لارا سرحان
الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 20:02
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات من القرن الماضي بدأ يلفت الإنتباه منظر بعض النسوة و الفتيات و هن يضعن على رؤوسهن قطعة من القماش بطريقة مغايرة لما ألفناه في اللباس المغربي حيث النساء كن في أوائل القرن العشرين يلتحفن بقطعة من القماش الأبيض و يسمى هذا النوع من اللباس "الحايك" في المغرب و الجزائر و "السفساري" في تونس و " الملحفة" في جنوب المغرب و موريتانيا.,
في الأربعينات و أوائل الخمسينات دعت الضرورة المرأة إلى مقاومة الإستعمار بجانب الرجل و الخروج للنضال من أجل الوطن ، فكان هذا النوع من اللباس يعيق حركتها فاستبدلته بالجلباب الذي كان يلبسه الرجل، مضيفة و ضع قلنسوته على راسها بطريقة أنيقة مع لثام يختلف لونه من منطقة لأخرى. أما في البوادي فللمرأة لباسها الخاص حيث نجدها في أغلب المناطق تغطي رأسها بقبعة من القش تقيها حر الشمس صيفا و المطر شتاء.
لكن و بالضبط تزامنا مع الثورة الإيرانية أواخر السبعينات كما سبق أن ذكرت بدأنا نشاهد بعض الفتيات خاصة تلميذات الثانوي وعلى رأسهن قطعة من القماش ملفوفة بطريقة معينة و إذا ما سألت إحداهن عن سبب هذا التغيير في اللباس تقول إنها "التزمت" ، و بالموازاة أصبحنا نرى بعض الشباب يترك لحيته بدون حلاقة و يلبس السروال الأوروبى أقصر من العادة...
هناك من يسمي هذه الظاهرة بالصحوة الإسلامية هناك من يراها وعي متأخر بحيثيات دينية ظهرت نتيجة سياسة اتبعها بلد ما لكن المسألة أعقد من مجرد قطعة قماش فوق الرأس.
وصلت الفضائيات التلفزيونية مقتحمة البيوت و بدأت برامج الإلهاء الديني في برامج متخصصة تبعد الناس عن التفكير في مشاكلهم الآنية و تحصر تفكيرهم في الآخرة و فيما سيلقوا من ملذات تغنيهم عن التفكير في الفساد و الفقر و...و...و...هذه هي سياسة الفراغ حيث يترك المواطن لقدره، لذا أخذ الدين النصيب الأكبر من الإهتمام في الدول المتخلفة لملء بعض الفراغ و لتعويم العامة داخل رمال متحركة لن يخرج منها إلا النزر القليل. كما أصبحت الرحلات خارج البلاد ذات اتجاه واحد لأداء العمرة لا غير و من تلك الديار يستورد ذلك النوع من الألبسة
ههنا أتساءل عن الالتزام، ماهو الالتزام ؟ حسب معلوماتي المتواضعة الالتزام بالشيء هو العمل به وحده هذا تعريف بسيط و في السياق الديني الإلتزام هو العمل بالقرآن و السنة، أتساءل مرة أخرى المغرب بلد إسلامي الأغلبية تقوم بشعائر الدين الإسلامي إذا ما الهدف من هذا الإلتزام الأحادي البعد؟ إن صح التعبير...
أصبح المجتمع المغربي يعاني من مرض الانفصال، انفصال العقيدة عن السلوك، انفصال التدين عن الأخلاق الكل أصبح ملتزما يحث على أداء الفرائض و السنن و يزيد من لدنه فرائض أخرى... لكن ممارسة الموبقات من الأفعال لم ينته عنها أحد ، الرشوة و التزويرو السرقة و النميمة و... و...و... عندما أقول الكل أو الجميع لابد أن هناك من يراعي ضميره لكن أؤكد أن الأغلبية تمارس هذه الموبقات إضافة إلى الخرافات الأخرى كالسحر و الشعوذة دون أن يؤلمهم ضميرهم الديني.
