أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد هجرس - !عـــدلى .. ولينين














المزيد.....

!عـــدلى .. ولينين


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1096 - 2005 / 2 / 1 - 09:43
المحور: الادب والفن
    


اصبح هناك ما يشبه الإدمان للشكوى من سوء الأحوال فى كافة المجالات ، وليس المجال الثقافى استثناء من ذلك .
وهذه الشكوى ليست مفتعلة او غير مبررة ، بل لها ألف مبرر ومبرر .
ومع ذلك فان العيب الرئيسي فى التعقب – المشروع – لمنغصات حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، انه يحجب عن أعيننا رؤية شموع مضيئة وجميلة تكافح جحافل الظلام والقبح .
وحتى إذا كانت هذه الشموع المضيئة والجميلة هى الاستثناء فان تجاهلها ، أو غض الطرف عنها ، يصبح جريمة لا تقل عن جرم خفافيش الظلام .
وفى الأسبوع الماضى استمتعت كثيراً بحدثين ثقافيين لم أجد لهما أثراً أو ذكراً فى الصحف السيارة أو المطبوعات الثقافية ، ناهيك عن قنوات التليفزيون الأرضية والفضائية .
الحدث الأول هو الاحتفال بعيد الميلاد السادس والستين للفنان التشكيلى عدلى رزق الله .
وأهمية هذا الحدث انه يمثل شكلاً من أشكال العرفان بالجميل لفنان أثرى حياتنا بإبداعات وتبصرات مذهلة ومدهشة .
ومجرد تذكر هذه المناسبة هو فى حد ذاته أمر يستحق الاحتفاء ، بعد أن ظن الكثيرون ان هناك " توله " قومية ( بفتح التاء وتسكين الهاء ) أصابت البلاد والعباد بفقدان جماعى للذاكرة.
وجاء الاحتفال بعيد ميلاد عدلى رزق الله لينبهنا الى ان هناك – ما يزال – أناس يقظين ومنتبهين . والاهم انهم أوفياء لقيم الحق والخير والجمال فى زمن تخيلنا ان القابض فيه على هذه القيم كالقابض عل الجمر .. او على الهواء فى احسن الأحوال .
ثم ان الاحتفال بعيد ميلاد هذا الفنان التشكيلى المتميز جاء على مستوى قيمته الإبداعية .. حيث احتشد عدد من المثقفين الجادين فى اتيليه القاهرة ليقدم بعضهم دراسات عميقة تلقى اضواء باهرة على العطاء الإبداعي لعدلى رزق الله ، بينما قدم بعضهم الأخر شهادات شخصية وإنسانية لا تقل أهمية . ولفت نظرى أولاً ذلك الشاب المفعم بالحيوية والذكاء ، أسامة عرابى، المسئول عن النشاط الثقافى باتيليه القاهرة ، والذى اعتقد انه الجندى المجهول لهذه المبادرات الثقافية المحمودة . فضلاً عن انه اعد ورقة عميقة تمثل رؤية فلسفية للعالم التشكيلى لعدلى رزق الله .
ثم جاءت الشهادة الرائعة للفنان التشكيلى زهران سلامة لتنير مناطق ضبابية فى هذا العالم المسحور الذى يشدهنا به عدلى رزق الله ، بلوحاته التى لا يرسمها بالألوان المائية وإنما بـ "الماء الملون".
كذلك الحال بالنسبة لشهادة الأديب الجميل سعيد الكفراوى التى جمعت بين التحليل النقدى لإبداعات عدلى رزق الله والإبحار المحب فى غرف تذكارات شخصية قديمة وممتدة.
وبعد هؤلاء الذى احتلوا المنصة توالت كلمات جميلة وعميقة وصادقة للأديبة عائشة أبو النور والروائية هالة البدرى وأستاذة علم الاجتماع الدكتورة شهيدة الباز التى أضافت بعداً مهماً للنقاش هو أن كتابات عدلى رزق الله لا تقل أهمية عن رسومه.
ومن خلال كلمات هؤلاء – وغيرهم ممن لا تسعفنى الذاكرة بهم – تتفتح فى القاعة الضيقة بهذا المكان الصغير جغرافياً آفاق واسعة نكتشف معها كم نحن - ورغم فقرنا المادى – اثرياء جداً بكوكبة المبدعين الذين لا تتوقف التربة المصرية عن ولادتهم حتى فى أحلك الأوقات.
وتمنيت وأنا أتابع وقائع هذا الاحتفال البسيط ، والصادق ، بأحد كبار فنانينا التشكيليين العباقرة لو أن التليفزيون المصرى كان ينقلها إلى ملايين المصريين فى الريف والحضر.
ومع ذلك فأننى لم أتحسر كثيراً على عدم التفات الأجهزة الرسمية المسئولة عن الثقافة لهذه المناسبة ، فالأوقع أن تأتى المبادرات من جانب المثقفين أنفسهم ومنظماتهم الأهلية.
وقد حظى أتيليه القاهرة – رغم تواضع إمكانياته – بقصب السبق بهذا الصدد .. لذا لزم توجيه الشكر إليه.
أما الحدث الثانى .. فهو ذلك العرض المسرحى الجميل والبسيط والذكى "عين الحياة"، تأليف لينين الرملى وإخراج عصام السيد.
احتضن مسرح الهناجر هذه التجربة المسرحية غير التقليدية ، التى شارك فيها عدد من الممثلين والممثلات الموهوبين والموهوبات ، الذين اعتذر لكل واحد منهم ، ومنهن، شخصياً فهم يستحقون كتابة أسمائهم ، وأسمائهن، بالبنط العريض ، ويستحقون مساحة تحت الأضواء التى يخطفها من هم أقل منهم موهبة وكفاءة وجدية .. لكن تلك الأسماء سقطت من ذاكرتى للأسف الشديد.
و"عين الحياة" تقول لنا ببساطة أن أزمة المسرح لها ألف حل وحل، وأن بداية الخيط هى النص الجيد الذى يحمل رؤية ذكية بمعالجة فنية إبداعية.
وهذا ما حققه لينين الرملى بسلاسة، من خلال نص بسيط لكنه محمل – دون تعسف أو افتعال – بقيم راقية ومضمون محترم ورسائل رئيسية وفرعية بالغة الدلالة والعمق.
أبطال لينين الرملى – شأنهم شأن أبطال سعد الدين وهبة فى "سكة السلامة" – تاهوا فى الصحراء .
وشأنهم شأن أبطال "سكة السلامة" كانوا ينتمون إلى مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية فى مصر ، وتكفل هذا الموقف الكاشف بنسف غلالة النفاق التى يتجمل بها ويتستر وراءها كل واحد من "أبطال " هذا الزمن المأزوم والمهزوم ، وتعرية الجميع وتقديمهم بدون رتوش وبدون مساحيق تجميل .
وخلافاً لسعد الدين وهبة الذى جعل أبطاله يتسابقون بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لينجو واحد منهم فقط ويفر بجلده ، شاء لينين الرملى أن يتسابق " أبطاله" على اختيار واحد منهم كى يقتله " الوحشى " لينعدل مزاجه ويبقى على حياة الآخرين .
وبالإجماع يتفقون على التضحية بالعالم ( بكسر اللام الثانية ) ، أي التضحية بالعقل ، وتكون المفاجأة المتوقعة ان " الوحشى " تتفتح شهيته لمزيد من المزيد من الدماء .. بلا توقف وبلا نهاية .
لينين الرملى بهذه التجربة المسرحية المثيرة والجميلة والذكية يفضح حال الأمة .. دون افتعال ودون خطابة ودون وعظ او إرشاد .
وهذا هو الفن .
صحيح ان سنونو واحد لا يصنع الربيع .. لكن هذين الحدثين الثقافيين – وغيرهما من الأحداث الثقافية الجادة – هى التى تجعلنا نتحمل وطأة الحياة وعبوسها وقسوتها .



