|
تموت الأشجار واقفة !!! وداعا جاسم الصكر
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 00:13
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
الشيوعية سلوك فطري كما الخير والماء والهواء ، أقرأ ألف كتاب ولا تصبح شيوعيا ما لم يقرن الفكر مع التطبيق والعمل ، عرفتُ الشيوعية من خلال وجوه حلية عايشتها ستينات وسبعينات القرن الماضي ، وجدت فيهم الصدق والأمانة والتضحية وحب الخير وحب الوطن ، أسماء لا تمحى من ذاكرتي التي لا تزل تختزن بأسماء رسموا من خلال سيرتهم ومسيرتهم ألق لا يمحى ولا يكرر ، ( عباس حمزه الكناي ) الملقب ( أبو عمشه ) مناضل شيوعي ومثقف فطري أحب الناس وأحبته ، لم نعرف له أبا أو أما لأنهم توفوا وهو طفل رضيع فكفلته زوجة أبيه ، مثقف فطري لم يقرأ هيكل ولا ماركس ولا لينين ولا تولستوي ، ولكنه تثقّف بحب الفقراء وحب الفكر الذي أعتنقه ، ( عباس مجيد موسى البياتي ) ذلك الشيوعي الوسيم الذي كرس حياته من أجل الفقراء والوطن ، أسماء لا يمكن المرور عليها مرور الكرام لأن ذلك يسئ لتاريخهم النضالي المشرف ، جعفر حمود هجول ، رءوف سعيد الطاهر ، عبد الأمير شمخي الشلاه ، علي هادي ، عبد اليمه هادي ، محسن كريدي ، ناجي ديكان ، عبد ألآله حبيب وأسماء رحلوا وتركوا أثرا وأرثا وطنيا لا يستهان به ، مساء يوم 4 / 6 / 2012 م غيب الردى رفيقا ومناضلا وشهما وصلبا وهو جاسم حسين الصكر ، ولد الراحل عام 1941 م في ناحية القاسم ، أكمل الابتدائية في الناحية مع رفيق دربه الفنان كوكب حمزه ، أنتقل الى الحلة لإكمال الدراسة المتوسطة والثانوية ، من عائلة أقطاعية كبيرة تمتلك مئات الدونمات من الأراضي الزراعية ، تمرد على واقعه الإقطاعي وأنتظم مع صفوف الحزب الشيوعي العراقي بداية ستينات القرن الماضي ، شارك مع الرفاق وأصدقاء الحزب الشيوعي بقيادة تظاهرات في ناحية القاسم والحلة ، زج في سجون وأقبية وطوامير وزنزانات العهود التي تعاقبت على ظلم الشعب العراقي ، آخر اعتقال له عام 1970 م ، لم يثنه أحد عن مواصلة نضاله ، لم يشترك أو يشارك بما يسمونه الصف الوطني الذي أبتكره البعث المجتث ، ولم يسهم أو يساهم في ما يسمونه الجيش الشعبي ، أكمل دراسته الجامعية في مصر وحصل على بكلوريوس قانون ، نال شهادة الماجستير عام 2006 م ، لم يمهله الزمن والمرض والعمر لإكمال شهادة الدكتوراه رغم إكماله مستلزماتها ، لم ألحظه يوما متشائما قط ، كلما تحاورنا بوضع العراق سابقا ولا حقا ، أعود كلما جالسته محملا بأماني جديدة يرسمها لي ، لم يكل أو يتعب وهو يتابع قضايا الناس قبل احتياجاته الشخصية واحتياجات عائلته ، لم أره مريضا أو متمارضا يوما ما ، يصارع المرض بقوته وبعقله الكبير ، تمتد علاقاته الوطنية لكل بقاع الدنيا ، والسيئة التي أرتكبها طاغية العراق المقبور وهي تهجير اليسار العراقي والوطنيين العراقيين لمنافي العالم أصبحت حسنة لجاسم الصكر ولغيره ، عبد الآله الصائغ في أمريكا ، رياض النعماني في الدنمارك ، سعد الشريفي في هولندا ، حمودي شربه في السويد ، شاكر السماوي في السويد ، عزيز السماوي لندن ، الرمز الوطني العراقي الكبير مظفر النواب لا حدود لمكان أقامته ، كل هؤلاء وغيرهم ومثلهم الكثير يتراسل معهم ويراسلونه ، كل دواوين السماوي شاكر تصله تباعا ، لم ألحظه مرة يبكي إلا في رحيل صديقه الصدوق جعفر هجول ، ولكن كيف بكى الصكر جاسم ، أودعنا جعفر قبره قلت له هيا أبا اليقظان ؟ ، قال لي سألحق بك دعني أودع جعفر ، لاحظته بعد هنيهة وهو يستخرج منديله ليمسح آثار دموع عينيه ، لم أره يوما إلا وهو بكامل قيافته الجميلة ، حريص أن لا يخرج الى الشارع أو المكتب إلا وشعره أسودا ، لم أرى بياض شعره وحتى قبل رحيله بيومين ، قال لي أخ الراحل كريم الصكر ، قلت لجاسم هيا لنعود الى العراق من رحلة العلاج في تركيا يا جاسم ، قال لأخيه ولصديقه الذي رافقه برحلة العلاج أحمد الناجي لا أعود قبل أن أصبغ شعري ، وفعلا أخذناه لحلاق قريب وصبغ شعره كما هي عادته ، في أيام مرضه الأخيرة أشتد وقع المرض عليه ، أخبر عائلته أنه لا يحب لقاء أصدقائه وهو بهذه الحالة المرضية الشديدة ، ولكن أنى له أن يفارقنا دون وداع ، قال لأهله اليوم سأخرج لوداع أحبتي ، وكان لنا ملتقى أخوي خاص نلتقي به صبيحة كل يوم خميس ، جلس معنا لساعة تقريبا وبعد أن كحل ناظريه برؤية أصدقائه ورفاقه غادرنا قائلا الوداع ، وفعلا كان اللقاء الأخير والوداع الأخير ، وداعا أيها الأخ والرفيق والصديق والمناضل جاسم حسين الصكر .
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إضاءة / من المسئول عن تفجير الوقف الشيعي ؟
-
إضاءة الخط الذهبي !!! و ( حوّل مطي )
-
إضاءة / أرحموا البرلمانيين يرحمكم الله !!!
-
إضاءة ( ( مكنسةٌ وزنبيل وحمار )) !!!
-
مهرجان بابل للثقافات والفنون والآداب العالمي الأول !!! يجتاز
...
-
إضاءة ( حليب الصخَل ) !!!
-
إضاءة بين الماضي والحاضر( صدام )!! يبعث من جديد
-
الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين / بابل يضيّف الكاتب
...
-
دار بابل للثقافات والفنون والآداب تحتفي بالفنانة ( ثائرة شمع
...
-
( عزة الدوري ) والعراق سيذبح من جديد
-
( ثمانيه وسبعين عيد )
-
( النوروز ) بين الأسطورة والمعتقد والطقوس !!!
-
الطرفة السياسية وتأثيراتها
-
نقابة الصحفيين والاستثمار الحكومي
-
( اليوم عيد )
-
قراءة لقصيدة ( موت وجنازه وكبر )
-
إضاءة / أيها الحكام العرب أحذروا قمة بغداد !!!
-
( هموم وكبر )
-
التواصل المجتمعي التجاري الحلي
-
التواصل المجتمعي التجاري
المزيد.....
-
-لمعالجة النفايات-.. هل تنجح بغداد ببناء مطامر صحية لحماية ا
...
-
مبعوث أممي يقترح تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب والبوليسار
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 574
-
مبعوث أممي يقترح تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب والبوليسار
...
-
م.م.ن.ص// متابعة الرفيقة سميرة قاسمي في حالة اعتقال وايداعها
...
-
اقرا الاشتراكي
-
رغم معاناتهن.. السودانيات الأجدر بالمقاومة سلمًا وحربًا
-
انقذوا شمال غزة من الموت بالجوع والقصف
-
الشرطة تفض احتجاجًا لأهالي جبل تقوق النوبية
-
الفصائل الفلسطينية تدين العدوان الأمريكي البريطاني الجديد عل
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|