طلال الربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 4198 - 2013 / 8 / 28 - 21:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
على الرغم من ان مفهوم الاغتراب فد احتل مركز الصدارة في كتابات ماركس المبكرة (1) ، فان مفهوم الاغتراب يجد إشارة له ايضا عبر طائفة واسعة من المواضيع مثل الفلسفة، علم الاقتصاد, ادارة الاعمال, علم الاجتماع، وعلم النفس والطب النفسي.
يعتبر الطبيب والمحلل النفسي الماركسي اريك فروم (2) الاغتراب كتجربة يجد فيها الشخص نفسه مغتربا عن ذاته. اما هورويتز (3) فيشير إلى أن الاغتراب يعني ضمنا اولا اغترابا عن العالم، وثانيا عن الناس، وثالثا عن أفكار الآخرين بخصوص العالم. كما ان البعض الآخر يعتبر المعنى الأساسي لمفهوم الاغتراب مشابها لانفصال الشخص عن العناصر الأخرى في بيئته (6, 5, 4).
اعتبر ماركس الاغتراب كانفصال بين العامل والملكية. في كتابه المخطوطات الاقتصادية والفلسفية (1)، يميز ماركس ثلاثة أشكال من الاغتراب - الاغتراب عن نتاج العمل، والاغتراب في عملية الإنتاج، والاغتراب عن المجتمع. وقد كان مقهوم ويبر لمفهوم الاغتراب (7) مماثلا لمفهوم ماركس, حيث عزى نشوء الاغتراب الى نقص في الحرية والتحكم في العمل. رأى دوركهايم (8) الاغتراب كنتيجة لحالة سماها anomie ، والتي تشير إلى انهيار المعايير في المجتمع مما يؤدي الى إلىشعور بانعدام النسق الطبيعي للمعايير normlessness.
هذه المقالة تركز فقط على ظروف وشروط العمل المساهمة في حدوث الاغتراب.
-------------
يعزي الباحثون الاغتراب في العمل عموما الى نوعين من الاسباب: هيكلية وفردية.
حظت المحددات الهيكلية للاغتراب اهتماما كبيرا منذ زمن ماركس. في دراسته الكلاسيكية بخصوص عمال الصناعة (ذوي الياقات الزرقاء)، درس بلاونر (9) الاغتراب عن العمل عبر أربعة انواع من الصناعات في الولايات المتحدة: الطباعة، والمنسوجات، والسيارات, والصناعات الكيميائية.استطاع بلاونر تحديد الخصائص الاجتماعية والتقنية التي تسهم في حدوث الاغتراب، اي التكنولوجيا وتقسيم العمل. حيث ان الاغتراب يظهر في شكله الأكثر تطرفا في إنتاج خط التجميع لصناعة السيارات نظرا لنمطية العمل المتكرر وتجزأته المتعددة. اما الأتمتة في الصناعة الكيميائية فانها تسهم بأقل حد من الاغتراب حيث تحل المهارة محل المسؤولية. وكان الاغتراب أقل نسبة بين العمال المهرة، وأعلى نسبة لدى عمال خط التجميع, ثم ينخفض إلى حد ما باستمرار العملية الانتاجية.
وقد تعرض عدد قليل من الباحثين الى خصائص الهيكلية المركزية وإضفاء الطابع الرسمي وأثره على الاغتراب. وجد ألين و افوليت (10) ان الاغتراب ذو صلة مباشرة بكل من المركزية وإضفاء الطابع الرسمي. درس هاج و أيكن (11) العلاقة بين الاغتراب واثنين من الخصائص الهيكلية لتنظيم العمل (إضفاء الطابع الرسمي والمركزية). اظهر هذا البحث, في دراسة مقارنة شملت 16 منظمة للرعاية الاجتماعية, ان الاغتراب يكون أكثر بروزا في منظمات رسمية للغاية وشديدة المركزية. ومع ذلك، فان نتائج البحوث تعطي نتائج مختلطة. مثلا, وجد غرين (12) ان إضفاء الطابع الرسمي يزيد من اغتراب العامل، في حين أن باحثين آخرين (15, 14, 13) وجدوا ان إضفاء الطابع الرسمي يحد من الاغتراب من خلال تقليله غموض الدور الذي يلعبه العامل في عملية الانتاج.
درس ساروس (16) تأثير سلوك القائد والجوانب الهيكلية التنظيمية للادارة البيروقراطية في مكافحة الحرائق(المركزية، إضفاء الطابع الرسمي) التي تتصل بعملية الاغتراب, حيث أظهرت نتائج الدراسة أن نوع القيادة التي تحفز المرؤوسين باشكال وانماط مختلفة, كما يتوقع, كان مرتبطا مع انخفاض اغتراب العمل. كما ان الهيكل التنظيمي كان مرتبطا سلبا مع القيادة المحفزة، وبالتالي كان له تأثيرا غير مباشرا على اغتراب العمل.
كما تم فحص تأثير خصائص الوظيفة أو سياق العمل على الاغتراب. في دراسته عن العمال ذوي الياقات الزرقاء، وجد بلاونر(17) أن المهام الروتينية المتكررة التي تمنح الحد الادنى من الاستقلالية الذاتية في اتخاذ القرارات من قبل العامل نفسه تؤدي إلى مزيد من الاغتراب. من ناحية اخرى فان تشيشولم وكامينغز (18) لم يعثرا على علاقة بين الخصائص المهمة للعمل (التنوع، التحكم والتفاعل الاجتماعي وهدف العمل) من جهة, والاغتراب عن العمل في دراستهم للعاملين في شركات صناعية, من جهة اخرى. ومع ذلك، فان دراسة سيمبسون (19) ,بخصوص سياق العمل في عصر الصناعات الإلكترونية, قد كشفت ان العمل التعاقدي و العمل مع انظمة مدارة من قبل الكومبيوتر تحد من الاتصال مع زملاء العمل الآخرىن, مما يسهم في الاغتراب.
حدد كوهن (20) اثنين من المصادر المحتملة للاغتراب: الاول هو فقدان السيطرة على انتاج العمل, والثاني هو فقدان السيطرة على عملية الانتاج. وبالمثل، وجد موتاز(21) ان عدم السيطرة على المهام وعدم وجود عمل هادف ينبئ كلاهما بالاغتراب.
بالمقارنة مع المتغيرات الهيكلية، فان البحوث المعنية بمحددات المستوى الفردي من اغتراب العمل قليلة نسبيا. وقد تم دراسة تأثير موضع السيطرة على الاغتراب من قبل عدد قليل من الباحثين, حيث وجد البعض أن الأفراد الذين يكمن موضع السيطرة لديهم في عوامل خارجية, وليست نفسية داخلية, يميلون اكثر الى الاغتراب عن العمل (22). تم اختبار نموذج من الاغتراب بين المهنيين والمدراء من قبل كورمان وآخرين (23), حيث تم التعرف على ان العوامل المخالفة للتوقع وتلك التي تقلل من الشعور بالارتباط تزيد من الاغتراب. وجد لانج (24) أن الاشخاص ذوي الخلفية الاجتماعية والاقتصادية المرفهة أكثر عرضة من غيرهم لتجربة الاغتراب عند مواجهتهم عدم القدرة على تحقيق غاياتهم في العمل. كما أن التعليم يزيد من قدرة الفرد على استخلاص الارتياح او الرضا من العمل, ولكن يسبب له عدم الرضا اذا اضطر للقيام باعمال روتينية او اشتغل في اعمال تفتقر الى التحدي (25).
References
1. Marx, K. (1932). Economic and philosophical manu-script-s. In, Marx-Engels Gesamtuasgabe (Vol. 3). Berlin, Germany: Marx-Engels Institute-Originally published, 1844
2- Fromm, E. (1955). The Sane Society. New York: Rinehart
3- Horowitz, I.L. (1966). On alienation and the social order. Philosophy and Phenomenological Research, 27(2), 230-237
4-Kanungo, R. N. (1979). The concepts of alienation and involvement revisited. Psychological Bulletin, 86(1), 119-138
5-Kanungo, R. N. (1982). Work alienation: An integrative approach. New York: Praeger Publishers
6- Kelloway, E.K., & Barling, J. (2000). Knowledge work as organizational behavior. International Journal of Management Review, 2(3), 287-304
7- Gerth, H. H., & Mills, C.W. (1946). From Weber: Essays in Sociology. New York: Oxford University Press
8-Durkheim, E. (1947). Division of Labour in Society. Glencoe: Free Press
9- Blauner, R. (1964). Alienation and Freedom. Chicago: University of Chicago Press
10- Allen, B. H., & Lafollette, W. R. (1977). Perceived organizational structure and alienation among management trainees. Academy of Management Journal, 20(2), 334-341
11- Hage, J., & Aiken, M. (1967). Relationship of centralization to other structural properties. Administrative Science Quarterly, 12(1), 72-92
12- Greene, C. N. (1978). Identification modes of professionals: Relationship with formalization, role strain, and alienation. Academy of Management Journal, 21(3), 486-492
13- Hage, J., & Aiken, M. (1967). Relationship of centralization to other structural properties. Administrative Science Quarterly, 12(1), 72-92
14- Organ, D. W., & Greene, C. N. (1981). The effects of formalization on professional involvement: A compensatory process approach. Administrative Science Quarterly, 26, 237-252
15- Podsakoff, P. M., Williams, L. J., & Todor, W. D. (1986). Effects of organizational formalization on alienation among professionals and nonprofessionals. Academy of Management Journal, 29(4), 820-831
16- Sarros, J. C., Tanewski, G. A., Winter, R. P., Santora, J. C., & Densten, I. L. (2002). Work alienation and organizational leadership. British Journal of Management, 13, 285-304
17- Blauner, R. (1964). Alienation and Freedom. Chicago: University of Chicago Press
18- Chisholm, R. F., & Cummings, T. G. (1979). Job characteristics, alienation, and work-related behavior: A study of professional employees. Journal of Management, 5(1), 57-70
19- Simpson, I. H. (1999) Historical patterns of workplace organization: From mechanical to electronic control and beyond. Current Sociology, 47(2), 47-75
20- Kohn. M. L. (1976). Occupational structure and alienation. American Journal of Sociology, 82(1), 111-130
21- Mottaz, C. J. (1981). Some determinants of work alienation. The Sociological Quarterly, 22, 515-529
22- Banai, M., Reisel, W. D., & Probst, T. M. (2004). A managerial and personal control model: predictions of work alienation and organizational commitment in Hungary. Journal of International Management, 10, 375-392
23- Korman, A. K., Wittig-Berman, U., & Lang, D. (1981). Career success and personal failure: Alienation in professionals and managers. Academy of Management Journal, 24(2), 342-360
24- Lang, D. (1985). Preconditions for three types of alienation in young managers and professionals. Journal of Occupational Behavior, 6, 171-182
25- Rosner, M., & Putterman, L. (1991). Factors behind the supply and demand for less alienating work, and some international illustrations. Journal of Economic Studies, 18(1), 18-41
#طلال_الربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