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برلمان العرب .. كوميديا سوداء
- ديمقراطية .. خلف القضبان !
- رجل الأعمال يحاور.. ورئيس التحرير يحمل مقص الرقيب
- لا يموت الذئب .. ولا تفنى الغنم !
- حرب عالمية ضد إرهاب الطبيعة
- إعادة انتخاب بوش أخطر من انفلاق المحيط الهندى
- !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب
- الإعلام.. قاطرة الاستثمار
- ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا
- مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية
- بوش وشارون .. أسوا أعداء الاستثمار فى العالم العربى
- !درس للعرب فى الديموقراطية .. باللغة الألمانية
- ! الاقتصاد غير السياسى
- ! لكن البعض لا يحبون شرم الشيخ..
- بيان شرم الشيخ.. الآخر
- أبو عمار: حاصروه فى الجغرافيا .. فحاصرهم فى التاريخ
- !الفنادق وشركات الطيران.. الرابح الوحيد في مؤتمر شرم الشيخ
- نصــف أمـــريكا.. الآخــــر
- شامبليون ونظريات محمود سعد وفاروق الفيشاوى
- لماذا تخون الصحافة تقاليدها؟


المزيد.....




- بعد حكم الإعدام.. حكم جديد ببراءة مغني الراب الإيراني توماج ...
- Admhec “القبول بالجامعات” معدلات القبول الموحد في الجامعات ا ...
- انطلاق الدورة الـ77 لمهرجان -لوكارنو- السينمائي الدولي في سو ...
- البحر الأحمر السينمائي يعلن عن فتح الانتساب لدورته الرابعة 2 ...
- -أوروبا-: رؤية سينمائية تنتقد وحدة أوروبية مفترضة
- نجم شهير يتعرض لموجة غضب كبيرة بسبب انسحابه فجأة من فيلم عن ...
- تونس: الحكم بالسجن أربع سنوات على مغني الراب -كادوريم- وحرما ...
- 60 فنانا يقودون حملة ضد مهرجان موسيقي اوروبي لتعاونه مع الاح ...
- احتلال فلسطين بمنظور -الزمن الطويل-.. عدنان منصر: صمود المقا ...
- ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم ...


المزيد.....

- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد هجرس - !عـــدلى .. ولينين