أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان سوز - حكاية لا تنتهي ...















المزيد.....

حكاية لا تنتهي ...


جوان سوز

الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 06:31
المحور: الادب والفن
    


حكاية لا تنتهي ...

كوباني ، امرأة ترتدي زي الفلكلور و ثوب من الخرافة ، تحمل جعبة الأحزان فوق رأسها وتمشي بين الحقول ، هي جثة هامدة لا تعرف الرقود ومدينة منسية من سكة الشمال إلى صخر الجنوب ، مدفونة في عمق الجغرافية ،هي أشلاء مبعثرة لجسدي وقطيع من الظروف لا تنتهي بالرحيل .
هي كوباني ، الشقية مدينتي ، طفولتي وامرأة ترتدي عباءة سوداء ، قادمة من دار السرايا ، تمسح الحبر عن بصماتها التي تحتفظ بكل شيء في مخيلتها ,هي كوباني ، باقي خدو، الفلكور ومضافة كانت تعج بالرجال وفناجين تحمل عفونة الأمس .
 
هي كوباني , حافظ كور ، وأغاني من التراث ، تحمل ملاحم العشق والبطولة اللامنتهية في حكاياته ، هي الشقية مدينتي مشفى للمجانين وكل أبناءها أطباء ، هي مدينة النزاعات وكل أبناءها حقوقيين , هي مقبرة الفن وموت الذات ، تحتضن باران المدفون ورشيد الراحل الحي الغريق في كأس زجاجي مكسور لا لون له ، هي مدينة الأنانية لا مثيل لها ، يعشق أبناءها من طرف واحد فتنتهي قصصهم بالموت ، بالإنتحار ، هربا منها , هي كوباني ، شيكاغو … ، حزب بلا مبادئ وحرية دون إرادة شخصية ، و “حشيش” لا يحتمل الإدمان ، هي مدينتي ، قتل مشروع عن سابق إرادة وتصميم ، تكثر فيها المحاكم المعدومة ، هي صفر مدينتي وضميرها عدم .
 
هي كوباني ، قصيدة نازحة ونصف رغيف يكفي لجوعك ، غرفتين صغيرتين تكفي لسكنك ومن معك ، شرفة لا تعرفها الإتجاهات ، لا تعرفها أشعة الشمس، تشرب فيها قهوتك الصباحية مع من شأت , تتأمل أهلها الذين لا يعملون إلا بالأعمال والآلات الشاقة فلا تنفعل لضجيجهم , أشكرهم على همجيتهم وشجعهم إن إستطعت ، أما بعد فعلى الماء لا تيأس ، عن الكهرباء لا تسأل وعن الخدمات لا تحزن ، هنا كل شيء سيجهلك فلا تبحث ، إنها ليست كوباني ، أيها القارئ ، أيها النازح ، إنها السوق السوداء التي تكره جيوبك الفارغة  وإلا ………..!
 
وماذا بعد أيضاً ؟

…نعو … بركلي بلو… من سيغير القوافي في اسماء مجانينها ؟
هي كوباني ، إمرأة ترتدي ثوب الوقاحة ، ترفض خبز الصاج ، تطلب خبز المدينة فيلعنها زوجها ، يرفض إستبدال الطاحونة ، الحكاية التي لا تنتهي برفقة القمح (بنان ديار بكرلي) من أصابع خباز أعمى ، لا يضحك وجهه للرغيف الساخن .إنها كوباني ، التقاليد العارية عن الذات , المملية من ذات أخرى .

وماذا أيضا ؟

كان هنا " حسو "يأتي من رحلة السفر الطويلة على متن قطار أشبه بحصان أبيض فيخيب أمله بغياب العشيقة ، “عيشو” بإنتظاره …الأم الصارمة ، ترفض عشقه مثل أمي ، هي قصتنا و(كوباني لبرختيه) لمن رحل بعد الألفين ، تاركا لي كلمتين سأدعهما مجهولتين هنا .
إنها كوباني ويوميات فشلي ,يوم جديد يأتي بغموض أكثر دون البوح بأي شي يخبأه في جزء مهترأ من رقعة كوباني ، منفاي العنيد كامرأة من قومي ، منفاي العتيق كقطعة أثرية قديمة , ضائعة ،إنه يوم جديد يأتي وصباح آخر يمهلني لحظات لأرتداء ثيابي ، صباح يمنعني من قهوتي الصباحية دون قراءتي لحروف درويش وسماعي لفيروز ، هو الوقت ضيق إذا فالشمس لم تشرق ولم تقع أشعتها على جسدي ،هو صباح لا يشبه أي صباح ، كما أني لا أشبه أي مجنون بتصرفاتي ،هو السير معا ،مع من أرافقه منذ زمن ، هو الركوب على دراجة نارية للذهاب إلى حلة جديدة هي (خراب عشك) جزء آخر من الألم ذاته .. كوباني، (خراب عشك) قاسية كاسمها , ضجيج الحافلات ، رائحة غبار الإسمنت من (لافارج) ونبيح كلاب على الطريق المنسي في الطبيعة القاسية ، خوفي من الكلاب تجسد في شتائمي (لجان بابير) وأنا أكاد أقع من متن الدراجة عند مفرق (گوگ ته پ) من بني قومه ، مفرق يمثل أنانية رؤساء البلديات في كوباني ، مدينة المصالح الشخصية ، الذاتية والعابرة .
.
هو صباح كالمعتاد كما كان في الزمن المنصرم ، يمهلني لحظات أخرى لفك الأقفال وواجهة غائبة عن الوجود بتغيير المكان ، الزمان والجيران أيضا ، هو صباح بخيل بوقته ، سرعان ما يمضي، يمهلني مرة أخرى لحظات قصيرة لكتابة هذا النص وزبون قادم، مجهول ،عابر ،لا يصبر ، لا ينتظر فيجزأ نصي هذا بالنفس المقطع ، هو صباح يحذرني من العودة ، من الإبحار للعمل في الآلات الشاقة كحال كل من يعمل في مدينتي ،كوباني ومن يهز الحائط الذي يفصلنا ، جاري الهمجي كمخرطته ، ذو الإصبع المقطوع الذي ما عاد جاري وما عاد أي شيء ، شيئاً ! إنها (خراب عشك) وليست عين عيسى (البوزانية) وتسميتي الأخيرة لها (كركوك سوريا) ، هو أنا من كان يكرهها ويعشق فسيفساءها المزركش ، واليوم حل بدلا منها (خراب عشك) ، حلة جديدة أقتطعت من شرايين السرطان الأكبر كوباني .
 
هي كوباني ، وصفرٌ أنا في سجلاتها ، جيوبي فارغة ، لا شيء سوى جعبة أحزاني ، فنجان قهوتي و سيجارة تحرقها أنفاسي ، " طريق رودكو " ومدرسة تمشي أمامي ، تندهش من شكلي و من إبحاري في الآلات الشاقة وثياب تفوح منها رائحة الوقود، وأصابع تحمل أشلاء من جسد حصادة (كلايزون) ويداي تقبض كيبورد الهاتف بدلا من أوراقي الضائعة ، إنها كوباني وصباح جديد من آذار ، جرح يبدأ من جسدي ، يمر بقامشلو وينتهي بحلبجة دون أن يربط أجزاءي الأربعة .

وماذا بعد أيضاً ................ ؟؟
إلى أين أمضي ؟ وأنا لا أدري !

هي كوباني وأحلامي , أحلامها , ابنة مدينتي , نتقاسم بالوجع الأكبر , عند خيباته , المعهد المسرحي , الاعلام و السقوط في إمتحان المدينة , هي "... " جزء من المي , مثال عابر , نقل للواقع , هي كوباني ترفض الحقيقة , تدعي التحضر بـ " فستان سهرة " وغزو للتكنولوجيا , وفتاة عرفها احدهم عن عن طريق السكايبي , هي كوباني , فارغة عن المضمون وطبيعة تجهلها , " مشته نور " بكبرياءه الملوث , المجاور لأخطاء الأمس , لا شيء سوى البكاء في السراب .

