ديمقراطية الصحراء

محيي المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 03:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

أكد احد مفكري الخليج ويدعى انور عشقي على وجود ديمقراطية متميزة وراسخة في الخليج العربي وقد اطلق عليها اسم ( ديمقراطية الصحراء) واوضح عشقي من على قناة الميادين الفضائية ان هذه الديمقراطية تقوم على النظام العشائري , الذي قال عنه انه خيمة تضم ابناء العشيرة . ووصف عشقي هذه الديمقراطية بانها الافضل لشعوب الخليج لانها تضمن لهم قيادة قوية ويتم من خلالها تحقيق الرفاه والحرية والعدالة في تلك المجتمعات . وعن الحراك الشعبي المطالب بالحريات الحقوق في السعودية وبقية دول الخليج جاءت المفارقة في قول عشقي: انها تحركات طائفية تستهدف هذا النظام الديمقراطي الصحراوي , بالمقابل وصف عشقي الوضع في سوريا بانه ثورة تستهدف نظاما دكتاتوريا طائفيا , ووصف عشقي الحكومات الجديدة للاخوان المسلمين في مصر وتونس وبعض الدول العربية بانها تسعى الى تغيير الانظمة في الخليج للسيطرة على الثروات وتأمين الدعم المالي للاخوان في انظمتهم الجديدة . ومن ادبيات واخلاقيات المفكر عشقي في حواره هذا ان خاطب محاوره في قناة الميادين : عليك ان تؤمن بديمقراطية الصحراء اذا كنت عربيا حقا وتريد الخير للعرب . الامر الذي دعى الصحفي المحاور الى سؤال عشقي ( هل انت تشكك بعروبتي؟) . والحال هذه علينا التعريف بديمقراطية الصحراء ومزايها الانسانية .
تقوم هذه الديمقراطية على صلاحيات مطلقة لحكومة تنفيدية فقط , على ان تظل هذه الحكومة مدى الحياة بيد العائلة المالكة وهي التي تحكم وتشرع القوانين وتراقب مادام في هذه العائلة شخصيا حيا .
تمسك العائلة الحاكمة - من خلال افرادها - باقتصاد البلد, بما فيه الثروات الطبيعية والزراعة والصناعة والتجارة وغيرها , وهذه الحال معروفة لدى الجميع, ففي دول الخليج تتركز الثروات الشخصية – التي تكوّنت من المال العام – بيد افراد العوائل الحاكمة اذ نجد امراء السعودية وقطر والبحرين والامارات هم من اشهر اثرياء العالم . وفي السعودية "مثلا" يوجد اكثر من خمسة آلاف امير وشيخ من آل سعود يأخذون مخصصاتهم من المال العام وبما يعادل 80 % من الدخل السعودي حسب ما ذكرمتخصصون في هذا المجال ناهيك عن ارباحهم المُتأتية من احتكار التجارة والصناعة وغيرها من الانشطة الربيحية .
وتقوم ديمقراطية الصحراء على حقوق وحريات مطلقة للاسر الحاكمة يقابلها حظر ذلك على الشعب وخاصة العمل السياسي والتعبير عن الرأي باية وسيلة سلمية او غير سلمية ومنع وصول الغير للسلطة . ناهيك عن منع المرأة من الترشح لاي موقع سياسي في الدولة وفرض الحجاب عليها ومنعها من قيادة السيارة او التحرك في الاماكن العامة او السفر بدون " محرم"
ومن مزايا ديمقراطية الصحراء تجيير صوت هذه الشعوب لصالح امريكا واسرائيل في المحافل الدولية وفتح اراضيها ومياهها امام الجيوش الامريكية والغربية في اية مهمة تريد تنفيذها هذه الجيوش كما حدث في احتلال العراق وليبيا وسوريا التي هي على الطريق . اضافة الى رهن ثروات وامول دول الخليج لصالح امريكا التي تستطيع التصرف بتلك الثروات والاموال متى شاءت ذلك او احتاجت اليه . وهناك الكثير من المزايا الاخر لديمقراطية الصحراء .
ومن اشهر تابوات او ثوابت ديمقراطية الصحراء التي لا يجوز تجاوزها او نقدها او الحديث عنها بلا تبجيل هي : الجلالة والسمو والمعالي التي يتصف بها الحكّام ناهيك عن افراد اسرهم بشكل عام . كما ان من التابوات المحرمات ايضا , عدم تكذيب الحاكم او الشك في قوله او نواياه او افعاله مهما كانت . ومن التابوات التي لا يجوز الحديث عنها ايضا : الجنس , السياسة , الحريات, الحقوق المدنية , المرأة , اما الدين متمثلا بالمذهب الوهابي فهو التابو او السور الذي لا يتجاوزه الا المارقون والزنادقة والكفار .
من هنا نستطيع القول باخصار ان هذه الديمقراطية تقوم على مستويين او حالتين , الاولى ان شعوب هذه الدول عليها ان تظل اشبه بكلاب الحراسة للملوك والامراء – مع اعتذاري لشعوب الخليج عن هذا الوصف - مقابل ان يطعمها الملوك والامراء والمشايخ مازاد من طعام على موائدهم . واما الحال الثانية فهي ان هؤلاء الملوك والامراء والمشايخ هم خدم او كلاب حراسة لامريكا, يحمون مصالحها ويخدمونها ويفعلون ما تريد منهم مقابل ان تبقيهم على مناصبهم في شعوبهم .

#محيي_المسعودي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات