عادل الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 23:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل من سبيل لحل الأزمة العراقية
أزمة وأزمات تستفحل كل يوم حتى أنها بدت مستعصية على الحل في ظل هرج ومرج وتراشق واتهامات ونشر غسيل ، والذي ينظر إلى هذه الأزمة واستفحالها يرى أنها ليست وليدة الحاضر ، بل هي نتيجة لأخطاء تراكمية سببها تبني مواقف وأفكار خاطئة ومهلكة ، فالمتفحص لهذه الأزمة يجد أنها لا تخرج عن كونها أزمة طائفية تقسيمية ، وإنها أزمة منافع ومصالح ومناصب ، تبرز فيها التبعية لجهات خارجية بقوة ووضوح ، وعلى هذا نجد كل يوم اجتماعات تعقبها تصريحات ، وسفر لدول الجوار وغيرها تعقبها اقتراحات ، وزيارات وخطط ومدد ، وكل هذا هو عبارة عن لف ودوران وضحك على الذقون ، لان سبب الأزمة الخانقة هي المواقف التي تتبناها أطراف الأزمة ، فهذه الأطراف هي التي خلقت الأزمة نتيجة مواقفها الطائفية التقسيمية الانتهازية النفعية المصلحية التبعية ، ولان هذه المواقف أصبحت ثوابت لدى هؤلاء لا يمكن لهم أن يتخلوا عنها ، فلن يتمكن هؤلاء من حل الأزمة ، وان حل الأزمة يجب أن يكون من خارج هذه المنظومة وأقطابها وكتلها ، فنحن بحاجة إلى طرف أو أطراف أخرى لا تؤمن و لا تتصرف على أساس الطائفية والتقسيم والانتهازية والتبعية والمصلحية الحزبية أو الشخصية ، وعندما يكون القرار بيد مثل هذه الجهة أو الجهات فان الحل سيكون ممكنا وواقعيا بدون الحاجة إلى زيارات مكوكية لدول الجوار أو غيرها ، وبعكسه فلن يتم حل أزمات العراق لا باجتماع وطني ، ولا باجتماع اربيل ، ولا بزيارة أمريكا ، و لا بزيارة إيران أو غيرها من الدول ، و لا بتهديدات أو نشر فضائح عبر الفضائيات ، و لا بقتل أو تهديد أو قنابل صوتية ، وستظل الأزمة تستفحل يوما بعد يوم منتجة آثارا سيئة ، منحدرة بالعراق وشعبه من سيء إلى أسوأ ، وهذا ما أشار له السيد الحسني الصرخي عندما قال في لقاءه مع جريدة النهار اللبنانية ( فمع كل هذه المصالح المتقاطعة والقوى المتصارعة ودور أجهزتها الأمنية و المخابراتية ، فأننا نتوقع كل ظلم وفساد وقبح في العراق ، و لا نتوقع أبدا الاستقرار والأمن والأمان ، ما دمنا تابعين للغير خاضعين له قد سلبت إرادتنا ، فلا خلاص ، ولا خلاص ، ولا خلاص ، لان الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).
والتغيير المطلوب هو ليس تغيير في مواقف الكتل والأحزاب والجهات التي تدعمها ، وليس هو تغيير مواقف الدول المتصارعة في العراق ، فهذه الكتل والأحزاب والدول حتى لو غيرت بعض المواقف ، فانه سوف يكون تغييرا تكتيكيا وليس تغييرا في الأفكار والمتبنيات ، وعليه فالتغيير المعول عليه هو تغيير مواقف الشعب العراقي بعد أن مرت عليه تلك السنون العجاف ورأى ولمس فيها حقائق السياسيين والرموز التي تدير البلد حتى وصلت الحالة إلى اليأس من كل خير في هؤلاء ، وهذا التغيير في مواقف الشعب ينتظر أن يكون المبادر فيه الطبقات المثقفة الواعية من أساتذة وأكاديميون ومحامون وحقوقيون ومعلمون وفنانون وأدباء وشعراء وغيرهم ممن ينتظر منهم التحرك لتغيير الواقع عبر تغيير الأفكار والمواقف ، فكيف بشعب عريق مثل الشعب العراقي ممتدا عبر التاريخ الإنساني وهو صانع الحضارات على طول التاريخ ، يقف ساكنا كأنه غير موجود رغم إن الأمر كله بيده ، فهو بمجرد التحرك سيغير الكثير ، وعلى هذا الأساس يستنهض السيد الحسني الصرخي الشعب العراقي لتغيير وضعه قائلا : ( .. فكيف يترك الشعب العراقي المظلوم في هذا التيه الكبير والظلام الفكري الثقافي المطبق بحيث تأخذه أمواج الفتن والخدع والمكر والنفاق يمينا وشمالا ، بل يخدع ويفتن بأوهن الأمور وأتفهها حتى صار أوضح مصاديق الاستخفاف الفرعوني والإطاعة الذليلة المهينة الجاهلة الظلامية ، فأين انتم يا عقلاء القوم ؟ أين القضاة والمحامون ؟ أين أساتذة الجامعات وطلابها ؟ أين الأطباء والمهندسون ؟ أين الأدباء والمثقفون ؟ أين الإعلاميون والمعلمون ؟ أين أهل السياسة والمجتمع الوطنيون ؟ أين رجال الدين أهل النزاهة والورع الصادقون ؟ أين العراقيون ؟ أين العراقيون ؟ أين العراقيون ...؟؟!! ولكن طالما قلنا وحكينا ونادينا وناشدنا ونصحنا وأرشدنا وتوسلنا ولكن أين المجيب ) . وان خير شاهد على امتلاك الشعوب قرار التغيير ما حدث في الوطن العربي من ثورات الشعب العربي التي غيرت اعتى الأنظمة الدكتاتورية المرتبطة بدول خارجية ، نعم هناك من يحبط ويثبط هذا الشعب ويحاول بكل جهده ثنيه عن التحرك للتغيير ، لكن أن نفهم إن هؤلاء المحبطين الذين يقلبون الأمور لنا ، إنما يفعلون ذلك من اجل مصالحهم الشخصية والحزبية ومنافع دول تابعين لها وليس من اجل مصلحة الشعب العراقي ، فليس من مصلحة الشعب أن يظل فقيرا جائعا مريضا مهانا ذليلا ، بلا خدمات صحية أو بلدية أو تربوية أو غيرها ، كأنه يعيش في قرون ما قبل التاريخ في إحدى الدول الفقيرة وليس في دولة النفط الأولى في القرن الحادي والعشرين .
#عادل_الموسوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