محمود عبد الغفار غيضان
الحوار المتمدن-العدد: 3924 - 2012 / 11 / 27 - 09:45
المحور:
الادب والفن
يلُمُّنا تحت شاله الشتويّ السَّاحر الذي كان يتسعُ لكل أطفال العائلة وهم كُثرٌ... نلتَحفُ أنفاسَه الدافئة متقوفعين بين ذراعيه مُفترشين صوته الذي يكونُ ناعمًا رغم خشونته في الأمسيات التي كان يخُصُّنا بها... يقص علينا ما تيسّر من الحكايات الليلية... ويسرقنا النومُ كلَّ مرةٍ قبل بلوغِ النِّهاية... تحملنُا أمهاتنا إلى الفراش، فنستيقظُ بُرهةً وبكل براءة نسأل جدَّنا استكمال الحكي في الليلة التالية... يظلُّ النومُ يأتينا على هذه الشاكلة بدروبِ حكاياته... مصحوبًا كالعادةٍ بربتة يدِ جدِّي التي علَّمته كيفَ يباغتنا، وعلمتنا كيفَ ننام بلا أرق... في الصباح... تُفتَحُ يدهُ الأسطورية على القليل من النقود لكل مِنَّا... نتسابق لشراء الحلوى... يبتَعِدُ كلٌّ مِنَّا بحثًا عمَّا يشتهي... نكبرُ، نهرولُ كلَّ صباحٍ للجلوس على مقاعد الدرس بعد أنْ عرفنا حمل الحقائب وشراء الكراريس، نظل نكبر ونبتعدُ تدريجيًّا....وتظلُّ حروفٌ كنَّا نتهجَّاها ممزوجةً بدفءٍ ما... يكبرُ جدِّي حدِّ الرَّحيل الأبديِّ... ونظلُّ نكبرُ ونكبرُ ونبتعدُ... لكننا لم نخرجُ أبدًا مِن تحت الشَّال...
محمود عبد الغفار
كوريا الجنوبية
27 نوفمبر 2012
#محمود_عبد_الغفار_غيضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