أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر ؟














المزيد.....

كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر ؟


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3923 - 2012 / 11 / 26 - 01:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توقف اليوم قلب جابر صلاح في مستشفى قصر العيني وأعلنت وفاته ليصبح شهيد أول رئيس مدني

كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر؟

د. أحمد الخميسي

لايكف الموت عن الحياة. إنه يعيش ويتجدد كل يوم . لكن ما أقل الموت الذي يندفع بالبشر إلي أحضان الوطن. في 20 نوفمبر الحالي رحل عن عالمنا شاب صغير لم يبلغ السابعة عشرة هو جابر صلاح الذي أردته قتيلا عدة خراطيش في شارع محمد محمود. كان المفروض في 29 ديسمبر القادم أن يتم عامه السابع عشر، لكنه لن يتمه. وسيبقى إلي الأبد كما كان في اللحظة التي توفي فيها ، شابا، خارج الزمن، لايعرف المدرجات الجامعية ولا سنوات النضج ، ولا الكهولة . محكوم عليه أن يبقى شابا إلي الأبد .

جابر أصغر أشقائه ، تلميذ في الصف الثاني الثانوي بمدرسة الخديوي إسماعيل. كان يعمل فترة مابعد الدراسة لتخفيف العبء عن أسرته. وفي السن التي يبدأ الناس فيها الحياة .. غادرها. من أين يأتي قلب أخضر صغير بكل هذا التحدي والحرارة فيقف أمام الموت بجسارة .. ليس مرة بل مرتين؟ الأولى في نوفمبر العام الماضي في شارع محمد محمود والثانية منذ أيام في نفس الشارع ؟ سبعة عشر ربيعا لا أكثر ؟ هل أسعفه الوقت خلالها فخفق قلبه بأوهام الحب الجميلة ؟ أكان عمره كافيا ليختبر ألم الخيانات الصغيرة والاحباط ؟ أم أنه وهو في مطلع العمر كان يرى كل شيء جميلا .. كما كنا كلنا نرى الدنيا في تلك السن؟

رحل جابر صلاح من حياة في أرضنا إلي حياة في قلوبنا ، ومن حياة في ترابنا إلي حياة في سمائنا ، لأن معنى رحيله تقاطع مع معنى الوطن . كان جابر أحد الذين انتخبوا الرئيس مرسى . يوم الانتخابات حاول والده أن يثنيه عن ذلك فأجابه بأدب "يابابا هو أحنا عملنا ثورة ومات من شبابنا اللي مات علشان نعيد نظام مبارك مرة أخرى للحكم؟ . لاء . أنا نازل أنتخب مرسى". هكذا وهب جابر صلاح ثقته كلها للرصاصة التي أطلقت عليه، وأعطى أحلام قلبه اليافع للرئيس مرسي، وانتخب بأمل القناصة الذين أردوه قتيلا ! وأصبح جابر صلاح شهيد أول رئيس مدني منتخب !

