فرق في السرعات سيدي الرئيس

حماده زيدان

الحوار المتمدن-العدد: 3734 - 2012 / 5 / 21 - 18:56
المحور: كتابات ساخرة
    

"فرق في السرعات سيدي الرئيس"

في قاعة المحكمة، وقف المحامي "بدر النوساني" أمام قاعة المحكمة، يحاول أن "يخلع" "رشا" هانم بنت الناس الأغنياء، وقف المحامي، وبصدرٍ مفتوح، وبشجاعة فارس من فرسان القرون الوسطى، قال لهيئة المحكمة:
(فرق في السرعات سيدي الرئيس)
بالطبع لم تكن تلك الجملة كل ما قاله المحامي، ولكنها كانت المختصر من المشهد، والمختصر أيضاً الذي جعل القاضي يوافق على "الخُلع" وتلك الجملة المدهشة آراها مناسبة جداً ومعبرة عن كل ما يحدث في بلدنا تلك الأيام، إذا نظرت للأمور بشكل موضوعي ستجد المشكلة كلها تتلخص في الفرق في السرعات، هناك فرق كبير في سرعات جيل مصادر الثقافة لديه كانت محدودة، وجيل آخر انفتح العالم كله عليه فأصبح قرية صغيرة.
الجيل الذي سبقنا بعدة أجيال مازال يفكر بالطريقة النمطية للشعب المصري، والتي تجد فيها عدة أمثال معبرة عن احترام الكبير، "إللي ملوش كبير يشتريله كبير" والخوف من السلطة المبالغ فيه "الحيطان لها ودان" و"امشي جمب الحيط" و"الباب اللي يجيلك منه الريح سده واستريح"، وهذا الخوف المبالغ فيه يجعلهم يتوددون إلى السلطة بشكل مبالغ فيه أيضاً "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه" هكذا تربى هذا الجيل، وكانت مسامعهم لا تسمع إلا أغاني عبد الحليم التي كانت تشدو لعبد الناصر وعساكره وانقلابه، وعيناهم لا ترى إلا اعلامهم الموجه والذي كان عبارة عن "راديو" صغير لا يمتلكه غالبية أهل المدينة!!.
أما عن جيلنا نحن، فجيء إلى الحياة ليجد كل شيء أمامه متاح، التكنولوجيا جعلت كل شيء سهل، سهل جداً، لدرجة أن البحوث التي كانت تؤخذ شهوراً طويلة الآن وبضغطة زر واحدة تجلب آلاف الكتب، وبضغطة زر واحدة تستطيع أن تعرف ما حدث في جزر "واق الواق" منذ خمسون عاماً، وتستطيع أيضاً أن تعرف المستوى المعيشي لسكان المريخ، وزحل، وعطارد، وتستطيع أيضاً أن تكتب بحرية مطلقة، وأن تُظهر مواهبك بطريقة سلسة وسهلة، وتستطيع أيضاً أن تحدد موعد ثورة على الأنترنت وتقوم بها في الشارع، هكذا هو جيلنا، وهكذا وجدنا أنفسنا بطريقة ما أمام هذا الكم الهائل من المعلومات التي جعلت أدائنا أسرع، وجعلت رد فعلنا أسرع، وجعلت أحلامنا أسرع، ووقفت كل هذه السرعة أمام فكرهم البطيء، وفهمهم الأبطئ، وأصبحت جملة، "فرق في السرعات سيدي الرئيس" توجب على رئيس المحكمة وفوراً أن يقوم بخلع هذا الجيل وعلى الفور.

#حماده_زيدان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات