|
الربيع العربي و (الفوضى الخلاقة) !
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 3643 - 2012 / 2 / 19 - 22:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ اندلاع " الربيع العربي " بسبب وصول التناقضات الى اقصاها بين الحكم و الشعب التي صارت تهدد بانفجارات تخيف الإحتكارات الغربية و حلفائها الستراتيجيين في المنطقة من نشوء حركات اكثر راديكالية مما هو موجود على مسرح الاحداث، قد ترفض التعايش و التشارك مع الغرب بشروطه المفروضة . . بعد دكتاتوريات استئصلت و حاولت استئصال اية شخصية او قوة يمكن ان تتبلور حولها معارضات جادة، بالحديد و النار و بشعارات (الحزب الحاكم الاوحد) و (القائد الضرورة)، و فيما تثار انواع الاجتهادات و التساؤلات عن حركات الربيع العربي الشعبية السلمية و كيفية و اسباب اندلاعها و مآلها، و تتضح تدريجياً معالم حدود مرونة مواقف الإحتكارات العالمية الغربية من التغيير و مخاوفها على مصالحها . . تدلل الأزمات الشعبية المهددة التي يواجهها نظام ولاية الفقيه في ايران ، و التصاعد المتسارع للحركة الشعبية السورية في مواجهة الحليف الستراتيجي لولاية الفقيه في المنطقة، من جهة . و تواصل اسناد النظامين من التحالف الدولي العسكري النفطي الصيني ـ الروسي . . . الذي بدأ بتقدير مراقبين بفتح مرحلة جديدة في التطور العالمي، اثر لجوئه الى استخدام الفيتو في مجلس الامن لإيقاف قراره بحق نظام الاسد، الذي يصفه قسم بكونه و كأنه بداية لحرب باردة بين صقور عالم اليوم . . فيما يتوقع سياسيون و خبراء ذوو وزن دولي، اندلاع حرب عالمية ثالثة لإعادة اقتسام العالم (1)، من جهة اخرى . في وقت يتصاعد فيه حذر الاحتكارات الغربية من صعود الصين الاقتصادي الطاغي الذي لايمكن ترويضه بحصار او بستار مقاطعة حديدي، فالصين اليوم صارت هي التي تحلّ الأزمات المالية للولايات المتحدة و للاتحاد الاوروبي، و صارت قدرتها الاقتصادية و المالية تؤمن حاجاتها الهائلة للنفط، اضافة الى ما تؤمنه لها الإحتياطات النفطية الروسية ـ و ما يؤمنه لها النفط الايراني بمواقفها الأخيرة من ازمة التحالف الإيراني السوري ـ . . يسند ذلك المجمّع العسكري التكنيكي الروسي الذي يحاول الحفاظ على مواقعه في المنطقة و وجوده في البحر المتوسط . . و على ماتقدّم يرى محللون، ان ستراتيجية الاحتكارات الغربية في (الفوضى الخلاقة) في المنطقة باتخاذها مواقف مرنة بحدود تجاه الحركات الشعبية الواسعة في دول المنطقة بسبب الفقر و القهر، و التي تفتقد الى بديل منظّم ناضج لإزاحة الدكتاتوريات التي تواجه من جانبها طريقاً مسدوداً قد يؤدي بها الى التعاون و التنسيق مع اكثر المنظمات الارهابية (الاسلامية) المواجهة للغرب في المنطقة(2) و التي ابتدأت تهدد الغرب في داره منذ احداث 11 ايلول 2001 . حيث يرى مراقبون ستراتيجيون ان (الفوضى الخلاقة) المصحوبة باعلام نشيط في زمان تتوفر فيه السرعة غير المسبوقة لانتشار الخبر . . توفر مرحلة ضرورية للاحتكارات الغربية لاعادة تنظيم صفوفها و تنظيم القوى في المنطقة، عوضاً عن دكتاتوريات دموية مكروهة من شعوبها مستعدة للتعاون مع الشيطان لمواصلة حكمها، في ظروف صراع و اعادة اصطفاف القوى المذكور آنفاً . . و بذلك يرى خبراء بان الاحتكارات الغربية امّنت لها ـ او فتحت الباب لتأمين ـ مواردها المهددة في النفط و الطاقة و الأمن، مع البدائل الجديدة . . فيما يرى آخرون ان الغرب رغم تحقيقه شئ على ذلك الطريق، الاّ ان حساباته واجهت و تواجه الكثير من القضايا التي تجبره على تغيير سلوكه في المنطقة . . حيث وظّفت ذلك القوى الارهابية في المنطقة كمنظمة القاعدة و فلول صدام و الدكتاتوريات المنهارة . . و وظّفت ذلك الاقطاب