3-Iron(ثلاثة اقنعة) للمخرج الكوري كيم كي دك:فيلم عن مقدار الخفية الكافية

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4331 - 2014 / 1 / 10 - 04:47
المحور: الادب والفن
    

3-Iron(ثلاثة اقنعة) للمخرج الكوري كيم كي دك:فيلم عن مقدار الخفية الكافية
فيلم ثلاثة اقنعة هو فيلم متميز في مسيرة هذا المخرج الكوري الشاب ومتميز في مسيرة السينما نفسها،فهو من اغرب الافلام التي قد يصادفها المرء في حياته،وعلى الرغم من غرابته فهوم مقبول الى درجة كبيرة من قبل المشاهد ويشعر بالرغبة في مشاهدته مرة ثانية وثالثة،وهو يستخدم نفس العناصر الفيلمية السابقة المعهودة من قبله ولكن بشكل اخف وربما بشكل اكبر...
فهنا نشاهد دك يستخدم القسوة ولكن بشكل اخف،بالاضافة الى انه ازاح عن كاهلنا في هذا الفيلم الهم الجنسي والمشاهد الجنسية،ولكنه يبالغ جدا بالصمت،وكل شخصيات دك الرئيسية كما عهدناها صامتة،وكأن شخصياته-ضمن هذا الفيلم تحديدا-ترفض اللغة كطريقة للتعبير حتى عن ابسط الاشياء،وهذا الفيلم ليس بالضرورة أن نفهمه كاملا،بل هو يشكل حالة من التأمل والفهم الخاص من قبل المتلقي كلا على حدا...
نحن نقبل ان نشاهد فيلما سرديا طبيعيا على شاكلة افلام الخيال العلمي،مليء بالاشكال الغريبة...فلماذا لا نقبل على انفسنا مشاهدة هذا الفيلم.
هناك شاب في اواسط العشرينات من عمره يستمتع باقتحام المنازل والمكوث فيها على انها بيته وليس بقصد السرقة،فيقوم بالاعمال الطبيعية من تنظيف ونحوه ويترك بصمته دائما في اصلاح شيء معطل فيها ويحصل على تذكاره الخاص باخذ صورة له بجانب بورتريه خاص بالعائلة...
البطل صامت لايتحدث باي كلمة طوال الفيلم،ونستطيع القول ان هذه القصة تبدأ عندما يقتحم منزل لشخص غني في اواخر او اواسط الثلاثينات من عمره،وهنا حسه في الشعور بالآخرين يخونه لأن صاحبة المنزل تلتقطه وهو يحوم في منزلها.
هذه الخيانة الحسية مقصودة،لأن مقصودها هو الاقتراب...هما مرتبطان مع بعضهما بشكل خفي...بحس قدري غير مألوف...
هذه الفتاة زوجة معذبة تُضرب باستمرار من قبل زوج غني ارعن،ومعطيات زواجهما واضحة بالنسبة للمشاهد فهو زوج غني وهي من عائلة فقيرة...
هي ترقبه...تتميز بالخفة اكثر منه...يحتمل ان يكون الفيلم عن مقدار الخفة الكافية
هو وهي يجمعهما شيء واحد لانستطيع ان نعبر عنه باللغة...شيء مشترك...هذه الخفة عبارة عن القدرة بان تشعر الآخرين بانك لست موجودا وهي رمز الشيء المشترك بينهما ...ربما هو يشعر بها في منزلها عندما كان يستمني على صورتها...
هذا المغزى للوهلة الأولى يبدو جنسيا،ولكنه يؤكد على ان احد الاشياء (الواضحة التي تجمع بينهما) هي الحب...
من اجل كل ذلك هو يعود...ليحقق لها الانتقام وليحقق لنفسه الرضا ليضرب زوجها بثلاث كرات صلبة من الغولف بشكل قاسي وعنيف...بعض النقاد يرى ان عنوان الفيلم مقتبس من هذه الكرات الثلاث ونحن نرى غير ذلك
الاقنعة الثلاث هي قناع الزوج وزوجته العشرينية وهذا الشاب العشريني ايضا...
في هذا الفيلم نحن غير مطلوب منا أن نضع تفسيرا علميا على شاكلة بيرغمان على سبيل المثال ،ولكن باختصار ومن دون اي تعقيب فهذه الاقنعة هي الحياة التي لازالت غير مدركة ادراكا صحيحا من قبل الثلاثة شخصيات المذكورة آنفا...
تنتقل لتعيش معه تلك الحياة من دون ان تنبس بكلمة واحدة...حياة الخفة
اقتحام المنازل والمكوث فيها شيء يوحي تماما بما نقوله...الخفة
يقتحمون منزلا لمصور يمتلك صورة لهما..هل علينا ان نسأل انفسنا من اين حصل أو من اين جاءت هذه الصورة؟!
الفيلم هو من تلك النوعية من الافلام التي ليس بالضرورة ان تجد حلا فيها لكل تلك المعضلات
هما لايعبران عما يريدانه بالكلام ابدا،والرحلة تطول بينهما ولكن مسار الامور لن يكون على مايرام...
يتهمان بجريمة قتل...هما لا يتحدثان...لا يدافعان عن انفسهما بالحديث...يعذبان ويهانان ولكنهما يلتزمان الصمت فالكلام يبدو مرفوضا والصمت هو المفروض عليهما في هذه الحياة...وتعبير ردة فعل هذا الشاب اتجاه العنف الظالم ابتسامة مستفزة واثقة...
الصمت حكاية عند هذا المخرج،وكأن الكلام مفروض عليه...هو ينزع الى ترك اللغة بكاملها..هو يريد العودة الى عصر السينما الصامتة ولكن من ناحية شخصية وليس من ناحية سينمائية...
في سجنه يتعلم الاختفاء...الخفة المطلوبة بشدة من قبله تطلب منه الاختفاء
هو يعود بشخصية شبح ويحقق بعض الانتقام ويسرق صورة حبيبته من منزل ذلك المصور
هي الوحية القادرة على رؤيته...تقول كلمة واحدة طوال الفيلم...أنا احبك
ينظر اليها زوجها فيظن انها تحدثه فيعانقها ولكنها من خلف ذلك العناق تُقبل شخصا آخر هنا تلتقي تلك الاقنعة الثلاث.
ذلك الميزان قد اصلحاه مرتان وهما يقفان عليه الآن ولكن الوزن هو صفر...
دك يطلب منا ان نعتبر الحياة حلما...هو يطلب منا ان نعامل فيلمه هذا القريب نوعا ما من عوالم ديفيد لينش على انه حلم....
الحكاية تبدو رمزية وتعود في جذورها الى الديانة البوذية،وهذا ان كان ملمحا اليه ولكنه لم يكن واضحا جدا ومن الممكن التعامل مع الفيلم من دون الاشارة اليه..
كل ما في الموضوع ان دك يطلب منا النظر الى هذا العالم على انه حلم...حقيقة مثل الوهم
بلال سمير الصدّر 25/5/2013

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات