|
عندما يكون الحضور أكبر من الحدث
غالب محسن
الحوار المتمدن-العدد: 3725 - 2012 / 5 / 12 - 14:24
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 39
صباحُكَ خيرٌ ، قالت إمرأةٌ من بلادي أهلاً ، قُلّتُ ، مُشرِقةً مثلَ شمسٍ في البوادي رنينُ أجراسٍ ، في الأعيادِ عينٌ تَرَقْرَقَتْ ، فرَحاً ، تَعانَقَتْ كعُروقِ النخلِ الأيادي ، نَظَرَ بإبتسامةٍ ، يا فتاتي لبيك لبيك إن الشكرَ ، والحمدَ لكِ والحبَ كانت كلماتي مثلَ نبعٍ في فؤادي
لم يكن صباح 5 آيار 2012 ، عادياً ، كما هي صباحات الربيع في دول الشمال ، فرغم برودة الطقس ، شعرتُ بدفئٍ لذيذٍ ، ربما غريب بعض الشئ ، لكن ليس غامضاً على أية حال . قَبّْلتُ أبنتي في جبينها وهي ما زالت نائمة ، فقد كان هذا اليوم عيد ميلادها السابعة عشر " يا إلهي صار عندي إمرأتين ".
نادت رفيقتي بلطف : هل أنت جاهز ، يجب أن لا نصل متأخرين ، فمثل هذا اليوم لا يتكرر كثيراً في عمر الإنسان . وافقتها بإيمائةٍ وبإبتسامةٍ ، ومضينا الى موسع الرابطيات.
عند بابِ القاعةِ ، تَجَمّعَ " الوگافة " * من الرجال والحماس ينطق في العيون ، رغم تعب السهر . من الممر المجاور تُسمعُ كركرات خافتة ، وعبق الزهور أمتزج بعطر النساء ، وحنينهن . تَقدمتُ بحذرٍ ، وكأنني سأخوض في نهر الأردن ، قلتُ في نفسي "هناك تعمد المسيح" أرتحت لهذا التشبيه . أطللت برأسي ، عِبرَ مدخل القاعة ، فأنشرح صدري . كانت مائدة فطور الصباح قد أُعدت بإهتمام ملحوظ " وبرقةٍ كدتُ أقول " . الشعارُ الرئيسي توسط القاعة " من أجل توحيد كل الجهود لدعم الرابطة في الداخل " ، ياله من شعار مُعَبِّر ، وبليغ في بساطته . خلف المنصة كان شعار الرابطة ، رمز المرأة والطفولة والسلام ، فهل بعد ذلك من كلام .
هكذا تداعت للقاء في هذا الموسع رابطيات من دول أوربية عديدة ، هولندا ، ألمانيا ، الدانمارك ، بريطانيا وطبعا السويد . الشجاعة والحماس ونكران الذات هي الصفات التي جمعت أولئك المناضلات تقدمتهم عميدة الرابطيات السيدة خانم زهدي عندما قامت ، كأن الرابطة كلها قد نهضت بها ولها ، وقد أضفى تكريمها في هذا اللقاء بهجة مضاعفة فكان تكريماً لتأريخ الرابطة ، والمرأة العراقية المكافحة .
كانت حرارة اللقاء ، ليس من غير تلعثمات ، وإرتباكات عفوية ، عكست الرغبة في التواصل والعطاء . والأسئلة ذكريات ، كانت تهطل كأنها أمطار طال إنتظارها . وإن تباعدت المسافات ، وأنتشرت في البلدان ، كان هَمّْ العراق هو العنوان ، الطفل والمرأة كانا في قلب المكان ، فالأمومة والمساواة هي من أولويات حقوق الأنسان ، وعندما أنشدت الحناجر " موطني " ، سرت قشعريرةٌ في الأبدان ، وللذين غادرونا نجوماً ، كان صمتٌ وبقية أحزان ، وهو حُبٌّ وبالجميل عرفان .
