|
نَنسى وكأننا سوفَ نَنسى .
نديم صليبي
الحوار المتمدن-العدد: 4347 - 2014 / 1 / 27 - 01:13
المحور:
الادب والفن
نَنسى وكأننا سوفَ نَنسى . ونحنُ نعلَم بأننا لن نَنسى . نحاولُ جاهدين بِعَبَثيتِنا الشرقية أن ننسى ولكننا لن نَنسى ، قد نَنسى ، نعم بل سوفَ نَنسى بأننا نَسينا أن نَنسى ، ولن نَنسى ... فما عَلَمونا إياهُ بالأمسِ ، أصبَحَ اليومَ رُكاماً نتمنى لو أنهُ يُنسى ، ولن نَنسى ... ذاكِرَتُنا المُشبعةَ والمُثخَنة بتلكَ التناقُضاتِ العبَثية والأدبياتِ المَنسية لا تزالُ تحتفظُ بين دَهاليزها وثَناياها صوراً لمُدُنهم الفاضلة التي سُحلت واندثرت بِغُبارِ تلكَ الحقيقة التي لطالما اختَبأت وغابت عن أذهانِهم ، وهربت منهم لتأتي إلينا ... لتأتي إلينا حقيقةً صارخةً بلا قوافٍ ولا أوزان ... حقيقةً كاملةً مُجردةً من كُلِ الأكاذيب البشرية والخُرافاتِ الأسطورية ،لم نَكُن نُدرِكُ تلك الحقيقة يوماً ، ربما لأننا كنا صغاراً وكانوا هم الكبار ، أو ربما لأنهم كانوا سذجاً أو نحنُ كنا نيام ، هل كانوا منافقين أم كنا نهوى كذبهم ونرى فيه الانتصار ... علمونا ذات يومٍ بأن بلاد العُربِ أوطانُنَا ! كيف هذا ؟ ونحنُ السوريين اليومَ مُشردين في أصقاعِ الأرضِ لا نجدُ وطنناً يؤوينا ولا عُرباً تُلفينا ؟
كما علمونا أيضاً أن لا أحد يموت من الجوع وأن الكلاب حتى لا يوميتُها الجوع ! كيف هذا ؟ وفي وطني كل يومٍ يموت جوعاً الكثير من الأشراف والمساكين ...
علمونا أن الرجال لا تبكي ! وأن النساء وحدها التي تبكي ! يالكم من كاذبون .. فَعندما أعتلى عرشَ الشامِ طاغيةُ أخرق نكَلَ بأهلِها حتى ضاقت الأرضُ بما رَحُبَت وفاقت الهمومُ قِمَمَ الجبال فبكى رجالُنا وهم في ساحاتِ الوغى صامدون .. عندما يبكي الرجال أعلموا أن القهر وصل حدا السماء .. وأن دموع الرجال بسقوطها تُسقِطُ الإنسانية بكل مفاهيمها ..
علمونا أنَ الجارَ قبلَ الدار .. وإذ بالدارِ تختفي ببرميلِ ذاك الجار أو بصواريخِ أولاده الذين تَرَعرَعوا في غُرفِ و زوايا تلكَ الدار
علمونا بأن الدمَ لا يصبحُ ماءً ! وإذ بالأشجارِ والزهور في وطني لا تُسقى إلا بدماء الأطفالِ و الأَحرار ؟
علَمونا بأنَ اليَدَ التي لا تَستطعَ عَلَيها قَبِلها وأدعُ عَلَيها بِالكَسر .. لستُ أعلَم إن كانوا عبيداً في ذاكَ الزَمانِ أم أنَ مَفهومَ العُبوديَةِ قد تَغَيَر ..
علًمونا وعلًمونا الكَثير من الأسرارِ الفراغِية والنظرياتِ اللا وجودية التي أوهَنتنا وأوهَنت أَساريرَنا وصَنعت منا أُناساً هُلاميين ، نختفي ونسقُط أمامَ أيِ حقيقةٍ تواجِهُنا ..
نعم أيُها السادة هكذا كُنا وهكذا علَمونا ..
أما الآن وبعدَ أن أدرَكنا الحقيقة سنُخرِجُهم عنوةً من ذاكِرتنا الصغيرة التي تأبى النسيان .. وسنُعلمُ أطفالًنا أن الماضي ذِكرى لا تُغني عن جوع وأًنَ الحاضِرَ هو مدرسَتُكُم ومُعَلِمَكُم وأنَ المُستقبلَ هوَ أطفالُكُم .. سَنُعَلِمُهُم بأنَ الجوعَ كافرٌ والتَشَرُدَ ذلٌ وعار ، والموتَ وقوفاً لهوَ شرفٌ لا يُدرِكَهُ إلا الأحرار .. وأنَ القهرَ يُبكي الرِجالَ ليُزَلزِلوا الأرضَ تَحتَ أقدامِ الطُغاة .. وسنُعَلِمُهُم بأن يواجِهوا أقدارَهُم كما نواجِهُها ، وأنَ الموتَ حياةً لَهُم عندَما تُمَسُ الكرامة ، وأنً الوطنَ ليسَ قُطعَةَ أرضٍ ، إنما الوطنُ هو أنتَ وأخوكَ وأبنَ عَمِكَ وأصدقائَكَ وأحبابك ومن يُدافِعونَ عَنهُ .. وسنقولُ لَهُم أنَ الألمَ لا يؤلِمُ إلا صاحِبَهُ وأنَ العَرَبَ لم يَكونوا يوماً إخوة وأنهُم خَذَلوا آبائَكُم ذاتَ يومٍ ولم يستنصروهم .. وإن طَلَبوا نُصرَتُكُم يوماً استَنصِروهُم لِكَي لا يُقالَ أن الأحرارَ خَذَلوا العبيدَ يوماً ..
#نديم_صليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|