أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 6















المزيد.....

متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 6


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 15:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ملاحظة: هذه المقالة تُعتبر كتكملة للمقالات الخمسة السابقة تحت عنوان (متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 1 و 2 و 3 و 4 و 5)، ويجب أن تُقرأ المقالات السابقة كمقدمة أساسية وضرورية لهذه المقالة.


تطرقنا في المقالات السابقة إلى أمثلة تفصيلية مُقارَنة لكيفية لجوء كاتب إنجيل متّى إلى الاختراع والاقتباس والحياكة الإسطورية في قصة يسوع مدفوعاً بدوافع متعددة. وأشرنا أيضاً إلى حقيقة أن نص إنجيل متّى هو نص (غير بريئ) إطلاقاً، وأنه لا يحوي (تاريخ) وقعت أحداثه بالفعل، ولكنه يحتوي (ثيولوجيا عقائدية ذات حياكة أسطورية خيالية) مصادرها الأصلية المحيط الديني والثقافي اليهودي والأغريقي – الروماني مضافاً إليها خيال كاتب الإنجيل المدفوع بـ (التُقى الديني) الذي كان كما يبدو يجيز له هذا التزوير المتعمد للتاريخ. ولكن (عدم براءة) النص في إنجيل متّى لا ينتهي هنا عند تلك النقاط السابقة، ولكنه يستمر ضمن إطار متعمد وواعي لصالح (تشبيه) يسوع بأهم شخصية من شخصيات اليهود على الإطلاق، موسى. هذه التشبيهات كانت متعمدة ومقصودة من جانب كاتب إنجيل متّى لتلعب دوراً واضحاً في الوعي اليهودي بالتحديد لأنهم هم المقصودون وحدهم في إنجيل متّى دون غيرهم. هذه التشبيهات لن ينتبه لها غير اليهود لأنهم، وببساطة، لا يملكون الخلفية الدينية – الثقافية اليهودية التي تؤطر فهمهم للنص وغايته. وهذا هو بالضبط ما يُعاني منه المسيحييون اليوم عند قراءتهم للإنجيل في ترجماته المختلفة. إذ غياب الخلفية اليهودية من فضائهم الديني والثقافي يجعلهم غير واعين إطلاقاً لأهداف النص الحقيقية في إنجيل متّى وأنهم غير مشمولين في هذا الإنجيل على الإطلاق، ولا مكان لهم، وأن هذا (المسيح) هو ليس (مسيح الأمم) في هذا النص اليهودي [أنظر المقالات السابقة لأدلة متعددة فيما يخص هذه النقطة]. غير اليهود (الأمميين، الأغيار، الغوييم) لا يمثلون نقطة اهتمام في تعاليم يسوع من وجهة نظر كاتب إنجيل متّى، (هؤلاء الإثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً: إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة) [متى 10: 5-6] (ليس حسناً أن يُؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب) [متى 15: 26]، وبالتالي فصياغة هذا الإنجيل تتعمد أن تطرق الوعي الثقافي الديني اليهودي بصورة واضحة تارةً وخفية أحياناً أخرى. كاتب إنجيل متّى كان يقصد من ذلك أمرين اثنين، أولاهما هو تشبيه يسوع بأعظم أنبياء اليهود على الإطلاق، موسى، ولذلك، كما سوف نرى أدناه، فإن قصة يسوع في إنجيل متّى تحمل شبهاً اقتباسياً متعمداً ومتكلفاً وواضحاً من قصة موسى في التوراة. وثانياً، وهو أمر أثبتناه في المقالات السابقة، أن الاختراع القصصي والأسطوري الذي تولاه كاتب إنجيل متّى كان يقصد من ورائه إثبات أن يسوع هو المسيح اليهودي المنتظر بالتحديد وذلك باستخدام ما كان يفهمه أنها نبؤات في النص اليوناني للعهد القديم حتى وإن كان فهمه للنص خطأ جملة وتفصيلاً.

