|
تأصيل مفهوم الاستبداد السياسي
إسلام محمد السيد
الحوار المتمدن-العدد: 3751 - 2012 / 6 / 7 - 08:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تأصيل مفهوم الاستبداد السياسي الخطوة الاولى : التعريف التعريف في اللغة يرجع الاصل اللغوي لكلمة استبداد إلى اللغة اللاتينية القديمة والتي تعني رب الأسرة أو سيد المنزل .Despots وتم استخدامها في المجال السياسي لتعبر عن أنماط الحكم الملكي المطلق الذي تكون فيه سلطة الملك على رعاياه مماثلة لسلطة الأب على أبنائه . أما في اللغة العربية فالمعنى يعني التفرد بالشئ والغلبة عليه والمستبد هو ذلك الشخص الذي ينفرد برأيه في كل أمر ينبغي أخذ المشورة فيه. وهذا المعنى يتماشى مع مفهوم الاستبداد لغويا عند الكواكبي حيث ان الاستبداد هو غرور المرء برأيه , والانفة عن النصيحة , أو الاستقلال في الرأي والحقوق المشتركة . حيث نجد أنه في لسان العرب لأبن منظور نجد أن الفعل استبد من المصدر " بدد" أي تفرد بالشئ .من هنا لا بد أن يتجسد الاستبداد في شخص أو فئة فيقال : استبد به أي انفرد به, واستبدً بمعنى ذهب, واستبد الأمر بفلان بمعنى غلبه فلم يقدر على ضبطه, واستبد بأميره غٌلبً على أمره, فهو لا يسمع إلا منه , وفي حديث علي رضي الله عنه قال: كنا نرى في هذا الأمر حقا فاستبددتم علينا فيقال استبد بالأمر, يستبدُ به استبداداً, إذا انفرد به دون غيره, واستبد برأيه: انفرد به, "واستبد الأمير بالسلطة أخذها لنفسه ولم يشارك فيها أحداً, ولم يستشر فهو مستبد ." ويمكن استخدام كلمات اخرى مقابلة للاستبداد لغويا منها "استعباد , اعتساف , تسلط , تحكم , وفي مقابلتها مساواة , حس مشترك , تكافؤ , سلطة عامة . والمستبد .
التعريف الاجرائي يعتبر الاستبداد من أكثر الظواهر المرتبطة بوجود السلطة منذ بداية تكوين المجتمع السياسي للأمم المختلفة ولم يكن الاستبداد حكرا على أمة دون غيرها فقد شهدت كل الأمم حالات من الاستبدا السياسي خلال تاريخها المتعاقب حيث التفرد بالحكم والسلطة وتسخيره لتحقيق أهداف خاصة وفردية دون مراعاة للمصلجة الجماعية . وتعتبر الدراسة في الاستبداد السياسي هو دراسة في الاجتماع السياسي وهو لا يوجد من فراغ ولكن يوجد من خلال عوامل مختلفة وعوامل متداخلة مترابطة من الدوافع والشروط فيها يتداخل الذاتي والموضوعي والداخلي والخارجي والاقتصادي والثقافي . الاستبداد خلال تاريخ الأمم عرف باسماء عديدة منها الطغيان والتي تشير إلى أنظمة الحكم التي تسرف في استخدام القوة في إدارة السلطة , والسيطرة السياسية التامة بواسطة حاكم فرد " وكذلك مترادف للحكم القسري التحكمي المتعارضين مع الحرية السياسية والحكومة الدستورية وحكم القانون " أما ارسطو فيرى أنه حكومة فرد يلي على وجه ملوكية لا موضوع الا المنفعة الشخصية للملك, وحكومة فرد يلي على وجه السيادة أمر الجماعة " او ان الطغيان هو الملوكية المطلقة التي تحكم , وهي بمعزل عن كل مسؤلية وفي منفعة السيد وحده , رعاياه يساوونه وأحسن منه , دون ان يعني شيئا ما بمنافعهم الشخصية ومن اجل ذلك كان حكومة عنف لانه لا يوجد قلب حر يحتمل بصبر هذا السلطان " وكان مونتسكيو اول من ابرز مفهوم الاستبداد فهو عند مونتسكيو " حكم شخص واحد , بلا قوانين ولا احكام ويسير كل شئ بإرادته ومخاتلاته " اما عبدالرحمن الكواكبي فيرى ان الاستبداد السياسي هو صفة للحكومة المطلقة العنان فعلا او حكما , التي تتصرف في شؤن الرعية كما تشاء دون خشية