|
توماس جفرسون من المحتمل أن يكون من أصل مصري
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 13:47
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
علم السلالات البشرية الجيني كما إنه بدأ في تغيير بعض المفاهيم الإجتماعية في منطقتنا ، التي لازالت مبتلية بالأفكار العنصرية ، مثل خلخلة مفهوم القبيلة في منطقة الجزيرة العربية ، و بخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي - و قد إستعرضت ذلك في مقال : القبيلة الخليجية تتجه من الرابطة الدموية إلى الرابطة المدنية ، و هو المقال السابق مباشرة على هذا المقال - فإنه أيضا سيسهم في دعم صلات شعوب المنطقة بالعالم الخارجي ، و إخراجنا من التقوقع الثقافي الذي تحاول الإنظمة الإستبدادية الحاكمة في منطقتنا إعاشتنا فيه ؛ و إسهام ذلك العلم في الخروج من ذلك التقوقع الثقافي سيكون من خلال تأصيله لمبدأ ، أو فكرة ، الوحدة الإنسانية العالمية ، و التي من نتائجها بالتأكيد ، هو الشعور بأن التراث الحضاري الإنساني هو ملك لكل البشر . إسهامه في تأصيل الوحدة الإنسانية ، و كسر جدران العزل الثقافي ، سيكون بتأكيده على التمازج البشري من ناحية السلالة ، و الذي بدوره أسهم في التمازج الثقافي . صراحة لم نكن بحاجة لهذا العلم لتحطيم محاولات الأنظمة الإستبدادية الحاكمة في منطقتنا عزلنا عن العالم لو كان النضج الثقافي منتشر في شعوبنا ، لأن الأفكار تنتقل بسهولة بين الأفراد ، و بالتالي بين المجتمعات ، بدون الحاجة لأي إمتزاج سلالي ؛ و لكن بما أن المفاهيم العنصرية هي أحد أسلحة الأنظمة الإستبدادية الحاكمة في العالم العربي ، و بخاصة منذ تسيدت مفاهيم القومية ، منذ كتب النصر للناصرية و شقيقتها البعثية ، فإننا يمكن أن نواجه تلك العنصرية بتحطيمها و تحطيم الجدران الفكرية للعزلة الثقافية التي نعاني منها ، من خلال إستخدام ذلك العلم ، كواحد من الأدوات ، و ليس كأداة وحيدة . في مصر على سبيل المثال ، هناك محاولات دائبة بدأت في عهد عبد الناصر لعزل مصر عن كل محيط ، سوى محيطها العربي ؛ و من الأدوات الفكرية التي إستخدمتها السلطة لزرع تلك العزلة ، الترويج لفكرة أن الشعب المصري شعب منعزل عن العالم و إن المصري يكره السفر و الخروج من مصر . فكرة خاطئة يكذبها تاريخ المصريين منذ عصر الفراعنة و إلى اليوم . لن أفند في هذا المقال مباشرة الأكاذيب التي تروجها السلطة في هذا الشأن ، و لكني فقط سأتعامل مع حقيقة جديدة ، قد يكون لها مردود ثقافي - سياسي . في مقال الثاني و العشرين من مارس 2012 ذكرت أن توماس جفرسون ينتمي لهابلوجروب تي ، و أن الهابلوتيب الخاص به قريب أو مرتبط بهابلوتيب مصري لنفس الهابلوجروب ، تي . ذكرت أيضا في المقال المشار إليه أن هناك من يرى أن هابلوجروب تي الذي ينتمي له توماس جفرسون قديم في أوروبا ، و إنه ليس نتيجة هجرة حديثة ، و يبرر أنصار هذا الرأي ذلك بالإشارة إلى ثبوت وجود أشخاص في بريطانيا يحملون نفس إسم عائلة جفرسون ، و لا يمتون بصلة قرابة لتوماس جفرسون ، و يحملون نفس ذلك الهابلوجروب النادر ؛ و أيضا إكتشاف هابلوتيب ألماني في نفس التجمع الذي ينتمي له توماس جفرسون . سؤال : هل تلك الأدلة تمنع أن يكون هناك إحتمال أن يكون توماس جفرسون و هؤلاء الذين يشاركونه في الإنتماء لنفس النموذج من أصل مصري ؟؟؟ إجابتي ، و حسب المعلومات المتوافرة لي بهذا الشأن ، هي : لا مانع في أن يكون هؤلاء جميعا من أصل مصري ، و أضيف أيضا : و إنه لا مانع في أن يكون وجود ذلك الهابلوجروب قديم في أوروبا ، السؤال الذي يجب أن يطرح هو : ما مدى قدم وجود ذلك النموذج - أو الهابلوتيب - الذي ينتمي له توماس جفرسون ، في بريطانيا ، و أوروبا عموما ؟ ما أعتقده - و إلى أن يثبت علميا العكس - هو أنه جاء من مصر في زمن الإمبراطورية الرومانية . بريطانيا كانت جزء من الإمبراطورية الرومانية و كان بها حامية رومانية ، و منطقة الراين كانت جزء من الإمبراطورية الرومانية منذ زمن يوليوس قيصر ، أي منذ زمن الجمهورية ، و كان دائما بمنطقة الراين حاميات رومانية ، و نعلم بأن المصريين كانوا ينضمون للجيش الروماني ، و هناك أدلة على ذلك ، مثل الكتيبة الطيبية . الوجود المصري في أوروبا في زمن الإمبراطورية الرومانية لا يقف فقط على الوجود العسكري ، فالمصريين كان لهم وجود كبير في روما ذاتها ، حيث كانت هناك مستعمرة سكنية للتجار و الحرفيين و الفنانين المصريين في حقل مارس ، و لا يجب أن نغفل عن أن أفلوطين الفيلسوف الذي ولد