علي مقدّم
الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 12:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تمييع الأفكار وخلطها، ميزة ليبيرالية بإمتياز. تتجلى هذه الخاصية في عدة مواقف سياسية حيث يتم وضع الجميع في نفس الخانة، بذلك يصبح من السهل إطلاق صفات شمولية، إعتقاداً من مُطلق هذه المقاربات البهلوانية أنه يعلن إستقلاليته عن السائد وتناقضاته. من دون أي إطالة نظرية، سأتناول بعض الأمثلة الرائجة وسأحاول الرد عليها لتوضيح عقم هذه المقاربات:
-“لا يختلف حزب الله عن الأحزاب الإسلامية المتطرفة الأخرى إن كانت سلفية أو إخوانية”: صحيح أن حزب الله حزب ديني ذو عقيدة طائفية، لكنه يختلف عن الأحزاب الأخرى نوعياً بالدور السياسي الذي يلعبه وخاصة في مقاومة إسرائيل. كل التحليلات الأخرى التي تسعى إلى تبرير هذه المعادلة ولا تأخذ بعين الإعتبار هذا العامل لا يعوّل عليها.
-“ الموضة الأوروبية في هذه الأثناء: اليسار الراديكالي لا يخلف عن اليمين الراديكالي فكلاهما يتبعان العنف كوسيلة”: صحيح، العنف موجود في قاموس الإثنين؛ لكن الأول، عنف تمارسه طبقة مُستَغَلة من خلال جماهيرها الذين أدركوا مصلحتهم الطبقية، كحل وحيد لتحصيل حقوقها والثاني عنف مبني على الكره العرقي أو الإثني أو الديني والذي تمارسه الجماهير عادة في خدمة الطبقة المُستغِلة.
- “الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع العنف ضد العنف لا حل إلا بالسلام”: نعم لا حل إلا بالسلام، لكن العنف الصهيوني لا يمكن وضعه في نفس خانة “العنف” الفلسطيني وفصائله (أو ما تبقى منها). كيف يمكن وضع المُستعمِر والمُستَعمَر في نفس الخانة؟ السلام ممكن فقط عندما تنتفي شروط الإحتلال والفاشية وإلا هذا يسمى عبث ليبيرالي لا غير.
- “نحن ضد الأيديولوجيات مهما كانت. كل الأيديولوجيات تتشابه، فهي تخلق الديكتاتوريات بجميع ألوانها وأصنامهما”: تتشابه الأيديولوجيات في كونها مجموعة أفكار تعبر عن الواقع بشكل متسق، ومن يرى أن الواقع لا يخضع إلى أي قانون وبالتالي الأفكار الناتجة لا يمكن أن تكون متماسكة، أي لا يمكن حصرها بأيديولوجيا محددة، هو في هذا يقع في تناقض بنيوي بين رؤيته الرافضة لعلم الأفكار والأدلجة وبين الطبيعة الأيديولوجية لرؤيته “المتسقة” هذه.
#علي_مقدّم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