أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - دولة الشراكة أم دولة المشترك














المزيد.....

دولة الشراكة أم دولة المشترك


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4002 - 2013 / 2 / 13 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في قاموسنا السياسي ثمة مفردات كانت تراكمت أخيرا. وقد جاء إستعمالها أما عن قصد مستند إلى وعي حقيقي بمعانيها, أو عن تلقٍ رتيب لا يقف أمام المعنى الحقيقي لها, ولا يدرك عمق ترابطها مع أفكار ونظريات أدت إلى ما نشهده من تراجعات وإنهيارات وتمزقات في بنية الشعب مهيأة الإنسان العراقي إلى القبول بالتقسيم, بعد ان صارت ثقافة هذا التقسيم هي السائدة عبر أفكارها ومفرداتها.
ومن ضمن هذه المفردات هي (الشراكة) إضافة إلى أخرى سبق لي وإن عرجت عليها في مقالتي الأخيرة مثل (الأقليات) و(المكونات) و(الكوتات) التي لو لم يجري إستيعابها بوعي وحذر فسوف ننتهي إلى قيام وإنتشار ثقافة من شأنها ان تغرس في ذهن المتلقي صورا من الصعوبة بمكان محو تداعياتها المضرة.
ثمة من يؤكد لنا على ان مفردات كهذه قد جاءت كنتاج لتطور الفكر الإنساني الذي يحاول أن يقدم حلولا متحضرة لمشكلة الأقليات وذلك بعد أن عملت الأنظمة الدكتاتورية على تعويم حقوق الأفراد والأقليات لصالح القومية الأكبر.. ! ونجد أن ذلك ليس صحيحا تماما, فالدكتاتوريات هي أنظمة متسلطة على الجميع ولا تعمل إلا لمصلحتها الخاصة, فإن هي أظهرت ميلا إلى قومية أو مذهبا بعينه فسيكون هذا الميل قد وضع في خدمتها لا في خدمة قوميتها .
غير أن نغمة كهذه قد يكون بإمكانها أن تشيع الطرب لوهلة, اما بعد ذلك فسيكتشف الكثيرون, وخاصة من أولئك الذين ظنوا أن النغمة قد عُزفت من أجلهم, إن الأمر لا يخلو من كيد, وإن مفردة كالمكونات, إذا ما فعلت سياسيا وتظيميا, فإنها ستسلب منهم حقوق المواطنة المتساوية وتحيلهم إلى مواطنيين بمستويات أدنى. وربما سيعتقد البعض منهم بعد ذلك إن العودة إلى زمن الدكتاتورية التي تساوي بين الجميع في القهر والظلم هو أفضل من العيش في ظل نظام سياسي يجعلهم مجرد أقلية لا حقوق لها إلا بما يتناسب مع عددها وبما يحكم عليها بالتالي أن تبقى إلى الأبد رهينة لنظام تتقاطع مفاهيمه مع مفهوم المواطنة الحقيقي والفرص المتكافئة .
لقد جعلتنا الدكتاتوريات المقيتة مهيئين للقبول بتلك الحلول كجزء من واجهة حل شامل لمشاكلنا الكبيرة, ساعدها على ذلك تراكم إشكالات متعددة في المقدمة منها الصراع والقتال مع الأخوة الأكراد, وذهاب أحزاب وتشكيلات معينة لخلق قضية إسمها القضية الشيعية وتقديم حلول لها من خارج منظومة الحل الوطني العام, وما جرى لفئات أو قوميات معينة من العراقيين كالأكراد الفيلية الذين شملهم قرار التسفير والإبعاد الجائرعن وطنهم العراق نتيجة لإرهاصات الحرب العراقية الإيرانية, ونتيجة للسياسات الصدامية القمعية والميالة إلى حلول القوة تلك التي تكمن في عرض الأكتاف لا في ثقل العقل, إضافة إلى ثقافة عنصرية موروثة تقوم على إستصغار أصحاب الديانات من غير المسلمين, كالأخوة المسيحيين وخاصة المنحدرين من تلكيف.
إن ثقافة (المكونات) ونظرية ( الشراكة), وتوزيع الحقوق السياسية على الشعب العراقي وفق حجوم قومياته ومذاهبه وأجناسه نقلتنا من حالة ضياع الحقوق داخل وطن إلى حالة ضياع هذا الوطن نفسه, فصرنا لا من حقوقنا ولا من وطننا, وذلك بعد تفكيكه بطريقة رياضية وحسابية بحتة إلى مذاهب وقوميات واديان وأجناس, ثم توزيعه على ممثليهم بما يتناسب مع حجوم مكوناتهم العددية.
