أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام آدم - عن المسيحية والبالتوك - 3















المزيد.....


عن المسيحية والبالتوك - 3


هشام آدم

الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 16:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في الجزء السابق من هذا المقال تطرقت إلى وجه الشبه الثالث بين المسيحية والإسلام وهو التقاؤهما في عقيدة الولاء والبراء التي تقوم على معادات المخالفين لنا في العقيدة وإن كانوا آباء أو أبناء أو زوجات. والحقيقة أن السيد المسيح كان صادقا حين قال: "أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً"(لوقا 12: 49-53) فالإيمان العقائدي غالبا ما يؤدي إلى الانقسام والتعصب العقدي والمذهبي وذلك للطبيعة الإقصائية لهذه العقائد. وربما من المناسب هنا الإشارة إلى تشابه المسيحية والإسلام في مسألة قريبة من عقيدة الولاء البراء هذه، فنقرأ مثلا في إنجيل مرقس الإصحاح الثامن العدد 34 (ودعا الجمع من تلاميذه وقال لهم من اراد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني) فهذا العدد بالإضافة إلى بعض الأعداد الواردة في الأجزاء السابقة من هذا المقال تشير إلى ضرورة إنكار أي شيء وكل شيء: أباء، أمهات، أزواج، أبناء وحتى ذواتنا ليكون اتباعك للمسيح صحيحا ومقبولا وهذه الفكرة موجودة في الإسلام، فنقرأ في الحديث النبوي: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده"(صحيح البخاري) وفي رواية أخرى قال لعمر بن الخطاب: "حتى نفسك" وهذا قد يبدو أمرا بديهيا للمؤمن، ولكن مثل هذا الأمر يعني إلغاء كل شيء: حريتنا، عواطفنا، إرادتنا وربط كل ذلك بالعقيدة، وهذا يتنافى مع مبدأ الحرية التي تدعيها الأديان وتجعل من المؤمنين تابعين ومنقادين بلا تفكير أو تعقل، وكيف يفكر إذا كان ذلك سوف يؤثر على عقيدته، ولا تكاد ديانة تخلو من هذا الشرط الذي يجعلهم كالمنومين مغناطيسيا.


رابعا: العقلية الأسطورية
في إحدى مناظرات الشيخ أحمد ديدات (1918 - 2005) مع القس السويدي ستانلي سيوبيرج (Stanley Sjoberg) في العاصمة ستوكهولم تقدم أحد الحضور من المسلمين وسأل القس عن مدى إيمانه ووثوقه بكتابه المقدس، فتعجب القس من سؤاله، ورسم ابتسامة هازئة وملامح واثقة للغاية ووهو يقول: "ليست لدي ذرة شك واحدة في كتابي المقدس." عندها قرأ السائل للقس من إنجيل مرقس 18:16 (يحملون حيّات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون) ثم مد إليه كأس سم زعاف، وقال له: "اشرب هذه الكأس باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد"* وبعد خطبة تبريرية غاضبة قام ستانلي سيوبيرج بسكب السم ورفض شربه (شاهدوا القصة على الرابط أدناه) صياغة القصة بتصرف أدبي مقصود.

تندر كثيرون بهذه الحادثة، واعتبرها كثير من المسلمين دليلا عمليا على خرافة النصوص الإنجيلية، وهي كذلك بالنسبة إلي أيضا، ولكن ماذا إن طلب القس ستانلي سيوبيرج من ذلك المسلم أن يقرأ: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" وأن يدخل أحد قدميه في غرارة بها مجموعة من العقارب الاستوائية شديدة السمية دون طلب مساعدة طبية لأربع وعشرين ساعة ليختبر صدق نبوة نبيه محمد الذي لا ينطق عن الهوى والذي قال إن هذه العبارة تقي سم العقارب كما في صحيح مسلم! إن مما يدعو للسخرية أن الأشياء التي يعتبرها أصحاب ديانة ما من الخوارق والمعجزات يعتبرها أصحاب الديانات الأخرى خرافات لا يمكن أن تصدق. فالمسيحيون الذين يسخرون من شعيرة الوضوء عند المسلمين ويعتبرونها شعيرة لا نفع منها لأنها لا تطهر القلوب وإن كانت لا تطهر الأجساد كذلك ولأن الإله ليس بحاجة إلى مثل هذه الحركات، هم أنفسهم لا يرون في شعيرة التعميد الكنسي أي غضاضة، بل يعتبرونها سرا من أسرار الكنيسه السبعه، ولا يقبل إيمان أي مسيحي إلا بها.

