أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - مرحلة المرآة وعلم النفس التجريبي والايثولوجي















المزيد.....

مرحلة المرآة وعلم النفس التجريبي والايثولوجي


طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4181 - 2013 / 8 / 11 - 23:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عالجت في مقال سابق تاثير الفلسفة الظاهراتية في ابتكار لاكان لمرحلة المرآة.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=372614
في هذا المقال التابع اناقش تاثير علم النفس التجريبي وعلم السلوك الحيواني, ايثولوجي, على لاكان وخلقه لمفهوم مرحلة المرآة.
--------------
كان لاكان, حتى في اول مراحل مساره المهني, متيما بفكرة الوعي, وخصوصا وعي الشخص لنفسه, اي ما الذي يمَكَّنَ الشخص على التفكير والشعور المستقل او يجعله قادرا على شعوره بوجوده وادامة وعيه بنفسه.

عزى علم النفس التقليدي وعي الشخص لنفسه بكونه نتاجا لشعور الطفل بمادية جسمه وتزايد هذا الشعور تدريجيا. اعتبر عالم النفس الماركسي هنري والون هذا التفسير وكأنه يدور في حلقة مفرغة, لأنه يفترض امتلاك الطفل لوعي بنفسه في المقام الاول لكي يتمكن من الوعي بجسمه. لذلك اقترح والون (2, 1), متأثرا لحد ما بتعاليم عالم النفس بياجيه, بانه ليس كفاية على الطفل اكتسابه وعيه بجسمه وفعالياته فقط, وانما, في الوقت نفسه, عليه ايضا ان يكتسب وعيا بمحيطه الخارجي كي يستطيع تمييز نفسه عنه. بكلمات اخرى, لكي يميز الشخص نفسه ككيان مستقل, فعليه ان يكتسب القدرة على تمييز نفسه عن الآخرين وعن المحيط الخارجي- كما ذكرت في مكان آخر (3), فان مؤرخ الفكر ميشيل فوكو يزعم ان النفس اختراع عصر الحداثة, اختراع برجوازي, حيث كان مفهوم النفس في ما قبل الحداثة مفهوما جماعيا ويعتمد على الارتباط الديني او الطائفي او العشائري او الاسري. انتماء كهذا نشاهده في العديد من الدول التي لم تدخل (بالكامل) عصر الحداثة, لذلك نلحظ بوضوح ضعف او غياب استقلالية الشخص وتغلييه انتماءه الجماعي على كينونته الفردية, مما يسهل قيادته او انصياعه للقادة بدون تساؤل او تشكيك, فالتساؤل مرتبط بملكة التفكير, وليس بالترديد الببغاوي لكلمات القادة مهما بلغت من فصاحة او بلاغة في البيان. فليس هنالك من وجود بدون تفكير, فرائد العلم الحديث رينيه ديكارت يقول "انا افكر فاذن انا موجود". هنا نلاحظ التلاقح بين شروط نفسية واجتماعية لتحقيق الاستقلال الفردي, فبدون توفر الشروط الاجتماعية, يصعب جدا للتطور النفسي أخذ مجراه في خلق الشخصية المستقلة. ولذلك يمكن القول ان الخطاب الاجتماعي-السياسي يحدد كيفية وعي الشخص لنفسه, او بكلمات اخرى فان الخطاب الاجتماعي السائد يحيل الجسم, كتركيبة بيولوجية, الى ما يشبه نص روائي يكتبه المجتمع. وهذه عملية تسمىTextualization of biology, وهي عملية مشابهة او مطابقة لما يقوله لاكان باننا لا نتكلم اللغة وانما اللغة تتكلم من خلالنا- اللغة تعني هنا مجموعة القيم والعادات والتقاليد والاشارات المحتواة في عقلنا الباطن. احيانا اخرى يطلق اسم البيولوجي الروائي narrative biology على العمليات البيولوجية, الماكرو او المايكرو منها, والمحكومة بالتركيبات اللغوية-السيميائية- الاجتماعية, وهو علم حديث التطور وشيق تماما (4,5).

