|
سيناء تطلب مزيداً من السيادة المصرية!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 21:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مرَّة أخرى (ولن تكون الأخيرة) تعود سيناء إلى تحدِّي الدولة المصرية أنْ تمارِس (أو أنْ تجرؤ على أنْ تمارِس) فيها سيادتها كاملةً غير منقوصة، وبما يُمكِّنها من حلِّ مشكلات هذا الجزء (الكبير والمهم) من إقليمها، والتي يعود جزء كبير منها إلى إسرائيل بانتقاصها السيادة المصرية (العسكرية على وجه الخصوص) في سيناء، وإلى عجز القاهرة عن فعل أيِّ شيء يُعْتَدُّ به لإرغام إسرائيل والولايات المتحدة على تعديل وتغيير "معاهدة السلام"، وسائر الاتفاقيات المتَّصِلة بها، بما يسمح لها بحلِّ تلك المشكلات، التي إنْ لم تُحلَّ، وظلَّت تتفاقم، قد تُصيب من الأمن القومي المصري مقتلاً. سيناء شاسعة واسعة، غنيةٌ بمواردها التي لم تُسْتَثْمَر وتُسْتَغلَّ بَعْد، وهي، نِسْبَةً إلى ذلك، تكاد أنْ تكون غير مأهولة؛ كما أنَّ موقعها الجغرافي يُكْسِبها من الأهمية الإستراتيجية ما ينبغي له أنْ يجعلها في بؤرة اهتمام المتوفِّرين على تعزيز الأمن القومي لمصر. حتى الآن (أو منذ اندلعت ثورة الخامس والعشرين من يناير) لم نَرَ من هذا الفراغ من سيادة مصر (ومن سيادتها العسكرية على وجه الخصوص) في هذا الجزء المهم من أراضيها إلاَّ ما يعود بالضَّرَر على الأمن القومي المصري؛ مع أنَّ لمصر مصلحة حقيقية، قومية وإستراتيجية، في أنْ تقيم الدليل لإسرائيل على أنَّ هذا الفراغ يمكن أنْ يعود بالضَّرَر، الأمن القومي الإسرائيلي أيضاً؛ فَلِمَ تتقاعس "مصر الجديدة"، التي ما زال "جديدها" دُون "قديمها"، قوَّةً وبأساً، عن التصرُّف بما يشدِّد لدى إسرائيل نفسها الحاجة إلى تعديل وتغيير المعاهدة والاتفاقيات مع مصر بما يقوي ويعزِّز سيادتها في هذا الجزء من أراضيها، وبما يجعل الدولة العبرية مضطَّرة إلى المفاضلة بين أهْوَن الشَّرَّيْن؟! سيناء تحتاج الآن، وأكثر من ذي قبل؛ لأنَّ مصر تحتاج الآن، وأكثر من ذي قبل، إلى مزيدٍ، ومزيدٍ، من السيادة العسكرية للدولة المصرية، والتي تعني، في المقام الأوَّل، إدخال مزيدٍ، ومزيدٍ، من الجنود والسلاح إلى شبه الجزيرة، وصولاً إلى الحدود مع إسرائيل. وتحتاج إلى التعمير، وإلى مزيدٍ من الاستثمار في بنيتها التحتية، واقتصادها، بما يسمح لها بامتصاص جزء كبير من "الفائض السكَّاني" في مصر، وجعلها، من ثمَّ، مأهولة، وذات كثافة سكَّانية تعلو في استمرار؛ فالأمن القومي لمصر وثيق الصِّلة بسيناء الجديدة هذه، والتي إنْ ظَهَرَت إلى الوجود، اختفى منها، حتماً، كل ما يتسبَّب بما نعاينه الآن من مخاطر على هذا الأمن؛ إنَّ أهل سيناء يجب أنْ يشعروا أنَّهم ومناطقهم جزء لا يتجزَّأ من مصر؛ فمن غير ذلك يشتدُّ لديهم، وينمو، كل مَيْلٍ إلى أنْ يتدبَّروا أمورهم، وينظِّموا عيشهم، بما ينال من قوَّة الأمن القومي لمصر؛ وإنَّ لأخطر شيء على الأمن القومي المصري، في هذا "الفراغ السيادي"، هو أنْ تتداخل، وتندمج، العشائرية والقبلية، في مجتمع سيناء، مع الجماعات الجهادية والسلفية، التي إنْ لم تكن متفرِّعة من "القاعدة"، فإنَّها تشبهها كثيراً؛ و"الدولة"، في