أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عفيف رحمة - الإنخابات الرئاسية مقدمة لتعميق الإزمة في سوريا















المزيد.....

الإنخابات الرئاسية مقدمة لتعميق الإزمة في سوريا


عفيف رحمة
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 4402 - 2014 / 3 / 23 - 02:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل المحاولات التي يبذلها النظام لإعادة هيمنته على الدولة، وبعد نجاحه في إفشال مؤتمر جنيف 2 وإجهاض ما كان يحمله المؤتمر من آمال بالتغيير السلمي بالنسبة لبعض السوريين، تأتي قضية الإنتخابات الرئاسية كخطوة تصعيدية جديدة لتزيد من الشكوك بقدرة المجتمع السوري على تجاوز أزمته الوطنية التي عمل النظام منذ بداياتها على تحريف طبيعتها وتجاهل أسبابها الموضوعية.
خلال السنوات الثلاث من عمر الازمة كان واضحاً أن النظام يعمل وفق منحيين، الإستفادة من تناقض المصالح بين القوى الدولية، ومحاولة كسب الوقت لإعادة إحكام سيطرته على الدولة والمجتمع.
ضمن هذا السياق تقدمت الحكومة في كانون الثاني 2013، بما أسمته بالبرنامج السياسي لحل الأزمة في سورية ، حيث اتضح من بنية هذا المشروع أن السلطة تحاول القفز فوق فكرة تشكيل هيئة الحكم الإنتقالي التي اعتبرها مؤتمر جنيف 1 (حزيران 2012) من أساسيات الحل السياسي.
في هذا البرنامج، ارادت الحكومة معالجة النتائج قبل معالجة الأسباب، وبدلاً من أن تظهر حسن نية وتنفتح على القوى والتيارات السياسية الوطنية لخلق مناخ من الثقة السياسية والوطنية اللازمة شرطاً لمكافحة الإرهاب، إختارت بشرط مكافحة الإرهاب أن تأسر إستحقاقات التغيير الديمقراطي التي رُسمت معالمه في دستور2012.
هذه الرغبة بتعطيل عملية الإنتقال نحو الديمقراطية، جاءت دلالاتها المبكرة في تجاهل قاعدة حكم النظام (الحزب والجيش والأمن) لمضمون المادة الرابعة والخمسون بعد المائة من الدستور من باب الأحكام العامة والإنتقالية التي تنص على "أن تبقى التشريعات النافذة والصادرة قبل إقرار الدستور (2012) سارية المفعول إلى أن تعدل بما يتوافق مع أحكامه على أن يتم التعديل خلال مدة (إنتقالية) لا تتجاوز ثلاث سنوات ميلادية".
خلال هذه الفترة الإنتقالية لم تصدر السلطة أي تشريع لإنهاء مظاهر هيمنة حزب البعث على الدولة ومؤسساتها الدستورية، ولم تتتخذ أي إجراء للحد من تدخل الحزب في عمل الهيئات والقطاعات الحكومية. إنقضت السنوات الثلاث وما زال الحزب يشغل منشآت وأملاك حكومية، ومازالت تدفع رواتب العاملين فيه من خزينة الدولة، وما زال الإعلام الرسمي ينطق بلسان النظام والسلطة وحتى تاريخه ما زال الحزب يتصرف كقائد وحيد للدولة والمجتمع.
هذه المحاولات لإعادة هيمنة النظام لم تكن بخافية في الدستور الجديد الذي لم يشارك إلا القلة من السوريين بالتصويت عليه. في هذا الدستور تم إعادة إنتاج بنية النظام الإستبدادي الذي تجسد بدستور 1973 حيث حلت سلطة الفرد مكان سلطة الحزب، وانيط بمنصب الرئيس مختلف الصلاحيات القانونية والدستورية والتشريعية، كما حددت لجنة إعداد الدستور قواعد الإنتخابات الرئاسية بصورة تضمن بها إستمرارية النهج السياسي الذي انتفض شريحة واسعة من السوريين للتحرر من سطوته، ضاربة بعرض الحائط كل مفاهيم الديمقراطية من ناحية وطموحات الشعب بحياة سياسية جديدة قائمة على الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية من ناحية أخرى.
وفق القواعد والنظم الديمقراطية كان يفترض من الرئيس تقديم إستقالته لحظة الإقرار بالدستور الجديد، ذلك أن شرعيته السياسية التي استمدت من الشرعية الإنقلابية التي تأسس عليها دستور 1973، لا تتوافق مع الديمقراطية والتعددية السياسية التي أقرها الدستور الجديد لعام 2012، إلا أن هذه الخطوة لم تدخل في حسابات السلطة وقاعدة حكمها التي مهدت لهذه الإستمرارية بإقحامها المادة الخامسة والخمسون بعد المائة من الدستور والتي أعطت لرئيس الجمهورية حق الإستمرار بولايته حتى انقضاء السبع سنوات ميلادية من تاريخ أدائه القسم الدستوري رئيساً للجمهورية بموجب دستور 1973.
ضمن سياق هذا المشروع الإنقلابي على قواعد الديمقراطية تم بناء القوائم الإنتخابية لمرشحي عضوية مجلس الشعب، الذي انتخب وفق المادة السادسة والخمسون بعد المائة من الدستور، في خطوة إستباقية لتأمين البنية السياسية والحزبية المؤهلة دستورياً لإعادة إنتاج نظام الإستبداد.
سيناريو خطط له قادة النظام قبل الإنتخابات النيابية، حيث كان لأجهزة الحزب وأدواته الامنية القول الفصل في تحديد محتويات صنايق الإقتراع بتوافق وتواطوء من القوى السياسية المتحالفة معه علناً أو سراً، لتأتي النتائج في صالح هذا المشروع الإنقلابي.
حسابياً، تشكل مجلس الشعب من 163 نائب من حزب السلطة (65.2%)، و 25 نائب لقوى الجبهة الوطنية التقدمية (10%)، و 5 نواب لجبهة التغيير والتحرير (2%)، و 58 نائب من المستقلين واشباه المستقلين (23.3%). هذه الزيادة لممثلي حزب البعث في مجلس الشعب من 51% وفق دستور 1973 إلى 65% في مجلس 2012 ليست إلا تحدى للشعب وخياراته بالتغيير.
بهذا الإنزلاق تناسى قادة النظام أن أهم أسباب الأزمة الوطنية التي دفعت بشرائح من الشعب نحو الثورة والتمرد تعود بجوهرها للفساد وللسياسات الإقتصادية والإجتماعية الجائرة التي اتبعها النظام خلال العقود الأربع الماضية.
ضمن هذا المناخ السياسي البعيد عن ضوابط الديمقراطي لا يوجد خيارات كثيرة لتنفيذ إستحقاق الإنتخابات الرئاسية، ويمكن تصور صيغة واحدة حيث يتم وفقها تقديم مرشحين اثنين (الرئيس و مرشح ضعيف) عن حزب البعث والجبهة الوطنية التقدمية وبعض أشباه المستقلين المسجل ولائهم المطلق للنظام بحيث يصبح هذا المرشح الضعيف في وقت لاحق رئيساً للوزراء تشبهاً بما يجري في الديمقراطيات الأوروبية؛ ضمن هذا الإحتمال لن يتمكن باقي أعضاء مجلس الشعب (جبهة التغيير والتحريروما تبقى من المستقلين) من تقديم أكثر من مرشح واحد وفق ما يسمحه به قانون الترشيح المشروط بدعم 35 عضو من أعضاء المجلس.
مشروع إنتخابي رسم مبكراً للإستلاء على مجلس الشعب وقراراته والإنقلاب على الحد الأدنى من الحريات التي كفلها دستور 2012، تمهيداً لهذه المرحلة الحرجة، مرحلة الإنتخابات الرئاسية، حيث يسعى النظام بهذه الخطوة بإعادة إنتاج ذاته للقضاء على أدنى الحقوق الإنسانية والوطنية التي حلم بها السوريون منذ عقود.
فها هو النظام يدفع بالعملية الإنتخابية، متجاهلاً الكارثة السورية حيث 150 ألف قتيل وما يعادل ضعفهم من الجرحى والمتضررين جسدياً، ونحو مئة ألف مفقود وعشرات الآلاف من المعتقلين، وأكثر من مليونين ونصف مواطن لاجيء في دول الجوار و ستة ملايين ونصف مواطن مهجر و نحو مليون متضرر داخل سوريا منهم نحو 800 ألف فرد بلا معيل، 50% من السكان تحت خط الفقر، و50% من قوة العمل بلا عمل (حسب التقرير الأخير لمفوضية الأمم المتحدة لللاجئين).
في مؤتمر جنيف حرف النظام مسارات المؤتمر وقلب الأولويات مطالباً بمكافحة الإرهاب أولاً، وها هو اليوم ينقلب على خياراته وينسى الإرهاب الظاهرة التي كان أحد اسباب إنتشارها ولا يجد من إستحقاق يتحدى به أكثر من نصف السوريين سوى الإنتخابات الرئاسية أحد أهم القضايا الخلافية على المستوى الوطني.



