فتاح زاخويي
الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 21:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العراق النهائي ام نهاية العراق
رد و تصحيح للاخ جواد البشيتي
فتاح زاخويي
أستغرب كثيرآ ، حين أقراْ ، بعد كل هذه التغييرات و الاحداث الكبيرة و الانفتاح الغير مسبوق ، ان أقرأ مقالات هي ليست الآ نثرآ مليئآ بشعارات براقة و لكنها فارغة ، و تصورات خيالية ليست لها علاقة بالواقع ، و اخر ما وقع تحت نظري من هذه النثريات ، مقالة ألاخ جواد البشيتي المعونة " تباشير فجر عراقي جديد " في موقع الحوار المتمدن ، في الوقت الذي يعيش العراق فيه احلك ايامه أو لنقل أيام حالكة ، فهذه المقالة مليئة بشعارات بالية و تصورات غير واقعية ، منها على سبيل المثال لا الحصر ، " الانفجار الشعبي العراقي العظيم " في وصفه للمظاهرات الشعبية في المناطق السنية من العراق ، و " الانبار ، هي الآن ستدخل التاريخ بصفة كونها مسقط رأس العراق الجديد القومي العربي الديمقراطي العظيم " ، بينما الصورة من وجهة نظري و بدون أي عظمة ، فأن الانبار مرشحة لدخول التاريخ باعتبارها خطت الخطوة الاولى في عملية التقسيم الفعلي لدولة العراق ، سواء كانت تدري أو من حيث لا تدري ، أما وصف " العظيم " و المستخدم بكثرة و سخاء ، فقد ذكرني بأسم ليبيا في العهد البائد ، و لمن لا يتذكر فهو – الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى – و اللبيب من الاشارة يفهم ، و بعد الكثير من هذه الجمل السرطانية ، يجزم الكاتب بأن " الشعب العراقي هو القوة الثالثة " ، و في الواقع ، ان الشعوب التي تعيش داخل الحدود السياسية لدولة العراق ، هي ثلاث قوى ، القوى العربية الشيعية و القوى العربية السنية و القوى الكوردية ، بالاضافة الى اديان و قوميات اخرى ، و هناك الكثير من هذه الجمل في مقالة قصيرة لها بيت قصيد في اخر فقرة لها و سأعرج على ذلك البيت ، ايضآ في الفقرة الاخيرة من هذا الرد .
السؤال هنا ، هل ستحل مشاكل العراق ، بتسطير هذه الشعارات و غيرها من الشعارات الرنانة و التي لا تغن عن جوع ، دون النظر الى الوقع الفعلي و الحياتي في العراق ، هذا العراق الذي لم ينعم بالاستقرار و لم تكن هناك فواصل زمنية طويلة بين حروبه الداخلية و الخارجية ، منذ التأسيس و الى يومنا هذا ، و هل سيبقى المواطن العراقي أي كان اصله و فصله ، الضحية أو مشروع الضحية الدائم ، لهذه الشعارات ، و لتوجهات ساسة ضيقي الافق وسياسات مبنية على هذه الشعارات العاطفية و البعيدة عن العقل و النطق .
أذن أين الحل ؟
بالتأكيد انا لااستطيع ان أسطر مجموعة من الشعارات الرنانة و تسويقها على اعتبار انها الحل الامثل ، بالرغم من ان ليس هناك اسهل من هذا ،كما يفعل الكاتب البشيتي ، و يؤكد جازمآ بأن هذه الشعارات " ليس من المثالية أو الطوباوية في شيء " و أن هناك في العراق ميل فطري الى " اتخاذ الديمقراطية ، نمط عيش و الاخذ بالعلمانية و خيار التعايش القومي ..............................الى التأسيس للدولة المدنية الحقيقية " فأذا لم تكن هذه عين الطوباوية ، فما هي ؟ و اين وجدت يا أستاذ هذا الميل الفطري الديمقراطي ؟ أبين العراقيين الذين لم يعرفوا الاستقرار ، الذين لم ينعموا لحد اليوم بأبسط حقوقهم الأنسانية ، الذين لا يحصلون على الحد الأدنى من الخدمات الأساسية ، و الذين يعيش ثلثهم و حسب أحصاءات المنظمات الدولية ، تحت خط الفقر ، في بلد تنهب فيه مليارات الدولارات من عائدات النفط سنويآ ، أو ربما وجدت ذلك الميل لدى الساسة و الأحزاب التي لا يجمعها شيء ، سوى توجهاتها الطائفية و الأستبداد و الفساد ، هذه الأحزاب التي تمتد هيمنتها و اذرعها الأخطبوطية الى جميع مفاصل الدولة و المجتمع ، أبهذه المواد الأولية و الأدوات و الآليات ، ستبنى الدولة المدنية الحقيقية ؟ أنا لا أشكك بل أجزم بأن هذه الأفكار ليست الآ اضغاث احلام .