ان "اللغة تتكلم من خلالنا" جسدها قول المسيح في فيلم (6), وكتاب يحمل نفس العنوان, الاغراء الاخير للمسيح The last Temptation of Christ, حيث يقول المسيح: "عندما افتح فمي لاتكلم, اجد الله يتكلم من خلالي". احد تعريفات الله انه الخطاب السائد او في طريقه ان يسود. لقد كان المسيح, حسب علمي, الشخص الوحيد في تاريخ البشرية الذي حمل اعباء الالوهية, اضافة الى حمله اعباء الحياة البشرية, ولذلك تعرض لوسوسة الاغراء في اختياره ما يين رغادة او بحبوحة الحياة البشرية وبين وجوده الألاهي وما اقتضى ذلك من صلبه وتحمله آلام تفوق طاقة البشر اجمعين .ولكن, كما يرينا الفلم لاحقا, فان تفضيل المسيح للحياة البشرية, كما قال له احد حواريه يوداس/ يهوذا الإسخريوطي, كان من فعل الشيطان (ظهر الشيطان للمسيح متقمصا جسد صبية جميلة وعذبة المظهر ادعت بانها ملاك الرحمة ارسلها ربه له لتوفر له الحياة العائلية التي حلم بها في لحظة تردد شيطانية). وبسماعه ما قاله يوداس, يقرر المسيح ان يتخلى عن حياة الدعة ويختار وجوده الازلي كإله. الكتاب, كما الفلم, اغضب العديد من المسيحيين, لكونه صور المسيح في حالة شك بشري لا تليق بإله- هذا علما اني اقتنيت في مكتبة في الفاتيكان كتابا حول علم النفس يبرر محتوى هذا الفلم, الذي اعتبره البعض فلما اباحيا(!), من ناحية اجتماعية تطورية.

مأزق الأختيار لدى المسيح بين ان يكون اما ربا او انسانا هو المأزق اللاواعي لكل انسان, فهو يعكس الشد بين مرحلة المرآة التي تجسد نرجسية الانسان الكاملة ورؤية نفسه ككائن متكامل, كإله او ما يقرب, من جهة, وبين السجل الرمزي Symbolic Stage اي خضوع الانسان لقانون اسم الاب (او ما يسمى عقدة اوديب بعرف فرويد) الذي بمقتضاه يقول الاب لطفله "لا", من جهة اخرى. وهذه ال "لا" تدشن فقدان الشخص, الجزئي طبعا, لنرجسيته بخضوعه للقانون, للعادات او المحرمات الاجتماعية. الاب, بقوله "لا", يحرِّم لطفله نكاح المحارم. وهذه ال "لا" لا يشترط ان ينطقها الاب الفعلي, وانما يمكن ان ينطقها من يقوم بوظيفة الاب او يتكلم باسمه كالعائلة او المجتمع, ولذلك يتكلم لاكان عن اسم الاب The name of the father وليس عن الاب الفعلي- المزيد من هذا لاحقا ايضا.

حسب والون, تشكل قدرة الطفل, في مرحلة المرآة, في التعرف على نفسه في المرآة عاملا اساسيا في تعرفه على نفسه وكذلك, في نفس الوقت, في تمييز نفسه عن صورته التي تعكسها المرآة. تشكل الصورة المنعكسة مأزقا للطفل, لانها مرتبطة حميميا باحساسه بنفسه من جهة, ولكونها خارج جسمه او نفسه من جهة اخرى.

يعتقد والون ان الطفل, في عمر3 اشهر الى ىسنة واحدة, ينتقل تدريجيا من شعور بعدم اهتمامه بصورته المنعكسة في المرآة الى شعور بتقبله لها وكونها منفصلة عنه نفسه. ان ما اخذه لاكان من علم النفس التجريبي هو اهمية الدور المرآتي في تكوين مفهوم النفس ووعي الشخص بنفسه. ولكن علم النفس التجريبي لم ينجح في تفسير لماذا تحظى الصورة بكل هذا الافتتان والنفوذ لدى الشخص, مما حمل هذا لاكان للجؤ الى علم الحيوان السلوكي للبحث عن اجوبة.

