أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوزيد مولود الغلى - الحسانية بين موقفين















المزيد.....

الحسانية بين موقفين


بوزيد مولود الغلى

الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 01:29
المحور: الادب والفن
    


1 - الحسانية لغة أم لهجة ؟
إن قلق السؤال حول تكييف أو تصنيف الحسانية لغةً أو لهجةَ ، قد جعل الاجابة العلمية المستندة الى نتائج بحوث لسْنية أكاديمية ضرورة ًلا مناص منها من أجل رفع الالتباس الذي دوّخ كثيرا من الناس ،خاصة وأن إجراء استبيان للرأي سيفضي لا محالة إلى ملاحظة الاختلاف البَيّن في الرأي بين من يعتبر الحسانية لهجة من اللهجات ، ومن يرتقي بها الى مراقي ومصافِّ اللغات .صحيح أن الأمازيغية قد مرت بمثل هذا الالتباس ، إذ لايخفى الاختلاف اللسني واللهجي بين لهجات تاشلحيت ، تامزيغت ، تاريفيت بالمغرب ، واختلافها بهذا القدر أو ذلك عن لهجات أو لغات الأمازيغ بمنطقة القبائل بالجزائر أو غيرها من مناطق وجود الأمازيغ بليبيا والنيجر وموريتانيا وهلم جرا ، ولكن الامازيغية اليوم قد قطعت أشواطا جبارة وكبيرة نحو إنتاج لغة أمازيغيةٍ ممَعيرة كما صنع علماء ورُواة العربية عندما راموا تدوين اللغة العربية ، فاعتمدوا الفصيح والافصح ، وطرحوا الشاذ من لهجات العرب أو نصّوا على كونه ليس الأقيس كما هو حال لغة " أكلوني البراغيث"التي سنلقي عليها لمحة سريعة في سياق موازنة أبنيتها النحوية مع المعهود من كلام حسّان أي الحسانية .
ثمة موقفان تمخضا عن محاولة تكييف الحسانية واعتبارها لغة أو لهجة :
الموقف الأول : موقف من يعتبِر الحسانية لغة قائمة بذاتها ، أَنتجت أو ُأنتج بواسطتها ٍ أدب وفكر وفقه وتراث ثرٌّ وشعر وفيرٌ ،ويبدو أن صاحب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط قد تبنى هذا الرأي حيث قال : " أهل اللغة المذكورة يسمونها كلام حسان ...وهي لغة، بعضُها - وهو القسم الأكثر - عربي ظاهر ،إلا أن تسكين المحرك كثيرٌ فيه ، وبعضُها لا تعرف له اشتقاقا ، وليس مأخوذا من اللغة البربرية لأنه لا يوجد فيها ، وتختلف هذه اللغة باختلاف لهجات أهل البلاد المتباعدة " .
وقد أدى النقاش الذي حمي وطيسُه قبيل التعديل الدستوري بالمغرب لفاتح يوليوز 2011 إلى بروز آراء أكاديمية تنحو منحى الدعوة إلى اعتبار الحسانية لغة وطنية سواء بسواء مع اللغة الأمازيغية قبيل كرأي د. عبد الغني أبو العزم .
وعلى فرض اعتبارها لغة مستقلة بأبنيتها الصرفية والنحوية والبلاغية وخصائصها اللسانية المائزة لها عن العربية الفصحى ، فإنه لا مجال لإنكار استمداد الحسانية الواضح واقتراضها الصريح من لغة العرب حروفا وألفاظا ومعاني وقطوفا شعرا ونثرا ، ومن وجوه ذلك :
*إقتراض الحروف : فالحسانية ثقافة شفهية لم تعرف طريقها إلى التدوين إلا في السنوات الأخيرة ، وعلى استحياء وابتلاءٍ بشُح وسائل التدوين و ارتفاع كلفة النشر ، فكم مات من الشعراء والفقهاء الحسانيين دون أن تدوّن قصائدهم أو تنشر أعمالهم حفظا لها من النسيان والانطماس والاندراس ، وكل ما تم تدوينه أو طبعه ليس سوى نُثار قليل معتمد على الجهود الفردية الزهيدة في غياب جهود مؤسسات علمية حقيقية ، ومن نافل القول الإشارة إلى ا لتوسل في التدوين بالحرف العربي ترسيخا وتأكيدا للوصْل بين هذه الثقافة المحلية والثقافة العربية الاسلامية ، خاصة وأنه لا أحد يزعم وجود حرف مستقل عن الحرف العربي . ولابأس من التذكير بأن الحسانية ليست هي الوحيدة التي اقترضت الحرف العربي و اتخذت منه وسيلة للتدوين ، إذ أضحى معلوما أن الفارسية والأردية استفادت من اعتماد الحرف العربي وسيلة للتدوين ، تكريسا لوظيفة حِفاظية تروم حفظ وتمتين علاقة الفرس بالحضارة العربية الاسلامية .