الاقليمية الصاعدة الباحثة عن اسواق و استثمارات كايران و تركيا و دول الخليج، من جهة . و من جهة اخرى، وظفت ذلك القوى الشعبية بانطلاقتها الجديدة لتوفير بدائل دمقراطية في شعوب غلب عليها الجهل و اللجوء الى الاديان و المقدّس كمنقذ من ظلم الدكتاتوريات التي دعمها الغرب ـ و الشرق في عقوده الاخيرة ـ . و كانت نتيجة (الفوضى الخلاقة) احتضان الغرب للقوى الاسلامية ـ غير العنفية او التي اعلنت ابتعادها عن العنف ـ التي يمكنه التفاهم معها بعد تجاربه الطويلة من العلاقات بينهما في مواجهة اليسار بفصائله و القوى الديمقراطية في عقود ماضية، و بدعم دول الخليج و تركيا. و يشبّه قسم ذلك التحوّل السريع للغرب، بموقفه من الثورة الايرانية عام 1979 حين تبدّل من الدفاع عن الشاه الى مصافحة الامام الخميني، في نوفيل لاشاتو الفرنسية التي اعدها لاستقباله كقائد لثورة اسلامية تحافظ على حدود جديدة للمصالح، و واصلت الاحتكارات الغربية نشاطاتها في الجمهورية الاسلامية من مقراتها الجديدة و باسماء جديدة في جزيرة كيش الايرانية، رغم شعارات (الموت لاميركا) . . في سابقة يمكنها ان تتكرر في ايران. و يرى حريصون، و انه برغم التطورات المتناقضة و مخاطر استبداد جديد، فقد تحققت نجاحات للحركات الشعبية بعد تغييبها و فتحت امامها ابواب كانت موصدة باحكام، الأمر الذي يدعو القوى الوطنية الشعبية و خاصة الديمقراطية، الى توحيد صفوفها من اجل الدولة المدنية القائمة على مؤسسات دستورية، في مسيرة تدعو الى تعميق ماتحقق و الدفاع عنه في صراع طويل ابتدأ مع ذات الأجهزة و الأنظمة الحاكمة التي سقط رؤسائها(3) . . و الى الإنتباه الى ان ثورة الاتصالات و المعلومات تستفيد منها القوى المحافظة و الارهابية ايضاً، فيما تواصل الإحتكارات العالمية الغربية و الآسيوية اعتمادها على الاجيال الجديدة غير المكشوف عنها من اجيال الانترنيتات الأحدث و التي تتطوّر انواعها و آلياتها بلا توقّف!!
19 / 2 / 2012 ، مهند البراك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1. راجع حديث هنري كيسينجر لصحيفة الدايلي سكايب اواخر نوفمبر 2011، تصريحات وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قبل ايام لصحيفة الدايلي تيلغراف البريطانية . 2. راجع انباء تقارب و تفاهم ايران مع القاعدة الارهابية، التي تتناقلها وكالات الأنباء . 3. حيث تتواصل الأخبار عن عودة افراد تلك الأجهزة الى مواقعهم السابقة في دول، فيما لم يمسّ التغيير اجهزة دول اخرى.
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قضية شعب و ليس مُكوّن !
-
بلادنا و الصراع العنيف بين مشروعين !
-
من اجل مواجهة الصراع الخطير المهدد !
-
عن مفهوم الأكثرية . . و التوافق
-
الانسحاب الاميركي و قضيتنا الوطنية !
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 3
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 2
-
- الربيع- و الشباب . . اليسار و - المتمدن - 1
-
عندما ينبح الفساد مستهتراً بالقيَمْ !
-
ازمة الحكومة . . سوق بيع الأطفال !
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 3
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 2
-
ربيع المنطقة و روحها الحيّة 1
-
متى تقوم الحكومة بدورها لأجل الشعب ؟
-
-التحرير-، الإغتيالات . . و تصاعد صراع الكتل !
-
الصراع الطائفي الأقليمي و آفاق تلوح !
-
الدكتاتور و جرذان - ربيع المنطقة - !
-
ائتلاف - دولة القانون - . . الى اين ؟
-
- التيار الديمقراطي- و التغيير المدني و الآفاق ! الرابع و ال
...
-
- التيار الديمقراطي- و اليسار و الديمقراطية المدنية 3
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|