فمن المعروف ان كثيرا من الحيوانات الصغيرة والحشرات تستطيع تغيير لونها ليشابه او يطابق لون محيطها, كما ان بعضها يطور صفات او خصائص محددة بها لاعاقة تمييزها عن محيطها. يعزي التفسير التقليدي سلوك الحيوانات هذا الى رغبتها في حماية نفسها من الحيوانات المفترسة. ولكن المعروف ايضا ان مثل هذا السلوك لا يوفر للحيوانات المعنية حماية اضافية, وان احتمال افتراسها هو نفسه للحيوانات الاخرى. اذن كيف نستطيع تفسير اسباب هذه الظاهرة؟

يعتقد روجر كايلويس( 8, 7) انه, خلافا للمعتقد الشائع, فان سبب سلوك الحيوانات لهذا السلوك هو رغبتها في تحقيق استيعاب او امتصاص نفسها assimilate في المحيط الخارجي. بكلمات اخرى فان هذه الحيوانات مفتونة بمحيطها الخارجي واسيرة له الى درجة فقدانها لنفسها فيه, مما يعني الغاء التمييز بين الحيوان ومحيطه.

استعار لاكان من كايلويس فكرة الخواص التي تتمتع بها الصورة من سحر وجاذبية, وقبل كل شيئ تشكيل انفسنا بموجب هذه الصورة. ان ابتكار لاكان لمرحلة المرآة يشكل ربطا للتمييز الظاهراتي بين الشخص واناه مع ادراك نفسي لدور الصور images وبناء النفس من خلال مفهوم فلسفي ديالكتيكي, وهذا ما ساعالجه في الحلقة القادمة.

المصادر
1-http://marxists.org/archive/wallon/works/1947/ch14.htm

2- Trevarthen, C. An appreciation of the interpersonal Psychology of Henri Wallon
1993 .Enfance, Vol. 46:1, pp. 43-46

3- http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=367766

4- Hays,Priya Venkatesan, Molecular Biology in Narrative Form-;- Berkeley Insights in Linguistics and Semiotics, 2013

5 - http://www.questia.com/library/1G1-15906139/textualizing-the-double-gendered-body-forms-of-the

6- http://www.youtube.com/watch?v=wPh1Wp-b8uU

7- http://www.inthemedievalmiddle.com/2008/07/roger-caillois-among-nonhumans.html

8-http://72.52.202.216/~fenderse/animals.htm



#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحلة المرآة لدى لاكان
- مدخل اولي الى لاكان
- الفوضى الخلاقة, والحقيقة التاريخية والروائية
- هل يمكن للأفراد تغيير التاريخ؟
- الرأسمالية الذهنية او المعرفية
- انتم متقاعدون ولكنكم ابدا لستم عاجزين
- قمع الاسلام السياسي للمرأة والجنس كنذير ومظهر لفاشيته
- حاجتنا الماسة الى بروليتاريا اكثر راديكالية
- نداء عاجل الى ابناء وبنات شعبنا العراقي الكرام
- وهم ثنائية الذاتية-الموضوعية في الفلسفة والعلم
- (عقدة) اوديب: مقتل الملك فيصل الثاني والشعائر الحسينية وجهان ...
- الداروينية الادبية: تلاقح الادب والعلم 1
- الماركسية والعلم والفن والنفس
- احمد شوقي: الثورة المصرية
- علم اعصاب اللاهوت Neurotheology والشعائر الدينية (الحسينية)
- النبي محمد: تحالف اصابتة بال Dyslexia وحنينه العارم الى والد ...
- الله وعبد الله او بالعكس
- غريزة الموت والفكر الابوي
- الماركسية في خدمة غريزة الحياة او غريزة الموت
- الجنس (الذكورة/ الانوثة) ونشوء الهوية الجنسية (2)


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال الربيعي - مرحلة المرآة وعلم النفس التجريبي والايثولوجي