|
هل اصبح العرب ظاهرة صوتية مقطوعة الصلة بالمدنية ؟
سامي بن بلعيد
الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 09:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انظروا الى تأريخنا العربي منذ الازل انه تأريخ يتسم بالصراع والتعصُّب على مر العصور فلم نلتمس ولن نسمع عن اي مرحلةٌ تأريخيةٌ عربية ساد فيها الاستقرار بشكل شبه كُلي او انها حققت تقدم حضاري على شعوب أُخرى غير تلك الحُقبة التأريخية الذهبية من عصر الاسلام ... ولكن تلك المرحلة لم تترك ذلك العمل الجبار في عقلية الاُمّة العربية والسبب ليست في المنهج ولا في رجال ذلك الزمن ولكنه في شخصية الانسان العربي تلك الشخصية العاطفية الانفعالية للبدوي .
العربي يقول اشياء ويدعي بأنّه صنع المنجزات والانتصارات ومن كُثر ما يقولها يصدق نفسه ويعتبر نفسه قد انجز مالا ينجزه احد ولم يعد بحاجة الى عمل اي شيئ العربي عاشق ومفتون بالظهور ويميل الى الترفيه ان امكن له ذلك ... فقد نستطيع ان نقرأ بعض من شخصيتنا في النصف الاخير من القرن العشرين ... فمن يلاحظ افراد العائلة السعودية وسلوكهم في الخمسينيات والستينيات _ وبرغم انهم اغلب الداء _ ولكننا كُنّا نلتمس بعض المواقف هنا وهناك مما يظهر بعض الانتماء الى الاصالة شيئٌ ما ... والتمسنا تقشُّف بعضهم قبل ظهور الذهب الاسود ... ولكنهم ومع تدرّجهم في التآمُر على سائر الامة من اجل ضمان عروشهم وضمان مصالح الغرب نرى اولئك الذي كان الفقر والعوز ظاهر على وجوههم لم يعد في حسابهم من كانوا وكيف اصبحوا .؟.. احد امراء العائلة الذي صرف المليارات في زواجه الاول وطائرة ضخمةٌ تتنقل به على جميع دول العالم لمدة شهرين ... وحالات البذخ التي كان يظهر بها ... ويظهر بها اغلب افراد العائلة عندما يجوبون منتجعاتهم الخاصة في اوروبا وامريكا .... لم يجد هناك اي تحليل للظاهرة
ولم يقتصر الامر على تلك العائلة ... فالعائلات هي من تصدر حكم الشعوب العربية وكلاً منهم سخّر الارض والانسان لمصالحه ورفاهيته ... والاسوى من ذلك اننا رأينا افراد سموا انفسهم بقادت ثورات وانتهجوا الديمقراطية والاشتراكية وكانوا في البدايةَ قريبين من الناس .... ولكنهم عندما وصلوا الى مواقع الحكم تغيّرت كل سلوكياتهم واعمالهم ولم يتكبروا ويبذخوا فحسب بل ضربوا الجماهير التي صفّقت لهم واذاقوها الويلات .
لا إله إلاّ الله .... المتدينين يقولون اشياء جميلة من على ظهور المناير ويسحرون الالباب ببلاغة بيانهم ... اشكالهم جميلة وهم يذهبون الى المساجد ... ولكنهم على الارض غير موجودين ... بل انهم ومقابل ساعة جميلةٌ يجعلونك تبكي من الخشوع ولكن للاسف مقابل تلك الساعة يجعلونك تبكي باقي الاسبوع من طباعهم الجلف والمخالف لما يقولوه ... اما اذا سيسوا الشريعة فيا ويلك ويا سواد ليلك يا عربي .
العربي الانسان اصبح شخصية غريبة الاطوار وكثيرة التقلبات يدفعه حب الظهور وحب المادة الى التقلُّب مثل الحرباء ... حتى المواطن العادي صار ينظر الى المادة ويضعها في ميزان اغلى منه واغلى ممن حوله واغلى من الوطن .... ومثال ذلك آلاف المتسولين في صنعاء والذين كانوا ضحية لنظام علي صالح خرجوا يهتفون بالروح والدم نفديك يا علي مقابل شيئ زهيد من المال لا يفي بمتطلبات يومهم .
عامة العرب يتظاهرون بالطيبة والتواضع وبالوطنية عندما يكونون بعيداً عن تأثير المادة وعندما يصل بعضهم الى مركز مالي معين عن طريق البيع والشراء بأقوات الناس او بكرامتهم او بأرواحهم فان الحال يتغير .... ياما مثقفين وكُتّاب وسياسيين وباحثين وتربويين وادباء وعلماء وحتى مفكرين باعوا شرف المهنة الانسانية الرفيعة مقابل المادة وسخّروا عقولهم وكفاءاتهم من اجل خدمة الحكام من اسياد نعمتهم ... وتلك كانت من بين الاسباب القاتلة التي دفعت العقل العربي نحو التفكُّك من جهة ونحو الجمود من جهةٌ اخرى ... حتى اصبحنا يشخصية ثقافية اجتماعية اقتصادية استهلاكية ... ولا تمتلك قدرة على انتاج المعرفة وذلك منع عنها قُدرت التحليل والتشخيص التي تمكّنها من رؤية ذاتها (كينونتها ) وتنتقدها وتصلحها .
السؤال الذي ارهق كبار المفكرين لعقود لا زال يطرح نفسه ولو ان ثورات التغيير السلمية قدّمت الكثير من الاجابات وما زالت تحمل الكثير ولكننا لا زلنا امام مرحلة عصيبة على كل العرب ... لماذا نحن نسير عكس حركة التطور الحضاري العالمي ؟
لماذا لم ننجح بالاسلام وقد نجح به رجال من قبلنا ؟ لماذا لم ننجح بالاشتراكية ... بل تضررنا منها ولم يتضرر منها آخرون عملوا بها ونجحوا على الاقل لزمن ؟ لماذا لم ننجح بالرأسمالية حتى بجانبها الليبرالي ... بينما نجح بها اناس غيرنا ؟ لماذا لم ننجح مثل اقطار اسلامية أُخرى في آسيا وبين اوروبا وآسيا ؟ لماذا اصبحنا نعيش في حالة اغتراب فكري عميق ليس على مستوى الاقطار بل داخل الاقطار نفسها؟ لماذا نواصل الصراع والتناحر السلبي الخارج عن سنة الاختلاف الصحّي ؟ لماذا ولماذا ولماذا ؟
هل صح علينا قول اليهود اننا لسنا مؤهلين لحكم انفسنا واننا بحاجة الى من يحكمنا ويرعانا ؟. هل صح علينا قولهم بأننا نميل بطبائعنا الى الطبع العبثي الحيواني كالقرود ؟
في النهاية اضيف اليكم سؤالي هذا هل بأمكاننا ان نغيّر .... كيف ومن اين تكون نقطة البداية ؟
#سامي_بن_بلعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السبب الرئيس في تعثُّر ثورات الربيع العربي يرتكز على خلل في
...
المزيد.....
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
-
منتقدا الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه.. ترامب يطلق العنان لمبادر
...
-
أمريكا.. السجن 11 عاما للسيناتور السابق مينينديز جراء إدانته
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع يطلب من روسيا تسليم الأسد
-
إصابة 24 شخصا بغارتين إسرائيليتين على النبطية.. -لم يستطيعوا
...
-
إعلام: المراحل المقبلة من وقف إطلاق النار في غزة تواجه عقبات
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|