سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 3664 - 2012 / 3 / 11 - 12:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الخامس لحزب الشيوعي العمالي العراقي, قدمه سامان كريم
رفاقي المندوبين الاعزاء
رفاقي في الوفد القيادي للحزب الشيوعي العمالي في كردستان
تحية قلبية حارة.
اليوم، نفتتح المؤتمر الخامس لحزبنا، في ظل تحولات وتغيرات سياسية و اجتماعية كبيرة ليس في العراق فحسب بل على صعيد المنطقة والعالم بأجمعه... تطورات ومستجدات سياسية كبيرة لاتقل اهميتها عن التحولات الكبيرة التي وقعت في العقد نفسه من القرن الماضي، والتي غيرت وجه التاريخ العالمي الى الابد. تحولات للبرجوازية العالمية والمحلية فيها اليد الطولى حتى الان.
بعد ثلاثة اعوام من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تواجه الاقتصاد الرأسمالي العالمي، نرى ونشاهد تلك التغيرات و التحولات العميقة في بنية النظام العالمي الراهن او القديم... حيث نرى نهوض الحركة العمالية بصورة كبيرة في اوروبا وشرق أسيا، في سبيل تحسين ضروفها المعاشية وظروفها النضالية، وهي تصعد مقاومتها بوجه رأس المال العالمي وفي كل بلد على حدة، حتى تظهر نفسها كقوة لا تقبل بالقاء تبعات نتائج الازمة الاقتصادية عليها، وقد رأينا تظاهرات عالمية عارمة بوجه جشع راس المال في كل شهر او اسبوع او ربما كل يوم , كما نرى تفاقم الفقر والبطالة والاملاق بشكل مفرط على الصعيد العالمي... ونرى في منطقتنا في العالم العربي... ثورات عديدة في سبيل الخبز والحرية، إجهض عدد منها، في ليبيا و اليمن و سوريا و تونس، اما في مصر وعلى الرغم من انتصار الاسلاميين في الانتخابات المزعومة, فان نسيم الثورة و الوضع الثوري مايزال قائما حتى اليوم يستمر تصعيد امواج الثورة عبر سواعد الطبقة العاملة، على الرغم من عدم تحزبها وضعفها السياسي والتنظيمي، وعدم فصل حركتها عن الاحزاب والحركات البرجوازية .....كل هذه التحولات تجرى امام أعيوننا في ظل صراع شرس بين القوى الكبرى العالمية لتقسيم العالم مجدداً....
واليوم نحن في العراق، الطبقة العاملة وقسمها الطليعي وحزبها نمر في ظل هذه الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونحن في القلب منها بحيث لا يمكن فصل انفسنا وحركتنا عن هذه التحولات الكبيرة. وهكذا بدأ في العراق وضع ثوري مناسب في بداية اواخر شباط الماضي، على اثر التحولات الثورية في المنطقة من جانب، وإستياء وسخط وتذمر جماهيري كبير ضد الفقر والمجاعة من جوانب اخرى،....الا أنه وبفعل التأثيرات الدولية على مجريات الوضع الثوري في البلدان العربية وضعف تحزب الشيوعية العمالية في العراق في صفوف الطبقة العاملة، و انعدام سيادة رؤية سياسية واضحة لدى قادة وطليعيي الطبقة العاملة، ومجاميع الحركة الاحتجاجية في العراق، وعلى اثر هجمة سياسية و عسكرية و امنية شرسة ضد المتظاهرين و قادتهم... تراجع هذا الوضع رغم استمراره لفترة . بحيث ليس بامكاننا القول الان اننا امام وضع ثوري بل تراجع هذا الوضع الى الوراء....