هي مثلي , تحلم , تؤسس , تنجح وترسب في مسرحية العائلة , تسقط في دور البطولة , هي مثلي تتوقف عند المنعطف الخطير , كلمة " أحبك " في مسلسل البداوة الكوبانية , حديث فيه الكثير يجذبني , هي لا تهمني , تهمني .. هذا ليس مهماً , نقطة الإرتباط هي وفاتها على خشبة المسرح , ومقتلي أنا .. ذاك القتل الوهمي , المقصود في خيال قدمت فيه نشرة للأخبار , كلية الاعلام , الحفرة الأولى , الحلم الوحيد , " البرامكة " تقاطع الوجع مع " زور آفا ", هكذا كنت أحلم وهكذا قتلت أحلامي دون أن تدفن , هي كوباني .. موت لا يقبل الوصية , كفن مستعار , بكاء مزيف و حديث عابر في خيمة العزاء , ينتهي بملاحظات المائدة , اللحم , البرغل , ونقص في ملح الطعام .

وماذا بعد أيضاً ......؟؟

ربما كانت مثلي , نتشارك في الوجع الأوحد , مكان الولادة , نتقاسم النزوح من مدينتين , حلب , دمشق , من حيين " حرستا " مررت بها , لا أعرفها , لن أصفها , مادمت أعمى برؤيتها , الخيال لا يستجيب للواقع , كما كوباني صخرة لا تنقل إلى الورق , لكن يكفي شكلها , الفشل مثلي يختبأ في عينيها , هي حكايتي .. مدينتي .. يشاركني الغير بها , هي معاناتي , كوباني , لم ترحمنا قبل النزوح , فكيف بعد ذلك ..؟؟

القدوم من "بستان الباشا " مطارق الحدادين , غليان أكواب الفول و سنوات طوتها الذاكرة وماتت في دهاليزها , إعدادية تبتعد عن حياتي الجامعية المشتتة , كنصوصي عن كوباني , لا يمكنني ذكر اسمها , فليكن هذا سراً بيننا أيها القارئ , لا تسأل , هي ابنة مدينتي , صديقتي أو لا .. وأنا عابر سبيل إاليها , نتقاسم بتشابه الهاتف , كنت سأضعه في جيبي , لكنها سبقتني , هي كوباني و "... " تصويرها أمر ممكن لكن الأمر معقد عند أخيها الذي يرغب بالعزف على الطمبور , أنين الروح , إكتفاء في الذات وأب قتل الأقحوانة بثياب الأغواتية , هو قد نسي بأن بوزان بك رحل , وإن زمنه قد ولى .
هي كوباني .. ..
وكلانا من أبناءها وهي ام تركتنا بعد موت زوجها , في الأزقة , على الطرقات , هي كوباني لا تحتضن إلا نفسها , قد تقبلنا ونحن أموات ,هي كوباني , سروج وأحلام غرقت مع الفرات , أنفاس اعدمت في قمة " مشته نور " كوباني , نصوص مجزأة , أنفاس مقطعة , كلمات مبعثرة , أقلام مكسورة , حكاية لا تنتهي .. هي كوباني .



#جوان_سوز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -المعرض الدولي للنشر والكتاب- بالرباط ينطلق الخميس بمشاركة ع ...
- اللغة العربية في طريقها الى مدارس نيشوبينغ كلغة حديثة
- بين الرواية الرسمية وإنكار الإخوان.. مغردون: ماذا يحدث بالأر ...
- المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف: الصهيونية كانت خطأ منذ البداية ...
- دول عربية تحظر فيلما بطلته إسرائيلية
- دول عربية تحظر فيلما بطلته الإسرائيلية
- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوان سوز - حكاية لا تنتهي ...