أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - المثقف و الربيع العربي.. في نقد البلطجة الثقافية















المزيد.....

المثقف و الربيع العربي.. في نقد البلطجة الثقافية


إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)


الحوار المتمدن-العدد: 3746 - 2012 / 6 / 2 - 22:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع بزوغ فجر الربيع الديمقراطي العربي؛ خرجت علينا أصوات؛ من المشرق و المغرب؛ كان همها المشترك هو محاولة وأد الجنين الثوري قبل أن يستوي سوقه؛ لكن؛ المثير في الأمر هو الهوية الرمزية المشتركة بين هذه الأصوات؛ باعتبارها تنتمي إلى فئة المثقفين الذين اعتقدنا فيهم؛ خطأ طبعا؛ أهليتهم لمواجهة الاستبداد و الفساد نيابة عن الفئات الشعبية المقهورة .
لكن؛ ما لم نع به؛ في زحمة الحماس و الوثوقية المطلقة في قدرة الفعل الثقافي على التغيير؛ هو كون هذه الفئة من (المثقفين) ترتبط بمصالح متشابكة مع الأنظمة الحاكمة؛ و هي تمتلك في رصيدها عقودا من التوافق؛ الإيديولوجي و الاقتصادي؛ مع هذه الأنظمة؛ لدرجة أن تحول هذا التوافق إلى تواطؤ مشبوه بين الطرفين؛ يقوم على أساس تبادل المصالح المادية و الرمزية؛ على حساب الفئات الشعبية الهشة و المقهورة .
إن هذه الفئة؛ التي حملناها لعقود مسؤولية المساهمة في التغيير هي؛ في الحقيقة؛ لا تعدو أن تكون ثمارا ناضجة لسيرورة إعادة الإنتاج؛ التي مارستها الأنظمة الاستبدادية الفاسدة؛ في علاقة بالتعليم و المنظومة الثقافية و الدينية عموما؛ هذه المجالات التي أصبحت محفوظة الحقوق للدولة/النظام؛ وظيفتها الأساسية إعادة إنتاج النخب التي تتلاءم و النسق الإيديولوجي و الاقتصادي و الاجتماعي السائد .
و لعل؛ هذا هو ما أثبته الباحث الأمريكي (جون ووتر بيري) الذي ركز؛ في تحليله لدور المثقفين في التحول الديمقراتطي؛ على مجموعة من الخصائص؛ الفريدة من نوعها؛ التي تميز فئة المثقفين في العالم العربي؛ هذه الخصائص التي تعتبر عائقا أساسيا؛ يعرقل أي شكل من أشكال التحول نحو الديمقراطية.
أول هذه الخصائص؛ وجود نسبة كبيرة من الطبقات الوسطى؛ تعتمد اعتمادا مباشرا على الدولة أو تستخدم من قبلها. و هذا الاعتماد الكامل على الدولة في غياب روح المبادرة الخاصة؛ هو الذي يرسخ تلك الصورة الباترياركية للدولة؛ باعتبارها الأب المعيل؛ في النموذج الاجتماعي القديم؛ هذا الأب الذي يمتلك سلطة مطلقة في علاقته بمن يعيل؛ و بالتالي فهو ينظر إلى محيطه كنسخة مطابقة له؛ حيث يستمر الأب في جبة الأبناء؛ هؤلاء الذين يتميزون بالوفاء؛ و يعملون على حفظ ذاكرة الأب (المعيل) من خلال المحافظة على تراثه المادي و الرمزي .
و هذه الخاصية تنتج خاصية أخرى تعتبر امتدادا للأولى؛ حيث إن العلاقة الأبوية هاته؛ باعتبارها مدخلا (بضم الميم) INPUT تعطينا مخرجا (بضم الميم) OUTPUT يتمثل؛ في طبيعة مثقفي الشرق الأوسط (العالم العربي عامة) هؤلاء الذين يعتبرهم (ووتر بيري) مثقفي الدولة؛ يحملون هويتها الإيديولوجية و يدافعون عن مصالحها الاقتصادية؛ و أي مساس بالدولة (النظام الحاكم) هو في نفس الآن مساس بقدسية (المثقف) الذي يفقد أعصابه حين يفكر في فقدان مصالحه؛ و لذلك يخرج من جحره الثقافي مولولا؛ بعد طول غياب؛ مهددا الجموع المقتحمة لخدر سيده؛ بمصير سوداوي قاتم؛ يسيطر فيه السلفيون و تختلط السلطة الدينية بالسلطة السياسية بعد طول فصل بينهما ... !
إن حالة الاستنفار التي يعيشها بعض المثقفين في العالم العربي اليوم؛ في مواجهة الإرادة الشعبية الزاحفة على معاقل السلطة و النفوذ؛ لا يمكن تفسيرها؛ في الحقيقة؛ إلا في علاقة بهذا الدور المشبوه الذي قام مثقف النظام لعقود؛ دور حماية مصالحه الخاصة؛ من خلال شرعنة الاستبداد و الفساد ثقافيا؛ و ذلك لأن علاقة المثقف بالدولة في العالم العربي؛ حسب ووتر بيري؛ تتجاوز موضوع المكافآت و الاستخدام و الإجازات المهنية؛ فتشمل شعورا قويا بالهوية و الأهداف المشتركة .
جون ووتر بيري – إمكانية التحرك نحو الليبرالية السياسية في الشرق الأوسط – نقلا عن: سعيد بنسعيد العلوي – الإسلام و الديمقراطية – سلسلة المعرفة للجميع ع: 26 – أكتوبر – نونبر 2002 - منشورات رمسيس – ص: 52- 53
و كنتيجة مباشرة لهذه العلاقات المتشابكة بين بعض المثقفين و بين الأنظمة الاستبدادية الفاسدة؛ فإن الضغط الإيديولوجي الذي مورس على الشعوب العربية أدى إلى جمود سياسي؛ كان المستفيد الأول منه هو النظام و أبواقه الإيديولوجية؛ عبر تبادل المصالح المادية و الرمزية بينهما؛ في ظل نظام اقتصادي ريعي؛ يربط بين الاستفادة من خيرات الدولة و بين الدفاع عن إيديولوجية و مصالح النظام.
لكن؛ الوضع الجديد الذي فرضه الربيع الديمقراطي العربي؛ أصبح يهدد هذا المنطق الذي ساد لعقود؛ لان الإرادة الشعبية التي خرجت من قمقمها أخيرا؛ لا تميز بين النظام و بين أذنابه؛ بل الكل سواء في نسج خيوط المؤامرة. و لذلك؛ يستوي البوليس الأمني بالبوليس الثقافي؛ كما تستوي الخطط الأمنية الهادفة لإجهاض الجنين الثوري؛ بالخطط الثقافية التي تهدف إلى زرع الفوبيا من أي تحرك شعبي؛ بدعوى أنه يفتقد العقلانية و التوازن و يهدد المصالح العليا للوطن !
و هكذا؛ لا نستغرب حينما نجد شباب الثورة في مصر يضعون قوائم بأسماء فنانين و كتاب و صحفيين؛ يعتبرون من فلول النظام؛ و يدافعون عن مصالحهم التي تهددها الثورة عبر الدفاع عن (مشروعية) النظام الاستبدادي الفاسد. و هؤلاء؛ منطقيا؛ لا يختلفون؛ في مهمتهم القذرة؛ عن البلطجية الذين ركبوا جمالهم و هاجموا ساحة التحرير ! و ذلك؛ لأن بلطجية الثقافة أخطر بكثير؛ فبعض المثقفين كذلك ركبوا أحصنتهم المتهالكة و حملوا سيوفهم الخشبية؛ و مارسوا مهمتهم القتالية في الفضاء الجرد؛ على شاكلة دونكشوط تماما؛ مع اختلاف؛ طبعا؛ في المهمة حيث كانت مع دونكيشوط مهمة نبيلة تستهدف محاربة الظلم و إقامة العدل؛ لكنها تحولت مع هؤلاء إلى مهمة قذرة تدعم؛ بشكل لا –مشروط؛ الاستبداد و الفساد .
إننا حينما نتحدث عن هؤلاء لا ننكر؛ في الحقيقة؛ أنهم يشبهون أشجار كبيرة وارفة الظلال و عميقة الجذور في تخصصاتهم المعرفية؛ فنحن جيل تربي على كتب هؤلاء؛ كما تتلمذ على يد الكثير منهم؛ و نحن نعترف بكل هذا و لسنا ساديين نتلذذ بقتل آبائنا؛ و لكن يجب أن نفصل بين الكفاءة المعرفية؛ في علاقة بتخصص معرفي ما؛ و بين الموقف السياسي الرجعي؛ الذي هو بمثابة ثمار مسمومة يمررها هؤلاء بين طيات أعمالهم الفكرية و الفنية و حواراتهم الصحفية؛ و هذه الثمار تشكل خطرا كبيرا على مستهلكيها؛ و الواجب يفرض توعية المستهلكين بأن السم محشو في الدسم .



#إدريس_جنداري (هاشتاغ)       Driss_Jandari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العلاقة بين العروبة و الإسلام.. نماذج في النقد الذاتي
- إشكالية العلاقة بين العروبة و الإسلام .. ما بين التيار القوم ...
- ما بين الأجندة النيوكولونيالية و النزعات العرقية
- مفهوم الكتلة التاريخية .. النقد الابستملوجي لكشف الوهم الإيد ...
- الربيع العربي و قوى اليسار في الحاجة إلى مراجعات من أجل مستق ...
- الإسلام السياسي صوت الربيع العربي .. الخصوصية الحضارية كمدخل ...
- الأطروحة الأمازيغية في المغرب بين المشروع الكولونيالي و الره ...
- الربيع العربي في مواجهة مخططات الاستعمار الجديد - الديمقراطي ...
- الربيع العربي .. في نقد توظيف النزعات العرقية لخدمة الأجندة ...
- الربيع العربي.. في نقد المقاربة القومية/البعثية
- هو الربيع العربي و ليست ثورات شمال إفريقيا !
- الربيع العربي و رهان الوحدة العربية.. مراجعات لابد منها
- دسترة المجلس الوطني للغات و تحديات تأهيل و تفعيل اللغة العرب ...
- اللغة العربية في المغرب .. بين الترسيم الدستوري و تحديات الو ...
- اللغة العربية في المغرب بين الترسيم الدستوري و تحديات الواقع
- بيان من أجل الديمقراطية .. المثقف المغربي يخلق الحدث و يدعم ...
- الإصلاحات السياسية في المغرب و سؤال الدولة المدنية
- إني أتهم .. j accuse
- مخاض التحول نحو الديمقراطية في العالم العربي على ضوء ثورتي ت ...
- رهان الديمقراطية في العالم العربي بين الأمس و اليوم


المزيد.....




- مصر: الداخلية تكشف حقيقة فيديو لتوقيع طالب وطالبة على ورقة ز ...
- أمريكي يحاول اختطاف طائرة في بليز
- غضب في الجبل الأسود بسبب صفقة مع شركة إماراتية لاستئجار أحد ...
- -لم تعد بلاد الحرية-...خوف الطلاب الأجانب في الجامعات الأمري ...
- أمل جديد لمرضى باركنسون: خلايا جذعية تعيد الأمل في العلاج
- ماكرون يعلن عن محادثات بشأن أوكرانيا الأسبوع المقبل في لندن ...
- مشاهد مروعة.. جثث أطفال متفحمة بقصف إسرائيلي على منزل في بني ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف فلسطيني بحوزته أسلحة في مدينة صيدا ...
- أمطار غزيرة تسبب فيضانات عارمة شمال إيطاليا (فيديو)
- كوريا الجنوبية تناور على حدود جارتها الشمالية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس جنداري - المثقف و الربيع العربي.. في نقد البلطجة الثقافية