|
العراقي حي ما خلصان ..ميت ما خلصان
محمد الرديني
الحوار المتمدن-العدد: 3863 - 2012 / 9 / 27 - 09:22
المحور:
كتابات ساخرة
عجيب امر العراقي ما يخلص من القهر والضيم حتى في موته. تعالوا نشوف كم تكلفة ميتة العراقي وكم يكلف وهو حي. يوجد عادة في الشركات التجارية الكبرى قسم حيوي جدا يطلق عليه "خدمة ما بعد البيع" وهو كما تعرفون يتولى الاهتمام بالسلعة المباعة ان في صيانتها الدورية او تبديلها في حالة وجود خلل فني فيها او" هسه انتو تعرفون كل هذا ليش جاي اتفلسف برأسكم". ولكن خدمات "الدفانة" في العراق تنتهي حالما يوضع الميت داخل قبره المظلم. والدفانة اجلكم الله اخطبوط ممتد بمباركة المرجعيات واعضاء مجالس المحافظات وشركات رجال الدين التي لا تعد ولا تحصى. سيقول احدكم لماذا المرجعيات؟ يعني انت ما عندك شغل ولا عمل بس اتجيب طاري المرجعيات بالشين؟. نعم ايها الاخوة.. المرجعيات التي تعرف ان العراقي حين يموت يكلف اهله مابين 4-5 ملايين دينار.. صحيح ان هذا المبلغ "مصروف" جيب لاولاد المنطقة الخضراء لأسبوع واحد ولكن ملايين العراقيين من الفقراء لا يستطيعون ابدا توفير هذا المبلغ في الوقت المناسب.. فهل تعجز هذه المرجعيات التي اتخمت بالخمس والسدس والسبع عدا اموال الزكاة والنذور التي ترفع برافعات "مكيسة" أي باكياس من المزارات المقدسة من تقديم العون لهؤلاء ام ان الامر لايقع داخل اختصاص شرعتهم؟. ارض الله لله فقط ولكنهم جعلوها "طابو" لهم حين يبيعوها كما يحلو لهم وبسعر السوق. ان شركات الدفن ليست بمعزل عن "اللفط" والنهب ولا بمعزل عن دور صغار المرجعيات فيها. ومادامت التفجيرات على قدم ورجل.. ومادامت ارض العراق تستقبل كل يوم عشرات القتلي ان كان في كواتم الصوت او السيارات المفخخة والعبوات "النافسة".. اقول مادام الامر كذلك فلابد من وجود شركات شرعية وبمباركة هذه المرجعيات من ممارسة النشاط الدفني وبالسعر المحدد. احد التنابلة اقترح ان نعيد الحياة الى تجربة المقابر الجماعية حتى "نخلص" من ديون الدفن. هذا التنبل استشهد اخوه في الاسبوع الماضي فاقترض من احد معارفه 5 ملايين دينار ليودع شهيده الوداع الملائم.. وذاك استشهد ابوه فلم يجد بدا من الاقتراض من البنك وبفوائد ألله وحده يعرف كم هي..اما الذي لايملك شروى نقير فقد تبرع له اصحاب الخير بتكاليف دفن قريبه. شركات دفن الموتى لاعلاقة لها بخدمة ما بعد البيع وليست مسؤولة امام الله ونبيه وآل بيته عما يحصل بعد ذلك.. المهم قبض المعلوم وليذهب المتوفي الى مثواه الاخير حيث الحساب والكتاب من عند رب العالمين. الحكومة التي تنام على اكثر من 120 مليار دولار سنويا، والتي عقدت الدهشة لسانها وسال لعابها لهذا الرقم الفلكي بحيث باتت عاجزة عن معرفة منافذ صرفها، حتى انها استعانت بعدد من الخبراء في جزر تاهيتي ليساعدوها على حل هذه المشكلة. هذه الحكومة ظلت حتى كتابة هذه السطور عاجزة عن النظر في رواتب المتقاعدين فكيف لها ان تظر في امر الموتى وهي التي ركضت بل وتسابقت مع البرطمان في اقرار منح المخصصات المالية وغير المالية لمن يهمه الامر والكل يعرف ذلك. وفي العراق العظيم نجد ان الميتات انواع وصدق من قال"ان لم تمت بالسيف مت بغيره". هناك تفاصيل قد تكون "سخيفة" وياما السخف بعون الله مفيد في هذه الايام. فحين يموت شيخ العشيرة فيجب ان يودع باطلاق الرصاص من مختلف الاسلحة الاوتوماتيكية وغير الاتوماتيكية ولا يهم ان تذهب رصاصة طائشة الى رأس احدهم او عينه و"تفقسها". وينقلب المأتم الى مباراة لأستعراض ما بالحزام من ذخيرة حتى ان بعض