أولئك الذين يسخرون من قصة محمد مع حـماره يعفور الذي تكلم معه بلسان عربي* لا يقرءون في كتابهم المقدس قصة بلعام مع حـماره الذي تكلم معه بلسان بشري، فنقرأ في سفر العدد إصحاح 22 الأعداد من 27 إلى 30 وما بعدها: (فلما ابصرت الاتان ملاك الرب ربضت تحت بلعام.فحمي غضب بلعام وضرب الاتان بالقضيب. فقال بلعام للاتان لانك ازدريت بي.لو كان في يدي سيف لكنت الآن قد قتلتك. فقالت الاتان لبلعام ألست انا اتانك التي ركبت عليها منذ وجودك الى هذا اليوم.هل تعوّدت ان افعل بك هكذا.فقال لا) فما الفرق بين القصتين إلا أن يكون يعفور حـمارا ذكرا ودابة بلعام أتان أنثى؟

ذات أمسية وأنا أتنقل بين الغرف المسيحية سمعت أحدهم يتكلم عن قصة الملك سليمان بنسختها القرآنية والنملة التي صاحت في عشيرتها محذرة إياهم من سليمان وجنوده، والحقيقة أني شعرت بالسعادة لسبب مجهول وقررت البقاء في الغرفة والاستماع إلي بقية حديثه، قبل أن أكتشف أن سبب اعتراضه يكمن في استحالة أن تتمكن النمل من التعرف على سليمان، وراح يكرر سؤاله بكل تحد وتهكم: "كيف عرفت النملة سليمان؟" فطلبت منه وسألته: "دعك من كيف تعرفت النملة على سليمان، النمل لا يتكلم لأنه يستخدم إشارات كيميائي، وبمعنى آخر فإنه لا يتكلم أبدا." تفاجأت وهو يقاطع مداخلتي مؤكدا أنه على علم بما أقول ولكنه بسؤاله ذلك يريد أن يصل إلى ما هو أبعد، ولكني ذهلت بأنه في معرض حديثه صادق وأقر بقدرة سليمان على فهم لغة الحيوان! تذكرت المثل الشعبي القائل: "أبو سن يضحك على أبو سنتين" وتساءلت في نفسي لا يتقبل المسيحي خرافات المسلم طالما أنه يمتلك عقلية سحرية تتقبل الخوارق والمعجزات؟ الرد ببساطة أنه يعمل عقله في نصوص الآخرين ويلغي عقله مع نصوصه، وإلا لما بقي أحد على دينه إن هم فعلوا ذلك. كثير من المؤمنين يعتقدون أنهم يتدبرون نصوصهم، ويقرؤونه بالعقل، والحقيقة أنهم يقرؤون نصوصهم بقلوبهم العامرة بالإيمان، لذا "يفهمونه" على غير ما يفهمه الآخرون. لذا قال لي صديق مسيحي عزيز: "المسيحية سيفهمها من فتح الله عينه وفهمه وملاء قلبه بالحب" ولا أشك في صدق كلامه أبدا، فهو مصادق حرفيا لما جاء في القرآن (الكتاب الذي لا يؤمن به):

(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)(الزمر:22)
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(الحج:46)

ومن الواضح أن للمؤمنين فهمهم الخاص للعقل!



-------------
* قصة يعفور الحـمار مشهورة ووردت في عدة مصادر ولكن ضعفها البعض:
- كتاب (البداية والنهاية) لإبن كثير ج6 - ص10 .
- كتاب (دلائل النبوة) لأبي نعيم الأصفهاني
- كتاب (السراية) ابن عساكر- ج6 ص10
- كتاب (الشامل في أصول الدين)
- كتاب (الشفا في تعريف حقوق المصطفى) ج1 - ص276
وغيرها من الكتب

قصة القس السويدي ستانلي سيوبيرج مع السم
http://www.youtube.com/watch?v=8YZrfzRUqhI



#هشام_آدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المسيحية والبالتوك - 2
- عن المسيحية والبالتوك - 1
- لماذا الله غير موجود؟
- في نقد شعار: الإسلام هو الحل
- المادية التاريخية للجنس – 3
- المادية التاريخية للجنس – 2
- المادية التاريخية للجنس - 1
- عنّ ما حدِّش حوَّش
- نقد العبث اليومي(*)
- تهافت رهان باسكال(*)
- خطوطات مادية نحو تفكيك الإيمان
- يوم مهم
- تأملات مشروعة 2
- تأملات مشروعة
- آلهة اسمها الصدفة
- الرسم القرآني وإشكاليات الإملاء - 2
- الرسم القرآني وإشكاليات الإملاء - 1
- إضاءات على الإسلام
- سقطات الأنبياء 2
- جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي


المزيد.....




- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- وفاة زعيم تنظيم الإخوان الدولي يوسف ندا
- بالصور.. الزاوية الرفاعية في المسجد الأقصى
- جماعة -الإخوان المسلمون- تنعى الداعية يوسف ندا
- قائد الثورة الاسلامية: اثارة الشبهات من نشاطات الاعداء الاسا ...
- قائد الثورة الاسلامية يلتقي منشدي المنبر الحسيني وشعراء اهل ...
- هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س ...
- بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
- رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات ...
- مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام آدم - عن المسيحية والبالتوك - 3