أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرعي حسن أبازيد - السياسة بين الواقع والخيال














المزيد.....

السياسة بين الواقع والخيال


مرعي حسن أبازيد

الحوار المتمدن-العدد: 4099 - 2013 / 5 / 21 - 17:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تحتل السياسة حيزاً كبيراً من حياتنا المتغيرة بتغير الطقس، والملونة بجميع الألوان القاتمة، تصبح خبزنا اليومي مع الحصار الذي يفرضه علينا الصراع الدائر في منطقتنا اليتيمة، المحتاجة لوصي شرعي يدير شؤونها وما أكثر الأوصياء الذين يريدون فرض وصايتهم شرعياً أو بالقوة! هنا تظهر تفاصيل تختلط فيها الحقيقة مع التزييف، تضطرنا لدخول غرف المحادثة عبر برامج كمبيوترية مختلفة، أشهرها برنامج سكايب، تعج أحياناً بعشرات المشاركين في نقاشات حادة، تشعر أحياناً بالاختناق وكأنك فعلاً في غرفة ضيقة حقيقية وليست افتراضية، يقل فيها الهواء النقي وتكثر فيها الاتهامات وتشويه سمعة الوطني ومدح الانتهازي أحياناً، وكل ذلك هدفه استيضاح الحقيقة والتوصل إلى موقف صحيح.
من الملفت للنظر، أن المتناقشين في أكثر الأحيان، هم من اتجاه سياسي واحد أو من اتجاهات سياسية وفكرية قريبة من بعضها البعض. إذاً، مادام الأمر كذلك، لماذا تشتعل المعارك الكلامية عند أول نقاش بينما في الواقع هم أصدقاء وأحباب يقابلون بعضهم بكل حميمية في أي مكان يلتقون!! والأمر الآخر، هو عندما يلتقي هؤلاء مع خصومهم السياسيين في أي ندوة سياسية أو ملتقى، يبدي الخصوم موقفاً تجاههم وكأن الانسانية قد فارقتهم منذ زمن، إذ لم يتورع أي منهم من كيل الاتهامات حتى الشخصية والعائلية لهذه المجموعة من الشباب، وكأنهم أعداء الله والوطن وأعداء الثورة الذين لا يريدون لها الخير. يبدو في مثل هذه المعارك، أن كل شيئ مباح و جميع الأسلحة بما فيها اللا أخلاقية مصرح به. هنا تبدو بشاعة المسألة وفقدان الضمير و كشف الأقنعة واللعب على المواقف وكأن الحنكة السياسية هي بقدر ما يطلق الانسان من اتهامات لاذعة للطرف الآخر.
بعد فترة طويلة من التعاطي مع الأمور بهذا الشكل، شعرت بأنني أغوص في الرمال المتحركة للسياسة التي بدأت تبتلعني شيئاً فشيئاً بعد أن فقدت كل قواي المادية والروحية في غرف المحادثة، ولم يعد لدي ما أقوم به لتفادي الهلاك المحتم بعد أن أعددت نفسي لرسم صورة مشرقة للوطن.
يقول البعض، إن الوطن يستحق الكثير من التضحيات، ومن البديهي أن يرمي الانسان نفسه في غرف ترفع الضغط وتجعل سكر الدم في أعلى مستوياته!!! وهذا هو الثمن، وأن أي نجاح لا يكتمل إلا بشعور داخلي من السعادة يجعلك تسير بمشروعك لايصاله لأكبر عدد من أبناء الوطن كي تعرف جدية أفكارك وما مدى مصداقيتها وتطبيقها على أرض الواقع. وأن الانتصارات لا تشترى بكلمة حب حقيقية خارجة من القلب!! ولا يمكن أن تطرد الشعور بالغربة المتوغلة في أعماق الروح. كيف لي أن أرسم ابتسامة حزينة على وجهي في عالم شعاره تخوين الآخر، في عالم مشغول بتجارة الحروب، التي تستنزف أرواح ملايين الأبرياء، بينما الأدب مازال يسكن عالمه الخاص المفعم بالعواطف والأحاسيس الحالمة بولادة جسم جديد صغير، سيكبر عبر حالة من المدنية والديموقراطية المشتهاة!!! حاملاً الأمل الملون وحقيبة الوطن بهمومه الكبيرة، لينتهي إلى مساءات مليئة بالحب مختصرة مسافة الانتظار بهدوء لا يعرف الأحقاد الدفينة.
فالأدب عكس السياسة، لأنه يعيش هدنة منذ زمن مع الطغيان،،، يختصر أزماته وهزائمه للتخلص من الحزن عبر قصيدة أو قصة قصيرة أو رواية وربما خاطرة!!! يحاول فيها التصالح مع الذات في وقت تتصارع فيه السياسات على حلبات الواقع الأليم، تاركاً خلفه صحراء قاحلة تنمو فيها بعض الأشجار اليتيمة، لتغطي بشاعة المجتمع. في الواقع، يجب أن يعكس الأدب الحياتين السياسة و المجتمعية،،، كي ينتج أعمالاً تخلدها ذاكرة الأجيال التي أصبحت متعطشة لمثل هذا النوع من الأدب. لكن لم يستطع أدباؤنا انتاج هذا النوع من الأدب، لأن السياسة في بلداننا، ترى نفسها فوق كل هذا وذاك، و أهم بكثير من إنتاج عمل أدبي يوثق لحقبة زمنية بعينها.
مع ذلك، يبقى الأدب، ذلك الفضاء الواسع القادر في وقت من الأوقات على كبح جماح السياسة المنفلتة من عقالها في مجتمعات يسود فيها التسلط والتخلف والاستبداد، ليعيد إليها انسانيتها ويعيد صياغة المفاهيم الوجدانية والتعاملات المجتمعية.



#مرعي_حسن_أبازيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة حكومات أم أزمة ثقة
- مصير مجهول بعد عامين من الثورة
- سياسة روسيا في الشرق العربي في ظل الظروف الجديدة
- واقع اليسار العربي
- الإخوان أزمة تاريخية
- العالم الاسلامي على حافة هبوط سكاني


المزيد.....




- المحكمة العليا الروسية تزيل تصنيف “طالبان” كـ-جماعة إرهابية- ...
- ما ردود الفعل في إسرائيل على رفض “حماس” مقترح وقف إطلاق النا ...
- الخارجية الأمريكية توضح لـCNN مصير سفينة قمح متجهة إلى اليمن ...
- غارات ميناء رأس عيسى.. ماذا قالت أمريكا وجماعة الحوثي؟
- موتورولا تعود لعالم الحواسب اللوحية بجهاز منافس
- أطعمة تعزز صحة الأسنان
- لماذا يجب أن تتوقف عن ممارسة التمارين الرياضية مساء؟
- دراسة صادمة.. تغير المناخ قد يحرم الملايين من الدم المنقذ لل ...
- تطوير -راديو فضائي- للبحث عن أشكال خفيفة للمادة المظلمة
- الصين تجسّ نقطة ضعف الولايات المتحدة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرعي حسن أبازيد - السياسة بين الواقع والخيال