أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - النساء والنفايات














المزيد.....

النساء والنفايات


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 14:37
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


"تعمل النساء بدأي على التخلص من النفايات" لا أعلم على وجه الدقة أين قرأت هذه العبارة، ولعلها وردت في إحدى كتابات الأمريكية مارلين فرانش، صاحبة الرواية الشهيرة "حمام السيدات" والعديد من الكتب النسوية التى أثرت في جيل بأكمله. تذكرت مقالتها تلك ونحن في خضم أزمة قمامة في مصر احتدمت بشكل دعى الرئيس المنتخب لإدراجها على خطة المائة يوم الأولى؛ وهو الوعد الذي لم ينساه الناخب القاهري وطالب الرئيس بتنفيذه، فقام بعدة محاولات للقضاء على الأزمة تباين تقييمها بين من يتابع أعمال الرئيس بشكل دقيق. وقد لفت نظري أن أحد لم يستدعٍ الخبرات النسائية في هذا الشأن، فكتبت لاحتفي بمجهودات النساء للتخلص من النفايات داخل المنازل المصرية، طالما لا يتم تثمين جهودهن في الفضاء العام.
التخلص من النفايات اليومية هو أحدى الأعمال الأساسية التي تقوم بها سيدات الطبقة المتوسطة في مصر. والنفايات اليومية هي في الأساس بقايا الأطعمة، وبما أنها سريعة التلف فالتخلص منها مهمة يومية، تقوم بها السيدات بدأب حتى لا تجلب لها المزيد من المشاكل. ففي مناخنا الصحراوي الحار تعطب النفايات سريعًا وتصدر عنها رائحة غير محببة تتزايد بمرور الوقت، ومن ثَمَّ تجلب الحشرات الزاحفة والطائرة. وتكون إحدى مهام ربة المنزل التخلص من تلك الحشرات، وتستخدم لذلك ما تيسر لها من أسلحة بدءا من شبشب الحمام مرورًا بالمبيدات الحشرية وانتهاء بالأجهزة الحديثة لطرد وصعق تلك الحشرات. ولذا تتعلم المرأة المصرية من الطبقة الوسطى أن التخلص من النفايات إحد أهم المهام اليومية، وتعلم تلك المهمة وتوكلها لأبنائها وهم بعد صغار.
وبالإضافة إلى القمامة والحشرات، فإن من المهام العتيدة لربة البيت المصرية هي نفض الغبار عن الشقة من الشرفات والشبابيك، ومن على الأرضيات وأسطح الأثاث. وهي مهمة صعبة، وتحتاج إلى لياقة بدنية عالية تفتقدها معظم سيدات هذه الطبقة، ولذا يستأجرن بشكل أسبوعي من تقوم بها عنهن. ويصحب نفض الغبار في العادة مسح وتلميع للأرضيات، فمن المهم جدًا أن يكون البيت نظيفًا لامعًا حيث تقاس المرأة بنظافة بيتها. وتحملها الثقافة المسيطرة مسوؤلية أن يكون المنزل على "مستوى نظافة يجنن". كما يذهب القول الشائع. ولذا تخصص العائلات غرفة للضيوف ودورة مياه لهم، تتميز عن باقي البيت بالنظافة والأناقة الشديدتين، ولا أعلم على وجه الدقة على من تنطلي تلك الحيلة، فالكل يعلم أن "الصالون" لا يمثل البيت المصري.
تتعلم السيدات أيضًا التعامل مع الملابس المستعملة، ويكون التخلص منها مبني على مبدأ واحد: مدى جودة تلك الملابس. فالملابس التي لم تستهلك عادة ما يتم تخزينها لاستعمال الأطفال الأصغر سنًا؛ أما الملابس التي لا طائلة من ورائها فإنها في الأغلب تبقى حبيسة الخزانة لشهور (وربما سنوات) إلى أن تنسى ربة المنزل ما دفعته من ثمن فيها، فتجود بها على الحبايب - ويكون الأقرب إلى القلب هي السيدة التي تقوم على نظافة المنزل كل أسبوع، فهذه يجب كسب ودها حتى تتقن عملها، وتأتي في موعدها بانتظام؛ أما ما يتبقى من ملابس مهترئة ولم تعد صالحة للاستعمال الآدمي فهي عادة ما تستخدم في النظافة اليومية والأسبوعية. وهكذا تعيد سيدات الطبقة الوسطى تدوير الملابس (وكل ما يقع تحت أيديهن مثل العلب والبرطمانات وغيرها) وليس من المستغرب أن تظل القطعة الواحدة في البيت لسنوات، وقد تسمع بعض التأريخ لقطعة ما إذا كنت في منزل صديقة حميمة، فتشير إلى قطعة مهترئة غير واضحة المعالم والألوان قائلة: "كانت هذه تي شيرت ابني وهو في الثالثة من عمره،" أو تشير إلى الخلاط وتسرد تاريخه "اشتريته عندما كنت حامل بأبنتي، ولم استبدله منذ نيف وعشرين عام، إلا أنني أضررت لتغيير الكأس بعدها بخمس سنوات حين ألقت يه على الأرض فكسرته" ثم تنخرط في حديث الذكريات ومرور العمر سريعًا، وما عليك إلا التجاوب معها، ففي كل بيت مصري هناك قطع عديدة لها تاريخ قد يمتد لأجيال.
ولا تقضي السيدات ساعات مطولة للتخلص من النفايات فقط، وإنما تبذلن أيضًا الجهد والمال في شراء المعدات والأدوات لمساعدتهن في تلك المهام الشاقة، وتقضين الساعات في مناقشة فوائد وفضائل كل منتج جديد يطرح في الأسواق مع صديقاتهن، والوسائل المختلفة لإتمام المهام بسهولة ويسر. وبالرغم من أن الكثيرات يتوقفن عند وسائل ومنتجات بعينها، تستمر الأخريات إلى نهاية أعمارهن يحاربن النفايات بأحدث ما تنتجه المصانع.
وبالرغم من الخبرات التخصصية للسيدات في التخلص من النفايات وإعادة تدويرها، فإننا نجد احتكارًا ذكوريًا على المستوى الرسمي  لتلك المهنة. ففي الكثير من المجالات تقوم السيدات بالخدمة المجانية في الفضاء الخاص، ولكن عندما تنتقل للفضاء العام تصبح مهن ذكورية. وليس هذا بمستغرب، فبينما يأنف الذكور من العمل المتدني داخل المنزل ويلقون به على عاتق النساء، فإنهم يقبلون عليه طالما وجد المقابل المادي.