و نشأ في مصر الوسطى إستقر في النهاية في روما ، و أيضا الطبيب الشخصي لبليني - أو بلني - الصغير ، صديق الإمبراطور تراجان ، كان مصري حصل على الجنسية الرومانية . عبادة إيزيس إنتشرت في القسم الأوروبي من الإمبراطورية الرومانية ، على ضفاف الدانوب ، و السين ، و الراين ، و في جبال الألب ، و إنتشرت عبادة إيزيس في نونسبرج جنوب بوزن ، في شمال إيطاليا حاليا ، حتى قال أحد المسيحيين في تقريع : إنها – أي المدينة المشار إليها - كانت كأنها إسكندرية ثانية ، و وجد معبد لإيزيس في لندن ، عاصمة بريطانيا ، و ما ذكره عالم المصريات أدولف إرمان عن وجود تمثال صغير لإيزيس من العصر الروماني حفظ في كنيسة أورسولا في مدينة كولونيا و إكتشاف مقبرة مصري يدعى حورس بالقرب من تلك الكنيسة . لا يوجد علميا حتى الآن ما يمنع أن يكون أحد أجداد توماس جفرسون و من يشاركونه نفس الأصول من الأوروبيين ، جاء من مصر و إستقر في أوروبا في عصر الإمبراطورية الرومانية كما فعل أفلوطين الفيلسوف ، و سكان المستعمرة المصرية في روما ، و المستعمرات المصرية في غيرها من المدن الإيطالية القديمة ، و في العديد من المدن الإغريقية . لم يكن الشعب المصري شعب منعزل متوقع ، لا قديما ، و لا حديثا ، و إنتشر قديما في معظم ربوع الإمبراطورية الرومانية مثلما ينتشر الآن في كافة أنحاء الكرة الأرضية ، و من خلال إنتشاره تفاعل مع الثقافات التي تعامل معها ، فأعطاها ، و أخذ منها . لنا كمصريين أن نشارك الآخرين الفخر بتوماس جفرسون ، كاتب إعلان الإستقلال الأمريكي - إن لم يكن كمصري الأصل فعلى الأقل كإنسان - فهو شخص جدير بكل الإحترام و التقدير ، من الوجهة السياسية ، و إن كنا نختلف معه الآن في رأيه في الشكل الذي يجب أن تأخذه الديمقراطية ، حيث كان من أنصار فكرة الديمقراطية التي تقوم على طبقة كبيرة من صغار المزارعين الأحرار ، و هي فكرة لا تناسب العصر الحالي ، و لا المستقبل ، حيث الطبقة الوسطى المدنية له الغلبة في العالم الأول حاليا ، و آخذه في النمو في بقية أنحاء العالم ؛ لكن يبقى أثره الخالد : إعلان الإستقلال ، الأمريكي ، وثيقة رائعة تعد بحق جزء من التراث الإنساني العالمي لما تحويه من مبادئ سامية . إننا سنحطم العنصرية بنفس سلاحها الذي أشهرته قديما ، و هو علم السلالات البشرية ، و ذلك لصالح مبدأ : وحدة الإنسانية . ملحوظة : بدأت هذا المقال في تمام الساعة السابعة صباحا ، و إنتهيت منه في تمام الثامنة و النصف صباحا ، بتوقيت جرينتش ، يوم الثلاثاء الموافق السابع و العشرين من مارس 2012 . تصحيح : في مقال : القبيلة الخليجية تتجه من الرابطة الدموية إلى الرابطة المدنية ، ذكرت خطأ أن تاريخ نشر مقال : من إيه إلى زد مصريين ، هو الثاني من أكتوبر 2012 ، و هذا لا يعقل ، و الصواب : الثاني من أكتوبر 2011 ، فمعذرة ، كذلك وردت في نفس المقال كلمة سلالايا مرتين ، و الصواب سلاليا ، و هذا الخطأ لا أعتذر عنه لأنني لا أعتذر أبدا عن أي خطأ متعمد قام به غيري .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القبيلة الخليجية تتجه من الرابطة الدموية إلى الرابطة المدنية
-
قصر عابدين يجب أن يصبح المقر الرسمي و الفعلي لرئيس الجمهورية
-
نريد رئيس للجمهورية من صميم القيادة الإخوانية ، هذا قرارنا ل
...
-
سليمان هزم هيلاري بالنقاط و صفع البرلمان و أكد على الإنقلاب
-
في هذه الحالة نريد رئيس للجمهورية من صميم القيادة الإخوانية
-
الأهم هو : كيف إستخدمت تلك الجمعيات الأموال الأمريكية ؟
-
سحق ربيع العرب سيبدأ من مصر بتمويل من آل سعود
-
المجلس العسكري مكانه الصحيح قفص الإتهام
-
كان على الشعب أن يقبض عليهم ثم يتحفظ عليهم بنفسه
-
أحذر من إنقلاب عسكري تخطط له جهة أعلى من المجلس العسكري
-
الحكم بالنسبة لنا وسيلة من أجل تحقيق غايات نبيلة
-
نبيل العربي و عمرو موسى وجهان للعملة الناصرية
-
هل سيتمتع الإخوان في مصر بنفس شجاعة أردوغان ؟
-
بذلة جنرال تركي فوقها عمامة أزهرية
-
شباب السادس من إبريل كانوا من أجل التغطية على عمال المحلة ال
...
-
ديمقراطية فيها الإخوان أفضل من إستبداد فيه الإخوان أيضاً
-
الإعتذار غير مقبول ، و القصاص سيكون بالقانون و في العهد الدي
...
-
لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات
-
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
-
الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوان
...
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|