|
أمطار الجحيم -27- رواية
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4028 - 2013 / 3 / 11 - 00:18
المحور:
الادب والفن
أمطار الجحيم-رواية -27- ***************** المهزومون أصلا لا ينافسهم أحد . لكنهم نافسوا عائلة فقيرة لاخراجها من مسكنها الآمن عنوة . بالقذائف والرصاص وجحافل رجال الشرطة . وها هم ينافسون الباعة في الأرصفة على قوت يومهم ، يطردونهم من الرصيف العام ، هو رصيف عام ، لكنهم يطردونهم منه . انه رصيف خاص اذن . يقولون انهم يريدون أن يصلحوا ما أفسده الصعاليك والحثالة والمشردون والمنبوذون . كل هذه الأوصاف يمتلكها من كتبوا لهم قبل أشهر ، "مارس حقك الوطني في اختيار مرشحك المناسب " ، "بادر الى المساهمة في بناء وطنك عبر ذهابك لصناديق الاقتراع " . انهم هم نفسهم الحثالة التي كانوا يدعونها الى ممارسة حقها الوطني ، والمساهمة في بناء الوطن . هل هذا الوطن ممتلئ فعلا بهذه الفئة من الشعب ؟ فلماذا يحكمونهم اذن ؟ لماذا يستنزفون رزقهم الذي يتعبون فيه ليل نهار بالضرائب المباشرة وغير المباشرة ؟ . والشعب ينعت هؤلاء الحكام بالمنبوذين واللصوص والمستعمرين الجدد ، فمن سيصدق الباحث عن الحقيقة ؟ . البحث عن الحقيقة هنا أشبه بالبحث عن وجهك في صفحة ماء البحر ، تراه ، لكن يستحيل أن تدعكه أو تلمسه ، لأنك لن تلمس ولن تدعك غير ماء البحر . وحين تحاول لمس وجهك المائي فانك ستفسد الصورة . استسلمت لقيظ الحر ، كان طبعا ألطف من قيظ الغازات السامة التي أمطرونا اياها في أحد أشهر احد شهور سنة 2012 . لا يهم بيع الخبز ولا عائدات المال ، لا يهم رواج بضاعة في وطن كاسد . من خلال تجربتي في التجارة ، بعدما جربت الادارة ، أدركت أن الحياة هنا يلزمها لكي تحافظ على انسانيتك وشخصيتك التي استطعت أن تبنيها من خلال صراعات حقيقية ووهمية ، عليك أن تراهن على الخسارة المطلقة ، كي تنفلت من قبضة الربح السريع . كل الذين سقطوا في شراك الربح السريع فشلوا في بناء حياة متوازنة . حين تقف مع احدهم سرعان ما ينهار ، ككوخ عتيق بني لتمضية ليلة واحدة في الخلاء العاري ، أو ككومة ثلج واجهت وهج نار ملتهبة . وحين فات الوقت اصطدموا بحقيقة الحياة التي أقفلت ابوابها في وجههم . ما أصعب أن تعيش خارج قلعة قناعاتك ، ما اصعب أن تحيا حياة زائفة ، ان تحيا كما يرغب الاخرون .وحين تبحث عن نفسك لا تجد غير مسخ انسان . لكن من هم الآخرون ؟ هم طبقة من المتحكمين في تشريد المجتمع ، والتحكم في تطوره ، في مستقبله ، في خيراته . وهم من أجل ذلك لا يعترفون بأي مبدأ . بل هم كما تعلموا عبر ايحاءات شيطانية ، عليهم أن يقهروا كل ميزة انسانية فيهم . فلا الوطنية تعنيهم ولا الدين ولا التجربة ولا العيش المشترك ، ولا أبناؤهم حتى . هي لعبة معقدة جدا ، يدخلونها عميانا ويخرجون منها أشد عماء . هؤلاء لا يحتاجون الى تجارب خاصة ومعقدة، يكفي أن تجعلهم ينمون في الصحراء والخلاء ، ثم تبدأ باغرائهم ببعض العشب وقطرات من الماء . جوع كلبك يتبعك . هو نفس اليوم الأول ، كان القذف في البداية ،كما كنت شاهدا عليه ، اطلاق يد