أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - علي الأمين السويد - مستنقع أحلام الثورة السورية















المزيد.....

مستنقع أحلام الثورة السورية


علي الأمين السويد

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 16:55
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


قبل الخامس عشر من آذار 2011، وعلى امتداد عقود طويلة تنضدت أفكار السوريين بكافة أطيافهم الثقافية و الفكرية وفق اتجاهات سياسية تتفق جميعها على الابتعاد عن خط انتقاد النظام السوري من قريب أو بعيد. وفي مرحلة من المراحل، صار تجنب انتقاد أصدقاء النظام السورية أولوية جديدة أضيفت إلى لائحة المحرمات التي أضحى من الجنون اقترافها.
و بالرغم من أن السوريين انقطعوا عن انتقاد النظام الأسدي و نقد الواقع السياسي و المعاشي حتى بين أقربائهم إلا أن هذا الإرهاب الفكري و السياسي المنقطع النظير من قبل النظام السوري لم ينجح في النفاذ إلى عقلهم الباطن لحسن الحظ و للأسف معاً.
وحسن الحظ في الأمر أنه وبالرغم من هذا الضغط الهائل من قبل النظام الأسدي بإتجاه سحق الحياة السياسية وجعلها من خانة الترف المشروط إلا أن السوريين صاروا يقضون وقتا لا بأس به في خلواتهم يقلِّبون أمور حياتهم السياسية، فتراهم يتخيلون أنهم في موقع القرار تارة، أو أنهم نجحوا في انقلاب على بشار الأسد تارة أخرى، و من ثم يبدؤون برسم سياسة جديدة فتراهم قطعوا العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدولة أو تلك، أو أنهم عقدوا اتفاقية مع هذه المجموعة الاقتصادية أو انسحبوا من معاهدة أو حتى أعلنوا الحرب على اسرائيل و ربما حرروا القدس و جلبوا معهم منبر المسجد الاقصى المصنوع في دمشق ونصبوه في الاقصى.
أما حسن الحظ في هذه الخيالات وربما أحلام اليقظة فهو أنها حقيقة حافظت على جذوة الفكر السياسي عند السوريين من التلاشي و الاختفاء نهائيا من أجنداتهم ليس إلا.
و سوء الحظ في الامر والمؤسف هو أن كل السوريين على اختلاف مشاربهم صار لديهم أحلامهم الخاصة في التغيير السياسي مرده أنهم فكروا في ذلك كلٌ على طريقته. كيف ذلك؟
جاء الخامس عشر من آذار وانتفض الشعب السوري العظيم في وجه الطغيان، وبدأت الثورة تتمدد حتى شملت كامل الفئة غير المثقفة قبل ضمها لبعض المثقفين السوريين.
كان الخروج عن الصمت بمثابة ثورة بحد ذاته وبقيت هذه الثورة في إطار الخروج عن الصمت و تشجيع الخروج عنه مدة طويلة حتى باتت بشائر النصر المنتظر تلوح للسوريين في الأفق القريب سراباً كانت أم حقيقة ،. لكن تلك البشائر صارت تشق طريقها إلى الواقع محملة بأشكال و تسميات صارت كالنجوم عددا.
هذا الفتح المبين في اقتراب النصر وليس النصر المؤزر جعل الثوار و غير الثوار يفتحون الباب لتطبيق ماكانوا يحلمون به من تغيير سياسي أيام الكبت و القهر. و هنا المأساة بعينها. فكل من كان يفكر و يحلم في سياسة كانت حبيسة عقله الباطني أطلق لها العنان الآن، وصار يضغط بكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة، المشروعة وغير المشروعة بإتجاه تطبيقها وفرضها على الآخر بإعتبار أنها الانسب و الأفضل حسب مبادئ من فكر بها.
فمن السوريين من غاص بالطوباوية فحلم بالتغيير على الطريقة الغاندية للتحرر من الأسد و اعتبر أن النموذج الغربي في الحياة المجتمعية و السياسية هو الإسلوب الامثل هذا إن كان للتحرر من الاسد أو بالنسبة للحياة ما بعد الآسد، علماً آن الأسد لم يسقط بعد.
ومنا من يريد فرض أحلامه الدينية السابقة على الواقع السوري، فكثير منا عشق شخصية أسامة بن لادن وانبهر بصلابة موقفه و رباطة جأشه ،بغض النظر عن أفعاله، مقارنة مع الحكام العرب الذين اجتمعوا مرة في شرم الشيخ و جعلوا جورج دبليو بوش يقود القطار و هم كلهم خلفه جالسين نظرات الاعجاب بوجودهم خلف بوش تقول: يا لسوء حظكم لعدم إتاحة الفرصة لكم كما أتيحت لنا. كانوا كركاب يفتخرون بسائقهم افتخار الصبية بأبيهم.
هذا الإنبهار العقلي ببن لادن وبفكرة الدولة الإسلامية العتيدة تحول إلى مشروع سياسي يعتقدون أنه يمكن فرضه فرضاً في سوريا ما بعد الأسد، فصار يُعمل و كأن المشروع قاب قوين أو أدنى من التحقيق، علماً آن الزسد لم يسقط بعد.
ومنا من حلم بدولة معتدلة،أو دولة متطرفة، أو دولة صناعية، أودولة سياحية، أودولة تجارية، أو دولة فضائية والجميع صار يريد أن يعمل عملاً على أرض واقع الثورة يفضي في النهاية إلى تطبيق ما حلم به و عمل من أجله. و الكل صار في سباق من أجل تحقيق أحلامهم و آمالهم، والكل أضحى منخرطاً في فرض أجنداته التي تتفق جميعا في شيء واحد أن من يبتدعها هو رئيسها.
و للتذكيرفقط نقول بأن من انخرط في الثورة هم كثير من غير المثقفين وقليل من المتعلمين الذين قلنا أنهم حلموا يوماً، بسبب من الاسباب، في انتاج بلد بطريقة رومانسية جاء اليوم الذي يترجم أحلامه إلى واقع مما جعل سوريا تغرق في محيط من التسميات الثورية و غير الثورية التي تعنون تشكيلاته، و ترسم حكومات انتقالية، مدنية و عسكرية، و مشتركة بكافة النسب بين المسلح و غير المسلح، وبين المدنيين و المنشقين، وبين الداخل و الخارج وهلم جرا.
لقد غرقنا بالتسميات لكثرتها و تنوع مدلولاتها مثل حكومة الظل، حكومة انتقالية، حكومة مؤقتة، حكومة تصربف أعمال، أمناء الثورة، اتحاد المجالس، جبهة ثوار سوريا، المجالس العسكرية، قيادة المجالس العسكرية للجيش الحر، الجيش الحر، المجلس الاعلى للمجالس العسكرية المشتركة، اتحاد لا أدري ماذا. لقد غرقنا و أغرقنا العالم من حولنا في محيط من الضبابية حول جديتنا و حول حقيقة امكانيتنا لأن نكون بناة حقيقيون لا عبثيون أو مهرجون راق لهم الجو فملئوا الدنيا صخباً. و لا تذكرني هذه التسميات إلا بإسم الجماهرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى.
والكل برأيه هو المصيب والآخر إما عميل للنظام الأسدي، أو عميل لدولة من الدول، أو غبي أخرق. و الكل يدعي القوة و الشفافية وتمثيل الداخل بينما الآخر متهم بأنه منفصل عن الداخل و تحيط به ملايين إشارات الاإستفهام.
ما أسعد النظام الأسدي بنا اليوم!
فها نحن نساعده على هزيمتنا من حيث أننا نحلم بهزيمته و هزيمة الاخرين منا لننصِّب من أنفسنا جبابرة على الآخرين ولنجعل منا أنظمة دكتاتورية لا تختلف عمن نقاتله طلباً للحرية.
إن المطلوب منا اليوم، و أكثر من كل يوم، هو نبذ كل هذه الأحلام الداعية لايجاد نظم سياسية مؤسسة على افكار أحادية ذات مقومات سرعان ما تزول لهلاميتها وصبيانيتها، وتلمس الواقع من جديد والسير بخطى واثقة بعيدة عن التسابق من أجل قنص سلطة من المفروض أن العقلاء يهربون منها في ظل النظام الديمقراطي الذي نسعى إليه بعد سقوط هذا الطاغية.



#علي_الأمين_السويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناف طلاس فقاعة الشبيح الأكبر
- الدولة العلوية خيارُ ما قبل الانتحار
- عقد مصيرية في مسار الثورة السورية
- الفرق بين المعارض و الثائر السوري
- براقش تقتل أهلها بعد موتها
- هل بات قيام الدولة العلوية وشيكاً؟
- المخاض المرتبك للثورة السورية
- ننتصر و لا نموت
- النظام الأسدي و أحلام الانفصال النائمة
- الشعب السوري على مائدة اللئام
- الإخوان المسلمون في سورية وأيديولوجية السيطرة
- المحنة السورية على إيقاع رقص الذئاب
- النظام السوري و استراتيجيات تشو مسكي العشر
- رومانسية تسبق سبات المنطق الحيوي
- بشار الأسد و القرد الصغير
- رائق النقري يكذّبُ كُعْبَتَهُ لصالح الأسد
- الأنظمة العربية المهترئة و إرادة الحياة
- تسقط -حماة الديار- جيشاً و نشيداً
- الحراك الشعبي و شبيحة المعارضة السورية
- فلتسقط المعارضة السورية التقليدية


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - علي الأمين السويد - مستنقع أحلام الثورة السورية