إن تغطية الجسم بتلك الطريقة (النقاب) - حيث لا يعرف من تحت الغطاء هل هو رجل أم امرأة- يشجع على الفساد أكثر ممايشجع على الفضيلة و الأخلاق لأن إخفاء الهوية محرض على الخطأ و قد يبعث في النفس جرأة أكثر على ارتكابه مثل اللصوص الذين يخفون وجوههم حتى لا تعرف هويتهم واكتسابا لجرأة أكثر لارتكاب جرائمهم. لذا الظلمة لم تكن قط مصدرا للنورو لا العبودية دافعا للأخلاق و لا الموت مصدرا للحياة أو الفناء مصدر الوجود. هل لقطعة من القماش فوق الرأس أو الوجه أن تحول دون المرأة و ارتكاب المعاصي؟ هل الشعر في الوجه و الطاقية فوق الرأس يمكن اعتبارهما رمزا للإنسان المسلم؟
إن قراءة الدين المنتشرة تعد قراءة إجرائية و ليست سلوكية الدين أصبح يعرض منفصلا عن الاخلاق مختصر في مجموعة من الإجراءات، فكل من يصلي متدين و كل من يصوم متدين و كل من يذهب إلى السعودية عدة مرات في السنة متدين.... العبادات أركان مهمة في الدين لكنها في نفس أهمية المعاملات و ليس أهم منها. التدين الحقيقي مرادف للأخلاق و يجب أن يتطابق معها الأخلاق بلا تدين أفضل بكثير من التدين بدون أخلاق، و التشدق بالآيات القرآنية و الأحاديث النبوية دون فهمها ووعيها أو وضع قطعة قماش على الرأس، إن هذه التصرفات مجرد محاكاة و أفعال لا يمكن بواسطتها تخليص المجتمع من الفساد المتفشي فيه.
بدل من حث المرأة على تغطية شعرها يجب حثها على التعليم لأن تعليمها سيؤدي بها إلى فهم و تدبر أكثر لحقوقها وواجباتها و إلى ربط علاقات أفضل بالآخرين مما سيجعلها في مرتبة أعلى و مركز مؤثر قادر على جلب احترام لا يمكنها الحصول عليه مع الجهل و الأمية. أي رجل يحس بنفسه مهاجم أمام امرأة متعلمة أو مجرد تقرأ و تكتب، إنه هو من يريد تعليمها القراءة و الكتابة حتى لا تفلت من بين يديه، لأن قرونا من الفرادة و القوة في كل شيء يصعب بعدها التأقلم مع امرأة أصبحت إنسان فلنحشرها إذن داخل قطعة من القماش ترى عبرها النور بصعوبة، و لنقل "لا" للإختلاط لندخل من باب يهابه و يقدسه الجميع "الدين".
إنه مخطط جهنمي قصد إبعاد المرأة عن الحلبة بعدما ناضلت للخرو ج إلى الضوء فلنرجعها إلى الظلام، يكفي المرأة أن تتعلم أمور دينها لان واجبها الأول و الأخير هو مهمتها الطبيعية الإنجاب و المحافظة على النسل... تربية هذا النسل لا تهم .... لقد كانت تنحية المرأة بطريقة معينة طريقة جد ذكية. إن الكرامة ليست أن يحصل الإنسان على طعام و لكن أن لا يمد يده لطلبه، المرأة لا زالت تستجدي كل شيء فهي بعد آلاف السنين من الخضوع تحاول أن تحس أنها ذلك النصف الذي يكمل به البناء لذا فهي تستجدي الطرق التي تكون بها عند حسن الظن و وضع قطعة قماش على رأسها باسم الدين إحداها.
يجب علينا أن نستعيد قراءتنا للدين، للإسلام و أن نقرأ هذا الدين قراءة صحيحة منفتحة لأن الإسلام يعتبر المرأة إنسانا كامل القدرة و الأهلية، و ليس مجرد جسد، من العار أن تعتبر المرأة مجرد جسد مجرد أداة متعة ووسيلة غواية و أن أي نشاط لها خارج هذا الإطار يظل فرعيا و هامشيا. يجب احترام آدمية و إنسانية المرأة و أن لا تبقى ضيقة مختزلة في كونها مجرد جسد يشغل الرجل بتغطيته هروبا من إثارته، يجب على المرأة مغادرة مواقع التبعية و الدونية و المواطنة الناقصة و ذلك بالبحث عن علل انحطاطها قبل البحث عن علل تقدمها إذا كانت تعتبر تغطية جسمها بطريقة ما تقدما.
هناك من يرى أن الإسلام هو السبب وراء الوضع المتدنى للمرأة، لكن السبب الرئيسي لهذا الوضع هو التخلف بصفة عامة التخلف و الرجعية و محاولة تفسير الدين تفسيرا خاطئا و استعماله لخدمة مصالح معينة...
تقول سارا كانتوس في كتابها الحجاب:" المتأمل في خطاب أنصار الحجاب من جهة ، و دعاة السفور من جهة أخرى، يجد أن التركيز على مظهر المرأة و اختزال قضاياها في النقاب و الخمار و البرقع يخفي قضايا تتصل بحقوق الإنسان و الديمقراطية و العلمانية و الهوية و المواطنة، و الخيارات الإديولوجية و طريقة تمثل الحداثة و غيرها من المسائل. و معنى ذلك أن قضية "الحجاب" تنهض بوظيفة الحجب فتسدل الستار عن قضايا هي في الواقع أهم بكثير من مسألة حجب الجسد الأنثوي".
#لارا_سرحان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