* اقتراض الكلمات : إن كثافة وجود الكلمات العربية في المعجم الحساني من قبيل : ناشف- العيوكَ أو نجم العيوق- الصّدْكَة أي الصدقة جانا أي جاءنا ....، جعل الظن راجحا بكون الحسانية ليست سوى لهجة متفرعة عن العربية ، ولكن حجم الاقتباس أو الاقتراض اللغوي لا تصنف على أساسه اللغة ، بل ثمة ضوابط ومقاييس يميز استنادا إليها بين اللغة واللهجة ، واقتراض لغة معينة من لغة أخرى عشرات الكلمات لا يسقط استقلالها بذاتها ، فقد اقترضت الاسبانية مثلا من العربية ما يقارب أربعة آلاف كلمة حسب بعض الباحثين من قبيل : la gazela- alquimia- azucar ، والاقتراض لا يفقد اللغة خصوصيتها واستقلال أبنيتها بقدر ما يثري قاموسها .
* اقتراض المعاني : عطفا على اقتراض بعض الكلمات ، عمدت الحسانية أيضا إلى اقتراض بعض المعاني من اللغة العربية كما في أدب الأمثال : " ألعكَ من طويس " ونظيره في العربية " أشأم من طويس " – أطلب من أشعب ونظيره عند العرب : أشره من أشعب .....
الموقف الثاني : يعتبر بعض الباحثين العارفين بالحسانية فصيحِها وغرِيبها أو شاذِّها أن الحسانية ليست سوى لهجة عربية ، بل يذهب الخليل النحوي إلى اعتبارها أقرب اللهجات إلى العربية الفصحى وأبعدَها عن الرطانة والعُجمة إذا تمّ استثناء بعض الألفاظ ذات الأصل الأمازيغي بها ، ويستشهد الخليل النحوي بالشاعر الملهم سدوم ولد انجرتو الملقب بامرئ القيس الشعر الحساني ، إذ كان يُغرب في عاميته – أي يأتي بغريب الألفاظ- ، فإذا استشكل الناس بعض كلامه التمسوا معناه في القاموس المحيط للفيروز أبادي . والشاهد في هذا المقام، أن غريب اللفظ الحساني تلتمس شواهده في المعاجم العربية الأصيلة كما يلتمس غريب اللفظ العربي وخشِنه في الشعر القديم .
أما صاحب " الشعر والشعراء في موريتانيا " فقد استدل على كون الحسانية لهجة من لهجات العرب بالشواهد الآتية :
* إثبات التثنية كما يثبتها النحاة ، ولو كانوا يلزمون الياء في المثنى ، فيقولون مثلا : كانوا راجلين بمعنى "قال رجلان" على لغة أكلوني البراغيث كما يقول النحاة ، وأنت تجد اللهجات العربية الأخرى تستخدم كلمة زائدة للتعبير عن المثنى – إثنين – زوج كما هو الشأن في اللغات الانجليزية والفرنسية وكذا الاسبانية .
* إثبات الإضافة دون استعمال كلمة زائدة ، فهم يقولون : " اجمل الراجل" بمعنى جمل الرجل ، بينما تقول في لهجات أخرى : " اجمل متاع الراجل " أو اجمل ديال الراجل ".
* وجود بعض أوزان الفعل المزيد التي لم تعد موجودة في جل اللهجات العربية مثل انغل وافتعل / انفتح ، اشتمل
* الاحتفاظ بجميع الحروف المعروفة في الفصحى ...، فلا تلتبس الحروف وإن تقاربت ( الثاء – السين- الذال – الزاي) ، ولو كانوا يقلبون الضاد ظاء ( ضاية / ظاية ) .
* سهولة فهمها في جميع الاقطار العربية" .
ورغم إقرارالموقفين السابقين بالتشابه الكبير بين العربية والحسّانية من حيثُ بعض الألفاظ والصيغ والأساليب ، فان الناظر لديوان بني حسان- أقصد الأدب الحساني- يدرك شساعة البَون والاختلاف بينهما ، إذ يصعب فهم الحسانية أحيانا على المشتغلين بالعربية المتقعرين في فهمها ، وما ذلك إلا دليلُ حاجة ماسّة لإخضاعها لدراسة لسانية تفض اشتباهها أو اشتباكها مع العربية .وهذه مهمة المعاهد والجامعات المتخصصة ، أما إلقاء الأحكام على عواهنها فلا يغير من الحقيقة – وإن تشابه أمرها على الناس– شيئا.



#بوزيد_مولود_الغلى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طريقك الى الشهرة: موقع كلب بريس


المزيد.....




- سفير روسيا في واشنطن: الثقافة يجب أن تصبح جسرا بين الدول
- شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين السوريين -لإنكارها الجرائ ...
- -لإنكار الجرائم الأسدية-.. نقابة الفنانين تشطب سلاف فواخرجي ...
- شطب قيد سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين في سوريا لـ-إصرارها ع ...
- بمناسبة مرور 50 عامًا على رحيلها.. بدء التحضيرات لمسرحية موس ...
- “بيان إلى سكان هذه الصحراء”جديد الكاتب الموريتاني المختار ال ...
- فيديو جديد من داخل منزل الممثل جين هاكمان بعد العثور على جثت ...
- نقابة الفنانين السورية تشطب قيد الفنانة سلاف فواخرجي
- قلعة القشلة.. معلم أثري يمني أصابته الغارات الأميركية
- سرقة -سينمائية- في لوس أنجلوس.. لصوص يحفرون نفقا ويستولون عل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوزيد مولود الغلى - الحسانية بين موقفين