أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - عاصفة ثلجية بنكهة سياسية!














المزيد.....

عاصفة ثلجية بنكهة سياسية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 14:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الجنرال "ثَلْج" هَزَم جيش نابليون؛ وطالما رَأَيْنا التاريخ، مع البشر ومجتمعاتهم، يستخذي لمشيئة هذه القوَّة الطبيعية (والمناخية) الكبرى، التي إنْ ضَرَبْنا عنها صفحاً لا نستطيع فَهْم وتفسير أحداث وأحوال وتطوُّرات تاريخية مهِمَّة؛ ولقد كان هذا "التَحَدِّي الطبيعي الكبير"، مع استجابة الإنسان له، مَصْدَر تغذيةٍ دائمٍ للتطوُّر الحضاري في كثيرٍ من مَواطِنِه الأوروبية؛ فالحاجات والضرورات هي خير مُعلِّمٍ للبشر؛ إنَّها تُجْبِرهم على "العمل" و"التعلُّم".
وها هي العاصفة الثلجية، المُسمَّاة "أليكسا"، تَضْرِب ضربتها الكبرى في الأردن، أيضاً، مُولِّدةً من الشرور ما يكفي لجَعْل الأردنيين يَنْظرون، هذه المرَّة، إلى دولتهم، وإلى واقع العلاقة بينهم وبينها، بعيون يقظة لا تغشاها أوهام؛ فإنَّ "ثلوج أليكسا"، التي غَطَّت الجغرافيا الأردنية بغطائها الأبيض، طامِرَةَ كثيراً من المعالِم، حتى تَعَذَّر علينا تمييز شيءٍ من شيءٍ، قد عَرَّت، في الوقت نفسه، حقائق كثيرة من الأوهام التي تَوَفَّر الإعلام (الرسمي) على بَثِّها في عقول الناس.
ما أنْ حَضَرَت "أليكسا"، بخيرها (العاجزين عن اغتنامه) وشَرِّها الذي اصطلى المواطنون (العاديون) به، حتى غابت "الدولة" غياب البدر لِمَن يَشْعُر بافتقاده في الليلة الظلماء؛ وكان غياباً بانت فيه "الدولة" على حقيقتها الفئوية الطبقية، فَذَهَبَت "دولة المُواطَنَة"، التي طالما تغنَّى به الإعلام الرسمي في الأزمنة والأوقات العادية الطبيعية، مع صفة "المُمثِّل الأسمى" للشعب، والتي حَرِصَت "الدولة" على أنْ تَصِف نفسها بها في الدستور، ضحيةً للعاصفة الثلجية، التي استبدَّت بالمواطنين إذْ حَيَّدت "الدولة" عن هذا الصراع.
وهذا "التحييد (أو الحياد)" كان، في الوقت نفسه، "انحيازاً (صريحاً سافراً)" من جانب "الدولة" إلى "مواطنيها غير العاديين" الذين يُمثِّلون "مجتمعها الفئوي الضيِّق"، والذي فيه يَنْدَمِج ويَتَّحِد، شخصياً وعائلياً، المُنْتَمون إلى الجهاز البيروقراطي الحكومي، وكِبار التُّجار والمستثمرين وأرباب العمل؛ فَسُخِّرَت "أموال دافعي الضرائب"، وقدرات وقوى "الدولة"، ومنها "الجرَّافات الحكومية"، في خدمتهم على مدار الساعة، وكأنَّهم "شعب الله المختار"؛ أمَّا "الشعب"، الذي يتغنُّون به، ويُسبِّحون بحمده، ويَنْظمون في مدحه قصائد على شكل خُطَب رسمية، في السَّرَّاء، فتَرَكوه يَهْلَك بعاصفة ثلجية عاتية، سَخَّرَتْها السماء عليه سَبْع ليالٍ.