رفاقي الاعزاء
ان هذا المؤتمر هو حدث مهم للحركة الشيوعية, ونحن نهدف الى ان يكون ذو اهمية كبيرة ، وننشد الى ان يكون نقطة تحول كبرى في حياة الحزب، اذ نطمح ان نضع الحزب على مكانه الطبقي الصحيح، ونريد ان نفعل بعملية سياسية طبقية وأن نجعل التحزب الطبقي للشيوعية عنواناً لمهرجاننا الحزبي هذا. ليس امام الشيوعية في العراق سواء هذا الطريق، وهو الطريق الوحيد للشيوعية التي تبتغي ان تدخل وبقوة مخاضها, مشاغلها، قضاياها, ومشاكلها، عوائقها، وتطورها، وقيادتها, وكل شؤونها الصغيرة والكبيرة. نحن امام مفترق الطريق هذا, الطريق الاول: ان نحول هذه المراسيم الحزبية الكبرى الى امل للطبقة العاملة وبالتحديد طليعة الطبقة العاملة في العراق والمنطقة، والثاني: ان نمضي قدوماً على المسار الذي سلكناه حتى الان, ولا اقصد بالمسار القرارات و المقررات السياسية بل اقصد بالتحديد، الحضور الدائمي داخل الصف الطليعي لطبقتنا, المسار العملي, العمل اليومي، اسلوب العمل والتقاليد النضالية والسياسية والتنظيمية التي عملنا عليها الى هذا اليوم, المسار الذي لم يكن مناسباً لشيوعية الطبقة العاملة . ليس امام الحزب سوى الطريق الاول. التحزب الطبقي وهو طريق عملي بحت قبل ان يكون قرارا او وثيقة سياسية.
اليوم وبعد مرور اكثر من سنة على الحركات الثورية في العالم العربي و بعد التجربة الانتخابية في تونس و مصر وبعد تجربتنا كحزب شيوعي عمالي في العراق كحزب متدخل في الاحتجاجات الجماهيرية ، و تجربتنا في مصر عبر مركز الشيوعية البروليتارية.... يظهر ويبرز موقعنا على مجمل التحولات الكبيرة هذه في العراق. الموقع الاجتماعي الذي بامكاننا ان نشبهه بمركب، يركب الامواج الجبارة في عمق البحر، المركب الذي امامه طريقان فقط: اما ان يقود نفسه باتجاه شاطئ الامان، لتحرير المجتمع برمته، وهذا يتطلب افقا سياسيا واضحاً وفق البوصلة البحرية نحو شاطئ الامان ، ان ذلك يتطلب التجديف المنسق والمتجانس لكل الراكبين في المركب، فبدون صرف طاقات سياسية و تنظيمية وفق نمط عمل شيوعي ليس بامكاننا التجديف المطلوب.. اذن وفق هذا الاتجاه سيكون على الحزب ان يجد موقعه ومكانته الاجتماعية كحزب سياسي ماركسي مقتدر..
اما اذا كنا ما نزال نتحرك ونعمل وفق سياقات الماضي، وإذا كنا لا نستلهم دروسنا و سياساتنا من التجارب الثورية الكبيرة وتحولاتها التي حصلت في منطقتنا من جانب و اذا كنا لا نستلهم الدروس و نستوعب تجربتنا النضالية في العراق من خلال تجارب السنوات السابقة وبالتحديد خلال السنة الماضية، حينذاك سيميل المركب الشيوعي العمالي الى الانحناء ان لم نقل الى الغرق.
