|
على هامش الحرب الأمريكية المفتوحة على –الإرهاب-كيف تستقيم الشرعية الدولية..في ظل –شريعة الغاب-؟؟
محمد المحسن
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 15:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في إحتدام الصراع بين الخير والشر،يكون الأبرياء هم القتلى دائما.. في أعقاب العمليات الإنتحارية المذهلة ليوم 11سبتمبر،ضد رمزي الكبرياء الأمريكي:المال والسلطة،إحتشد العالم في واحدة من أكثر لحظات التاريخ إرتباكا وأشدها إيلاما،وطفحت عيون الجميع بالخوف والحزن والغضب،وقد قال أحد المذيعين الأمريكيين معلقا على هذا الحدث/الصدمة:"يندر أن يتكشف الخير والشر كما تكشف يوم-ثلاثاء الرعب-أناس لا نعرفهم،ذبحوا أناسا نعرفهم وفعلوا ذلك بطرب وإزدراء"ثم إنهار وبكى،وفي ظل مناخ مثخن بالألم تعالت أصوات غربية كثيرة تدعو للإنتقام وتصور الأمرعلى أنه حرب بين الأديان،أو بين الخير والشر،أو بين عالم ما قبل الحداثة وما بعد الحداثة،وراح أصحابها يقرؤون الحدث/الزلزال وما استنهضه من حملة وخطط للرد عليه انطلاقا من نظرية صموئيل هنتجون-اليهودي الأصل-التي أثارت جدلا كبيرا في العالم محاولين بذلك تأكيد صوابية تنبؤات هذا المفكروالمحلل الإستراتيجي حول حروب المستقبل التي يراها على أنها حرب بين الحضارات بدلا من كونها صدام بين الإيديولوجيات أوالقوميات في ظل الليبرالية العالمية التي تهدف إلى خلق حضارة عالمية أوثقافة كونية واحدة.إلا أن الغرب لا يشكل في تر كيبته كتلة واحدة،لذا إرتفعت أصوات أخرى محذرة من خطر الإنسياق وراء رغبة الإنتقام وطالبت بالهدوء واللجوء إلى العقل والحكمة في مواجهة حرب تهدد الإستقرار العالمي وقد تقضي على الحريات العامة،كما تحرم الأقليات من حقوقهم الإنسانية..لكن جميع الأراء إتفقت على أن الولايات المتحدة فقدت"طهرانيتها"كنظام ظن حتى فترة قصيرة أنه الأعتى في العالم.. لقد بددت-أحداث مانهاتن-الحلم الأمريكي "الطهراني" ليجد الأمريكيون أنفسهم في مواجهة ماضيهم"المجيد"وحاضرهم المؤلم و مستقبلهم الضبابي..فما الذي جرى؟وما الذي يجري الإنتقام له بالتحديد؟وكيف يغرق بلد بلغ الثراء المادي والفكري في حماة هذه الفوضى المروعة؟ثم أولا واخيرا:لماذا يتحمل العالم وزرأخلاق نذرت مضمونها ومفاعيلها للكراهية وغدا عملها الوحيد:حفر القبور..لماذا يبقى شهيدا أزليا محروما من العدالة..؟ إن مثل هذه الأسئلة ليست مجرد لعب على الكلام،أو التعبير عن واقع عالمي مؤلم بكلام بارع،فالأحداث تؤكد أن العالم قد ولج بإرادة أمريكية إستعلائية مرحلة عصيبة قد بدأت تزحف به صوب مهاوي الضياع،ذلك أنّ الإنسان لم يعد قادرا على إقامة توازن بين ما يراه وما يشعر به ومعنى ذلك ببساطة أنّ ما يجري خارج هذا العقل يفوق القدرة على التصور والإحتمال معا.. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أن أمريكا ومنذ أن توجت نفسها سيدة البر والبحر والجو وهي تتصور أنها ملكت مفتاح الحقيقة وانها أضحت قادرة على توحيد العالم عن طريق"السوق"و تحت عصاها،ونسيت تماما ونهائيا ان الحقيقة المطلقة ليست بمتناول أحد أو بلد أو حقبة من التاريخ،ولكنها قدست الحقيقة الجزئية النسبية وحولتها إلى فكرة جنونية..لذا،لم تترك منطقة واحدة،ولا بلد واحد من بلدان إفريقيا واسيا و أمريكا لم تتدخل فيه عن طريق عمليات التخريب وتنظيم الإنقلابات والضغوطات الإقتصادية والمالية(الممارسة من قبل المؤسسات"الدولية"التي تديرها:البنك العا لمي وصندوق النقد الدولي)والتدخلات العسكرية المباشرة وغير المباشرة،وهي علاوة على هذا وذاك ومنذ إنتهاء الحرب الباردة وأسوة برفيقات دربها الحميمات،وبريطانيا أساسا وهي تمارس القوة وتسئ إستخدامها،هذا في الوقت الذي تتفاقم فيه الإنقسامات المفروضة على أبناء البشر على نحو غير مسبوق.. ما تفسيرذلك؟ ربما لن اضيف جديدا إذا قلت أن المنشأ الإستعماري الإستيطاني للمجتمع الأمريكي هو الذي كرس النزعة الإستعلا ئية للخطاب الأمريكي على المستوى الكوني وهو ينعكس في المنهج"البراغماتي" في النظر إلى الوقائع السياسية حيث أن عملية الإستعمار الإستيطاني لفلسطين،وعلى حساب شعب بأسره،لا تشكل في نظر القطاع الأوسع من الشعب الأمريكي ،جريمة،أو إغتصابا،أو عدوانا بقدر ما هي واقع مقبول لا جدال فيه،وهي نظرة تاريخية لا تخلو من حيف واحتقارلكرامة بني الإنسان،كما أنها تتقاطع مع النظرة التاريخية والحقوقية التي تنظر بها شعوب أخرى كالشعوب العربية والإسلامية أو الأسوية والإفريقية إلى هذه القضية..بالإضافةإلىهذا فإن المنشأ الإستعماري الإستيطاني للأمريكيين قد أفرز عناصر ثقافية،إيديولوجية،وسيكولوجية لدى قطاع واسع في المجتمع الأمريكي تشبه الصهيونية إلى حد بعيد وتترجم مقولات التحرر ورسالة الرجل الأبيض إلخ..وتتناغم عموما مع الشعور الغربي الذي يروج لفكرة أن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة التي تمتلك نظاما إنتخابيا حرا وتعددية سياسية واسعة في الشرق المتخلف الذي تحكمه أنظمة إستبدادية،وأنها تمثل الإمتداد الحضاري للغرب المتقدم،بما يمنحها التأييد والدعم والمساندة.. وإذن؟ وإذن قد لا يحيد القول عن جادة الصواب،إذا ما قيل أن ما أحدثته عمليتا-نيويورك وواشنطن-في العام 2001 هو فعل إنقاذي للمجتمع الأمريكي من حلمه الزائف وإعادته إلى التاريخ الحقيقي..إلى تاريخ أمريكي مثقل بالمظالم،والأمريكيون يعالجونه بالتناسي بعدما جرفتهم تيارات العبثية واللعب بمصائر الشعوب.. والسؤال: هل امنت المؤسسة الأمريكية-اليوم-أنها تستطيع إستثمار واحتكار الأحداث في الشرق الأوسط وفي آسيا الوسطى وفي مناطق أخرى من العالم،دونما ثمن تسدده بنفسها أو بالأحرى بدماء أبنائها الأبرياء؟ وهل أدركت أنها ولجت عالما ضبابيا مخيفا إنتقل بها من قمة الطمأنينة التي جسدها نظامها الرأسمالي منذ نهاية الحرب الكو نية الثانية إلى مرحلة أصبح فيها هذا- النظام-يقاتل بشكل هستيري أشباحا عبر حرب مفتوحة على إرهاب لا تخوم له..وبسؤال مغاير أضيف:هل فهمت الولايات المتحدة الأسباب العميقة لتداعيات-مانهاتن- أم أنها مازالت تستخدم الفرصة لإغتصاب كامل أسى العالم،وتوغل في ممارسة الحداد والإنتقام ؟؟ إذا واصلت سيرها في درب الإنتقام وأستعذبت- طنين البوق- الذي يعود بنا إلى زمن المواجهات الجسمانية الكبرى-فإنها ستضيف إلى لائحة المظالم الكثيرة بنودا أخرى ملطخة بالدماء،وستجعل من هيمنتها-مطلقة النطاق-فعلا إرهابيا يؤسس نسقا ترهيبيا واضحا،ولسوف تزرع المزيد من الغضب والترهيب على إمتداد العالم بما من شأنه أن يضع الإنسانية جمعاء في مدار القلق الدائم ويشعرنا جميعا أننا في حرب كونية غير معلنة قد يخرج منها الواحد منا يحمل تشوهاتها المستديمة.. ما أريد أن أقول؟ أردت القول:إذا كان العالم قد تعاطف مع الشعب الأمريكي-في تلك المحنةالمؤلمة- فلا يعني هذا أن ما جرى-في ذلك اليوم الأسود-أسوأ مما جرى في هيروشيماأوهانوي،ولا أكثر إيلاما مما يجري اليوم في بغداد من قتل وتنكيل..ولا كذلك أكثر وجعا من17500 مدني قتلوا في إجتياح إسرائيل للبنان سنة1982..كل ذلك"يبدو"خارج القانون واللا ئحة أطول من أن يتسع لها المقام. فماذا بقي أن أضيف؟ بقي أن أقول:إن خيبات العالم ما فتئت تتواتر منذ إنتهاء الحرب الكونية إلى اليوم،وقد عجزت الإدارة الأمريكية عن نشر نظامها الديمقراطي مثلما وعدت،وانشغلت بدلا عن ذلك بنشر الصراعات السياسية والعسكرية في أكثر بقاع العالم دفاعا عن مصالحها..وقد تطول السلسلة إذا ما عدنا إلى سنوات الحرب الباردة وأزمة خليج الخنازير التي وضعت العالم على عتبة حرب كونية،وحرب فيتنام وفضيحة واترغيت،وما أدت إليه هذه الأحداث من جراحات أصابت الأمريكيين في الصميم،بفعل نظام ألغى مصالح الشعوب الأخرى وتوقها إلى السيادة والتحرر والإنعتاق..لذا،لا تبدو ملامح –هذه الحرب الأمريكية الجارفة-واضحة،بل ستزداد تعقيدا في المدى المنظور،إذا تأسست على خلفية صدام الحضارات وألصقت الهوية الدينية بها بما قد يجرها إلى مستنقع آخر لا يقل وحلا عن –المستنقع العراقي-..وعندئذ لن تستقيم الشرعية الدولية والمعاهدات التي حرصت على تطبيقها الولايات المتحدة بالمعايير المزدوجة،عندما تمارس هي بنفسها شريعة الغاب..
#محمد_المحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|