مصر، لم تُعْطِ المجتمع في سيناء إلاَّ ما يجعله يَطْلْب مزيداً من العشائرية والقبلية والجهادية والسلفية. واستنتاجاً من كل ذلك، أقول إنَّ "معاهدة السلام"، وبما تضمَّنته من قيود كثيرة ثقيلة على سيادة مصر في سيناء، لم تُنْتِج، في آخر المطاف، إلاَّ ما شدَّد الحاجة إلى إلغائها بصفتها هذه، أيْ بصفتها قَيْداً قوياً شديداً على السيادة المصرية في هذا الجزء المهم من أرض مصر، ومَصْدَراً، من ثمَّ، لمخاطر كثيرة متكاثرة على الأمن القومي المصري؛ فهذه "المعاهدة"، خَلَقَت، في سيناء، واقِعاً، هو بنفسه خير دليل على أنَّها جديرة بالإلغاء. لقد رَفَعَت إسرائيل احتلالها العسكري عن سيناء، مانعةً الدولة المصرية من أنْ تملأ (بسيادتها وسلطتها وجيشها) جزءاً كبيراً من "الفراغ" الذي خَلَّفَه انسحابها، فملأته، من ثمَّ، قوىً، هي بطبعها وطبيعتها ضديد "الدولة"، منطقاً ووجوداً وسلطاناً. سيناء الآن، حيث يَظْهَر ما كَمَن فيها من مخاطر على الأمن القومي لمصر زمناً طويلاً، تتحدَّى الدولة المصرية أنْ تُعمِّرها، وتنمِّيها اقتصادياً واجتماعياً، وأنْ تبسط سيادتها عليها، وأنْ تقوِّي لدى أبنائها الشعور بأنَّهم جزء من كل؛ وفي هذا التحدِّي يكمن تَحَدٍّ إسرائيلي للدولة المصرية؛ فهذه الدولة لن يكون في مقدورها استجابة التحدِّي الأوَّل، أيْ تحدِّي سيناء وأبناءها، إذا لم تعد العدَّة لمواجهة التحدِّي الإسرائيلي؛ فالقيود الإسرائيلية على سيادة مصر في سيناء حان لها أنْ تُنْزَع من "المعاهدة" بتعديلها، وإلاَّ أصبح إلغاؤها خياراً. وإذا كانت سيادة مصر في سيناء تنتهي وتتلاشى وتنضب على تخوم قطاع غزة فإنَّ استعادتها، على ما أرى، يمكن ويجب أنْ تبدأ من البوَّابة المصرية لمعبر رفح؛ وهذا إنَّما يعني أنْ "يختلف" مرسي، وأنْ يُثْبِت أنَّه "مختلف"، من طريق "إغلاق الأنفاق جميعا"، و"فتح المعبر نهائياً"؛ فمعبر رفح يجب أنْ يُفْتَح نهائياً؛ ويجب فتحه بما لا يبقي من حاجة لدى أهل القطاع إلى الأنفاق.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما معنى أنْ ينجح -المؤتمر الدولي-؟
-
-نظام التصويت- الذي يؤسِّس لمجتمع ديمقراطي
-
فلسفة -الإرادة-
-
في فِقْهِ -الاستبداد الدِّيني-
-
لماذا أعلن كيري -الدليل القاطِع-؟
-
هذا -الرَّد الإستراتيجي- السوري!
-
الوزن الحقيقي ل -تَفاهُم كيري لافروف-
-
هل ثمَّة ما يُبرِّر خوفنا من الموت؟
-
لماذا يصر نتنياهو على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل على أنَّها
...
-
شبابنا إذا حُرِموا -نِعْمَة- العمل!
-
الظاهِر والمستتِر في الضربة الإسرائيلية
-
في الجواب عن سؤال -الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية-
-
-إنجاز- كيري!
-
طريقتنا البائسة في التفكير والفَهْم!
-
عيد -المحرومين في وطنهم-!
-
مهاتير يُحذِّرنا وينصحنا!
-
العراق على شفير الهاوية!
-
أُمَّة تحتضر!
-
عندما يتسَّلح العرب!
-
في -الحقيقة-.. مرَّة أخرى
المزيد.....
-
محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج
...
-
الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو
...
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|