حساب أو عقاب محققين " المستبد "من تفرد برأيه واستقل به، فقد يكون مصلحا يريد الخير ويأتيه، أما الطاغية فيستبد طبعا مسرفا في المعاصي والظلم، وقد يلجأ في طغيانه إلى اتخاذ القوانين والشرائع ستراً يتستر به، فيتمكن مما يطمح إليه من الجور، والظلم، والفتك برعيته، وهضم حقوقها. وقد يكيف فظائعه بالعدل فيكون أشر الطغاة، وأشدهم بطشاً بمن تناولتهم سلطته أما في العصر الحديث فتم استعمال مفهوم الديكتاتورية لتوضيح النظام السياسي القائم فيتجمع جميع السلطات بيد شخص واحد , يمارسها حسب مشئيته . الانفراد بإدارة شؤون المجتمع السياسي من قبل فرد أو مجموعة أفراد دون بقية المواطنين. ويكتسب الاستبداد معناه السيئ في النفس ليس من صفة الانفراد وحدها، ذلك أن جذر الكلمة لا يفيد أي معنى سلبي أو غير سلبي، بل يستفيده من كونه اغتصابا واحتكاراً لحق مشترك مع آخرين. فالاستبداد السياسي يفترض ابتداء وجود علاقة بين طرفين متساوين في الحقوق والواجبات العامة، ينفرد أحدهما (بالحقوق المشتركة= إدارة شؤون المجتمع السياسي) دون الآخر. فهو فعل يقوم على الاستحواذ والاستيلاء والسيطرة على "شيء" هو حق مشترك مع الغير؛ فالمستبد يستولي على "الشيء" دون وجه حق. فالسمة الجوهرية في الاستبداد هي "الانفراد دون وجه حق . ما ينبغي أن نلاحظه هو إن الطغيان محايد لفعل الاستبداد، فهو ليس شيئا آخرا منفصلا عنه، ذلك أن معنى الطغيان هو مجاوزة القَدْر أو الحد، والاستبداد السياسي ابتداء هو تجاوز للحد -الحد الفاصل بين الخاص والعام- فهو طغيان. قد نميز بين فعل استبدادي وآخر، لكننا لا يمكن أن ننفي عنه صفة الطغيان؛ فليس العنف أو القهر أو عدمهما هما اللذان يعبران عن طبيعة الاستبداد فيجعلان من فعل ما طغيانا، وانعدامها يجعلان منه استبدادا. العنف فيما نرى لا يغير جوهر الاستبداد السياسي، أي كونه طغيانا، فهذه الصفة -الطغيان- ملازمة لفعل الاستبداد سواء تم بالترغيب أو بالترهيب، واستخدام الجزرة أم العصا. فالعنف أو القهر والجبر لا يعبر عن طبيعة فعل الاستبداد، بل يشير إلى الوسيلة التي ينشئ بها المستبد فعله، والعنف أيضاً أشكال ودرجات؛ فأيها نعده طغياناً وأيها لا نعده فالفعل المؤسس للاستبداد هو فعل الاستيلاء، أي "انتزاع الحكم والقبض عليه من دون تفويض من المجتمع أو ضد إرادته" وبالتالي يمكن القول بأن الاستبداد السياسي هو عقلية واسلوب للنظام السياسي يقوم على الانفراد بالحكم مستخدما في ذلك كافة الادوات المتاحة للانفراد سواء أدوات بقوة ناعمة أو بقوة غاشمة للسيطرة على مقاليد الحكم والانفراد بصنع القرار . وما نقصده من وسائل قوة ناعمة مثل توظيف الاعلام وتشويه المعارضة ومنع حريات التعبير والكتابة إلى غيرها من انواع الحريات وقد يكون ايضا القانون احد الأدوات وكذلك الدين . أما القوة غير الناعمة والغاشمة فهي التي تعتمد على التصفية الجسدية والروحية للمعارضة من خلال الاعتقالات او النفي او لتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان او من خلال النفي أو من خلال الموت . تسكين المفهوم : يعد مفهوم الاستبداد مفهوم مركب لأنه مركب من الاستبداد والساسية وكذلك يرتبط بالعديد من المفاهيم من نظم السياسية والديكتاتورية والشمولية والنازية والفاشية والطغيان دواعي وضرورات بناء المفهوم : يساعد مفهوم الاستبداد في التعرف على شكل نظام الحكم وتحديد ايديولوجية النظام ومعرفة قدرة المعارضة في الانظمة الديكتاتورية المستبدة .