انطلت على جابر خدعة أن الأخوان المسلمين فصيل من فصائل الثورة. الخدعة التي شاعت نتيجة الاعتقالات التي تعرض لها الإخوان عهد مبارك مما جعلهم يظهرون كقوة ثورية. لكن المعارضة بحد ذاتها ليست دليلا بعد على أن أصحابها من قوى الثورة ، وإذا دققنا النظر سنجد أن السجون طالما كانت عامرة بشتى أصناف المعتقلين، وأن الحبس بحد ذاته ليس معيارا ولا مؤشرا على الانتماء للثورة . فالانتماء للثورة يكون وفق برنامج القوة السياسية وليس وفقا لعدد مرات اعتقال أعضائها . إن برنامج الإخوان المسلمين بطبيعته معاد للثورة ، وخصم لها ، لأنه يعتمد نفس أسس نظام مبارك القديمة : علاقات التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب التي تجلت في تقديمهم ضمانات بأمن إسرائيل ، وفي قبولهم بقروض صندوق النقد وشروطه. برنامج العجز عن استنهاض الصناعة والزراعة أو إصلاح أحوال التعليم والصحة والمرافق ، ومواصلة الدوران داخل دائرة التفاوت الطبقي الفاحش. برنامج يعادي الفنون وحرية التعبير والعلوم وتحرر المرأة . برنامج يضع بإعلان دستوري واحد كل الصلاحيات في يد الرئيس شاطبا على استقلال القضاء والسلطات التشريعية والتنفيذية . برنامج كهذا يشير بوضوح إلي أن الإخوان خصوم الثورة . ولايمكن أن يكونوا منها لمجرد أنهم تعرضوا للاعتقالات في زمن ما. ويوما بعد يوم يكشف الإخوان عن وجههم الحقيقي وصولا إلي رمي جابر صلاح بالرصاص في شارع محمد محمود ، ليصبح موته البطولي مأساة تجرى مرارتها في كل حلق. لعل الشاعر سمير الأمير قد لخص تلك المفارقة المؤلمة بقصيدته :

يا ثورجي ثورتك وقـعـت على راسك

وقعدت تضرب أخماسك في أسداسك

عاتـب عليك .. لـمـا أنت مـش زيهـم

صدقت ليه كدبهم ؟ وخنت إحساسك ؟

ماذا يبقى غير أن نقول لك إننا أيها الراحل العزيز نجل التمرد ، ونعشقه ، حتى لو ضل الطريق؟ . لا نقول وداعا لأنك ستنمو وتكبر وتضحك وتعرف سنوات الشباب والنضج في صميم قلوبنا .

***

أحمد الخميسي – كاتب مصري

[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمسون زهرة ياصاحب الوجه الكئيب
- الدولة العزيزة .. من فضلك لاتحمي الوحدة الثقافية
- الفاشية في مصر تدق الكعب !
- إسرائيل تدك غزة .. لن نغفر ولن ننسى
- - بوس الواوا - .. تهدد الأمن القومي المصري ؟!
- نجيب سرور .. ذكرى الرحيل
- الرئيس مرسي : مظهر قرآني - جوهر أمريكاني
- دراما الثورة والبشر .. من تاريخ الحركة الطلابية
- سنوات عبد الناصر والوحدة الوطنية
- إوعى الأجنحة تكون صيني ؟
- في ذكرى رحيل سعاد حسني
- انتخبوا أنفسكم !
- جلباب أزرق
- انتخابات الرئاسة بمصر - الانقاذ الوطني مهمة عاجلة
- لماذا تقف الثورة وحيدة عزلاء في الانتخابات الرئاسية بمصر ؟
- نداء إلي مرشحي اليسار والديمقراطية في مصر
- عبد الرحمن الخميسي .. والدي .
- سعد القرش وكتابه - الثورة الان -
- رحمة - قصة قصيرة
- رؤوف نظمي .. رحيل فارس مصري


المزيد.....




- المحكمة العليا الروسية تزيل تصنيف “طالبان” كـ-جماعة إرهابية- ...
- ما ردود الفعل في إسرائيل على رفض “حماس” مقترح وقف إطلاق النا ...
- الخارجية الأمريكية توضح لـCNN مصير سفينة قمح متجهة إلى اليمن ...
- غارات ميناء رأس عيسى.. ماذا قالت أمريكا وجماعة الحوثي؟
- موتورولا تعود لعالم الحواسب اللوحية بجهاز منافس
- أطعمة تعزز صحة الأسنان
- لماذا يجب أن تتوقف عن ممارسة التمارين الرياضية مساء؟
- دراسة صادمة.. تغير المناخ قد يحرم الملايين من الدم المنقذ لل ...
- تطوير -راديو فضائي- للبحث عن أشكال خفيفة للمادة المظلمة
- الصين تجسّ نقطة ضعف الولايات المتحدة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر ؟