أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ميثولوجيا سياسية!














المزيد.....

ميثولوجيا سياسية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4335 - 2014 / 1 / 15 - 10:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جواد البشيتي
"النبوءة" هي إخبار بالغيب، أو عنه، يُنْسَب إلى نبيٍّ؛ والنبوءات الدينية، والتوراتية منها على وجه الخصوص، تشغل حيِّزاً من "السياسة"؛ وهذا الحيِّز يضيق تارةً، ويتَّسِع طوراً.
"الأزمة السورية"، مع أزمة البرنامج النووي الإيراني، وارتفاع منسوب تورُّط إيران في سورية، وغيرها، شدَّدت الحاجة السياسية إلى استحضار كثيرٍ من النبوءات التوراتية؛ ولقد رَأَيْنا "المُسْتَحْضِرين" تُلْزِمهم مصالحهم، أو مصالح مَنْ يُمثِّلون، يتَّخِذون من بعض النبوءات التوراتية الميثولوجيَّة "مُسلَّمات"؛ ثمَّ يتَّخِذون من هذه "المُسلَّمات" ما يشبه دليل إثبات أو نفي لأمور هي بِنْت السياسة في عالَمها الواقعي.
بعضٌ من "أهل الفكر والقلم" أَسْرَع في تسخير تلك النبوءات في خدمة المآرب السياسية لِوَلِيِّه السياسي؛ فـ "أَوَّلَ" ما يحدث في سورية بما يُوافِق نبؤة توراتية، ويُكسبها صِدْقيَّة، قائلاً: لكل مَنْ لا يعرف ما يحدث في سورية أقول إنَّها الحرب العالمية الثالثة؛ إنَّها حرب "هرمجدون" النووية، التي ستَدْخُل التاريخ بصفة كونها الحد الفاصل بين تاريخين للبشرية، تاريخ ما قَبْل الحرب على سورية، وتاريخ ما بَعْد الحرب على سورية؛ أمَّا "السبب الحقيقي" لِمَا يحدث في سورية فهو التمهيد لقيام الدولة (أو الحكومة) اليهودية العالمية، التي ستُحاكِم في محكمة العدل الدولية كل الرؤساء والقادة الذين أبدوا عداءً لقيام هذه الدولة. ولإقامة الدليل على صِدق زعمهم أوردوا من "سفر أشعيا": "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دِمَشْقَ، هُوَذَا دِمَشْقُ تُزَالُ مِنْ بَيْنِ الْمُدُنِ وَتَكُونُ رُجْمَةَ رَدْمٍ".
ثمَّ خاطبوا الثوار السوريين قائلين: ليَعِ أولئك الذين يرفعون السلاح أنَّهم يخدمون مآرب إسرائيل التي تسعى لإزالة بلدنا من الخارطة؛ فالتوراة تتنبَّأ بزوال دمشق وتحوُّلها إلى كومة ردم.
كيف ينبغي لنا أنْ نفهم ونفسِّر نفوذ إيران المتنامي في العراق وسورية؟
إنَّهم يَنْظرون إلى هذا النفود بعيون النبوءات التوراتية، فيقولون إنَّ الجيش الذي سيدمِّر إسرائيل سيأتي من العراق؛ وهذا هو سِرُّ حقدهم على العراق، وسعيهم في تدميره. والعراق الذي تتطيَّر منه الدولة التلمودية ليس العراق الذي كان يحكمه صدام حسين. إنَّهم لم يأتوا بجيوشهم إلى العراق من أجل الاستيلاء على نفطه؛ فَهُم إنَّما أتوا لتدميره؛ فمنه سينطلق الجيش الذي سيدمِّر إسرائيل؛ وهذا هو سِرُّ خوفهم من إيران، ومن سلاحها النووي، ومن سورية، وسلاحها الكيميائي والبيولوجي؛ فهذا السلاح السوري الفتَّاك سيدمِّر إسرائيل إذا ما أحدقت المخاطر بالدولة السورية. جيش إيران هو الآن أحد أقوى الجيوش في العالَم؛ وجحافله ستَمُرُّ في العراق، وتَصِل إلى سورية، وإلى سائر "منطقة النفوذ البابلي"؛ وإنَّ عدو إسرائيل الأوحد هو هذا الذي يسمُّونه "الهلال الشيعي"؛ وهذا هو سِرُّ سعيهم إلى إشعال نار الفتنة بين السنة والشيعة.