الأردن، في زمن العاصفة، كان اثنين، ولم يكن واحداً؛ فـ "الأردن الشعبي" تضافرت "أليكسا" و"عصابة أثرياء الكوارث" على الفتك به؛ فـ "الزائر الأبيض" ظَهَر هنا على هيئة "السَّجَّان الأبيض"، يسجن الناس في بيوتهم، ويعزلهم مع أحيائهم عن العالَم الخارجي؛ فلا كهرباء يسري تيَّارها في كثيرٍ من مناطق وأحياء "المواطنين العاديين"، ولا مواد غذائية أو طبية أو أُسطوانات غاز أو مشتقات نفطية.. تَصِل إليهم، أو يستطيعون الوصول إليها؛ أمَّا "الأردن الآخر" الذي تعيش فيه "العائلات الحكومية والنيابية والتجارية.."، فلا شيء ينقص أهله إلاَّ القدرة على تَرْجَمة استمتاعهم بالثَّلْج بشيءٍ من حضارة الشِّعْر والأدب والفن والموسيقا.. والفلسفة. الطرقات والشوارع في أحيائهم ومناطقهم تُفْتَح دائماً، والتَّيَّار الكهربائي لم ينقطع عنهم ساعة واحدة، وكل ما يحتاجون إليه كان في متناول أيديهم؛ وبعض "الخاصَّة" أَوْقَفوا جرَّافة أو اثنتين أو أكثر، من "الجرَّافات الحكومية"، عند مداخِل بيوتهم القصور، مقيمين الدليل العملي على أنَّ "الدولة" دولتهم، منهم، ولهم. في هذا الأردن كان الثلج مِتْعَة، وفي ذاك الأردن، كان نَقْمَة.
إنَّ الكوارث الطبيعية كالحروب، فيها تُخْتَبَر كل قدرات الأُمَّة؛ ولقد اختبر الأردنيون بفضل هذه "الضَّارة ـ النافعة"، المُسمَّاة "أليكسا"، "دولتهم"، فَبَانت لهم على حقيقتها الفئوية الطبقية العارية من الأوهام؛ فَكَمْ تشبهها "سفينة نوح"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الدولة المدنية- و-الربيع العربي-
- انحناء المسار بانحناء المكان
- النَّجْم إذا حَفَرَ في الفضاء
- بأيِّ معنى نفهم سرعة الضوء على أنَّها -مُطْلَقَة-؟
- -التركيب- و-التفكيك- عربياً
- كيف تَصِل إلى أبعد نجم في الكون في دقيقة واحدة فحسب؟
- أين -المُطْلَق- في -النسبية-؟
- الجاهلية الإسلامية!
- في -نسبية الحركة-
- قانون يُدْعى -تنظيم الحق في التظاهر-!
- -النقطة- التي منها وُلِدَ الكون!
- مِنْ عملة -الكيميائي السوري- إلى عملة -النووي الإيراني-!
- في قانون التكافؤ بين قوى الجاذبية وقوى التسارع
- -أوباما الإيراني- في -مرجعيته السورية-!
- واشنطن وطهران عندما تُعْلِن كلتاهما النَّصْر على الأخرى!
- -البترودولار- ما زال يستبدُّ بالعالَم!
- معنى -انحناء الفضاء-
- -الغاز- لغة القرن الحادي والعشرين!
- في البُعْد الرابع للمكان!
- الكون في عُمْرِه الافتراضي الجديد!


المزيد.....




- أمريكا: قبل 16 أسبوعًا من انطلاق التصويت.. نظرة على توقعات ا ...
- أمريكا.. تحذيرات من أعمال عنف انتقامية محتملة بعد محاولة اغت ...
- -يتعرض لضغوط متزايدة ولا يخشى الموت-.. مصدر مطلع يكشف تقييم ...
- ترامب جونيور يطرد مراسلا: -لم يكن بوسعك الانتظار بأكاذيبك وه ...
- -50 طلقة وجهاز تفجير عن بعد-.. تقرير: سلاح مطلق النار على تر ...
- أفغانستان.. 40 قتيلا جراء الأمطار الغزيرة و17 قتيلا في حادث ...
- سجن مؤثرة على انستغرام بتهمة الاتجار والعبودية
- مراسلتنا: الاشتباه بعملية تسلل في مدينة إيلات والشرطة الإسرا ...
- رغم محاولة اغتيال الضيف.. المفاوضون الإسرائيليون يتجهون لمتا ...
- العثور على دليل يؤكد وجود الماء في الغلاف الجوي لـ-إله الحرب ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - عاصفة ثلجية بنكهة سياسية!