السلطات اعتداء واهانة واستعبادا . لايهم أن يأخذ الضابط رشوته من بائع المخدرات وسط المقهى ، وعلى الجميع ان يتصنع عماءه ، رغم ان الجميع يشاهد هذه الفضيحة ، لكنه لا يستطيع أن يحتج أو يقدم شكوى . أو يتجادل بشأنها ، لأن المصير واضح ومعروف . تلفيق تهمة بعد حفلة قد تطول أياما من الضرب والاهانة والتعذيب . وحين يتقدم من يحدس في نفسه رجولة أوبطولة ما ، فانه يصبح هو المتهم . لا يهم ان يدهس مخازني أو شرطي او دركي ، ربطات القسبور والبقدنوس لامرأة مسنة هرمة ، يشتمها ويهينها لمجرد انه يلبس لباس السلطة ، حتى القائد خريج الجامعات المغربية كان وما يزال يفعل هذا . ما دمت في المغرب ،فلا تستغرب . نعم في هذه الأيام قيل أن متهمين ، وهما موظفين ،سربا وثيقة تثبت تقديم رشى يسمونها في عرف كبار الموظفين، علاوات بين الخازن العام للملكة ووزير المالية السابق ، وهي بعشرات الملايين طبعا . وعوض أن يسائلوا الموظفين الساميين ، اقتادوا الموظفين البسيطين الى السجن ولا يزالان منذ أشهر وراء قضبان السجن ، بينما المختلسين ، ناهبي المال العام ما يزالان يمارسان مهامهما . هل هناك قصف لانسانية الانسان أكثر من هذا القصف ؟ هل هناك سخرية بمواطنة المغاربة أكثر من هذه السخرية ؟ هل هناك عبث بخيرات الوطن أكثر من هذا العبث ؟ القصف لايكون بالضرورة بالقذائف والرصاص ، بل هو أشد فتكا بالمناصب والاستحكام في مصير الناس .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كان يمكن أن .....
-
من يحكم المغرب ..؟
-
المرأة في المجتمع العربي
-
أنت كل السنة
-
دعاة أم طغاة -1-
-
حبات المطر والأفكار -قصة قصيرة -
-
الديمقراطية العربية بين النظرية والواقع
-
العدالة الانتقالية وضرورة التجاوز
-
أمطار الجحيم -26- رواية
-
كلمة صادقة الى الشعب السوري الأبي-1-
-
أين المواطن ؟
-
هذا الوطن لنا
-
هوامش التفكير -1- محاولة لخلخلة المفاهيم الثابتة عن مركزيةال
...
-
للفراغ أن يخطو
-
في انتظار الشمس
-
أمطار الجحيم -25- رواية
-
أمطار الجحيم -24- رواية
-
حر أنا مني
-
تسفيه العمل السياسي بالمغرب
-
سامر العيساوي والقضية الفلسطينية
المزيد.....
-
-متحف البراءة-.. بوح باموق من الصفحات إلى أعين الزائرين
-
ترددات قنوات الكرتون .. تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على
...
-
اطلع على موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 165 مترجمة عبر ق
...
-
أغنية مصرية للأطفال تحقق مليار مشاهدة (فيديو)
-
أثارت جدلا.. ليلى عبد اللطيف تتوقع مصرع فنان وتورط ممثل عربي
...
-
إنزو باتشي: حرب إسرائيل هي تطهير عرقي، ونعيش مرحلة تاريخية م
...
-
الليبي سعد الفلاح يهزم البلجيكي ساجورا بالضربة الفنية القاضي
...
-
غارديان: هل كانت محاولة الانقلاب في بوليفيا مسرحية نظمها الر
...
-
مصر.. تفاعل ومطالبات بمحاسبة المسؤولين عن إقامة حفل ابنة مذي
...
-
شاومينج بيغشش.. تسريب امتحان اللغة الأجنبية الأولى ثانوية عا
...
المزيد.....
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
المزيد.....
|