التشبيه الواعي لقصة يسوع من جانب كاتب إنجيل متّى بقصة موسى له سبب مباشر بالطبع، وهو يتعلق بالمناخ اليهودي الديني وتوقعاته بالتحديد. هذا السبب يتعلق بنص في سفر التثنية التوراتي، نبؤة يهودية في أسفار موسى ذاتها، حيث نرى إله اليهود (يهوه) يخاطب موسى بقوله (يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون (...) أقيم لهم نبياً من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به) [تثنية 18: 15 و 18]. فهو (مثل) موسى، على حسب حرفية النص التوراتي، فكان لابد لكاتب إنجيل متّى أن يبذل جهده في أن يجعل يسوع (مثل) موسى ولو في إطار قصة موسى العام وليس بالضرورة التفاصيل الدقيقة. وهذا ما فعله بالضبط وبكل (حرية) كاتب إنجيل متّى في تحويره واختراعه للقصص المتعلقة بيسوع. بل إنه ذهب إلى حد استخدام مصطلحات دون غيرها للتذكير بهذه (المثلية) مع موسى كما سوف نرى أدناه.

يبدأ كاتب إنجيل متّى إنجيله، على حسب الترجمة العربية للنص اليوناني، هكذا: (كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم) [متّى 1: 1]، أما الترجمات الغربية تترجم كلمة (كتاب ميلاد) لتعني (أجيال أو أنساب أو أجداد) (genealogy, ancestry, generation)، إلا أن هذه الترجمات لا تعكس لفظ الكلمة اليونانية (γ-;-ε-;-ν-;-έ-;-σ-;-ε-;-ω-;-ς-;-) الواردة في النص والتي إنْ طرقت أسماع اليهود الناطقين باليونانية فإنها سوف تُرجعهم إلى محيط ديني يهودي محدد، إلى (نص) يهودي مقدس مقصود دون غيره. الكلمة اليونانية التي تعمد كاتب إنجيل متّى أن يضعها (γ-;-ε-;-ν-;-έ-;-σ-;-ε-;-ω-;-ς-;-) في هذا النص تُلفظ (ghen -es-is) (جِنِسوس) وتعني حرفياً (البدء، الأصل)، وهو اسم السفر الأول في أسفار التوراة باللغة اليونانية، أول أسفار موسى الخمسة، (سفر التكوين)، أول أسفار (العهد القديم) كما يسميه المسيحيون اليوم. فالترجمة الحرفية للنص اليوناني هو (كتاب بدء يسوع)، والكلمة تعمدها كاتب إنجيل متّى حتى تُذكر جمهوره اليهودي بالتوراة وبشخصية موسى الذي أعطاهم تلك الأسفار الخمسة [انظر مجموعة محاضرات جامعة ييل الأمريكية المطبوعة في هذا الكتاب الممتاز: New Testament History and Literature, Dale Martin, pp. 93-107]. بعد هذا التذكير المتعمد وغير المباشر بأول أسفار التوراة، يُحاكي كاتب إنجيل متّى توراة موسى في استخدامه كلمة (وَلَدَ) [متّى 1: 2-16] عند كتابته لنسب يسوع كما هو في سفر التكوين (γ-;-ε-;-ν-;-έ-;-σ-;-ε-;-ω-;-ς-;-، ghen -es-is، جِنِسوس) (الأصحاح 5 و 10 مثلاً) في كتابات المواليد (ووَلَدَ). ولا يهم هنا التناقض المنطقي في أن كيف يُولد يسوع ولادة عذرية في نفس الوقت الذي يكون له نسب يُقال فيه (يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم)؟! إذ من وجهة نظر كاتب إنجيل متّى لابد لكل النبوءات اليهودية، أو ما يفهمها خطئاً في أغلب الأحيان من النص اليوناني في العهد القديم على أنها نبؤة، أن تتحقق في يسوع حتى وإن أدى ذلك إلى تناقض منطقي. وبعد هذا التذكير الابتدائي بموسى وبمصطلحات توراته باللغة اليونانية الذي لن ينتبه له غير اليهود الناطقين باليونانية، يأخذ كاتب إنجيل متّى الإطار العام لطفولة نبي اليهود الأشهر، موسى، ليحيك على منوالها الإطار العام لقصة ولادة وطفولة يسوع.

