أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سالم بخشي المندلاوي - لا تهملوا نملتكم النشيطة !














المزيد.....

لا تهملوا نملتكم النشيطة !


سالم بخشي المندلاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4038 - 2013 / 3 / 21 - 00:14
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كانت نملة نشيطة جداً ، حيث تسبق الجميع في نهوضها الصباحي المبكر ، و تظل تدبّ في أرجاء المنزل و تؤمّن حوائجه و تقضي مصالح جماعتها على مدار الساعة . و تستمر على هذا المنوال دون كلل أو ملل حتى ساعة متأخرة من الليل ، و كأن الراحة أو الاسترخاء أوالدعة، آخر ما يمكن أن تفكر فيه . و لو لا أن النوم سنة الخلائق في الكون ، لما نامت في حياتها لحظة واحدة .
كانت تعمل بإخلاص و بنكران للذات و بشعور نبيل و مرهف من أجل تسيير شؤون عائلتها . و لم تكن تشتكي أو تتململ أو تطالب بشيء،بل كانت تستقطع من حصتها في كثير من الأحيان و تجود به سعيدة لغيرها . لقد تعودت أن تفعل ذلك بصمت دون منة أو ضجة أوترويج ، كجندي مجهول !
كان جماعتها غافلين و لم يقدّروا عملها ، و لم يفكّروا يوماً أن يساعدوها ، و كأنهم تعوّدوا منها هذا العطاء و الإيثار دون مقابل . ونسوا في بعض الأحيان ... بل كانوا أغلب الأحيان لا يهتمون بمبادلتها شيء من العطاء و التضحية ، فظلت الأمور تسير على هذا المنوال حتى شائت الظروف أن تمرض هذه النملة في أحد الأيام مرضاً أستوجب ملازمتها للفراش ؛ لعدم قدرتها على النهوض و القيام بمهامها اليومية .
لم نستوعب الدرس و ندرك قيمة وجودها في حياتنا ، إلا في اليوم التالي لمرضها . حيث جلسنا صباحاً ليذهب كل منا في شأنه . لم نجد فطورنا الصباحي و قد تعوّدنا أن نجده جاهزاً مع الشاي الحار . علينا أن نعدّ فطورنا الصباحي من الآن فصاعداً ... ولكن ليس هذا اليوم لأننا سنتأخرنا كثيراً عن الدوام . يمكن أن أصبر أنا ولكن ماذا بشأن الأولاد !
أين جوّربي اللعين الآن ؟! لقد تعوّدت أن أجده نظيفاً مرتباً بالقرب من حذائي . لقد نسيت أن أغسله أو أجد له بديلاً نظيفاً البارحة كما كانت تفعل زوجتي قبل مرضها . سأذهب إلى العمل بجوارب الأمس و لكن ماذا بشأن الصغار ؟!
جذبتني إحدى الصغيرات تريد مني أن أسرّح لها شعرها ، و أختها تريد أن ألبسها صدريتها المدرسية ، و الثالثة ، تبكي وتريدني أن أحفّظ لها درسها،و أخرى تريد أن... هل كانت أمهم بالفعل تنجزلهم كل هذه الطلبات بمفردها ... أعانها الله إذن !
عندما عدت وقت الظهيرة ، كان عليّ أن أعد الغذاء للعائلة . أين المقدحة ؟ أين المقلاة ؟ أين الزيت ؟
لا أجد طبقاً نظيفاً ، يجب أن أغسل الصحون أولاً قبل كل شيء . طرق الباب ، فتحت وجدت أحد بناتي الصغيرات و قد عادت من مدرستها . عليها أن تصبر ؛ فلم أحضّر شيئاً للأكل لحد الآن . بعد لحظات عادت أختها فأخوها ... حتى عاد السادس و الأخير ، لم أنجزغسل الصحون بعد . حاول أحدهم مساعدتي لكن سرعان ما أنزلق صحن خزفي صيني من بين أصابعة فتهشم على أرضية المطبخ . أعرض عن مساعدتي بعد أن عنّفته . نشب شجار بين الأطفال . لم أتعود يوماً أن أنهي شجاراً ناشباً بين أولادي ، كنت أترك الأمر لأمهم أن تفعل . حاولت أن أفعل الآن لكنني لم أزد الطين إلا بله ! طرق الباب من جديد ... نشب شجار جديد ...أحدهم فتح التلفاز و قد رفع من صوته كأنه يريد أن يسمع الجار السابع ... نهرته زاعقاً . و عندما ذهبت لأفتح الباب ، انزلقت قدمي على أرضية المطبخ المبللة والتوى كاحلي ؛ أخذت ألعن الجميع و أصرخ متوعداً و قد أصابني النصب و الإرهاق ...
فجأة سكنت الأصوات و سكت الجميع و كف الصغار عن الشجار!
إنها نملتنا ... ما أن لمحناها حتى شعرنا بالطمأنينة و السكون . كانت قد نهضت من فراشها لنجدتنا و هي تتحرك بوهن متسائلة :
(( ألا تجيدون القيام بشيء دوني أيها البؤساء ؟! )) .
أحطنا بها جميعاً كالسوار مبتهجين فرحين و قد استوعبنا الدرس و كنا مدركين هذه المرة لقيمة وجودها في حياتنا ؛ فأخذنا نساعدها ما أستطعنا و نعمل سوية معها و تعاهدنا أن لا نتركها من جديد ، تعمل لوحدها . فتحية لها و لكل النملات الأخريات من الأمهات الحنونات اللائي يعملن على شاكلتها بصمت من أجل إسعاد الآخرين !



#سالم_بخشي_المندلاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- اخر تحديث إشارة:تردد قناة كراميش نايل سات لمتابعة احدث أفلام ...
- سجلي الآن..رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزا ...
- -هل تتزوجينني؟- طيار يبتكر طريقة مذهلة لطلب الزواج على ارتفا ...
- بعضها كان على رضّع.. محللة توضح لـCNN حجم فظائع العنف الجنسي ...
- المحكمة العليا بالمملكة المتحدة تؤيد التعريف -البيولوجي- للم ...
- في أوكرانيا يريدون إرسال جميع النساء إلى الخنادق
- المحكمة العليا في بريطانيا تدعم تعريف المرأة -البيولوجي-
- المحكمة العليا في بريطانيا تقضي بأن المرأة هي الأنثى بالولاد ...
- وزارة شئون المرأة الفلسطينية تنشر تقريرا يوثق العنف الممنهج ...
- بريطانيا: المحكمة العليا تقر التعريف القانوني للمرأة على أسا ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سالم بخشي المندلاوي - لا تهملوا نملتكم النشيطة !