مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 17:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اذا كان منطق المثل صحيحا بانتفاء عقل من يصدق حديثا لا يعقل، فان اهمال جميع الاحتمالات والقفز على كل الحقائق والتصديق السريع بتحميل النظام السوري مسئولية استخدام الاسلحة الكيمياوية ضد الاطفال والنساء والمدنيين الذين لا يشكلون اي خطرعليه، والذي يسعى {النظام} جاهدا لكسبهم الى جانبه لاحراز الانتصار على خصومه، فالحرب لا تشن بالاسلحة ولا تجري في ميادين القتال فقط، انما هي ايضا حرب قلوب وعواطف، وفي نفس الوقت الذي وصل للتو فريق من الامم المتحدة بناء على طلب من الحكومة السورية للتحقيق في الاتهامات التي وجهتها للفرق الاسلامية المسلحة باستخدامها غاز السارين في خان العسل، وكذلك حقيقة ان منطقة الضربة الكيمياوية لا تبعد سوى خمسة دقائق بواسطة السيارة عن الفندق الذي يسكن فيه الفريق الاممي، فان التصديق بذلك واعتباره حقيقة لا تقبل لا الشك ولا الجدل، واستبعاد الفرق الاسلامية عن دائرة الشك، تلك الفرق المعروفة بتوحشها وبهيميتها وتمرسها في ذبح الاطفال وشق بطون النساء واكل الاكباد وحرق الناس احياء، لا يعني تغييبا بريئا للعقل فقط، انما تحامل اصفر لا يهتم اطلاقا في البحث عن الحقيقة بقدر ما يهمه تحقيق الانتصار باي ثمن واي وسيلة، لا يعنيه تشخيص الفاعل ومعاقبته، انما اثابته ومكافئته على جريمته بتركه حرا طليقا فرحا بما حققته لا انسانيته، مثل هؤلاء المتحاملون، وان لم يكونوا فاعلين مباشرين، فانهم ايضا شركاء في ذبح الانسانية وهم الاميل لاستخدام ابشع الوسائل للوصول الى اهدافهم فغاياتهم تبرر وسائلهم، او انهم اغبياء سياسية عليهم الصمت دهرا قبل ان يتكلموا.
ليس نفيا لسوء ووحشية النظام السوري، بل نفيا لامكانية ان يكون النظام بمثل هذا الجنون المطبق، بمثل هذا الغباء الاخرق، بالاقدام على ارتكاب جريمة بحق الانسانية على مقربة من فريق اتى للتو للتاكد من تورط الفصائل الاسلامية او ليفترض برائتها. هو نفيا لمعقولية وجود نظام دكتاتوري حكم سنين طويلة بدهاء وتمكُن وخبرة سياسية ان يخطأ في وقت لا يعني فيه الخطأ الا تسليم الرأس للاعداء على طبق من ذهب، ان يمكنهم منه وهم الذين يحاولون قطع هذا الرأس بكل السبل بغض النظر عن شرعيتها او عدم شرعيتها، بسكين او خنجر او صاروخ او كيمياوي.
في الاجراءات الجنائية وفي جرائم القتل خصوصا، وكخطوة اولى في بداية اي تحقيق جنائي، تستقصى الاسباب وتشخص الدوافع وراء ارتكاب الجريمة ويتم البحث عن المستفيد من اقترافها، فليس هناك جريمة من غير دوافع ومن غير اسباب سوى تلك الجرائم التي تحدث لاسباب مرضية نفسية( ادمان القتل) والامراض النفسية تصيب افراد ولا تصيب الانظمة.
أولا يمكن اعتبار الابتهاج والفرح والمسرة المخجلة والمعيبة التي يبديها كبار المعارضين وصغارهم المرتبطون بمحور قطر والسعودية وتركيا، وشعور الارتياح التي تبديه كيانات الخليج باقتراب ضرب سوريا بصواريخ توم هوك، هي استفادة تدل عن منفذي الجريمة؟
ان الموت الذي سيحل بمئات او الاف الناس الموجدون الان على قيد الحياة المفارقينها بعد حين، الذين يجهلون متى يحدد اوباما نهاية حياتهم بصواريخه القاتلة، هذا الموت يترقبه جمع غير نزيه بسعادة وغبطة وكانه يترقب هلال العيد.
ولنسأل عن اي فائدة يحققها النظام السوري باستخدام الاسلحة الكيمياوية وعن اي الاهداف التي يحرزها في قتل المئات من الاطفال والنساء.!!
لا فائدة تذكر اطلاقا، سوى انه ان فعلها قد سعى الى حتفه مختارا، افلا يتعارض ذلك مع حرصه المتناهي في البقاء على قيد الحياة ومحاولته المستميته من اجل الوصول الى اي اتفاق ينهي المشكلة باي شكل كان؟!