أما القول بأن " الشعب العراقي يريد العراق النهائي " فهو بصراحة غير مفهوم ، فماذا تقصد بالعراق النهائي ، و لكن المعلوم لي ، و الذي لا لبس فيه ، هو أن هذه الشعوب اصبحت العوبة بأيد ساسة فاشلين فاسدين ، هم في غالبيتهم ألعوبة بأيد القوى الأقليمية ، و لا مهام لهم سوى العمل على أنهاء العراق ، وليس بناء العراق النهائي ، فلا " الأنتماء القومي العربي الثوري " يجمع السنة و الشيعة في " مركب واحد " ، كما تقول أو تتأمل ، ولا هناك عقلية سياسية لبناء علاقات مع الكورد على أساس أن " ينالوا من حقوقهم القومية ما يغريهم بالبقاء جزءآ من العراق الواحد الموحد " و الجلي هنا ، أن أضافة صفة الواحد الموحد للعراق ، هو تعبير عن القلق الكامن لدى الكاتب و الأ لماذا هذا التأكيد المبالغ فيه ؟
أني أرى بأن مايحدث في المناطق السنية ، انطلاقآ من الأنبار ، ليس " مسارآ تاريخيآ جديدآ " كما تدعي ، و لا هو " الأنفجار الشعبي العراقي العظيم " كما تسطر ، بل هو استمرار لنفس المسار الذي بدأه العرب السنة في العراق منذ سقوط الدكتاتور ، لاسترداد سلطتهم أو حتى جزء منها و نيل حقوقهم في أطار التغييرات الجوهرية التي حصلت في العراق ، و هنا لابد من التأكيد بأن المطالب مشروعة و الأنتهاكات بحقهم واضحة ، و لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال ، بأنهم يمثلون جميع العراق ، فالقوى السياسية التي تقود المظاهرات ، هي قوى عربية سنية ، و المشاركون في هذه الفعاليات هم تحديدآ العرب السنة ، و المطالب هي مطالب عربية سنية و ما حصل في مجلس النواب العراقي ، من استقطاب طائفي غير مسبوق في الأيام 6-7-8-1 أبلغ من كل تصريح ، ولابد من الأشارة الى أنني لا أتهم طرف على حساب طرف أخر ، بل الكل منساق الى هذه التناحرات الطائفية و بنفس الحماس .
لو كانت الدنيا بالتمني ، لتمنيت أن يتحول العراق الى دولة مدنية حقيقية ، كما يرغب الكاتب و أنا أيضآ ، حيث سأنعم بالأستقرار و المساوات في الحقوق و الواجبات و سيادة القانون ، كمواطن في دولة مواطنين لا طغاة ، و من لا يتمنى هذا ، و لكن الحقيقة المرة التي لايريد الكثيرون رؤيتها ، هو أنه ليس هناك شيء واقعي و ملموس أسمه العراق كدولة و كمؤسسات ، سوى كعضو في هيئة الأمم المتحدة ، أما في الواقع العملي فأن الخارطة السياسية التي أسمها العراق ، تضم بين خطوطها ، العرب السنة ، العرب الشيعة و الأكراد بالأضافة الى الأخرين من التركمان و الآشورين و ......الخ ، و لايجمع هذه المكونات و خاصة قواها السياسية ، سوى الحدود الجغرافية المفروضة عليهم منذ أكثر من ثمانين سنة من قبل الأستعمار البغيض ، وهم – و هنا القصد القوى السياسية بالتحديد – يحاولون الآن التخلص منها ، بعد أن تأكد الجميع بأنها أصبحت خانقة بل قاتلة ، هذا هو الواقع كما أرى ، و الكل يعمل بهذا الأتجاه و لكن في نفس الوقت ينفي و يرفع شعارات رنانة براقة ، ضانآ بأنه يخدع الأخرين أي الكل يحاول أن يخدع الكل ، و في النهاية ، الشعوب هي التي تخدع و تقدم التضحيات في سبيل مصالح الساسة الخداعين .
أرى من الضروري أن ترى هذه الحقائق كما هي لا كما نريد ، بعيون مفتوحة و عقلية منفتحة ، لنعرف أن نخرج من هذا المأزق بأقل الخسائر ، لا أن نجير كل شيء لبيت القصيد في المقالة المذكورة و هي " أن العراق لن يكون بعد اليوم عدوآ ظاهرآ أو مستترآ لثورة الشعب السوري الشقيق " بل سيبقى الوضع كما هو ، فالقوى الشيعية ستبقى تساند النظام السوري الى يومه الأخير و القوى السنية ستبقى تدعم الثورة السورية ، و كليهما من منطلق طائفي ، أما القوى الكوردية ستبقى تساند الجزء الكوردي من الثورة السورية .
#فتاح_زاخويي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