الخطوة الثانية : الامكانات والقدرات في بناء المفاهيم : الجماعة العلمية : هو مفهوم قديم من حيث النشأة وقد تناوله العديد من الباحثين لما له من اهمية فقد تناوله بعض الباحثين والمفكرين الاسلاميين امثال الكواكبي والغزالي وغيرهم وقد تناوله من المفكرين الغربيين امثال افلاطون وارسطو ومونيسكيو وغيرهم. الجمع بين التعريفات : حكم فردي أو جماعي مطلق نظام متفرد برؤيته في إدارته للبلاد نظام قمعي وقسري نظام لا يحترم القانون
الخطوة الثالثة :اتجاهات بناء المفهوم : أ ) دراسات التخصص : العلوم الاجتماعية ب ) المجال موضوع التنأول : من منظور العلوم السياسية ج) الاتجاهات الأيديولوجية والمذهبية لعل الحديث عن الايديولجيات وتحدثها عن الاستبداد يجلعنا نتناوله من خلال محورين المحور المحور الاول ايديولجيات تناولت في جوفها الاستبداد مباشرة : 1 – الفاشية : الفاشية تـاتي من كلمة ايطالية اصلها fascio وهي تعني حزمة من الصولجانات وقال انها ايضا مأخوذه من اللفظ اليوناني Faseismوهو يعني الاتحاد او العصبة وبداية ظهورها في ايطاليا كانت عقب انتهاء الحرب العالمية الاولي وذلك لتعرض ايطاليا لازمة اقتصادية جعلت من موسليني يصل الي الحكم ومن ثم عمل علي تأسيس الحزب الفاشي في عام 1922 م حيث انها عادة ما تظهر الفاشية وقت حدوث الازمات . وللفاشية شقين : فاشية سياسية وتعني اعطاء سلطات اكبر للسلطة التنفيذية علي حساب السلطات الاخري . فاشية اقتصادية وتعني القضاء علي فكرة النقابات المختلفة ومن ثم تفرض علي كل الافراد داخل النقابات ان ينتموا الي الحزب الفاشي . مبادئها : للفاشية عدة مبادئ تقوم بالاساس علي فمرة تمجيد الامة والقول بعدم المساواة بين الافراد ويمكن تلخيص تلك المبادئ في التالي : احقية الدولة في التدخل في حياة الافراد . تقوم فكرة المواطن بالاساس ووظيفته داخل الدولة في خدمة المجتمع . القضاء علي فكرة الحرية الفردية او الحريات الشخصية . ويظهر الاستبداد بصورة كبيرة في الفاشية حيث تكون شكل الحياة في ظل القيادة التي تنتهج الايديولوجية الفاشية كالتالي : الحياة السياسية : كما ذكرنا ان الفاشية عادة ما تظهر في وقت الازمات ، حيث يكثر القول بانه لديه الحل لحل تلك الازمات ومن ثم يتجه الناس لتأيده والالتفاف حوله ويعطوهم السلطة عن طريق انتخابات سلمية ، ثم يستولي الحزب الفاشي علي السلطة ويبدأ شيئا فشئ بتولي الوظائف المختلفة في السلطات من سلطة تشريعية وتنفيذية وتشريعيه وفي ظل هذا لا يسمحوا بوجود احزاب معارضة لهم او لسياساتهم . الحياة الاقتصادية : تظهر العديد من الملامح للحياة الاقتصادية في ظل الفاشية يمكن تلخيصها في التالي : تشجع الاقتصاد الخاص في حالة ما يكون يخدم مصلحة البلاد ويحقق اهداف الحكومة . تفرض الفاشية رسوم جمركية مرتفعه علي البضائع والسلع الضرورية التي يتم استيرادها من الخارج حتي تضمن غلبة المنتج المحلي . تمنع الفاشية تواجد اضرابات او اعتصامات او التوقف عن الانتاج . تمنع اقامة نقابات عمالية مستبدله ذلك بشكبات المنظمات . تقوم الحكومة بتحديد سياسات الاجور وساعات العمل ونوع المنتج . الحرية