاً غير محدود كي يصبح هدفا، إذ التظاهر نفسه –كفعل- يعني أن هناك مطالب سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية بحاجة للإعلان عنها ووضعها في الصورة، وهذا يعني أنه فور البدء في تحقيق هذه الأشياء أو إنجاز أيٍ منها يفقد التظاهر قيمته ويُصبح بعد ذلك عملاً فوضوياً لا يراعي أمن وسلامة المجتمع، وقد تتأزم الأوضاع أكثر إذا لم يُراعي المتظاهر حالة التعددية السياسية وهل هي حقيقية أو مزيفة.
في تقديري أن التعددية السياسية في مصر ليست حقيقة بل هي مزيفة، ومن بين صور هذا التزييف أنه لا يوجد سوى قوتان في مصر تحتشد حولهما الأكثرية ، الأولى هي القوات المسلحة وما يتبعها من جهاز أمني ومؤسسات للدولة وأحزاب وتيارات قومية وطنية ، والثانية هي الجماعات الأصولية وما يتبعها من أحزاب وتيارات دينية متنوعة، عدا ذلك لا توجد أي تعددية في مصر، حتى الحركات الفوضوية –كحركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين- لا يمانعان من الانضمام إلى أحد القوتين إذا حقق ذلك مصالحهم.، والسبب أنه لا توجد أرضية شعبية لهم تكفل حمايتهم أو ترويج فكرتهم.
لذلك أتفهم هذا الاستقطاب الحالي الخاص بالقانون في مصر، وأنه يقع ما بين رحي القوتين، فقط أتحفظ على موقف المرشح الرئاسي حمدين صباحي منه، من ناحية لأنه يجعل الانتخابات الرئاسية هي استفتاء على القانون، وقد علم أن المرشح الآخر –عبدالفتاح السيسي-ليس على برنامجه أي حديث أو إشارة للقانون، والاستفتاء سيكون محسوم نتيجته وسيستمر القانون إذا ما خسر صباحي الانتخابات ..وهذا متوقع بنسبة كبيرة نظراً لشعبية المرشح الآخر الجارفة، أما الناحية الأخرى أن القانون لا يمنع التظاهر وصباحي يعلم ذلك لكنه لم يُشر إلى هذا ربما بقصد إيهام الداخل والخارج أن القانون هو للمنع..وهو غير صحيح، فقط كنت أود من صباحي الإشارة إلى هذا ليعلم من يعلم على بينة، خاصةً وأن هناك تظاهرات تجري في مصر وبعضها لا يتعرض لها الأمن، وهذا ربما يكون دليلاً على أن الدافع من إصدار القانون هو لمواجهة الفوضى والإرهاب والتخريب وليس لتقييد الحريات ما يُوهم صباحي أتباعه.
#سامح_عسكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ياسر برهامي ومحجوب عبدالدايم
-
التراجع الأمريكي في مصر
-
فيلم حلاوة روح والانشغال الجنسي..
-
صور فيما بعد فوز أردوجان
-
موقفي من ترشح المشير السيسي
-
كيف نتعامل مع مشروع الشرق الأوسط الكبير ؟
-
لماذا الحرية أولاً؟
-
لماذا الديمقراطية أولاً ؟
-
لماذا انسلخت عن الفكر السلفي؟ (3-3)
-
لماذا انسلخت عن الفكر السلفي؟ (3-2)
-
لماذا انسلخت عن الفكر السلفي؟ (3-1)
-
جهاز الكبد والإيدز المصري..لحظة تفاؤل
-
حين الشك يأتي اليقين
-
صراع الطربوش والتراث
-
المؤامرة والتراث (3-3)
-
المؤامرة والتراث (3-2)
-
المؤامرة والتراث (3-1)
-
ابن تيمية وفقه الجريمة
-
درس من تاريخ الجبرتي
-
ابن تيمية أكثر شيوخ المسلمين كذباً في التاريخ
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|