أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الإعلانات والمعايير البطريركية المستحيلة














المزيد.....

الإعلانات والمعايير البطريركية المستحيلة


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3844 - 2012 / 9 / 8 - 18:49
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تعكس لنا الإعلانات الثقافة السائدة وترسخها، فهي تلعب دورًا مزدوجًا في هذا المضمار. ونظرة بسيطة على الإعلانات العربية على مختلف القنوات المحلية والفضائية تحدد لنا الأدوار المنظورة للمرأة العربية، كما ترسم لنا في المقابل الأدوار المنوطة بالرجال.
تخاطب إعلانات "مساحيق الغسيل" المرأة العاملة - التي أصبحت قوة شرائية لا يستهان بها - وتغريها ألا تقبل "مستوى نظافة عادي" وأن تتطلع لمستوى "نظافة يجنن" وتذكرها أن نظافة ثياب الأسرة مسوؤليتها، كما أن عليها أن توفر وهي تختار الأفضل. وهكذا تضع للمرأة - كما تفعل الثقافة بعامة - مجموعة من القيم العالية، مستحيلة التحقيق وتطالبها بها. فكلنا يعرف أن الجودة وارتفاع الثمن صنوان. وفي اللغة الإنجليزية تعبير واحد هو رخيص cheap والذي يعني كل من منخفض الثمن، ومنخفض الجودة. ولكن الثقافة البطريركية التي تملي على المرأة مستوى عالٍ من الأداء، كما رأينا في مناقشتنا للأمومة، تلزمها بالمستحيلات.
ونرى المرأة في الإعلانات محددة - في الأغلب - بالأدوار التقليدية، فهي المسوؤلة عن كل الأعمال المنزلية: الطبيخ، والكنس، وتنظيف المنزل، ورعاية المنزل والأطفال. فهي من ترسلهم إلى المدرسة في الصباح، وتستقبلهم هم والزوج في المساء. وتقوم بكل هذه الأدوار وهي سعيدة ومبتهجة، وفي تمام زينتها، حتى في الصباح الباكر.
وقد يتساءل البعض: وما الضرر في ذلك؟ في الواقع، كل الضرر. فهذه الشخصيات الكرتونية لا تمثل الحياة الطبيعية البتة، وتؤثر سلبًا على الحياة الاجتماعية. فبالإضافة إلى أنها تطالب المرأة بمعايير مثالية، كما فسرنا من قبل، فهي تعطي الانطباع بأن ذلك قابل للتنفيذ، فينشأ جيل يعتقد أن الأم أو الزوجة يجب أن تكون مثل عارضات الأزياء، أو ممثلات الإعلانات، وتصبح مثارًا للسخرية والانتقاد إن لم تلتزم بذلك. وفي الواقع، استغلت إحدى الإعلانات التلفزيونية هذه الفكرة: الزوج يشاهد التلفاز وهو مشدود إلى صوت البطلة تنادي سميه البطل بصوت رخيم، وقوام ممشوق، وهيئة لا عيب فيها، ويصحو من غفوته القصيرة على صوت زوجته تناديه بصوتها المحمل بعذابات اليوم، وقوامها الذي ضيعه حمل أبنائه، وهيئتها التي تراعي ظروف إمكانياته. فهل نضحك على فكاهة الموقف؟  نعم نضحك، ولا نلتفت لما يستدعيه مخرج الإعلان، فنحن نلتفت إلى هيئة المرأة ونقارنها بالبطلة، ولا نلتفت إلى هيئة الرجل أو نقارنه بالبطل. فالزينة الكاملة والاهتمام بالجسد هو مهمة المرأة وليس الرجل في الثقافة البطريركية كما فصلنا في مقال سابق، ولذا ينتزع هذا المشهد الضحك من المشاهدين. وكي لا تقع النساء في مثل هذا المأزق عليهن اتباع نصائح خبراء الإعلانات والذين يمطروهن بإعلانات عن مساحيق ومستحضرات مختلفة للتجميل، من كريمات ترطيب البشرة، إلى المكياج، إلى العطور وخلافه. وهنا يدخل عامل إضافي ليصعب الأمر على النساء: السن. فأنى لامرأة تجاوزات الأربعين أن تبدو بشباب وصحة عارضات الأزياء اللواتي يظهرن على التلفاز بدون التجاعيد التي أخذت طريقها إلى وجه المشاهدات. إنها المعايير المستحيلة للبطريركية التي تلزم النساء بما لا يقوين على الوفاء به!
وفي المقابل نري الرجال في الإعلانات يقومون بالأدوار المرسومة لهم، أو التي رسموها هم لأنفسهم: قراءة الجريدة ريثما تجهز المرأة (سواء كانت الأم، أو الزوجة، أو الابنة) الغذاء؛ أو جلوس على المقاهي بينما تراجع المرأة دروس الأبناء؛ أو قيادة السيارات الفارهة؛ أو القيام بدور الخبير: طبيب الأسنان، السياسي، الواعظ، وخلافه. في حين تنحصر أدوار المرأة في رعاية احتياجات من حولها من الرجال، بينما يدعون أنهم من يرعونها. تحمل بالأبناء وينسبون إليه، ترعاهم منذ المهد ويهددها بأخذهم بعيدًا عنها عند أي خلاف.
ونظرًا للتفاوت الكبير بين الأدوار المستحيلة للمرأة (الجمال والأناقة من جهة، والعمل الجاد من جهة أخرى) والأدوار الهينة للرجال (الهيئة الطبيعية من جهة، والعمل غير الجاد من جهة أخرى) فلقد انخرط الفكر النسوي في مراجعة جادة لمثل تلك الأنماط، وعمل على محاربتها بغية القضاء عليها. وتخصص فرع من الفكر النسوي في مراجعات وسائل الإعلام ولفت الانتباه إلى الفكر المنحاز على أساس الجنس الذي يملأوه.



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساء والنفايات
- المجتمع الذكوري: مارينا نموذجًا
- الحركة النسوية والدراسات النسوية
- إخضاع الجسد
- عقوبة التحرش بين القانون الفرنسي والمصري
- العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية
- تدنى المستوى التعليمي (فكرًا وممارسة) في مصر: نموذج من ورقة ...
- النخبة المصرية وحزمة البصل
- اغتصاب الثيب غير وارد!!
- بين الفرعون .. والإمام .. الرئيس منزوع الصلاحيات
- تشريح ثورة
- الدولة المدنية
- بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-
- تقدم .. تأخر
- تأنيث الفقر
- الإسكات
- المرأة المصرية وصياغة الدستور
- النساء والانتخابات
- حواء والتاريخ النسائي
- اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعا ...


المزيد.....




- دعمك جالك أخيراً.. رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في ال ...
- تغييرات صغيرة تساعد النساء على تقليل آثار الشيخوخة
- نساء البلديات: كيف سيؤثر إعطاؤهن حق الترشح ببلداتهن الأم على ...
- البحرين.. صورة البناية التي سقطت من شرفتها امرأة تحاول النجا ...
- ستارمر يرحب بتعريف القضاء للمرأة بأنها أنثى بالغة
- شاهد.. الجزيرة نت ترافق امرأة غزية في مهمة إعداد وجبة طعام
- النازحون في السودان يطالبون المنظمات الدولية بإنقاذ الاطفال ...
- بفارق أقدام قليلة.. امرأة وطفلاها نجوا من موت محتم بانفجار ف ...
- هل الرجال أكثر رومانسية من النساء؟ العلم يحسم الجدل
- طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت تحديث مايو 2025 ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الإعلانات والمعايير البطريركية المستحيلة