#عفيف_رحمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يحمل تحرير الراهبات مؤشراً لمحرقة جديدة
- الأزمة السورية والمسألة الوطنية
- لقاء حواري مع منتدى السلام والديمقراطية للحوار المفتوح
- سياسات متناقضة والنتيجة واحدة
- معارضة بائعة حليب - مواقف انتهازية وحسابات خاطئة
- السوريون والقفص الإيراني
- إعادة بناء الدولة السورية (1)
- المسيحيون وربيع العرب
- المقاومة والممانعة شركة مساهمة محدودة
- من فضاء الفساد السياسي إلى فضاء الوطنية السياسية
- سقوط أحزاب الأمم
- المؤشرات المبكرة للأزمة السورية
- معلولا اللغز السياسي والعسكري
- شيوعيو سوريا وفقد الرؤية الطبقية
- الشعب يريد إنهاء عصر الإستبداد!
- وقود الأزمة الوطنية في سوريا وبيئتها الحاضنة
- هجرة الكفاءات مؤشر فشل سياسات التنمية في سوريا
- الداخل الوطني رهينة نرجسية السياسات الخارجية
- زيرو دولار زيرو روبل
- تفاعلية الوجود بين السلطة السورية وجبهة النصرة


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عفيف رحمة - الإنخابات الرئاسية مقدمة لتعميق الإزمة في سوريا