الغرض السياسي جليٌّ واضحٌ في هذه الميثولوجيا، أو في هذه النبوءات التوراتية التي يَسْتَحْضِرون. إنَّه حَمْل العامة من الناس على النَّظر إلى النفوذ الإيراني المتنامي في "منطقة النفوذ البابلي" بعيون تغشاها الأوهام التلمودية؛ فإيران تُعِدُّ العُدَّة للقضاء على إسرائيل؛ وهذا ما وَرَد في بعض النبوءات التوراتية التي تتطيَّر منها إسرائيل؛ فكونوا عَوْناً لإيران في العراق وسورية..، إذا ما أردتم رؤية زوال دولة إسرائيل!
ومضوا في تأويلهم قائلين: إذا انهارت سورية (الأسد) فسوف يبدأ حُكْم اليهود للعالَم؛ فانهيار سورية سيُشعل فتيل حرب "هرمجدون" النووية؛ وفي هذه الحرب سيَهلك ثُلثا سكَّان العالَم؛ ولَمَّا كانت روسيا والصين تُدْركان أهمية سورية في الدفاع عن وجودهما، سارعتا إلى تأييدها، والوقوف معها.
وبَعْد كل هذا الاستثمار السياسي في الميثولوجيا التلمودية، يقولون: إمَّا أنْ يُحقِّق اليهود نبوءة التوراة بتدمير سورية، وإمَّا أنْ يُحقِّق "الهلال الشيعي" وعد الله بتدمير إسرائيل.
لقد فسَّروا كل ما يحدث في سورية، وفي جوارها، بما يُوافِق الأوهام التلمودية، والنبوءات التوراتية، وبما يسمح لهم، من ثمَّ، بتصوير كل معارِض لبشار الأسد، وللتورُّط الإيراني في سورية، وغيرها، على أنَّه شخص يَخْدُم، بقصدٍ أو بغير قصد، مخطَّط يهودي (قديم ـ جديد) لتحقيق نبوءة توراتية بدمار سورية، ويعيق، من ثمَّ، سعي إيران لتحقيق وعد الله بدمار إسرائيل!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المادية- تُجيب عن أسئلة الدِّين!
- سورية.. صراعٌ ذَهَبَ بما بقي من -يقين-!
- -العامِل الإيراني- في جولة كيري!
- الاستثمار الدِّيني في فرضية -الجسيمات الافتراضية- Virtual Pa ...
- السؤال الذي يَعْجَز الدِّين عن إجابته!
- آدم وحواء.. وثالثهما!
- كيف لِمَنْ يَعْتَقِد ب -آدم وحواء- أنْ يَفْهَم داروين؟!
- البابا فرانسوا: حتى الله يتطوَّر!
- هذا الدليل البسيط على صواب أو خطأ نظرية -تمدُّد الكون-!
- هذا الإحباط الشعبي الثوري!
- ما وراء -أُفْق الكون-!
- عاصفة من -التَنَبُّؤات الفلكية-!
- عاصفة ثلجية بنكهة سياسية!
- -الدولة المدنية- و-الربيع العربي-
- انحناء المسار بانحناء المكان
- النَّجْم إذا حَفَرَ في الفضاء
- بأيِّ معنى نفهم سرعة الضوء على أنَّها -مُطْلَقَة-؟
- -التركيب- و-التفكيك- عربياً
- كيف تَصِل إلى أبعد نجم في الكون في دقيقة واحدة فحسب؟
- أين -المُطْلَق- في -النسبية-؟


المزيد.....




- خوف وبكاء.. شاهد لحظات رعب عاشها طلاب يحتمون أثناء وقوع إطلا ...
- مكتب نتنياهو يعلق على تقرير -إدارة ترامب منعت إسرائيل من الا ...
- مراسلنا: مقتل 34 فلسطينيا بغارات إسرائيلية منذ فجر اليوم بغز ...
- -قيل لي إنه لا ينبغي أن أكون أماً لأنني كفيفة-
- حرب أوكرانيا- واشنطن -ستتخلى- عن -دور الوساطة- في حال عدم إح ...
- لافروف: روسيا مستعدة للمساعدة في المفاوضات بين الولايات المت ...
- الكرملين: مدة اتفاق حظر الهجمات على منشآت الطاقة انتهت ولا ت ...
- زيلينسكي يوقع قانون تمديد الأحكام العرفية والتعبئة العامة
- بكين وواشنطن.. حرب تجارية عالمية
- أحزاب جزائرية تؤيد موقف السلطات من باريس


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - ميثولوجيا سياسية!