المتبارين لايعرفون من هو الميت وكيف مات، فقط انهم سمعوا بوفاة احد شيوخ عشيرة "علان" وعليهم واجب الاستعراض فقط وهذا يومهم. وهذا ماحدث امس في مدينة الصدر، الثورة سابقا ثم مدينة صدام لاحقا،حين اثار وفاة شيخ احد العشائر بمنطقة الداخل في مدينة الصدر شرقي بغداد الى مصدر رعب وخوف لاهالي المنطقة . وذكر شهود عيان " ان مجلس العزاء الذي اقيم على روح احد شيوخ الافخاذ باحد العشائر،شنو افخاذ يابه، تحول الى مصدر قلق وخوف ورعب للبيوت القريبة منه بفضل العراضة واطلاق النار المتواصل الذي لم يهدأ طيلة ايام العزاء الثلاثة التي انتهت امس ". واضافوا " ان اطلاق النار بدأ بالاسلحة الخفيفة في باديء الامر لكن قوة من الجيش المكلفة بحماية المجلس هي من فتحت الباب حين قامت باطلاق النار من الرشاش الموجود اعلى الهمر ". حلو ..لا والله ربحنه. واضافوا " ان العشائر المعزية تمادت حتى وصل الامر الى اطلاق النار بواسطة اسلحة الـ[بي كي سي ] ويقابلهم جندي الهمر لتكون جبهة دون التفكير اين يسقط هذا الرصاص في هذه المدينة المكتظة بالسكان ". واشار الشهود الى ان " اللامبالاة من قبل المعزين ازعجت اهالي المدينة بالاضافة الى الموقف اللامسؤول من قبل الجيش العراقي الذي كان من واجبه ايقاف هذه الظاهرة حفاظا على ارواح المواطنين في هذه المدينة ". هذا عيني شيخ فخذ بالعشيرة! ولكن اذا توفي احد اولاد الملحة فاقاربه يبحثون عن سائق تاكسي شريف يتبرع بتوصيله معهم الى النجف او كربلاء مجانا او بسعر معقول وهناك تبدأ دورة البحث عن الدفان الذي يعلن ويقسم ان اسعاره منافسة و"شرط السكين".. ولابد بعد ذلك من اقامة مجلس العزاء واستقبال الاهل والاقارب وما يلحقه من تفاصيل الضيافة التي يظل قريب المتوفي يدفع ضريبتها سنوات طويلة. ولا تسأل عن مراسم دفن وفاة احد اعضاء البرطمان او القريب جدا من الحكومة المظفرة اذ سرعان ما تفتح خزائن كنز سليمان ويقف سائقوا سيارات موديل 20014 على اهبة الاستعداد لمرافقة الميت الى مثواه الاخير عارفين انه حتى الرب حين يرى هذا المشهد الطابوري سيرق قلبه ويسامحه عن المليارات التي سرقها من افواه الاطفال وآخرهم فطومة. ولا تسألوني حين يتوفى احد قادة الكتل السياسية لسبب بسيط هو ان هؤلاء القادة يموتون بالسر خوفا من الشماتة بحيث يروحون الى بارئهم عبر الابواب السرية التي تدربوا عليها بمعونة الشيطان الاكبر باعتبارهم من المستضعفين في الارض. فاصل هادىء جدا: في أي دولة من دول العالم يجكم فيها بالاعدام على احد المواطنين وتستمر الدولة في صرف راتبه؟ هل تعرفون الجواب بدون الاستعانة بصديق؟.
#محمد_الرديني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرب -والغائط- وهذا الحمار
-
داحس والغبراء في المنطقة الخضراء
-
حكومة خيال المآته
-
تيتانك نوري المالكي والضالعون في ركض الضاحية
-
طراطير في مجلس البرطمان
-
انت رقم لو صفر على الشمال؟
-
امة لها في الغدر باع طويل
-
الكتل السياسية تخاف من المجاري والحكومة مازالت بالابتدائية
-
عن سوك مريدي العسكري والياباني ابن دخيل
-
هكذا انتم.. مخصيون في عقولكم أيها الجرب
-
مابين حانة ومانة ضاعت الامانة
-
أصنام حية في النجف الأشرف
-
شاي كسكين الى برهم صالح وذاك السر...
-
وزير للقبض والإسهال
-
خسئت يا...اتحاد أدباء العراق
-
ايها المسيحيين اسمعوا وعوا
-
مجلس العزاء مازال مفتوحا منذ نصف قرن
-
واحد اعرج المخ اسمه فاروق الاعرجي
-
ثلاث قطرات ماء في الطابق الثاني
-
ديمقراطية حسون الامريكي
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|