أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - أيهما الإسلام أفيدونا ؟!- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (34)













المزيد.....

أيهما الإسلام أفيدونا ؟!- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (34)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 13:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


توفى البابا شنوده الثالث بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى 17-3-2011 عن عمر يناهز 89 عاما ليترك حزن وألم فى جماهير الشعب القبطى بل يمتد الأسى لينال شرائح من المسلمين فقد كان الرجل مثالا طيباً للمحبة والتسامح والحكمة داعياً دوما لوحدة الوطن وإعلاء قيمة مصر ككيان واحد جامع .
لا نستطيع ان نغفل تأثير الرجل فى الحياة الإجتماعية المصرية وخصوصاً فى حضوره القوى لدى الأقباط , فكان بمثابة رمانة الميزان التى حافظت على حالة من الإستقرار فى ظل وضعية كان التصاعد فيها وارداً ومدمراً .

تعجبنى مقولة البابا شنوده " مصر وطن يعيش فينا وليس وطن نعيش فيه " لتظهر هذه المقولة مدى الوطنية وعشق الوطن وهذا ليس غريبا على الكنيسة المصرية فهى تلقب بالقبطية ( القبطية تعنى المصرية وليست المسيحية كما هو متعارف ) قبل تحديد هويتها الإيمانية " الأرثوذكسية " ..لنجد هذا الهم بالوطن فى فكر الرجل فلم ينزلق نحو التصعيد أمام تطرف الجماعات الإسلامية وإرتخاء الدولة أو تعمد إرتخائها بمعنى أدق , لتشهد مصر على مدار 40 عاما إعتداءات على الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم وحالة من النفور والإجحاف بحقوقهم ليهرب الرجل بطريقته بالهدوء والإعتكاف للصلاة كوسيلة لعدم الإستفزاز والتصعيد وهذا يُحسب له فقد انقذ مصر بالفعل من حرب طائفية لم تكن تُبقى على أخضر أو يابس - كما ظهر موقفه الوطنى برفض زيارة القدس والتطبيع مع إسرائيل مفضلاً الإنحياز لمزاج الشارع المصرى عن الإنخراط مع أهواء النظام مما أدى إلى تصادمه مع السادات .

لا ننفى ان للبابا شنوده ما يؤخذ عليه فله مواقف خاضعة للنظام والحزب الوطنى فلم يتصادم معه شأنه فى ذلك شأن القوى السياسية الأخرى فقد توسم ان يكون النظام أميناً على الأقباط لا يتلاعب بهم على طاولة السياسة ولكن هل كان النظام حريص على مسلمى مصر حتى يكون حريص عى اقباطه ؟!.. لم يفطن البابا ان النظام يتاجر بأزمته وبلعبة الفتنة الطائفية فهو من اطلق التيارات الإسلامية لتتحرك وتمارس دور الفزاعة .
يؤخذ على البابا شنوده أنه ساهم فى تشرنق المسيحيين داخل الكنيسة بحيث أصبحت الكنيسة هى الوطن والهوية والإنتماء ولكن لا أرى أنه إختار هذا الدور بإرادته فبعد إهمال وإنسحاب الدولة بالقيام بدورها ككيان حاضن للجميع وتصاعد تطرف وتعصب التيارات الإسلامية بتسميمها الجسد المصرى بكراهية ونبذ الأقباط كان طبيعياً ان تكون الكنيسة هى الملاذ والحماية وأعتقد أن حالة الشرنقة والإغتراب شملت مسلمى مصر أيضاً فبات الإنتماء للإسلام والمسجد هو انتماء وهوية متفردة بعد أن إقتصر دور الدولة على القيام بدور قمعى لا يقدم مشروع قومى يوحد ويجمع , بل يخدم مصالح طبقية ونخبوية محددة .

*** الرجل مات .
الرجل مات بما له من مآثر لا ينكرها أحد وبما عليه من مآخذ ولكن يحسب له أنه أحب مصر وقام بدور وطنى وقدم الكثير من اجلها ليحظى على محبة وتقدير الشعب القبطى والمسلم بل احترام وتقدير تخطى الحدود .. فلا يتبقى سوى تقديم واجب العزاء لمحبيه كشعور انسانى نبيل .

أقولها صريحة اننى تلمست الكثير من مشاعر التعزية قدمها المسلمون لأخوانهم من الأقباط مما يعطى دلالة على عمق الحضارة والإنسانية فى هذا الشعب بالرغم من موجات الوهابية السلفية الناعقة بالكراهية والنبذ والخراب .. ولكن هذا لا يعنى ان الشعب المصرى لم يتسمم شرائح فيه من موجات التطرف والتعصب الأسود , فعندما تنهال فتاوى السلفيين مثل حديث الشيخ وجدى غنيم وآخرين فمن المؤكد ان الجسد المصرى ناله التسمم من أشكال الكراهية والنبذ والفتنة .

http://www.youtube.com/watch?v=FydMyRVR5pw
هذا الفيديو " هلاك شنوده رأس الكفر " للشيخ وجدى غنيم جاء فيه كم هائل من السب واللعن والسواد والتشفى فى موت البابا شنوده بما لا يمكن تبريره .. فالشيخ لم يتوانى فى إبداء كل الكراهية والتشفى لموت إنسان ليغلفه بلعنه له وإبتهاجه بموته .!!
هل لنا ان نتأفف ونشمئز لدرجة التقيؤ من سلوك وجدى غنيم الذى عهدناه دوما مصدراً للكراهية والفتنة والتطرف , وهل لنا أن نعتبر حديثه اقوال شاذة وعفنه من شيخ متطرف إفتقد اى درجة من اللياقة واللباقة فهو لم يكتفى بالصمت والإهمال عن تقديم واجب العزاء لشركاءه فى الوطن بل إنهمر كالسيل فى كراهيته وسواده وقسوته ليعلن سخطه وفرحته بموت إنسان لم يعتبره مات بل نفق !!.. فهل لنا أن ننعته بأنه خارج عن دائرة الانسانية .

لا يجب تخفيف هول ماقاله الشيخ بأنه لا يمثل الإسلام , ولا كون بعض المسلمين يرونه ظاهرة اسلامية فجة متطرفة ومتعصبة تسئ للإسلام ... ولا القول بأن حضور وجدى غنيم غير مؤثر فى مسلمى مصر فهو قول مناف للحقيقة . فالقضية ليس وجدى غنيم كشخص مؤثر له مريديه ( أرجو ملاحظة أن عدد المعجبين بالفيديو1350وعدد الغير معجبين به 1685 وهذا له دلالة خطيرة بحضور مثل هذه الفتاوى فى عينة عشوائية ! ) ولكن القضية أنه يمثل جزء من تيار سلفى له وجود فى المجتمع اتسعت دائرته للدرجة أن يحظى على 20% من اصوات الشعب المصرى فى الإنتخابات البرلمانية لنجد صورة ممتدة للشيخ وجدى غنيم فى البرلمان ممثلة فى رفض الأعضاء السلفيون الوقوف دقيقة حداداً على البابا شنوده فى سلوك لا يمكن وصفه سوى بالجلافة , فالوقوف حدادا لن تقيم ميت ولن تدخله الجنه الموهومة فى صحبتهم بل هو شئ من البروتكول والذوق واللياقة البسيطة , وإذا كان هذا يعبر عن شئ فهم إمتداد لوجدى غنيم او هو إمتداد لهم ... للأسف هذا التيار اصبح له وجود مؤثر ومخرب ومسمم للعلاقات بين المسلمين والأقباط .

لا يجب أن نتصور بأن وجدى غنيم ظاهرة متفردة فى تعصبها ممثلاً لحالة خاصة من التطرف يمكن للمسلمون ان يلفظوها .. ففى البحث عن الفتاوى التى تناولت هذا الشأن سنجد إجماع حول رفض تعزية النصارى بل اعتبار تعزيتهم عمل قبيح ومستهجن فنجد الشيخ سليمان بن ناصر العلوان فى رده على سؤال : هل يجوز للمسلم أن يحضر جنازة الصديق غير المسلم إذا كانت في كنيسة كإحترام أو تقدير للميت ؟.
فكان رده : لا يجوز للمسلم أن يشيع جنازة الكافر ، ولا أن يدخل كنائسهم ، سواء على وجه الاحترام ، أو على وجه التقدير ونحو ذلك ؛ لأن التشييع فيه نوع محبة واحترام وتقدير ، وهذا لا يجوز بذله للكافر على الصحيح . !
ثم إن السائل يقول : ( يحضر جنازة الصديق غير المسلم ) ، ولا يجوز للمسلم أن يتخذ الكافر صديقا !؛ لأن الله أمرنا بمعاداتهم وهجرهم والبعد عنهم ، وهذا لا يعني عدم وجود التعامل معهم أو البيع أو الشراء أو الشركات معهم ( لاحظ المصلحة والبرجماتية ) فهذا شيء واتخاذهم أصدقاء شيء آخر ، قال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة / 22 ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام ، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه !) رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 2167) من حديث أبي هريرة

الشيخ ناصر العمر سبق الشيخ وجدى غنيم فى رفض تعزية النصارى ولكن فتواه كانت خاصة بوفاة بابا الفاتيكان حينها لتتطابق المواقف .ففى اسئلة وجهت له عن
هل هذا البابا كافر أم مسلم؟
هل يجوزالدعاء له بالرحمة؟
هل يجوز لعنه والدعاء عليه؟
هل الترحم عليه والحزن لأجله من الموالاة الناقضة للإسلام أم لا؟

يجيب الشيخ ناصر : إن مما ابتليت به الأمة في عصورها المتأخرة كثرة الجهل وضعف العلم، مع كثرة قرائها وكتابها، ومن أثر ذلك ضعف معالم الولاء والبراء، والجهل بالبدهيات من أمور العقيدة، والرقة بالدين، ومداهنة أعداء الله.! .. وبعض ما ذكره السائلون يندرج في هذا الباب مثل السؤال هل البابا كافر أو مسلم، فإذا لم يكن البابا كافراً فمن الكافر، وهل عن مثل ذلك يسأل لولا ما ذكرت، وقريب منه الدعاء له بالرحمة، والله المستعان.
وأشك في صحة النقل بأن أحد المشايخ يوجب الترحم عليه، ولا يقول بذلك من له أدنى علم بالشرع فضلاً عن أن يكون من المشايخ، ولكن لعل السائل نقل له ذلك، أو التبس عليه ما قال، فإن ثبت ذلك فلا نقول: إلا حسبنا الله ونعم الوكيل، قال سبحانه: {ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً} [المائدة /41]، وخلاصة الأمر:

1 - البابا كافر، لا شك في كفره، ووصيته وشهادة قومه تؤكد أنه مات على ذلك، وما شهدنا إلا بما علمنا.
2 - لا يجوز الترحم عليه، وهذا من الدعاء المنهي عنه، قال سبحانه: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أنْ يسْتغْفروا للْمشْركين ولوْ كانوا أولي قرْبى منْ بعْد ما تبيّن لهمْ أنّهمْ أصْحاب الْجحيم} [التوبة:113]، وقال سبحانه: {ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة:84]، والبابا مشرك؛ لأنه يعتقد أن عيسى ابن الله تعالى الله عما يقولون: {وقالت النّصارى الْمسيح ابْن اللّه} [التوبة: من الآية30]، ويقول بعقيدة التثليث، وهذا من بدهيات عقيدة النصارى.
3 - أما لعنه، فالصحيح أنه يجوز لعن من مات كافراً !!، أما إعلان اللعن والدعاء عليه فتراعى فيه قاعدة المصالح والمفاسد -كما قرر أهل العلم-.
4 - أما التعزية، ففيها تفصيل:
إن كان المراد تعزية أهله وقرابته لا أهل ملته، فقد كرهه بعض السلف، لكن الراجح جواز ذلك؛ لأن من السلف من عزى أهل الذمة في أمواتهم، ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه الرائع: (أحكام أهل الذمة) ج1/ص438 "فصلٌ في تعزيتهم".

لكن يجدر التنبيه إلى أنه لا يجوز في التعزية الدعاء للميت بالرحمة ولا لأهله الكفار بحصول الأجر والثواب، كما يقال ذلك للمسلمين؛ لأن الله لا يقبل من الكافر عملاً ولا طاعة حتى يسلم .
"مَا كَانَ لِلنَّبِى وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"، مضيفاً، "لا يجوز أن يقال المرحوم له أو المغفور له، موضحاً أن الله تعالى نهانا أن نستغفر لغير المسلمين .!وإنما يقال: أخلف الله لكم خيراً منه، ونحو ذلك من الكلمات، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله قال في: (أحكام أهل الذمة ): " قال الحسن إذا عزيت الذمي فقل لا يصيبك إلا خير، وقال عباس بن محمد الدوري: سألت أحمد بن حنبل قلت له: اليهودي والنصراني يعزيني أي شيء أرد إليه، فأطرق ساعة ثم قال: ما أحفظ فيه شيئاً.

أما تعزية أهل ملته إذا مات منهم قسيس ونحوه فلا يجوز؛ لأن مفسدتها تربو على مصلحتها، وحيث يوهم الجهال بأن ما هم عليه حق، وبذلك فيغتر أهل الكتاب والمسلمون على السواء، بل إن تعزيته وبخاصة إذا كان معظماً فيهم كالبابا، أشد أثراً وخطراً من مجرد تهنئتهم على عيدٍ أو شعيرةٍ دينية، وهذا أمرٌ لا يخفى قال الشيخ محمد بن عثيمين في حكم تعزية الكافر: "والراجح أنه إذا كان يفهم من تعزيتهم إعزازهم وإكرامهم كانت حراماً، وإلا فينظر في المصلحة" (مجموع فتاواة 2/303).

والذي يطالع كثيراً مما كتبته بعض وسائل الإعلام حول وفاة البابا يحزن لما وصلت إليه حال كثير من المسلمين، حتى إن بعضهم يمدحه بأنه خدم أهل ملته ووطنه، وصاحب هذا القول يخشى عليه؛ لأن خدمته لدينه هو نشر الكفر والشرك وحرب الإسلام كما هو مشاهد وواقع، نسأل الله أن يلطف بنا ولا يؤاخذنا بما فعل السفهاء والجهّال
*نقلاً عن موقع الشيخ ناصر العمر على شبكة الإنترنت.

هناك بعض السلفيين الذين يقللون من فجاجة المشهد فهم لا يبدون هذا التشنج ولكنهم لا ينسون أن يذكروا المسلمين بعدم موادة النصارى فى أعيادهم على الإطلاق !.. ولا يخبئون ممارسة العزاء لهم من باب دفع الأذى أى ان المصلحة هى التى تجبرهم على ممارسة العزاء.!!
ففى فتوى اخرى للشيخ بن باز عن سؤال : هل يجوز للمسلم أن يعزي الكافر إذا مات أبوه أو أمه ، أو أحد من أقاربه ، إذا كان يخاف لو لم يذهب إليهم أن يؤذوه ، أو يكون سبباً لإبعادهم عن الإسلام أم لا ؟
الجواب: الحمد لله " إذا كان قصده من التعزية أن يرغبهم في الإسلام فإنه يجوز ذلك ، وهذا من مقاصد الشريعة ، وهكذا إذا كان في ذلك دفع أذاهم عنه ، أو عن المسلمين ؛ لأن المصالح العامة الإسلامية تغتفر فيها المضار الجزئية .
نلاحظ ان هذه الفتوى اللينة تجئ تحت وطأة المصلحة فقط ولا تعرف للمشاعر الإنسانية حضوراً .

الشيخ محمد حسان، الداعية السلفى، أبدى بعض المرونة المتحفظة ولكنها أفضل حالا من سابقيه ففى قوله عن حكم تعزية النصارى فى مصابهم : أنه يجوز تعزية النصارى فى مصابهم، فهذا من البر الذى أمرنا به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، واستشهد بقول تعالى، [ لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ]، بشرط عدم الترحم، لأنه لا يجوز اعتماداً على قول الله تعالى، "مَا كَانَ لِلنَّبِى وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ".!
بالطبع هو تعاطى مع جزئية تعزية النصارى بآية مترفقة ولم يتناول موقفه من موت البابا ولم ينسى عدم الترحم كأن أبواب السماء مفتوحة عندما يترحم عليه ,ولكن أين ذهبت الآيات والأحاديث التى تنهى عن تواد وتعزية النصارى فهل السياسة لعبت دورها كما لعبت مع نادر بكار المتحدث الرسمى بإسم السلفيين فعزى فى وفاة البابا مما أثار إستياء السلفيين على فعله الأحمق هذا !!

نأتى إلى قضيتنا عن ماهو الإسلام ؟
هل الإسلام هو ما نراه من إسلام المصريين البسطاء المحبين لجيرانهم الأقباط فيشاركونهم أحزانهم وافراحهم أم الإسلام هو إسلام السلفيين بما يمثلهم وجدى غنيم وهؤلاء الحشد من الشيوخ ؟!
سؤالى الداعى للبحث والحسم هل إسلام المصريين المحب المتسامح هو الإسلام الصحيح أم أنهم يمارسون الإسلام الخطأ وأن سلوكهم هو ما تبقى من حضارة انسانية عظيمة كونت تكوينهم البدئى الذى يهدده الآن التصحر .

وجدى غنيم بث كراهيته للبابا شنوده والأقباط الذين يصفهم بالصليبين بناء على مجموعة من الآيات القرآنية التى تثبت كفر النصارى
(إنَّ الذينَ كَفَروا من أهلِ الكِتاب والمشركينَ في نار جَهَنَّمَ خالدينَ فيها أولئكَ هم شَرُّ البَرِيّة) (البينة 6)
(لَقدْ كَفَرَ الذينَ قالُوا إنّ اللهَ هو المَسيحُ ابنْ مَريمَ) وقال تعالى (لَقَدْ كَفَر الذينَ قالوا إنّ اللهَ ثالِثُ ثلاثة) (المائدة 72، 73).
(إنّ الذينَ كَفروا وماتُوا وهم كُفّار أولئكَ عليهم لعنَةُ اللهِ والملائِكةِ والنّاسِ أجْمعينَ . خالِدينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنهُمْ العَذابُ ولا هُمْ يُنْظَرونَ) (البقرة 161، 162).

ليست هناك أى مشكلة فى أن يعتبر المسلمون المسيحيون كفاراً وفقاً لعقيدتهم الإسلامية لتكون النار مثواهم كما يعتبر المسيحيين المسلمين كفاراً ومخدعون برسالة أرضية مضللة ومصيرهم بحيرة النار والكبريت .. فهكذا هو الإيمان بالأديان والمعتقدات المختلفة تُكفر بعضها بعضاً ليخرج كل فريق الفريق الآخر من الإيمان بل تضيق الدوائر لتصل للمذاهب داخل الدين الواحد فينعت كل منهم الآخر بالكفر ويهدد كل صاحب دين ومذهب الآخرين بالجحيم الأزلى كونه آمن بمعتقد أو مذهب كان هو حظه من الجغرافيا .!
غريب أمر المؤمنين بالإله حتى ولو كان واحداً فمهما ابديت عشقك للبيض و لم تقبل بأكله مسلوقاً فلن تدخل الجنه فمن يأكل البيض مقليا فسيكون الجحيم مثواه فالله لا يحب البيض مقلياً.!!

ليس مشكلة بالفعل ان يُكفر أى دين الدين الآخر فسنعتبر جدلا ان هناك إله سيقتص من أصحاب الإيمان المنحرف , لذا ليس هناك أى داعى لكراهية الآخر المختلف ونبذه وعداواته طالما هو يتعامل معى بشكل إنسانى وطيب وعقابه فى السماء على إيمانه .. ليس هناك أى داع من عدم التواد والرحمة بين البشر كونهم على أديان ومذاهب شتى .. الإشكالية الحقيقية أن يتحول وجهة نظرى فى كفرك داعياً للنبذ والكراهية والعداء وعدم التواد فأنت إنسان فى النهاية ولك عقلك وإرادتك وستحاسب على ايمانك وكفرك جدلاً .

إشكالية الإسلام هو هذا المزج بين علاقة المسلم مع الآخر الكافر , فلا ود ولامحبة بل إظهار العداء والكراهية والنبذ وهذا ما نجده فى فقه البراء .. ففقه البراء يقدم لنا ترسانة من الآيات والأحاديث الداعية بعدم الود بل إظهار البغض والكراهية ليصبح فقه البراء حجر الزوية الذى يتأسس عليه فتاوى الشيوخ . فهم لم يحضروا شئ من لدنهم بل من تراث يمنحهم المزيد من التحليق فى سماء التطرف والكراهية .

{ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم }
هذه الآية تُخرج المؤمن من إيمانه لمجرد أنه يحمل بعض الود لغير المؤمن , وتصل الحدة إلى سقفها الأعلى لتشمل الأباء والأبناء والأخوة وكما قال البغوي : " أخبر أن إيمان المؤمنين يفسد بموادة الكفار وأنّ من كان مؤمنا ً لا يوالي من كفر وإن كان من عشيرته "!!! .. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أخبر سبحانه وتعالى أنه لا يوجد مؤمن يواد كافراً فمن واد الكفار فليس بمؤمن " .!!!

