احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 1219 - 2005 / 6 / 5 - 12:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الطرزانية الشرقية ليست حلا
البؤرة المزيفة أو التأمل الطرزاني
كل بناء جديد سيكون في بيئة قديمة , وهذا قانون أو مبدأ , وكما النظرية واسعة فالتطبيق أكثر اتساعا , ومن غير الممكن أن يحدث بينهما تساو بالقدرة , فالتطابق مستحيل حكما , كما أن التكافؤ غير ممكن , فالعالم لانهائي قبل بؤرة الانعكاس , وفي قياسا ته الطبيعية , وهو أكثر ( لانهائية ) بعدها , فالحرارة المسيطر عليها بدءا من المفاعل النووي وصولا الى دفء الموقد أو الضوء , يقابلها في الفضاء الكوني , انفجارات الشموس أو النجوم وصولا الى البراكين العاقلة والوديعة في جوف الأرض , كحرارة القلب في جسم الكائن الحي .
العالم الأول كما خلقه الله , ليس له من بؤرة انقسام أو تفرقة , فالإنسان هو مخترع النرد , ( الاحتمال ) , ويستعمل آينشتاين تعبير النرد ليهتف بحرارة : إن الله لا يلعب معنا النرد , فالكون ليس احتمالا تصنعه البؤرة العلمية للعقل الإنساني , وهو بذلك يعترف على الأقل كعالم عبقري وعظيم , بضرورة الانحناء أمام عظمة الخالق , فسيارتنا لايمكن أن تضاهي أي كوكب سيار , وطائرتنا أبدية الطيران , رغم توهمنا بأنها حطت على أرض المطار , أو طارت بلا طيار .
فالإنسان في نهاية التصور الآينشتايني , ليس مركزا , أو بؤرة حتمية لتعيين صورة العالم , وما بعديتها ليست محددا عظيما , رغم العبقريات العلمية التي لم ينقطع سيلها , وتدفقها , وعلى مبدأ : لقد خلق لنا جورج كانتور جنة نعيش بها , ويقصد بعض المتصوفة الرياضيون , نظرية المجموعات , وهي حفيدة دراروينية الأصل , تمتد من فهرسة المكتبة البريطانية أو مكتبة الكونجرس الأمريكي , على طريقة جون ديوي , ووصولا الى عالم الكومبيوتر الذي يتوج الى حد ما المبادئ الأساسية للمنطق الرياضي .
من يتحدى الآخر ؟
من حق الجمهور البشري أن يعتقد بوجود لعبة مسلية , واللعبة مفعمة بالإثارة والتشويق , وأكثر بمالا يقاس من إدمان المقامرين , الذين يحتقرون احتمال اللحظة الراهنة لصالح اللحظة القادمة , بل ويزحلقون بجرأة عظيمة الواقع الحالي في الفضاء الاحتمالي , فيخدعهم الشعور المتسامي, ووهم البؤرة المتحطمة , فتنتقم منهم اللحظات الباقية , وبخاصة حين تتمدد بلا حدود , وتستطيل , حتى ليتوهم الخاسر بأن الحياة الراهنة لا حدود لها في وهم الزمان والمكان .
إن من يتأمل لحظات فنائه أو موته لحظة بلحظة , وهو ما بعد البؤرة , فسيعتقد أنه لن يموت أبدا , وسيبدأ الشك عنده , بما قبل البؤرة وما بعدها , ومن هنا أستطيع النفاذ نحو مفهوم التأمل الطرزاني , وأقصد به مواجهة الحياة كما لوكانت ما قبل البؤرة المزيفة , وهي بؤرة علمية واثقة , بل وخلاصة تجارب عبقرية , ومزودة بوسائل قياس تقانية , ومعبأة على شكل عقل بشري فيما بعد البؤرة , وحين يلمس بعض أشعتها الشعبوي الساذج , يصرخ بعفوية بالغة : لم يبق لهم ( العلماء ) سوى أن يختر عوا الإنسان نفسه .
ما لذي أريد قوله عن التأمل الطرزاني , وهو تأمل يفهم بطريقة ساذجة , ففي حين يكون احتمال وجود رأس أحمر في أفريقيا ضعيف للغاية , كذلك الحال عندما نبحث عن الرأس الأسود في اسكندنافيا , فالأول أسودأوأسمر , والثاني أحمر أو أشقر , فالتأمل الطرزاني لا يراعي الفضاء الكوني أو البيئي , وهو غابي نسبة للغابة الحية قبل المتحجرة ,وهو مختلط الاحتمالية , أما نظرية المقاييس , وهي نتيجة جهد التطور ما بعد البؤرة ,فلا أثر لها ولا وجود , ولذلك يصير التحكم الإرادي نفسه , عشوائيا , والضوء المنحني وليس الانحناء العلمي لعلماء العصر , يصير مستقيما , بل ومن غير الممكن انحرافه .
التأمل الطرزاني مخدوع ( غير مخادع ) , لأنه يخلط المفروض بالمطلوب وعن غير قصد , لأنه يريد للحياة أن تمضي بدون بؤرة تصطنع النظريات , ولذلك فلن يهتم أبدا بنظرية المقاييس , فالتأمل عنده مجرد خواطر , وقد تكون أدبية , وفي مواجهة الأبدية !!؟.
الحكمة الشعبية تقول : (قليل المال لم يهلك , وكثيره لم يملك ), وهو حال العلم المفتوح على اللانهاية , ولكن ليس بدون قياس , كانحطاط المقامر , فحيثما يتم التأمل ولا يكون طر زانيا ,ينبغي التساؤل , عن الأسس والوسائل , وبالتفاصيل الصغيرة , وعن قيمة المشتق , وثابت التكامل , بل وبالتحديد الدقيق لفضاء الغابة الطرزانية , بحثا عن ملامسة أو تقاطع علومي غائي مفترض , مع واقع مطلوب صياغته على النحو العلمي , من أجل فك رموز شفرته , وهو الجهد العلمي الأصيل .