الإطار العام لقصة ولادة موسى في التوراة، سفر الخروج، يمكن تلخيصها هكذا: رجل وامرأة يلدان ابناً ويخبئانه [خروج 2: 3]، إذ ملك مصر كان يقتل الذكور من أبناء العبرانيين [خروج 1: 16 و 22]، وينجو هذا الطفل من القتل. إلا أن هذا الإطار العام هو ذاته قصة ولادة يسوع في إنجيل متّى، والذي لا نجده عند غيره، وهو هكذا: رجل وامرأة [الولادة العذرية له سبب بالطبع تطرقنا له في الجزء الأول من هذه السلسلة] يُولد لهما ابناً ويخبئانه [متى 2] لأن هيرودس الملك كان يقتل الذكور من أبناء اليهود (لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جداً، فأرسل و قتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم و في كل تخومها من ابن سنتين فما دون) [متى 2: 16]، وينجو هذا الطفل من القتل. وهذه التفاصيل لا نجدها إطلاقاً إلا في إنجيل متّى. ثم نرى موسى يترعرع في مصر، ونرى أيضاً يسوع يقضي بعض طفولته في مصر (فقام [أي يوسف زوج مريم أم يسوع] وأخذ الصبي وأمه ليلاً وانصرف إلى مصر) [متى 2: 14]. ثم الأهم، يخرج موسى من مصر لأجل خلاص شعبه [خروج 12: 37 و 51]، وفي إنجيل متّى وحده من دون الأناجيل الباقية يخرج يسوع من مصر [متى 2: 19-21] لأن، حسب فهم كاتب إنجيل متّى، هناك نبوءة تقول (لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: من مصر دعوت ابني) [متى 2: 15]. إلا أن هذا الاقتباس هو من سفر هوشع [11: 1]، وهي تتكلم عن موسى بالتحديد، وهي ليست نبوءة إطلاقاً كما فهمها كاتب إنجيل متّى. ومن مراجعة سريعة لسفر هوشع، الإصحاح 11، سوف نجد أن السياق، وبكل وضوح، يتكلم عن موسى وعن شعبه ولا علاقة له إطلاقاً، لا من قريب ولا من بعيد، بأية نبوءة، إلا أن سوء الفهم لدى كاتب إنجيل متّى من خلال قراءته لنسخته اليونانية من العهد القديم اضطرته لاختراع قصة الهروب لمصر ومن ثم العودة منها، تماماً كموسى، وتماماً كما أن سوء فهمه للنص اليوناني اضطرته لاختراع قصة الولادة العذرية.

قبل إكمال نقاط التشابه بين قصة موسى، نبي اليهود الأشهر، وبين قصة يسوع كما هي في إنجيل متّى، لابد لنا من العودة إلى جزئية تطرقنا لها مراراً في المقالات السابقة، وهي هوس كاتب إنجيل متّى بإثبات كل ما يفهمه أنها نبوءة في كتب اليهود المقدسة على أنها تنطبق على شخص مسيحه، يسوع. ففي هذا الصدد يذكر كاتب إنجيل متّى أنه عند عودة يسوع مع أمه مريم وأبيه يوسف من مصر سكنوا الناصرة بالتحديد، والسبب عنده هكذا: (وأتى [أي يوسف وعائلته بالإضافة إلى يسوع] وسكن في مدينة يُقال لها ناصرة، لكي يتم ما قيل بالأنبياء: إنه سيدعى ناصرياً) [متى 2: 23]. والحقيقة هي أنه لا يوجد إطلاقاً في أياً من الكتب اليهودية المقدسة (كل نصوص العهد القديم بالإضافة إلى التراث الشفوي اليهودي)، ولا في الفلوكلور اليهودي في ذلك الزمان، ولا في الأساطير الشعبية الدينية التي كانت دارجة في ذلك الوقت، هذا النص. هذا النص (لكي يتم ما قيل بالأنبياء: إنه سيدعى ناصرياً)، الذي نسبه صراحة للأنبياء اليهود، هو من اختراع كاتب إنجيل متّى حتى يبرر الكنية التي كان يُعرف بها يسوع، أي "الناصري"، أي بعيداً كل البعد عن بيت لحم التي ادعاها لولادته. هذا الهوس الديني عند كاتب إنجيل متّى وصل إلى حد (تزوير واختراع النصوص المقدسة) ونسبتها إلى اليهود، وكل ذلك في سبيل إثبات أحقية (مسيحه). فكما أشرنا في المقالة السابقة، فإن إنجيل متّى يُمثل أولى محاولات التزوير والاختراع المسيحية المبكرة في النصوص الخاصة بيسوع والتي نملك عليها أدلة واضحة ومباشرة وغير قابلة للنقض، ومن حُسن الحظ أن هذا الإنجيل قد دخل إلى مجموعة الكتب المقدسة المسيحية ووصل إلينا محافظاً على الدليل لهذا (التزوير المقدس) الذي مُورس منذ زمن مبكر في حياة المسيحية.

