أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - الحمائم لاتعود أحياناً














المزيد.....

الحمائم لاتعود أحياناً


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 00:08
المحور: الادب والفن
    


حطت حمامتان على شرفة البيت في ذلك الصباح ، حيث وقفت السيدة البغدادية التي جاوزت الخمسين عاماً ، تنظر الى السماء تارة ، وتارة أخرى الى الجمع المتجمهر الذي كان يتبادل الحديث والتصورات ، بعد أن أعلنت خطى الدبابات في شوارع المدينة عن انتهاء الحرب بسقوط نظام الحكم .
نظرت السيدة الى الحمامتين الهادئتين اللتين وقفتا على حافة الشرفة من جانبها الآخر . أحضرت صحناً فيه ماء ووضعته أرضاً عند ذلك الجانب كما نثرت بعض الحبوب بقربه وابتعدت الى الجانب المقابل .. فنزلت الحمامتان لتشربان من الماء وتلتقطان الحبوب .
ـ أتراهما يعودان الآن ؟
سألت زوجها ، وقد تحلق وجها شابين حول رأسها ، نظرا بحنين لها ولزوجها ، وهما يمدان أياديهما اليهما بصمت من خلف قضبان معتقل في صحراء .
قالت بحزن وحسرة :
ـ أمازال سجن نقرة السلمان على حاله كما رأيناه في آخر زيارة لنا لعلي ومحسن ؟
ـ نعم . ولاأدري لماذا سفرّت السلطة أختي وزوجها الى ايران وأبقت على ولديهما الشابين في المعتقل ؟ لو سفرّتهما لكان الامر أهون عليهما وعلينا من اعتقالهما . كانا بريئين لم يفعلا شيئا .
ـ أن تكون كرديا فيليا .. كان ذلك ذنبا في نظر السلطة .. ليكن الله في عون أختك وعون أمهات المعتقلين الذين كانوا معهم . أنا أم وأعرف ماذا يعنيه فراق الأبناء . كانا ينتظران زيارتنا منتصف كل شهر بشوق .
ـ وكانت رؤيتهما لنا تخفف عنهما الهم والحرمان والبعد عن والديهما . حتى هذا حُرما منه بعد أن منعت السلطة الزيارة .
في آخر لقاء ، قال علي ومحسن لخالهما وزوجته إن إدارة المعتقل سلمتهما بذلتين عسكريتين مع الآخرين .
كلما فكرت زوجة الخال بالشابين في أثناء وقوفها عند الشرفة ، كانت الحمامتان تأتيانها من نقطة ما في السماء ، وتحطان عندها قليلاً ثم تحلقان بعيداً .
كثيراً ماعولت على إشارة القدر تلك ، وعلى ماتراه في أحلامها من أنهما عائدان كما الحمائم ، يذهبان ويرجعان .
لطالما رأت في أحلامها قبل دخول الدبابات رموزاً وأحداثاً توحي بعودة الشابين من غياهب المجهول . لكنها في الليلة التي داست الدبابات شارعهم ، رأت في منامها أن علياً ومحسناً وقفا ضمن جمع من الشباب وسط الصحراء وهم ببزاتهم العسكرية. سأل محسن شقيقه علي إن كانت لديه فكرة عما ينتظرهما في تلك الصحراء ، وإن كان من الممكن أن ترسل لهما السماء معجزة تمنحهما حريتهما وتبشرهما بعودة . ضحك علي ضحكة مريرة ممزوجة بسخرية ، وهو ينظر الى الأجساد التي بدأت تتساقط واحدا تلو الآخر ..
حرية .. ؟! عودة ؟!
تلكما آخر كلمتين قالهما قبل أن تظهر حماماتان في السماء من حيث لايدري ، أصابهما الطلق الناري فسقطت إحداهما على جثة علي ، والأخرى على جثة محسن ، وامتزجت القطرات الحمر مع بعضها وهي تسيل على الرمال ..
كان ذلك أيضاً آخر حلم او رؤيا تراها زوجة الخال عنهما تلك الليلة .
في الصباح وخزها قلبها وهي ترى الحمامتين بعد ارتوائهما من ماء صحنها وشبعهما من الحبات ، ترتفعان بعيداً عن شرفة بيتها ، فيصيبهما طلق عشوائي ، وتسقطان بعيداً عن مدى نظرها في ذلك الصباح .



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيات بغدادية بارزة
- القراءة رياضة ذهنية ، تقي من البلاهة والكسل العقلي
- اللامرئي
- أنستاس ماري الكرملي .. رحلة حياة حافلة وذكرى خالدة
- ثقافة حياة : النظافة العامة احترام للذات وشعور بالمسؤولية تج ...
- بروفايل بقلم عواطف مدلول
- قصة قصيرة : الدود
- تقاعد البرلمانيين ... نفسي ومن ثم الشعب !!
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (7)
- حوار جريدة ملتقى النهرين مع أسماء محمد مصطفى / حين تتألق الم ...
- قصة قصيرة : اختفاء
- الفصل من الوظيفة بسبب النميمة والغيبة !!
- تيه
- دموع أم قصة قصيرة
- قصة قصيرة : البيت والريح
- قصة قصيرة : العشبة الصفراء
- الحياة قائمة عليها .. هل المحبة صعبة ؟!! / نحو ثقافة المحبة ...
- في الذكرى الخامسة لصدورها .. مجلة الموروث الثقافية .. كيف ير ...
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (6)
- من قلبي كلمة .. من عقلي أخرى (5)


المزيد.....




- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...
- لقطات -مؤلمة- من داخل منزل جين هاكمان وزوجته وتفاصيل مثيرة ح ...
- من السعودية إلى غزة.. قصة ’فنانة غزية’ تروي معاناة شعبها بري ...
- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...
- -لإنكار الجرائم الأسدية-.. نقابة الفنانين تشطب سلاف فواخرجي ...
- شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـ-إصرارها ع ...
- بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.. بدء التحضيرات لمسرحية موس ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - الحمائم لاتعود أحياناً