الشخصية : تظهر ملامح الحياة الشخصية في اطار النظام الفاشي فيما يلي : تمنع الانظمة الفاشية وجود اي اراء معارضة لها وذلك عن طريق التحكم في الصحف ومنع طبع اي مطبوعات من شأنها معارضة النظام القائم . فرض ضرورة تعلم الاطفال المفاهيم الفاشية عن طريق فرض التحاقهم بمنظمات الشباب. النظر الي باقية الشعوب علي انهم اقل منهم . تقيد تام للحريات الشخصية . وفي المجمل نستطيع ان نقول ان الاستبداد يظهر في الايديولوجية الفاشية في التالي : ان السلطة في الفاشية ترتبط بطبقة النخبة اوالطبقة العليا . منع الحريات الشخصية وتحجيم حرية الراي والاعلام والصحافة بل تكاد تكون ممنوعة ممارسة أي حرية من تلك الحريات . محاولة تضليل الرأي العام وذلك عن طريق التحكم في انظمة الاعلام المختلفة وارغامها علي السير في الطريق الذي تسير فيه الحكومة .
2 – النازية : لم تخلتف النازيه في نشأتها وتوقيت نشأتها عن الفاشية حيث انه بعد الحرب العالمية الاولي اصيب المانيا بازمة اقتصادية كبيرة حيث دفعت تلك الازمة الي ضرورة وجود اتحاد للعمال يساعد علي التخلص من تلك الازمة وبالفعل تم هذا حيث قام كلا من آنتون دريكسلر والصحفي كارل هارير في عام 1919 بعمل حزب العمل الالماني . وتأتي كلمة نازية من كلمة نازي nazi وهي اختصار لكلمتان بالالمانية تعنيان الوطني الاشتراكي وهي بالاساس من الايديولوجيات الشمولية وساوي البعض بينها وبين الحزب الوطني الاشتراكي . وتنادي النازية بالاساس الي اعلاء العادات والتقتاليد والثقافة الالمانية والاعتراف بكون القومية الالمانية هي القومية العليا والمثلي وتفوق احد الاعراق البشرية علي غيرها حيث كان العنصر الاري هو المتفوق مكرسة ديكتاتورية كبري تحت شعار " رايخ واحد ، شعب واحد ، فوهرر واحد وتعني الديكتاتور الواحد ". ومن أهم مبادئ النازية : تفضيل العنصر الآري علي مختلف الاجناس والتقليل والانحطاط بالعناصر الاخري السامية وخاصة اليهود حيث كان هناك تقسيم عنصري علي رأسه العنصر الآري واخرها اليهود . اعطاء كافة الصلاحيات للزعيم واعطاءه العصمة من الخطأ. لا شئ يعلو الدولة والجميع يعمل من اجل الدولة فقط لا غير . الاعتراف بالقوة والاخذ بنظام التوجه نحو الحروب . الاعتراف بقاعدة ان هناك مخلوقه لكي تكون حاكمة وأخري خلقت لتكون محكومة. وفي هذه المبادئ عامة ومبدأ اعطاء كافة الصلاحيات للزعيم تجعل منه مستبد لا رقابة وبلا اعتراض فالزعيم هو كل شئ وهذا ما يجعله يستبد في الاخذ بالقرارات وفي صنع السياسات . المحور الثاني الايديولجيه فكرة استبداديه : ظل الكثير من الباحثين يخلط ما بين لفظ السياسة والايديولوجية بل اتي البعض ليربط بين الايديولوجية والاستبداد ولكي نوضح الامر لابد لنا من ان نضع تعريف لمعني الايديولجيه ومعني الاستبداد . ايديولويجه : هو لفظ استخدمه للمرة الاولي العالم الفرنسي ديستات تريسي في عام 1936 م وذلك في كتابه تحت عنوان عناصر الايديولجيه وقد كان يعني بهذا العلم انه العلم الذي يدرس مدي صحة أو خطأ الافكار التي ياتي بها الناس . ولكن كما تتعرض العديد من الفماهيم السياسية لازمات هي ازمات