يستمر تعمد تشبيه يسوع بموسى، في الإطار العام لقصيتهما، في إنجيل متّى. ففي بدايات يسوع، بعد تعميده من يوحنا المعمدان، يذهب يسوع إلى البرية ليصوم أربعين يوماً [متى 4: 2]، وهذا مشابه تماماً لِما فعله موسى في جبل سيناء (وكان [أي موسى] هناك عند الرب أربعين نهاراً وأربعين ليلة لم ياكل خبزاً ولم يشرب ماء) [خروج 34: 28]، وهو أيضاً مشابه لما فعله ثاني أعظم نبي عند اليهود بعد موسى، إيليا، وذلك بعد أكله من يد الملاك [الملوك الأول 19: 8]. وعندما أتى الشيطان ليسوع حتى يجربه، أجابه يسوع بثلاث إجابات كلها، ومن دون اسثناء، من كتب موسى التي أعطاها لشعبه. فيسوع هنا لم يكن المتكلم في قصة تجريب الشيطان له، ولكن المتكلم كان موسى. فيسوع عندما قال للشيطان (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله) [متى 4: 4] كان ذلك اقتباس حرفي من سفر التثنية [8: 3]، أحد كتب موسى الخمسة، وعندما قال يسوع للشيطان (لا تجرب الرب إلهك) [متى 4: 7]، كان ذلك أيضاً اقتباس من سفر التثنية [6: 16]، وأيضاً مقولة يسوع للشيطان (للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد) [متى 4: 10] هو اقتباس من سفر التثنية [6: 13].

كاتب إنجيل متّى كان ينقل حرفياً من نسخة من إنجيل مرقس، إلا أنه كان يحوّر في تفاصيل القصة عند الحاجة. هذا التحوير والتغيير هو الذي كشف لنا الكثير من الأهداف الحقيقية لكتبة الأناجيل ومنهم كاتب إنجيل متّى. فعندما نقل إنجيل مرقس قصة تغيّر هيئة يسوع (صارت ثيابه تلمع بيضاء) [مرقس 9: 3] وظهر له إيليا وموسى وتحدثا معه [مرقس 9: 4]، إلا أنه عندما نقل كاتب إنجيل متّى هذه القصة من إنجيل مرقس أضاف لها هذه الزيادة عن وجه يسوع (وأضاء وجهه كالشمس) [متى 17: 2]. هذه الزيادة قد تبدو (بريئة) للقارئ العادي، وتبدو وكأنها أتت من رجل متحمس جداً إما لمسيحه أو لإلهه فبالغ قليلاً في الوصف. إلا أن الحقيقة هي أبعد ما تكون عن ذلك. هذه الزيادة وهذا التشبيه ها متعمدان وواعيان ومقصودان، والغرض هو تشبيه يسوع بموسى عند نزوله من الجبل بعد مقابلته للرب في جبل سيناء: (لما نزل موسى من جبل سيناء ولوحا الشهادة في يد موسى عند نزوله من الجبل ان موسى لم يعلم ان جلد وجهه صار يلمع في كلامه معه. فنظر هرون وجميع بني اسرائيل موسى واذا جلد وجهه يلمع) [خروج 34: 29-30]. يجب أن تتذكر دائماً أن (نص) إنجيل متّى (غير بريئ) إطلاقاً عند قرائتك له.

أغلب المسيحيين من العامة لا يعرفون إطلاقاً أن إنجيل متّى يحتوي على خمس خُطب بالتحديد ليسوع، على عكس باقي الأناجيل التي نجد مواعظه متفرقة ومتناثرة في مواضع ومناسبات عدة. وأن موعظة يسوع الشهيرة (موعظة الجبل) في إنجيل متّى [متى 5: 1 – 7: 27] هي في إنجيل لوقا، ولكن نجد يسوع ينزل فيها من الجبل ويقف على (موضع سهل) [لوقا 6: 17]. لماذا إذن عند إنجيل متّى وحده تكون موعظة يسوع على (جبل) بالتحديد، ولماذا خطبه هي عنده خمس بالتحديد؟

الإجابة في الحقيقة بسيطة ومباشرة، وتتعلق أيضاً بهذا التشبيه الواعي المقصود بموسى. فكما موسى أعطه شعبه شريعته على (جبل) كان لابد ليسوع كذلك أن يعطي شريعته من على جبل، فجعله كاتب إنجيل متّى يقف على (جبل) ليُلقي موعظته، على عكس كاتب إنجيل لوقا الذي لم يكن يهتم بهذه الجزئية إطلاقاً فجعل يسوع يقف على (سهل) بدلاً من الجبل. أما خطب (مواعظ) يسوع الخمس في إنجيل متّى فهي هذه:

1- موعظة الجبل [متى 5: 1 – 7: 27].
2- تفصيل مهام الدعوة [متى 10: 5-42].
3- أمثال الملكوت [متى 13: 1-52].
4- مهام الكنيسة [متى 18: 1-35].
5- موعظة الفريسيين وجبل الزيتون [متى 23: 1 – 25: 46].

والسبب في هذا العدد بالتحديد عند كاتب إنجيل متّى، وبكل بساطة، لأنه كان يريد أن يحاكي عدد أسفار التوارة، أسفار موسى، أي خمسة بالتحديد [لجميع الملاحظات السابقة ولدراسة مسهبة انظرعن هذه النقطة: New Testament History and Literature, Dale Martin, pp. 93-107]. ففي الحقيقة، فإن كاتب إنجيل متّى تتبع مواعظ يسوع وجمعها في خمس خطب بالتحديد، وهذا يُلقي بدوره ظلال الشك على (الواقعة) ذاتها التي كان بطلها يسوع وقصّها لنا كاتب إنجيل متّى. فلا وجود حقيقي لـ (تاريخ) في نصوص إنجيل متّى، ولا حتى في غيره من الأناجيل، وإنما (أسطرة) متعمدة لشخص مقتول اسمه (يسوع).

ولا يزال هناك الكثير مما يقال ضمن إطار التشابه بين قصتي موسى ويسوع في إنجيل متى بالتحديد، إلا أن ما أشرنا له أعلاه يكفي لإثبات تلك الجزئية.


.... يتبع في المقالة القادمة



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 5
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 4
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 3
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 2
- متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس - 1
- مشكلة نقد النصوص المقدسة
- مشكلة الآخر المختلف في الإسلام
- مصطلح الثوابت الإسلامية
- يسوع والمسيحية والمرأة – 2
- يسوع والمسيحية والمرأة - 1
- من تاريخ التوحش المسيحي – 2
- من تاريخ التوحش المسيحي
- الازدواجية في الذهنية الدينية ... الموقف من نوال السعداوي
- في الاستعباد كنزعة إنسانية متأصلة
- الأحاديث الموضوعة كأداة لتصحيح التاريخ
- مشكلة الإيحاء الجنسي في إنجيل يوحنا
- صراع
- معارك الله
- مقالة في طقس الإفخارستيا – أكل الله
- رقص الجريح


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - متّى وإنجيله - نموذج في نقد النص المقدس – 6