|
هل ينبغي ان يثق الكُرد بتُركيا ؟
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3814 - 2012 / 8 / 9 - 14:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل ينبغي للقادة الكُرد في أقليم كردستان العراق .. الوثوق بالسياسة التركية وبناء إستراتيجيات على وعود أردوغان وأوغلو ؟ . هذا السؤال يؤرِق المراقبين للأوضاع في المنطقة عموماً . أعتقد ان الإجابة ، ينبغي ان لا تكون مُبسطة ولا تقتصر على نعم أو لا . فالأمر أكثر تعقيداً مما يبدو للوهلة الاولى . أقترح ان نتعامل مع الموضوع من خلال النقاط ادناه : - يجب ان لاننسى ، انه ومنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي ولغاية 2003 [ وعلى الرغم من وجود إختلافات كبرى بين الانظمة الأربعة وتأريخ من الصراعات فيما بينها ] .. فأن إجتماعات دَورية كانتْ تُعقَد بين وزراء داخلية تركيا وايران والعراق وسوريا .. للتنسيق حول كيفية الوقوف بوجه التطلعات الكردية في هذه الدول !. - هنالك تجارب مريرة .. مّرَتْ بها الحركة التحررية الكردية ومنذ مراحلها الاولى .. حين كان الدين والولاء العشائري ، يلعبان الدَور الأبرز في الإنتفاضات والحركات المسلحة . فكمال أتاتورك ، لم يُنّفِذ أيٍ من وعوده للكُرد في تركيا .. بل بالعكس من ذلك ، قمعهم بِكُل قسوة في العشرينيات ، رغم وقوفهم معه ومساهمتهم الحاسمة في إنتصاره . حتى ستالين ، تخلى عن دعمه لجمهورية مهاباد الفتية في ايران وتركها عرضة للإنهيار . صدام حسين نكث كل العهود التي قطعها على نفسه ، ومَزق إتفاقية آذار ، واكملَ مشوار الحكومات العراقية المتعاقبة في محاربة الكرد . وأثبتتْ الأحداث ، ان إعتماد الكرد على شاه ايران وشركائه الأمريكان .. لم يكن في محله أبداً .. فحدثت كارثة 74/ 75 . وفي الثمانينيات وما بعدها ، أثبت النظام البعثي مُجّدداً، بأنه ليسَ أهلاً لثقة الكرد مطلقاً . وأخيراً وبمساعدة ومساندة من الغرب عموماً والأمريكان خصوصاً .. بزغً [ أقليم كردستان العراق ] في 1991 . - ساهمَ الحصار المزدوج على اقليم كردستان في التسعينيات ، بالتضافُر مع جشع الأحزاب الحاكمة في الاقليم .. في التشجيع على التعامل مع أنظمة الحكم في الدول الأربعة ، بدرجاتٍ متفاوتة . ف [ رئة ] الأقليم التي يتنفس من خلالها ، أي مَعبَر إبراهيم الخليل خصوصاً والمنافذ الحدودية مع ايران .. لعبتْ دوراً مُرّكباً : فمن ناحية أتاحتْ الفُرصة للعراق الرازح تحت طائلة العقوبات الدولية ، ان ( يُهّرِب ) النفط والمنتجات النفطية بكميات كبيرة ، عبر زاخو الى تركيا ، والحصول على أموال ضخمة ، ليسَ لمصلحة الشعب العراقي ، بل لحساب مافيا صدام وعائلته فقط .. وإستفادتْ تركيا على مستوياتٍ عِدة ، وكان تهريب النفط الرخيص وإستيراد البضائع المختلفة ، هو البداية الفعلية ، ل " نهوض " تركيا وإنتعاش إقتصادها ! . إيران أيضاً إستغلتْ الظروف ، وإشترتْ كل ما يخطر على البال من [ الحواسم ] والغنائم عبر منافذ الأقليم في التسعينيات .. التي تُقّدَر بمليارات الدولارات ، إشترتْها بسعر التراب .. إضافةً الى تصديرها لمختلف انواع البضائع . ولأنه لايوجد طريق بري مباشر بين الاقليم وسوريا ، فأن التهريب والتجارة عبر فيش خابور كان محدوداً . من نافلة القول .. ان وسط هذه الأجواء المشحونة بالمافيات والتهريب المُنّظَم والتواطؤ المتبادل ، فأن طبقة عُليا من الحزبَين الحاكمَين في أقليم كردستان ، نشأتْ منذ بداية التسعينيات ، ووجدتْ نفسها تحوزُ على كميات خرافية من الأموال ، لم تكن تحلم بها .. ولأن هذه العمليات برمتها ، كانتْ غير قانونية ولا تُدرَج في سجلات نظامية ولا تخضع لأي رقابة .. فيمكن إعتبارها التأسيس الحقيقي لمجمل الفساد المُستشري . ولأن الأنظمة والفئات العُليا من الطبقات الحاكمة في الدول الأربعة المُحيطة بالأقليم " وينطبق ذلك جزئياً على الأقليم نفسه " ... هي المستفيدة الحقيقية من هذا النوع من التعاملات الإقتصادية ، ويُشكل زوغاناً من الحصار والعقوبات في ، حالة العراق وايران وسوريا ، وإستفادة قصوى للإقتصاد التركي .. فأن [ الجميع ] كانوا متواطئين .. والدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة الامريكية .. أغمضتْ عينيها عن ذلك متعمدةً .. مُكتفية بجمع الوثائق والوقائع ، من أجل إستخدامها للضغط وفرض الشروط ، حسبما تتطلب مصالحها !. لو إفترضنا ، ان تركيا وايران أغلقتا حدودهما ، مع الأقليم في بداية التسعينيات ، وبغداد كانتْ فرضتْ حصارها بالفعل .. ولم تسمح هذه الدول الثلاث ، بعبور البضائع في الإتجاهين .. لإختنق الأقليم الوليد في مهدهِ وماتتْ التجربة مُبكِراً . لكن [ مصالح ] الطبقات الحاكمة أقوى من السياسة والمبادئ .. وينبغي التَمّعُن في " التنازلات " التي قّدمها قادة الأقليم و " الشروط " التي وقعوا عليها .. التي بموجبها ، وافقَ النظام العراقي حينها ، على " تهريب " النفط عبر الأقليم ! .. وكذلك التنازلات المُقدمة الى الحكومة التركية ، من اجل إنسيابية مرور النفط والبضائع .. وكذا الحال مع الجانب الايراني . كُل ذلك كان يحدث ، والعراب الامريكي يُراقب عن كثب !. - ان تراكُم التجارب في الاقليم .. خلال السنوات العشرين الماضية .. وتَرّكُز المال عند فئةٍ محدودة من الحزبَين الحاكمين .. والتوسُع المُضطرد للمشاريع التجارية ، بين هذه الفئات وبين مراكز المال والتجارة في دول الجوار ولا سيما تركيا .. بل وحتى مع شركاتٍ في دولٍ بعيدة .. والتشابُك المُعقد ، خاصةً بعد دخول " النفط والغاز " كرُكنٍ أساسي من المُعادلة .. كُل ذلك يقودنا كما أعتقد ، الى مُحّصلة مفادُها : ( القضية اليوم ، ليستْ بالدرجة الاولى سياسية ، ولا تتعلق بتقرير مصير الشعب الكردي ، سواء في العراق او سوريا او غيرها .. وإنما " المصالح " التي تجاوزتْ مؤخراً ، المحليةَ والأقليمية ، لتصبح دولية ، من خلال كُبرى الإحتكارات النفطية ، مثل اكسن موبيل وتوتال وحتى الشركات الروسية والصينية ، التي عينها جميعاً ، على أقليم كردستان النفطي والغازي ) ... أرى ان الطبقة الحاكمة في الأقليم " وبضمنها زعيم حركة كوران نوشيروان مصطفى" .. قد دخلتْ [[ اللُعبة ]] وأصبحتْ شريكاً صغيراً لللاعبين الكِبار .. والكبار هُم الغرب عموما وتركيا ثم دول الجوار الاخرى .. وما " الشعارات " القومية والوطنية التي تُرفع بين الحين والحين .. إلا وسيلة للتلاعب بعواطف الجماهير قليلة الوعي . وليسَ من المُستحيل ، ان تؤدي اللعبة ، بشكلٍ عَرضي ، الى تشكيل " دولة كردية " في العراق .. بشرط ان تكون ( مُعتدلة ) ومتوافقة مع الإستراتيجية التركية ، التي لها إشتراطات على أي كيان ذو حكمٍ ذاتي ، سواء في كردستان سوريا او كردستان تركيا !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طيارون ف 16 على الطريقة العراقية
-
- آغوات - العملية السياسية العراقية
-
عِزاز .. والله عِزازْ !
-
- أوغلو - في كركوك !
-
إطمَئِنوا .. لا خطر عليكُم مِنّا !
-
وَلَدي .. والحكومة
-
الجولان .. أهدأ منطقة في سوريا !
-
إتحادٌ - كونفيدرالي - بين العراق وكردستان !
-
مقاطِع من التنافُس الشَرِس
-
راتبٌ تقاعُدي
-
الحَرُ الكافِر في العراق
-
حمايةٌ عراقية لأولمبياد لندن !
-
لا نتفائل كثيراً بِمُستقبَل سوريا
-
الدليلُ على ضحالةِ الوضع
-
لا أحزنُ لِموت المُجرمين الطُغاة
-
اليوم الموعود
-
برميل نفط .. مقابل برميل ماء
-
بُشرى .. الأزمة العراقية على وشك الحَل
-
لو ... عادتْ عقارب الزمن الى الوراء
-
المالكي والهروب الى الأمام
المزيد.....
-
الكويت: القبض على مقيم بحوزته سلاح ناري دهس رجل أمن عمدا وفر
...
-
آلاف المؤمنين في ملقة يشاركون في موكب عيد الفصح السنوي
-
تقرير يحصي تكلفة وعدد المسيرات الأمريكية التي أسقطها الحوثيو
...
-
إعلام أمريكي: كييف وافقت بنسبة 90% على مقترح ترامب للسلام
-
السلطات الأمريكية تلغي أكثر من 400 منحة لبرامج التنوع والمسا
...
-
البيت الأبيض يشعل أزمة مع جامعة هارفارد بـ-رسالة خطأ-
-
ارتفاع حصيلة الضربات الأميركية على رأس عيسى إلى 74 قتيلا
-
الكرملين: انتهاء صلاحية عدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية
...
-
في ظلال المجرات… الكشف عن نصف الكون الذي لم نره من قبل
-
القوات الروسية تتقدم وتسيطر على ثالث بلدة في دونيتسك
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|