إن ممارسة الود للآخر والبعد عن كراهيته وبُغضه يجعل المسلم يدخل فى الكفر !!..نعم يخرجه من إيمانه ويُلقى به فى أتون نار الجحيم كونه تواد مع كافر ولم يمنحه الكراهية والبغضاء .!! رَوى أحمد في مسنده عن البراء قال : قال رسول الله : ( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله )!!!
أنه بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله ، كما روى ابن عباس قال : ( من أحب في الله وأبغض في الله ، ووالى في الله وعادى في الله ، فإنما تنال ولاية الله بذلك ) .!
لك أن تعلم أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر ، قال تعالى : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) .!

يبدو ان الجهل شئ طيب فى بعض الأحيان فالذى نستطيع أن نؤكده أن غالبية المسلمين لا يعرفون شيئا عن فقه البراء ,لذا هم يتعاملون مع الآخر وفقا لرؤية انسانية إكتسبوها من واقع يطل عليهم بإطلالات حضارية سواء أكانت مُكتسبة من حضاراتهم الموغلة فى القدم أو بتأثير الحضارة المعاصرة الحداثية على واقعهم .. وبالطبع هناك فئة من المسلمين تشبعت بالتراث نتيجة إحباطات الواقع فإرتموا فى ثقافتهم القديمة تجتر منها لتتجاوز يأسها وحنقها وبؤسها على مجتمع همشها لتفرغ طاقة غضبها فى الآخر وتتدرج فى تعاملها مع الآخر من الحذر والتوجس لتصل للنبذ فالكراهية فالعنف ,ليتم إستقطابها لكل ما هوعنيف وحاد من خلال فتاوى جاهزة لشيوخ حظوا على درجة من التواجد فى واقع متخلف وفى ظل نصوص متواجدة وصريحة يتم إستدعائها .

أسئة أطرحها لنبحث لها عن إجابة
هل سلوك مسلمى مصر الذى مارسوه فى تعزية الأقباط برحيل زعيمهم الروحى هو من الإسلام أم لا ؟!
هل إحترام وتقدير مسلمى مصر للبابا شنوده وإشادتهم بحكمتة ومحبته ووطنيته هو من الإسلام أم لا ؟!
هل فتاوى الشيوخ ومنهم الشيخ وجدى غنيم هى من الإسلام أم لا ؟!
هل المودة التى يبديها المسلمين للأقباط هى من الإسلام أم لا ؟! وأيهما نفضل إسلام المصريين أم إسلام السلفيين واهل الفقه والعلم .؟!
هل الإنسان يتجاوز الأديان ؟! وهل الواقع البائس يمكن ان ينزلق بالإنسان إلى التشدد والتطرف واللاإنسانية عندما تضيع بوصلته .؟!
هل الدين ينتهك إنسانيتنا أم لا .؟!

دمتم بخير
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيمان إيجاد معنى لوجود بلا معنى -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ...
- ثقافة التشرنق والتحفز - لماذا نحن متخلفون ( 4 )
- المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على ج ...
- البحث عن قضية إهتمام - الله مهتماً - لماذا يؤمنون وكيف يعتقد ...
- المرأة العربية بين جمود الثقافة والتراث وهيمنة مجتمع ذكورى
- الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)
- ثقافتنا ومعارفنا البائسة بين التلقين والقولبة - لماذا نحن مت ...
- حكمت المحكمة - يُقتل المسلم بكافر ! (4)
- عذراً لا أريد أن أكون إلهاً - خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- مَخدعون و مُخادعون - كيف يؤمنون ولماذا يعتقدون (18)
- حصاد عام على إنتفاضة المصريين فى 25 يناير
- زيف الفكر وإزدواجية السلوك وإختلال المعايير - لماذا نحن متخل ...
- ثقافة وروح العبودية - لماذا نحن متخلفون (1)
- الأديان بشرية الهوى والهوية -نحن نتجاوز الآلهة وتشريعاتها (2 ...
- قطرة الماء تتساقط فتسقط معها أوهامنا الكبيرة - خربشة عقل على ...
- الأخلاق والسلوك ما بين الغاية ووهم المقدس - لماذا يؤمنون وكي ...
- نحن نخلق آلهتنا ونمنحها صفاتنا -خربشة عقل على جدران الخرافة ...
- الحجاب بين الوهم والزيف والخداع والقهر - الدين عندما ينتهك إ ...
- هل هو شعب باع ثورته ويبحث عن جلاديه أم هو اليُتم السياسى .. ...
- مراجعة لدور اليسار فى الثورات العربية ونظرة إستشرافية مأمولة


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - أيهما الإسلام أفيدونا ؟!- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (34)