أنا أحس وأشعر , بل والكلمات تجري وفقا لقواعد اللغة , ( أي لغة ) , وهناك لغات منقرضة , وكأن أحدهم مات ولم يستخرج له إعلان وفاة لائق به .
على نفس الكوكب الصغير للغاية مع الكون , كعلاقة ما بعد الصفر المطلق , واللانهاية , وسواء أن يكون الفضاء منفصلا أو متصلا , فالنسبة ضئيلة للغاية و بل وتكاد , لاتذكر .
البؤرة المزعومة , ليست موجودة بشكل مؤقت طالما نعيش حياتنا اليومية و وبدون كوارث , وقليل منا يحس برواد الفضاء , ما بعد البؤرة ,وهم يتذكرون دروس خارج ( الانجذاب ) عن اللانهاية الفيزيائية و في حدود السنتيمترات القليلة , بل وأقل من ذلك بكثير , ولحظتها تستوي الثواني , مع الدقائق و والساعات , بل والقرون ومن ثم الدهور , وألم أن ينشق عالمنا الى عالمين , عالم يصنع المعنى , وعالم يطربه اللامعنى ؟
عالمان متناقضان ولكنهما متضايفان حكما , ومن وحي التأمل الطرزاني يستويان , ولسبب عنيف للغاية , فهما شهابين محترقين , وحتما يأكل أحدهما الآخر , فالتقديم أو التأخير لا أهمية لهما , بل لماذا وجدت الساعة أو البوصلة أصلا ؟
الخلاصة , فالتأمل الديكارتي الخاطيء , هومن أنواع الإبداع الرياضي , بل العبقري , وقد تهاوى نتيجة لابتداع وسائل القياس , ليس إلا , وهي وسائل الدارة الإلكترونية , التي تعمل أو لا تعمل , وليس ديكارت الرياضي من سوى ملاح فضاء , يعمل بتأمل ما بعد البؤرة , ليجد أن المحيطات عميقة للغاية , وكل السفن المنعزلة , ومهما كانت بريئة ليست بمنجى من الغرق في قاعه الرهيب .
أعني بالتأمل الطرزاني , تلك الخواطر الشرقية , التي تتقافز كالعصافير و بين الأدب والعلم , وبين الواقع والخيال , وبين الأ رض وسماء الشجرة , وقبل أن تتم التلاوة , فلا يكون مهما أبدا , معرفة حقيقية , للمسافة الفاصلة بين القول باسم الله , ونزاقة الهروب السريع بالقول : الحمد لله , وهو ما يشبه العملية الهروبية السطحية غالبا , وعند القول , فالمعنى في قلب الشاعر , ونحن لسنا أمام شاعر من جهة , ولسنا أمام الجثمان بلا روح , بل والفاقد للمعنى .
الاعتباطية بيئة فقيرة , تصدح في كل حين , بالزبور السومري : خير للفقير أن يموت من أن يعيش , فالطرزانية الشرقية ليست حلا , لقد جاءنا الطبيب المسعف , ولكنه حضر وبعد غياب طويل , ولكن بدون عدة ! وكان لزاما علينا أن نشتري له العدة , وجاءنا مصلحا ولكن بدون عدة ( أدوات العمل ) , وتكرر نفس المشهد , فإلى متى نظل نجد الخبز ولانجد الملح , وحين نأكل اللحم نفقد الحمل , ولا يكمل بعضنا الآخر , ونتهرب من الشروط اللازمة , والموضوعية , والواقعية , وكلها ما قبل العلومية , لكي تظهر المفاهيم الديناصورية العملاقة من مثل
الأمة والوطن والشعب , والدولة والحرية والسيادة و( الديمقراطية ) والرسالة بدون أن تكون سماوية أو خالدة , وهذا بحث آخر عن المقومات البدهية والأولية لامكان قيام اجتماع أو حياة , ومن ثم ظهور شريعة الإنسان الدولي ( بدون عولمة ) , ومع كل التقدير لبيان فلاسفة القرن العشرين , وعلى رأسهم برتراند راسل , وفي دعوة صريحة لحكم الأمم المتحدة , ولدولة الأمم المتحدة ذات الجيوش , والتي تستطيع فرض الحياة الأفضل , لجميع بني البشر , وكل ذلك حتى لاتكون الطرزانية احتمالا تافها يعقم إنجازات العلم , ولمصلحة أعداء الحياة , فالبيان الفلسفي السابق لعالم ما بعد الحداثة كان جديا , وهو يدعو وعبر الفهم الدقيق لمعطيات كل تقرير صادر , وعن أي خطيب مفوه , بل وعبر المنطق الرياضي الأب الحقيقي لمرحلة ( الكومبيوتر ) والشبكة الدولية , وذلك انطلاقا من نظرية المقاييس , ولعلماء يسعفون العالم بأسره لأنه بتعبير بسيط , بل وأزلي مترابط الأجزاء , بل كل لا ينفصل إلا من أجل العلم والحقيقة المتوارية , بسبب سقوط الإمبراطوريات الإمبريالية التقليدية , وظهور إمبراطورية العلم , والتي تعمل القوى الرجعية على سحقها بالتأملية الطرزانية , ومن هنا يتضخم الهم بل ويصبح غول العالم شرقيا !؟.
احمد مصارع
الرقه - 2005
#احمد_مصارع (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