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجتمع الذكوري: مارينا نموذجًا
- الحركة النسوية والدراسات النسوية
- إخضاع الجسد
- عقوبة التحرش بين القانون الفرنسي والمصري
- العدالة الشكلية والعدالة الجوهرية
- تدنى المستوى التعليمي (فكرًا وممارسة) في مصر: نموذج من ورقة ...
- النخبة المصرية وحزمة البصل
- اغتصاب الثيب غير وارد!!
- بين الفرعون .. والإمام .. الرئيس منزوع الصلاحيات
- تشريح ثورة
- الدولة المدنية
- بيتي فريدان وكتاب -السحر الأنثوي-
- تقدم .. تأخر
- تأنيث الفقر
- الإسكات
- المرأة المصرية وصياغة الدستور
- النساء والانتخابات
- حواء والتاريخ النسائي
- اللغة والحط من شأن الأنثى والأنوثة والأنثوي في الثقافة المعا ...
- عمل المرأة ليس ترفًا


المزيد.....




- دعمك جالك أخيراً.. رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في ال ...
- تغييرات صغيرة تساعد النساء على تقليل آثار الشيخوخة
- نساء البلديات: كيف سيؤثر إعطاؤهن حق الترشح ببلداتهن الأم على ...
- البحرين.. صورة البناية التي سقطت من شرفتها امرأة تحاول النجا ...
- ستارمر يرحب بتعريف القضاء للمرأة بأنها أنثى بالغة
- شاهد.. الجزيرة نت ترافق امرأة غزية في مهمة إعداد وجبة طعام
- النازحون في السودان يطالبون المنظمات الدولية بإنقاذ الاطفال ...
- بفارق أقدام قليلة.. امرأة وطفلاها نجوا من موت محتم بانفجار ف ...
- هل الرجال أكثر رومانسية من النساء؟ العلم يحسم الجدل
- طريقة التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت تحديث مايو 2025 ...


المزيد.....

- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - النساء والنفايات