إن الشراكة ليست مفهوما لبناء وطن موحد بسبب أنها تشيع لأنواع من الإتفاقات بين مجموعات تعمل وتتكلم وتوقع بالنيابة وتتقاسم فيما بينها حصص الأرباح. والوطن بهذ المعنى سوف يتحول إلى شركة بمجلس إدارة يتكون من مجموعة من الممثلين الذين جاءوا إلى المجلس بـأصوات من يمثلونهم, قومية أو دين أو مذهب.
هؤلاء الذين يتآلفون على السطح ويوقعون بإسمنا ويتقاسمون بالتالي المواقع والأرباح لم يأتوا كممثلين للشعب العراقي وإنما هم أتوا كممثلين لقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم, وسيكونوا حريصين على أن تظل حالة التمزق المستندة إلى نظرية الشراكة والمكونات هي السائدة لأنها الطرق الأفضل والأسرع لحماية وجودهم في مجلس إدارة الشركة المساهمة التي أسموها العراق,.
حتى إذا ما تصادمت المصالح فإن هؤلاء هم أنفسهم من سيدعوا إلى فض الشراكة وذهاب كل مكون إلى حال سبيله, وسوف لن يجد هولاء من يردعهم لأن الشعب العراقي نفسه قد وجد نفسه من خلال مفهوم الشراكة لا من خلال مفهوم المشترك, وما عاد يملك القدرة على الحديث بصوت واحد أو يعمل بيد واحدة, وتحول بالتالي إلى مجموعة قطعان يتبع كل قطيع منها راعيه ويذهب معه إلى حيث يذهب.
والحل يجب ان يتأسس على النقيض من مفهوم الشراكة, أي على مفهوم المشترك, الذي يساوي بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو القومية أو المذهب, وتكون لأبنائه فرصا متساوية لا ترتبط بمفهوم العدد وإنما بمفهوم العدة, والذي يأتي أعضاء مجلس (إدارته) مستندين إلى مناهج وطنية عامة, ومن خلال قوانين إنتخابية تجعل كل واحد منهم ممثلا لعامة الشعب العراقي وليس لجنسه أو مذهبه حصرا. وإن كل ذلك لا يمكن إنجازه ما لم تتم إزالة مطب المفاهيم التي تشيع لمناهج الشراكة بدلا من مناهج المشترك وما لم يجري سياسيا وضع مفهوم المكونات في خدمة مفهوم الشعب الواحد.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان بإمكان أوباما أن يجلس في حضرة رجل أبيض.
- من سيذهب إلى الجحيم.. أكَلَة الخنزير أم أكَلَة الناس
- أزمة الدولة العراقية الوطنية مع الأحزاب الأيديولوجية
- حزب الدعوة.. بين رفاه النظرية وإمتحان الحكم
- لن تنجح العملية إذا مات المريض.. العراق وسوريا إنموذجين
- محبة الطائفة تشترط أن لا تكون طائفيا
- تجديد ولاية رئيس الوزراء لأكثر من مرتين.. ما الخطر
- ( 3 ) حزب الدعوة والدولة العراقية.. خصومة وحكومة.
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة ... ( 2 )
- حزب الدعوة والعراق ... خصومة وحكومة*
- صفقة موسكو.. عار حكومي بإمتياز
- الفقاعة القاتلة
- محاولة للقراءة في عقل المالكي... من أزمة كركوك إلى أزمة الأن ...
- أعداء سنة وشيعة ... هذا الوطن نبيعة
- النصر ببعضنا, لبعضنا, لا على بعضنا
- قضية العيساوي.. طائفية الفعل ورد الفعل
- كركوك.. الوطن والمدينة
- كركوك.. وطن في مدينة وليست مدينة في وطن
- الإستجواب.. خصلة حميدة أم مؤامرة خبيثة.
- الديمقراطية في العراق.. الفأر الذي ظن نفسه ديناصورا


المزيد.....




- سلطنة عُمان: مقتل 6 أشخاص و3 مسلحين خلال إطلاق النار في الوا ...
- السودان: هل يبدو المشهد متناقضا بين مؤتمرات السلام وحدة المع ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- ارتفاع حصيلة قتلى هجوم مسجد عمان إلى 6 بينهم شرطي
- عاجل| مراسل الجزيرة: 23 شهيدا وعشرات الجرحى بينهم نساء وأطفا ...
- 9 قتلى بهجوم -مجلس العزاء-.. تفاصيل جديدة عن الحادث الصادم ف ...
- روسيا.. تدمير 13 مسيرة فوق عدة مناطق
- بايدن يؤكد عزمه على مناظرة ترامب مجدداً -في سبتمبر-
- مصدر: انشقاق دبلوماسي كوري شمالي إلى كوريا الجنوبية
- اليوم 284.. قتلى وجرحى بقصف مناطق في القطاع ومقتل شاب بالضفة ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - دولة الشراكة أم دولة المشترك