نقل واستعمال تعرض مفهوم الايديولوجية من كونها علم يدرس مدي صحة الافكار أو خطاءها فقط الي علم يدرس يدرس الانظمة الفكرية والعاطفية المختلفة . ومن ناحية الايديولوحية السياسية يعرفها الكثير علي انها هي " التي يلتزم ويتقيد بها رجال السياسة والمفكرون السياسيون إلى درجة كبيرة بحيث تؤثر على كلامهم وسلوكهم السياسي وتحدد إطار علاقتهم السياسية بالفئات والعناصر الأخرى. والايديولوجيات السياسية التي تؤمن بها الفئات والعناصر المختلفة في المجتمع دائماً ما تتضارب مع بعضها أو تتسم بالأسلوب الإصلاحي أو الثوري الذي يهدف إلى تغيير واقع وظروف المجتمع. لكن جميع الايديولوجيات تكون متشابهة في شيء واحد ألا وهو أسلوبها العاطفي وطبيعتها المحركة لعقول الجماهير"( ) . وكان الربط ما بين الايديولوجية وبين الاستبداد تتلخص في ان الايديولوجية ترتبط بالسلطة من حيث مسألة المشروعية لان ما يشغل اي سلطة هو كسب المشروعية التي تضمن لها ان تبقي مدة اطول في الحكم وفي هذا الصدد جاء روسو ليقول لنا " ليس للأقوى ما يكفي من القوة ليكون دائماً هو السيد إن لم يحول قوته إلى حق، وطاعته إلى واجب " ولإكتساب هذه السلطة يكون هناك طريقتين هما العنف الملموس والعنف الغير ملموس . وأتي ماكس فيبر عالم الادارة المعروف ليقول لنا ان تلك المشروعية هناك ثلاث طرق لاكتسابها تتمثل في : التراث التقليدي الكاريزما العقلانية او القانونية وفي ضوء ما جاء به ماكس فيبر جاء ديفيد استون ليفسر بطريقة أخري طرق المشروعية وقد لخصها في الزعامة الشخصية الايديولوجيا والشرعية البنيوية. ولعل في وقتنا الحالي ومنذ بداية القرن العشرين بدأت الانظمة تتنطلق من فكرة العنف الملموس الي العنف الغير ملموس المتمثل في الخطاب السياسي الذي يحمل في طياته قدرات عالية في الزعامة الشخصية والكاريزما التي انتقلت من استخدام الخطاب السياسي كوسيلة لها الي استخدام الايديولوجيات للتستر الاستبداد تحت منها . وبصفة عامة في غالبية دول العالم الثالث " العالم الثاني حاليا " ترتكز الانظم علي احدي وسيلتين وهما أسس كارزمية تقوم علي اساس مشروعية دستورية اساسها الاجراءات القانونية التي تضع مجموعة من الضمانات في شكل العلاقات بين الحكام والمحكومين تحدد فيها الحقوق والواجبات الملزمة لكل من الطرفين وان كانت في معظمها تضمن العديد من الحقوق للحكام في فرض الواجبات علي الحكام. المشروعية الايديولوجية حيث يقوم الحكام باستخدام الزعامة الشخصية متنبنيين في ذلك بعد الايديولوجيات بحيث يكون هذا الشخص ممثل لتلك الايديولوجية أو حاميها وذلك يمكنها من الاستبداد والاحتكام الي طرق ديمقراطيةوهي الحكم باتجاهات الفكرية ودوافعه الشخصية ولكنه يكون تحت لواء الايديولوجية . ومن ناحية أخري نستطيع ان نقول ان الايديولوجيات تؤدي الي فكرة الاستبداد وذلك لكون احدي وظائف الايديولوجية في المجال السياسي هي التمييز حيث تجعل هناك مؤيدين ومعارضين لها وبالطبع تدفع الي تواجد فكرة الأنا والاخر ومن ثم تفضيل الأنا علي الاخر ومحاولة التنكيل بالاخر واثبات انه لا شئ وان الاساس الصحيح للحكم يتواجد في وجهة