رفاقي الاعزاء
نحن امام مفترق طرق لهذا، لا بد لنا كشيوعيين ان يكون اختيارنا الاول, وليس امامنا اختيار أخر. هو ان نصل اليه ونحققه على ارض الطبقة العاملة, وفي هذا الاطار سألت أسئلة كثيرة من قبل رفاقنا وخارج الحزب ايضا في الفترة الماضية وبالتحديد خلال الاشهر السابقة, حول كيفية واليات تحقيق هذا الامر, اي جعل الحزب حزبا للطبقة العاملة وحركتها الثورية, اقول وعلى هذا المنبر, ان اصل قضيتنا هو هل نحن مشتركون فكرياً في تحقيق هذا الامر؟ اذا كان لدينا اطار فكري مشترك حول هذه القضية التاريخية التي وضعت امامنا, حينذاك أقول ان كيفية واليات تحقيق هذا الهدف ليس بامر عسير. بامكاني ان أقول ان الفترة القادمة بين المؤتمرين هي فترة لبداية تحقيق هذا الهدف. حينذاك سيكون لدينا خطة عملية –سياسية واضحة, تتمثل أولا: في البدء وبشكل مدروس بالصراع الفكري والنظري والسياسي مع الحركات البرجوازية السائدة في المجتمع، الحركة القومية العربية بشطريها اليميني واليساري، الاسلام السياسي , على الشيوعية ان تسقط هذه الحركات ارضا على الصعيد الفكري والنظري والسياسي مثلما فعل ماركس ولينين، ثانيا: الاولوية الأكثر فورية هي تحرير الجزء الطليعي من الطبقة العاملة من الاوهام القومية والوطنية، ويتمثل ذلك في نقد البنية الفكرية والنظرية السياسية و الاقتصادية للجناح اليساري للحركة القومية العربية, نقد افاقه السياسية و تقاليده النضالية, و تقاليده التنظيمية, واساليب عماله اللاعمالية, وجعل هذا الافق والتقليد واسلوب العمل, عقلية اكثرية الجزء الطليعي من طبقتنا, ثالثا: البدء باصدار جريدة عمالية عمومية غير حزبية, لجذب ما يمكن جذبه من الجزء الطليعي بمختلف مشاربه و كذلك القادة العماليين , حلقاتهم وشبكاتهم و تنظيماتهم المختلفة, جذبها وحثها لتبوء الدور القيادي على صعيد النضال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. رابعاً: بناء لجنة تنظيمية مناسبة, اللجنة التي بامكانها ثبيت وترسيخ هذا الهدف, لابد لهذه اللجنة ان تستوعب عدد مناسب من القادة العماليين الحزبين, ذو انضباط حزبي راسخ, ان تهيئة الكوادر العمالية والحزبية سيكون جزءا من عمل هذه اللجنة. خامسا: ان هذه القضايا, وتحقيقها على ارض الواقع يتطلب لجنة قوية وموثرة من الناحية الفكرية والاعلامية: حيث لا بد من تغيير جرائد الحزب كافة, محتواها, ومجلة المد وسايت الحزب ايضا, يجب ان يكون لدينا لجنة قيادية تجمع كل المنابر الاعلامية للحزب في لجنة فكرية- نظرية –سياسية مؤثرة، تتحرك و تنتقد وترد وفق القلب النابض للحركة العمالية, عوائقها السياسية والفكرية، تقالديها واساليب عملها، و تنظيماتها الحزبية واللاحزبية والجماهيرية.... واخيرا: يجب ان تكون مالية الحزب في خدمة هذه الهدف بصورة كاملة ....
اذا كنا سنتحرك وفق هذا السياق والخطة, برايي سيكون مؤتمرنا القادم مؤتمرا للعمال الشيوعيين الحزبيين بمعنى الكلمة, ومن هنا بامكاننا ان نخطط لمرحلتنا القادمة وفق قوة طبقتنا... ان ثمرة هذه الاعمال ستظهر بصورة ناصعة, و الاهداف التي سنحققها في هذا الاطار، هي : تحويل الحزب الى حزب يرفع راية اليسار بمعنى الكلمة, وسنتمكن من طرد الشيوعية البرجوازية من هذا الموقع, وثانيا: سيكون لدينا مرجعاً ماركسيا معتبرا، على الصعيد الاجتماعي، وبطبيعة الحال سيبرز لدينا عدد من الشخصيات الاجتماعية الماركسية, واخيرا: سيكون لدينا تنظيمات عمالية لا باس بها، حينذاك بامكاننا ان نقول وبصورة ملموسة ، ان حزبنا تحول فعلا الى حزب لتحزب العمال الشيوعيين والطليعيين.
ارجو ان يكون مؤتمرنا هذا مؤشرأً ونبراساً, لتحقيق هذا الهدف الذي صرفنا أعمارنا من اجله.
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