في الجلسة الأفتتاحية توالت كلمات الضيوف ممثلي المنظمات الذين حضروا هذا اللقاء النوعي ، والمتميز ، من بينها كلمة منظمة الحزب الشيوعي ، رابطة الأنصار ، جمعية تموز والتيار الديمقراطي وبعض البرقيات الأخرى . تلك الكلمات باركت جهود رابطة المرأة العراقية وأشادت بتأريخها البطولي وبالتضحيات الكبيرة التي قدمتها في ساحات الكفاح ، و دورها الريادي في الدفاع عن حقوق المرأة في المساواة وفي نضالها المشترك مع بقية القوى الوطنية من أجل عراق ديمقراطي ، بعيداً عن الطائفية البغيضة وحيث ينعم فيه الجميع بالحرية والأمان ويحقق المساواة وفق مبادئ العدالة الأجتماعية . وقد عبّر ممثلي تلك المنظات عن تقديرهم لدعوتهم حضور هذا الموسع والذي عكس حرص الرابطة على تطوير علاقات التعاون والتنسيق مع المنظات الديمقراطية والوطنية . مما جاء في كلمة رابطة الأنصار " نحن وأياكم تقاسمنا الشهادة ، فاقمارُنا هي ذاتِها نجومُكُم الوهّاجة ، تُضِئُ سماواتَ العراقِ المُظلِمة ، وتسابقنا المجدَ في ساحاتٍ مُعْتِمة ، صنعت للوطنِ بيارقاً وملحمة ، تَشهدُ لها الأجيال ، عبر السهول والجبال ، وستبقى عنواناً شامخاً في أيامِنا القادمة ."
ثم تلتها كلمة الرابطة ولجنة التنسيق التي قوبلتا بالإهتمام .
وفي المساء كانت سهرة عائلية لأعضاء الرابطة والمندوبين ، للضيوف وللمؤازرين ، تميزت بالحرارة والود والمرح وأواصر الصداقة ، وذكريات الماضي وأحلام المستقبل ، وأُختتمت بأغاني الوطن ومجد المناضلين . لقد نجح ، ويحق لهم الفخر ، فرع رابطة المرأة في مدينة كوتنبرغ السويدية ، الذي إستضاف هذا الموسع والمندوبين ، في تنظيم وأدارة وتهيئة كل مستلزمات هذا التجمع الكبير وأستحق التقدير بل والأعجاب على الجهود الكبيرة التي بُذِلَت قبل وأثناء إنعقاد هذا الأجتماع . وأستحق ، أيضاً ، أصدقاء الرابطة من المؤازرين الشكر والتثمين على جهودهم " العملياتية " واللوجستية وحتى المعنوية ، في دعم هذا النشاط ، مما جعل اللقاء مناسبة لتأكيد تلك الصداقة .
هكذا ، كان موسع رابطة المرأة لفروع الخارج مناسبة للتضامن ، للصداقة ، للذكريات ، لكن للمستقبل كان أكثر !
د . غالب محسن
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------- * الوگافة (الواقفون) يعني عند العراقيين هم الرجال الذين يقومون على أداء الخدمة عندما يكون هناك تجمع حشد كبير من الناس في مناسبات كالأفراح مثلاً .
#غالب_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنصار و مهاجرين / جزء 4
-
أنصار و مهاجرين / خروج 3
-
مهاجرين وأنصار / خروج 2
-
أنصار و مهاجرين / جزء 1
-
تأملات في بيان الحزب الشيوعي حول الذكرى 78 لتأسيسه
-
في ذكرى رحيل المناضلة نعمي أيوب رمو
-
مرة أخرى مع أطيب التحيات للمؤتمر التاسع
-
محنة العقل في التوحيد / جزء 2
-
محنة العقل في التوحيد / جزء 1
-
الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 3
-
الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 2
-
الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 1
-
صوتُ هناء ، جلجلَ في السماء / تأملات 25
-
مقدمة في نقد تأويل التأويل / جزء 4
-
مقدمة في نقد تأويل التأويل // جزء 3
-
مقدمة في نقد تأويل التأويل / جزء 2
-
مقدمة في نقد تأويل التأويل / جزء 1
-
الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي مع أطيب التحيات
-
عندما يكون العنف طريقاً للحق / جزء 2
-
عندما يكون العنف طريقاً للحق / جزء 1
المزيد.....
-
بين القابلة والطبيبة النسائية.. قيود اجتماعية تعيق وصول النس
...
-
مقتل سيدة على يد شريكها.. إسبانيا تسجل أول ضحية للعنف ضد الن
...
-
من تعدد الزوجات الى التطاول الجنسي على الأطفال
-
“رابط متاح” التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بال
...
-
بالصور| وقفة احتجاجية في ساحة الفردوس ضد تعديل قانون الاحوال
...
-
رابط مُفعل للتسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 بالج
...
-
ضجة فيديو ممرضة ترقص فوق رأس مريض.. شاهد ماذا كان مصيرها
-
استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة كراميش بترددها الجديد 20
...
-
قافلة الاطفال الجرحى والمرضى وعائلاتهم تتجه الى معبر رفح للع
...
-
فادي الخطيب يرد بـ”تصريحات كاذبة”.. ضبط رسائل تهديد في هاتفه
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|