نظر الأنا . الخطوة الرابعة : اتجاهات بناء المفهوم مستويات المفهوم اولا عناصر المفهوم ( تشريح المفهوم) تتجمع عدد من العناصر المترابطة والمتداخلة في تكوين مفهوم الاستبداد السياسي ومنها العنصر الثقافي : حيث ان الاستبداد السياسي يعمل على نشر ثقافة الخوف والتي تعتبر من اهم مكونات الاستبداد عن الجماهير . العنصر السياسي : حيث ان الاستبداد السياسي نظام سياسي يؤدي إلى قمع الحريات وغياب الديمقراطية بكل مقوماتها . العنصر الاقتصادي : يقوم المستبد بتركيز الاموال في أيدي فئة قليلة مما يؤدي غلى حدوث أنه في حالة حدوث إي تغيير لتلك الطبقة يتاثير المجتمع . العنصر الاجتماعي : تؤدي سياسة الاستبداد السياسي إلى شيوع الفقر والفوارق الطبقية ووجود مهارات تعليمية وصحية ضعيفة . ثانيا ترشيح المفهوم هناك العديد من المفاهيم المرتبطة بالاتبداد السياسي ومنها الديكتاتورية : هي نظام حكرمي الذي يتولى فيه سخص واحد جميع السلطات في الغالب بطريقة غير شرعية , ويملي قرارته واوامره ولا يكون أمام باقي المواطنين سوى الخضوع و الطاعة . وهو لا يختلف عن مفهومالاستبداد السياسي في جوهره وقد يكون هناك ديكتاتور مستنير كما هنا مستبد مستنير , فهو يوجد في ظل إطار قانوني كما تصوره افلاطون وارسطو وإما يوجد بامر واقع كما هو في صورته الحديثة . الشمولية : وهي شكل من اشكال التنظيم السياسي الذي يقوم على إذابجميع الأفراد والمؤسسات والجماعات في الكل الاجتماعي عن طريق العنف والإرهاب , ويمثل هذا الكل قائد واحد يجمع في يديه كل السلطات وهو في الغالب شخصية كاريزمية له قوة سحرية على جذب الجماهير ., ويطلقون عليه لقب الزعيم ويطعيعونه طاعة مطلقة .وتكون اهم صفات وخصائص الشمولية انها نوع من انوع الحكم التسلطي ولكن تختلف في تمسكها بالمبدأ القائل ان الاساس الوحيد المقبول لشرعية الحكم هو قبول لمحكوم بالحاكم وموافقته عليه . السيطرة على كافة وسائل الاعلام مع وجود ايديولوجية توجهها وقائد يجمع في ايده جميع السلطات ولا تقبل بمبدأ الفصل بين السلطات واستخدام القوة في مواجهة المعارضة . وأصبح المفهوم يدل على حكومات تماارس السلطة بلا مؤسسات نييابية أو كوابح دستورية . الاوتوقراطية وهي الحاكم الفرد الذي يجمع السلطة في يده ويمارسها على نحو تعسفي وقد يكون هناك دستور , وقد تكون هناك قوانين في الظاهر أنها تحد سلطة الحاكم أو ترشده , غير ان الواقع انه يقدر عان يبطلها اذا شاء . وهي تطلق على حكومات فردية متعددة ومتنوعة ويتثمل الاستبداد في اطلاق سلطات الحاكم الفرد وفي استعماله اياها في بعض الاحيان لتحقيق مآربه الشخصية . المستبد المستنير حيث تراى العديد من المفكرين الغرب والعرب امكانية وجود سلطة مطلقة طالما اعتمدت على القانون وتحقيق السعادة للأفراد وذهب افلاطون وارسطو في امكانية الجمع بين العنف والسلطة في فرض القانون لتحقيق تلك السعادة للأفراد وتحقيق العدالة بل وصلت الى درجة الوجوب والتغلب على الرغبات الفردية العشوائية . ويمكن إيجاز مفهوم المستبد المستنير انه هو الذي يعتمد في حكمه على العقد الاجتماعي لا الحق الآلهي في الحكم .
الخطوة الخامسة : وسط المفهوم علم تاريخ المفهوم يعد مفهوم الاستبداد قديم حيث يعتبر الاباطرة البيزنطيون أول من ادخل لقب الاستبداد في قاموس السياسة حيث يعتبر لقب شرف يطلقه الملك على ابنه او او زوج ابنته عند توليه احدى المقاطعات .حيث يعتبر الكسيوس الثالث اول من استخدم اللقب وجعله اعلى الألقاب . بعد ذلك بدأ المصطلح يظهر في كتابات ارسطو خاصة في كتابه السيادة . ومن ثم بدا المصطلح والمفهوم في التطور والانتقال من الغرب إلى باقي الامم التي بدات تطلقه على النظم التابعة لها ووفقا لنسقها السياسية والاجتماعية ومن هنا كان لا بد من تزايد عدد المفكرين الذين تحدثوا عن الاستبداد السياسي . علم سياسة المفهوم بدء مفهوم الاستبداد في القررن السادس عشر نتيجة ما شهده من إحياء للفكر الأرسطي وكذلك احتدام النقاش بأن المسيحية رسالة حضارية , ومع تزايد التفوق الاوروبي وما واجته القضايا الاسبانية الخاصة باسترقاق الهنود إلى تناول بودان للاستبداد وتطوير نظريتها . وكان ميكيافيلي أول من قارن بين الاستبداد والطغيان , وفي القرن السابع عشر بدءت الطبقة الارستقراطية الفرنسية التوحيد بين مصطلح الاستبداد ونظم الحكم الشرقية وبعد ذلك تم تطبيقه على الدول الأوروبية . وفي القرن الثامن عشر ظهر المصطلح في الفكر السياسي على يد مونتسكيو الذي جعل الاستبداد أحد انظمة الحكم . علم إعلام المفهوم وبالنظر إلى علاقة مفهوم الاستبداد وشرعية الحاكم نجد ان الحاكم المستبد يرجع غلى استخدام وسائل الإعلام في دعم استبداده السياسي من خلال التركيز على رؤيته وإقصاء الفكر الأخر , والعمل على تعبئة الجماهير خلفه ,العمل من خلال وسائل الإعلام على كسب شرعية اقوى , ونشر فكرة فكرة المؤامرة للمعارضة القائمة. الخطوة السادسة : العمليات المفاهيمية للمفهوم 1/ عملية الوضع " أصل النشأة يتضح من خلال عرض مفهوم الاستبداد السياسي انه من الفاهيم القديمة والتي ارتبطت باستبدادالانظمة القائمة 2/ عملية الحمل والنقل (الترجمة ) المفاهيم الرحالة يتضح من خلال التعريفات السابقة لمفهوم الاستبداد السياسي أنه من المفاهيم الرحالة والتي انتقل من الغرب إلى العرب متلائما مع البيئة العربية . 3/ عملية الاستعمال والتداول استخدم مفهوم الاستبداد في العديد من الاشياء : 1 استعمل البعض عن الحديث عن النظام السياسي 2 استعمله البعض كأسلوب للاستعمار 3 استخدمه البعض كوسيلة للتدخل في شؤن الدول 4 استخدمه البعض في عمل تحالفات بين الدول 5 استعمله البعض للخروج عن الحكام 6 استعمله البعض كدعوة للتغيير والثورة
#إسلام_محمد_السيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
استراتيجيات النظام التونسي في مواجهة الحركة الإسلامية
-
الاستبداد السياسي ومسوغاته
-
مفهوم الأمن الغذائي العربي
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|