أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وئام البدعيش/ سوريا - بقايا إنسان














المزيد.....


بقايا إنسان


وئام البدعيش/ سوريا

الحوار المتمدن-العدد: 4209 - 2013 / 9 / 8 - 02:16
المحور: الادب والفن
    


- " خذ نفساً " .. قالت له .
استجاب لطلبها عنوة ً.. أمر ما تبقى من رئتيه المسودتين من الظلم والدّخان أن تتوسعا وتنتشرا في كافة الاتجاهات .. امتدت الرئتان بسرعة خارقة, بعد أن قالت له حاضر سيدي, وأدت التحية العسكرية. فهرع الهواء خائفاً مزمجراً إلى صدره المريض, وقلبه الذي تشقق من كثرة قسوته وجحوده .
- قال لها بطريقته المعهودة في الكلام " هل هناك شي خطير؟ "
لم ترد عليه, مما زاد من غضبه وغيظه, و من لمعان الرتبة العسكرية فوق كتفيه. أخذت السمّاعة وبدأت تسمع دقات قلبه المعلول .
كان الصّوت الصادر من القلب على شكل خطوات عسكرية نظامية " اح .. ثنين.. اح .. ثنين " ويرافقه مارش عسكري نظامي .. ظنت أن هناك استسقاءً في إنسانية القلب.
طلبت منه صورة لقلبه، وعندما ظهرت الصورة تبين أن قلبه لا يملك الّلون الأحمر الطبيعي. فقد كان بلا لون محدد " مموه " . فتأكدت بأن قلبه مصاب بتنكرز وتموّت شديدين, فرقّ قلبها وإنسانيتها على هذه النماذج من البشرية .
ولكن بعد أن دققت النظر في الصورة بعد التكبير, وجدت أن هناك خلايا إنسانية حيّة في مستوى عميق من القلب، وحسب ما درست سابقاً يعود هذا المستوى العميق إلى مرحلة الطفولة، فاستبشرت خيراً بعد أن كانت تظن بأنه من الحالات العديدة الميئوس منها.
قال لها بطريقة الأمر العسكري وكأنها جندي أمامه " هل هناك شيء يدعو إلى القلق؟ "
لم ترد عليه بنفس الطريقة, لا لشيء فقط لأنها استوعبت عقله " لا يوجد شيء مهم فقط تموت في القلب والإنسانية ".

- "ها ها ها .. ليس بمهم " نهض ووقف أمام المرآة , وأخذ يضبط هندامه العسكري ويرفع من أكتافه إلى السماء، لكي تتساوى نجومه مع نجوم السماء، ثم بدأ يفتل بشاربيه ورجولته في آنِّ واحد . أخد يفكر بما قالته, ولأنه من وجهة نظره يجب أن يكون كاملاً .. طلب منها أن تصف له دواءً مناسب لمستواه ورتبته معاً ..
لم تتردد , وكأنها تنتظر منه أن يعطيها هذا الأمر, فقد كان من واجبها أن تعيد البشر إلى إنسانيتهم، رغم إخفاقاتها الماضية وخيبات أملها العديدة .... جلس هو يتأمل رتبته العسكرية. هي أخذت الوصفة الطبية وكتبت " ينصح بما يلي " :
1. عدم ارتداء اللباس العسكري لمدة سنة على الأقل . و بالنسبة للحذاء العسكرية يوصى عدم لبسه نهائياً, لأن كعبه العالي يجعل من صاحبه , يظن نفسه بأنه أعلى من الإنسانية وأقرب إلى الإله, ويسبب أيضاً ضمور في المحبة وسرطاناً وتكاثراً غير طبيعي في الخلايا الميتة.
2. الذهاب لجلب الخبز , والوقوف في الطابور اليومي الطويل, ثلاث مرات أسبوعياً .
3. الجلوس في البيت مع الأهل من دون تدفئة في الشتاء, ومن دون مروحة في الصيف أو كهرباء ..
4. الذهاب إلى روضة الأطفال .. يومين أسبوعياً .
5. عدم الاستماع للشعارات والخطابات اليومية من المحطات المحلية ، بل الاستماع للموسيقى ومشاهدة المسرح والسينما مع الناس .
6. """"
7. """"
8. """"
.
.
.
111. وأخيراً: مشاهدة أفلام الحب والرومانسية وأفلام الكرتون والابتعاد عن أفلام العنف والأكشن .
في هذه الأثناء كان الملل قد احتل جسمه بالكامل ، فطلب من بعض العساكر أن ينظفوا له حذائه ويضبطوا الربطة بشكل أنيق ولائق....
- " تفضّل " قالت له ..
أخذ منها الورقة قرأها في عجل .. ضحك .. لفّها داخل يديه وأكلها دفعة واحدة، ثم نظر إليها باشمئزاز. وطلب من العساكر تجهيز المركبة الفضائية المضادة للرصاص. بعد ثواني كان في المركبة, وكانت ضحكته ما تزال تعشش في فمه مع رائحة السجائر الفاخرة ..انطلقت المركبة إلى كوكب بعيد عن كوكب البشر ..
أما الطبيبة شرعت تنظف المكان بعد ذهابه للتخلص من رائحته النتنة وزفيره الخشن، ولكنها وجدت ما كانت لا تتمنى وجوده .. فقد وجدت الخلايا القلبية الحية ثكلى على الأرض, ضمتها بكل عناية وأخذتها إلى الغرفة المجاورة, ثم علقتها على لوح لا نهائي المساحة. عليه عدد لا نهائي, من الخلايا الحية والإنسانية الميتة....
.... وئام البدعيش ....



#وئام_البدعيش/_سوريا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...
- -شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وئام البدعيش/ سوريا - بقايا إنسان