احتمالية ان يكون النظام هو الفاعل لا يمكن تبريرة الا بمنطق مبني على استغلال النظام لحقيقة استبعاد تصديق اقدامه على اقتراف الفعل، اذ ان هذا المنطق يفترض بان الاسد قد استغل عدم امكانية تصديق فرضية اقدامه على استخدام الكيمياوي بوجود فريق الامم المتحدة، فاقدم على قتل الاطفال والنساء كيمياويا مغتنما فرصة التناقض المنطقي لاتهامه بالجريمة.
وهذا افتراض ساذج ، اذ ان النظام السوري لا يمكنه تجاهل العواقب المترتبة على استخدام مثل هذه الاسلحة المحرمة دوليا، لا سيما وان لا شك يساوره في ان الدول الغربية تتصيد اخطاءه، وتترصد زلاته، وان الاقمار الصناعة التجسسية تصور جميع مواقع اطلاق النيران، وانها قد جعلت من استخدام الكيمياوي خطا احمرا لا تسمح بتجازه دون عواقب وخيمة جدا، هكذا صرح اوباما وهكذا نطق اولاند وهكذا صاح كامرون وصرخت ميركل.
لم يسبق لنظام عربي امتلك هذه الاسلحة واستخدمها ضد شعبه دون موافقة او تلميح من الدول الغربية بانها ستغض الطرف عنه وتتجاهل جرائمه ولا تهتم بالنظر الى الحقائق مهما كانت دامغة مثل حقيقة استخدام صدام لغاز الاعصاب في مجزرة حلبجة، دون ان تحدث هذه المجزرة التي راح ضحيتها 5 الاف بريء اي لغطا، مع ان صورها هزت الضمائر والوجدان الانساني قاطبة عدا ضمائر دوائر مصالح الدول الكبرى.
كما ان الشركات الغربية الالمانية والفرنسية والامريكية هي التي جهزت النظام العراقي باطنان من السموم والمواد الكيمياوية لأنتاج اسلحته الصفراء ليستخدمها في الحرب ضد ايران او في حربه القذرة ضد الثوار الكورد في كوردستان العراق، لقد كانت الدول الغربية على دراية كاملة باستخدام الاسلحة الكيمياوية وبالتصفيات والتطهير العرقي والطائفي اكان في حلبجة او في مناطق اخرى من العراق ومع هذا لم تحرك ساكنا ولم توجه تهديدا او انتقادا.
لكن وبعد ان شعر صدام بان الغرب قد قرر الاستغناء عن خدماته، وانه سيعاقبه على احتفاظه باسلحته التي اشتراها واشترى تقنيتها من الدول الكبرى بمليارات الدولارات، اسرع باتلاف كل خزينه الكيماوي، فهذا النوع من الاسلحة وان كان بحوزة الانظمة لكنها لن تجرؤ على استخدامها الا برخصة امريكية، فعند من رخصة استخدام السلاح الكيمياوي؟
هل هي عند النظام السوري ام انها عند مجموعات المعارضة السورية؟
اليس الاقرب الى المعقول ان تكون عند قطعان القاعدة وجبهة النصرة ودولة الشام والعراق الاسلامية والوية الصحابة هي من يملك هذه الرخصة والتي استخدمتها في مواقع عديدة غضت الدول الغربية الطرف عنها مثلما غضت الطرف عن ذبح البشر على الشريعة الوهابية وتغاضت عن كل الانتهاكات بحق الانسانية اكان في الحرب الاهلية السورية او في قمع الانسان واستعباده كما في السعودية، ان الدول الغربية خرساء لا تحتج عمياء لا ترى اي فعل مهما كانت درجة شناعته ما دام هذا الفعل لا يهدد او يضر مصالحها!
لذلك لا ترى الدول الغربية ضيرا ولا اخلالا بمسلمات حقوق الانسان وهي ترى القطعان الوهابية تعيث فسادا بالارض السورية وتحول كل شيء الى برزخ من الاكراه والقسر والسبي والاغتصاب والتعذيب والاهانة والموت.
ان مجرد وجود مثل هذه الفرق الارهابية الدموية هو عار على الانسانية فما بالك بالتعاون معها واعتبارها فرقا ثورية تسعى الى احلال الديمقراطية، وتجهيزها بالاسلحة المتطورة وتمكينها من قطع رقاب الاطفال واغتصاب النساء ومساعدتها في نشر اديلوجيتها الطائفية القذرة وتجاوز حتى ذكر ضررها في كتابات من يدعي الانسانية والكفاح في سبيل الحرية!!
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