أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - إن شعبا لا يُجيد الرقص لا يمكنه أن يُنجز ثورة














المزيد.....

إن شعبا لا يُجيد الرقص لا يمكنه أن يُنجز ثورة


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4022 - 2013 / 3 / 5 - 10:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أصل الحكاية ...يوم تشييع جنازة الشهيد شكرى بلعيد ... انطلق شابّ وشابّة فى الرقص بكلّ تلقائية وسط دخان القنابل المسيلة للدّموع فى شارع الحبيب بورقيبة: تحيّة إكبار وإجلال لروح الشهيد من جهة، واحتجاجا على التدخّل الأمنى، من جهة أخرى. وما إن صوّر صحفى فرنسى رقصة الشابّين وأذاعها على صفحات الفيسبوك وتويتر حتى انتبه الناس إلى أهميّة هذه الحركة الرمزيّة. أهى الحياة تحاور الموت؟ أهى إرادة الشباب فى التعبير عن خيبة أملهم فى ثورة أنجزوها وما أتت أكلها؟ أهو شكل تعبيرى جديد؟ أهى استراتيجية مبتكرة فى المقاومة؟ أهى رسالة موجّهة إلى كهول وشيوخ تربّعوا على عرش السلطة وما أصغوا إلى أصوات شبّان حلموا بغد أفضل فإذا بهم يهمّشون من جديد.

الرقصة الثانية أدّتها مجموعة من الشباب أمام مقهى شعبى على إيقاع الفنّ التونسى الشعبىّ موفّرين بذلك فرصة لعموم المارين علّهم يفرّجون عن الكرب. أمّا الرقصة الثالثة فإنّها اختلفت عن سابقتها باعتبار أنّها اتّخذت ساحة المؤسسة التعليمية فضاء لممارسة رقصة جماعيّة معولمة وهى رقصة «هارلم تشاك». كان بالإمكان أن تمرّ هذه الحادثة بسلام لولا تدخّل وزير التربية ليوجّه رسالة زجرية إلى المديرة والتلاميذ آمرا بفتح تحقيق فى الأمر ومتوعّدا باتّخاذ التدابير العاجلة لمواجهة التجاوزات الأخلاقيّة.

وهكذا تحوّلت الرقصة إلى خبر تناقلته مختلف وسائل الإعلام وعقدت حوله حوارات أدلى فيها السياسيون بدولهم فى الموضوع. فدافع البعض عن حقّ الشباب فى التعبير عن ذواتهم، وانتقد البعض الآخر الانحلال الأخلاقى والعبث بالهوية العربية الإسلامية. هل يعود الأمر إلى خروج شابّين بملابس داخلية ونصف عاريين؟ أم أنّ الأمر ذو وشائج بسخرية الشباب من حاكم قطر ومن وراءه، وبصاحبات العباءات السود...؟

لا مراء أنّ التعامل مع هذا الموضوع بأسلوب الزجر وبعقليّة تأديب صاحب السلطة لمن هم تحت إمرته قد تسبّب فى اندلاع سلسلة من الاحتجاجات فى صفوف التلاميذ والطلبة اتّخذوا فيها رقصة «هارلم تشاك» أسلوبا وحرّية التعبير شعارا. لقد أقام الوزير الدليل على قلّة اطلاعه على خصوصيات الثقافة المعاصرة المخترقة للحدود ،وأثبت أيضا أنّه يتعامل مع شباب الثورة بآليات قديمة فى الفهم والإدارة . وأنّى لوزير التربية فى حكومة تغتصب فيها حقوق الأطفال وتتجاوز فيها قوانين التربية أن يقدّر التحولات الطارئة على المجتمع التونسى والتغييرات الحاصلة فى البنى النفسيّة والذهنية؟

إنّ تحوّل عدد من المؤسسات التعليميّة إلى فضاء لممارسة العنف بين الجمهور المتمسّك بحقّه فى الرقص من جهة، والشباب المنتسب إلى حزب النهضة أو التيارات السلفيّة المصرّ على «النهى عن المنكر بالقوّة»، من جهة أخرى، مُخبر عن تباين بين مشروعين مجتمعين لتونس ما بعد الثورة. فمنذ السنة الفارطة أضحت المؤسسات التعليميّة فضاء لمسرحة النشاط السياسيّ، وإبراز تمظهرات الأيديولجيات الجديدة : سيوف وقضبان ورموز دينيّة ورايات وأعلام سوداء... ، وإقامة للصلوات فى ساعات الدرس وترتيل للقرآن، ورفع الآذان وغيرها من الممارسات التى تقيم الدليل على مدى حاجة هذه الجماعات إلى انتزاع الاعتراف الجماعيّ قسرا لاسيما وأنّ أغلب التونسيين يقابلون هذه المشهدية الركحية بعبارة القذافى الشهيرة: من أنتم؟.

ويتّضح من وراء تمسّك فئات من الشباب الحضرى برقصة «هارلم تشاك» أنّ ثقافة الموت ومديح الكراهية المتسلّلة إلى المؤسسات التعليميّة عبر عذاب القبر، وفضل الجهاد فى سوريا ومناقب الشهداء، وثواب تحجيب الصغيرات... صارت تواجه برقصة الحياة والإشادة بمتعة الفنّون والإبداع التى بات ينظر إليها وفق ثنائية الحلال والحرام. ولا يخفى أنّ الرهان الحاضر هو معركة العلم والمعرفة فى مقابل مأسسة الجهل.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلس حكماء.. غيّبوا فيه النساء
- دولة مدنية .. بشرطة سلفية
- حراك داخل المؤسسة الأمنية
- ثوابت الإسلام أم ثبات المواقف؟
- ربيع الثورات.. ربيع جنسى
- هل نحن فى تونس أم فى «تونستان»؟
- النسوية الإسلامية: حركة نسوية جديدة أم استراتيجيا نسائية لني ...
- استفزاز
- بشرى لرجال بلادي بإرخاء اللحى
- إن كان العهرفي شرعكم هو هذا ...فأنا عاهرة
- لا خوف بعد اليوم
- النساء والثورات والعنف
- التونسيات وبناء المسار الانتقالي نحو الديمقراطية
- بئس الراب / Rap music إن تحوّل إلى مديح للكراهية
- د.آمال قرامي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الفتاوى ...
- استرجل...أصل الرجولة مش سهلة
- كتابة الهجرة السرّية من منظور نسائي
- أن تكوني ناشطة حقوقية مستقّلة في مجال حقوق الإنسان للمرأة
- غزة والرابح الأكبر
- النساء بين عنف النصوص وعنف التأويل


المزيد.....




- مصر: الداخلية تكشف حقيقة فيديو لتوقيع طالب وطالبة على ورقة ز ...
- أمريكي يحاول اختطاف طائرة في بليز
- غضب في الجبل الأسود بسبب صفقة مع شركة إماراتية لاستئجار أحد ...
- -لم تعد بلاد الحرية-...خوف الطلاب الأجانب في الجامعات الأمري ...
- أمل جديد لمرضى باركنسون: خلايا جذعية تعيد الأمل في العلاج
- ماكرون يعلن عن محادثات بشأن أوكرانيا الأسبوع المقبل في لندن ...
- مشاهد مروعة.. جثث أطفال متفحمة بقصف إسرائيلي على منزل في بني ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف فلسطيني بحوزته أسلحة في مدينة صيدا ...
- أمطار غزيرة تسبب فيضانات عارمة شمال إيطاليا (فيديو)
- كوريا الجنوبية تناور على حدود جارتها الشمالية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - إن شعبا لا يُجيد الرقص لا يمكنه أن يُنجز ثورة